الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وقال مكي بن أبي طالب القيسي (ت 437 هـ): «إن جميع ما روي من القراءات على ثلاثة أقسام: قسم يقرأ به اليوم، وذلك ما اجتمع فيه ثلاث خلال، وهي:
أن ينقل عن الثقات إلى النبي صلى الله عليه وسلم.
ويكون وجهه في العربية التي نزل بها القرآن شائعا، ويكون موافقا لخط المصحف» (1).
وقال ابن الجزري (ت 833 هـ): «كل قراءة وافقت العربية ولو بوجه، ووافقت أحد المصاحف العثمانية ولو احتمالا، وصح سندها، فهي القراءة الصحيحة التي لا يجوز ردها» (2).
وإليك بيانا موجزا لهذه الأركان أو الشروط الثلاثة:
1 - الرواية وصحة السند:
المقصود بهذا الركن أن تكون القراءة مروية عن واحد أو أكثر من الصحابة الذين سمعوا من النبي صلى الله عليه وسلم وقرءوا بين يديه (3)، وهو أهم أركان القراءة الصحيحة (4)، وكان السلف من الصحابة والتابعين ومن جاء بعدهم يعبّرون عن هذا الركن بقولهم (القراءة سنّة)، فقد روى ابن مجاهد عن زيد بن ثابت أنه قال:«القراءة سنّة» وفي رواية أخرى: «القراءة سنة، فاقرءوه كما تجدونه» ، وروى عن عروة بن الزبير أنه قال:«إن قراءة القرآن سنة من السنن، فاقرءوا كما أقرئتموه» ، وعن عامر الشعبي أنه قال:«القراءة سنة، فاقرءوا كما قرأ أوّلوكم» ،
(1) الإبانة ص 8.
(2)
النشر 1/ 9.
(3)
المصدر نفسه 1/ 13.
(4)
السيوطي: الإتقان 1/ 213.
وعن محمد بن المنكدر أنه قال: «القراءة سنة يأخذها الآخر عن الأول» (1).
وقال أبو عمرو الداني: «والأخبار الواردة عن السلف والأئمة والعلماء في هذا المعنى كثيرة» (2).
وفي كتب القراءات وأخبار القراء أمثلة كثيرة وشواهد متعددة على أن القراءات منقولة نقلا وليس من اجتهاد القراء، فهذا أبو عمرو بن العلاء (ت 154 هـ) كان إمام أهل البصرة في اللغة والنحو، وهو أحد القراء السبعة، كان «لا يقرأ بما لم يتقدمه فيه أحد» وكان يقول: لولا أنه ليس لي أن أقرأ إلا بما قرئ به لقرأت حرف كذا وكذا، وحرف كذا وكذا» (3). وحين سأله تلميذه أبو زيد اللغوي «أكلّ ما أخذته وقرأت به سمعته؟ قال: لو لم أسمعه لم أقرأ به، لأن القراءة سنة» (4).
وكان علماء اللغة والنحو والتفسير يرددون مع علماء القراءة أن القراءة سنة، فقال سيبويه:«إن القراءة لا تخالف لأنها السّنّة» (5). وقال أبو علي النحوي:
وقال القسطلاني: «الإسناد أعظم مدارات هذا الفن، لأن القراءات سنة متبعة ونقل محض (7). ولذلك لا بد في القراءة من المشافهة والسماع (8). فلو
(1) كتاب السبعة ص 49 - 55.
(2)
جامع البيان 12 ظ.
(3)
ابن مجاهد: كتاب السبعة ص 48.
(4)
مكي: التبصرة ص 235.
(5)
الكتاب 1/ 148.
(6)
الحجة 1/ 29.
(7)
القسطلاني: لطائف الإشارات 1/ 172.
(8)
ابن الجزري: النشر 2/ 358.