الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قيمة لا يستغني عنها المفسر اليوم، مع التنبيه إلى ما قد يكون فيها من أمور لم تعد تتوافق مع ما ثبت من حقائق العلم، ومن أمور تعبر عن أفكار وقضايا كانت تشغل عقول الناس في العصور السابقة، ولم تعد تحظى باهتمام المسلمين اليوم، وليس بهم حاجة إليها، ومن الخير عدم إثارتها من جديد.
سادسا- ترجمة القرآن:
الترجمة نقل الكلام من لغة إلى أخرى، ويقال: ترجم كلامه إذا فسّره بلسان آخر، ومنه الترجمان- بفتح التاء وضمها- وهو الذي ينقل الكلام من لغة إلى أخرى (1).
والترجمة الفنية لكي تكون عملا ناجحا مثمرا، ونشاطا ثقافيا نافعا، لا بد لها من مترجم له الصلاحية التامة من الناحية اللغوية والفنية، والتكوين اللغوي يتنوع بتنوع اللغات، والتكوين الفني يتنوع بتنوع المادة العلمية أو الأدبية التي تتناولها الكتب أو تعالجها المقالات والبحوث التي تراد ترجمتها (2).
والترجمة في الأعمال الثقافية العادية عمل لا يخلو من المشكلات، وفي الحديث عن مشكلات الترجمة لا يصح أن نقحم ضعف المترجم في اللغة التي يترجم منها والتي يترجم إليها، إذ لا يسمى المترجم مترجما حقا إلا حين يتمكن من اللغتين كتابة وقراءة. وكذلك يجدر بنا أن نفترض إخلاص المترجم في عمله، وحسن نيته، وأنه حين أخرج النص المترجم قد بذل الجهد وتحرى الصواب، ولم يكن متأثرا بمذهب خاص يصبغ ترجمته بصبغة خاصة. أي أن للترجمة مشكلات وصعوبات حتى مع إتقان المترجم للغتين، وأمانته وإخلاصه في عمله (3).
(1) ابن منظور: لسان العرب مادة (ترجم) و (رجم).
(2)
محمد عوض محمد: فن الترجمة ص 19.
(3)
إبراهيم أنيس: دلالة الألفاظ ص 171.
وتتلخص تلك المشكلات في الأمور الآتية (1):
1 -
نظام الجملة، فاللغات تختلف في النظام الذي تخضع له الجمل في ترتيب كلماتها، وعلاقة كل كلمة بالأخرى.
2 -
ومن صعوبات الترجمة ما يتعلق بجمال الألفاظ وجرسها.
3 -
والمشكلة الكبرى في الترجمة هي التي تتصل بدلالة الكلمات وحدود معانيها. ودلالة الكلمات في مجال الأفكار وفي النشاط العلمي تلتزم عادة حدودا لا تكاد تتعداها، أما في ترجمة النصوص الأدبية فالمشكلة أشد عسرا، وأصعب منالا، لأن الآداب تعتمد على التصوير والعاطفة والتأثير والانفعال، إلى جانب ما تعبر عنه من أفكار.
وتبلغ صعوبة الترجمة غايتها في ترجمة القرآن الكريم، فمن المستحيل أن يقدر بشر مهما أوتي من العلم وتمكن من اللغة أن يعيد صياغة آيات القرآن بلغة أخرى غير العربية، ويحافظ في الوقت ذاته على معانيه من جانب وأسلوبه المعجز من جانب آخر.
ومع صعوبة الترجمة، إن لم نقل استحالتها، فإن علماء المسلمين يقررون ضرورة تبليغ القرآن ورسالته إلى أمم الأرض مهما كانت لغاتهم، وتحقيق ذلك قد لا يتم إلا
بضرب من الترجمة، قال ابن تيمية، رحمه الله:«ومعلوم أن الأمة مأمورة بتبليغ القرآن لفظه ومعناه، كما أمر بذلك الرسول صلى الله عليه وسلم، ولا يكون تبليغ رسالة الله إلا كذلك، وإن تبليغه إلى العجم قد يحتاج إلى ترجمته لهم، فيترجم لهم بحسب الإمكان، والترجمة قد تحتاج إلى ضرب أمثال لتصوير المعاني فيكون ذلك من تمام الترجمة» (2).
(1) ينظر: المصدر نفسه ص 171 - 175.
(2)
مجموع الفتاوى 4/ 116 - 117.