الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
إلى قراءته، من غير أن تطبق عليه جماعتهم، وكان ممن اتبع حمزة في قراءته سليم بن عيسى ومن وافقه. وكان ممن فارقه أبو بكر بن عياش فإنه اتبع عاصما ومن وافقه.
5 -
وأما الكسائي [ت 189 هـ] فإنه كان يتخير القراءات، فأخذ من قراءة حمزة ببعض وترك بعضا. فهؤلاء قراء أهل الكوفة.
وكان من قراء أهل البصرة:
1 -
عبد الله بن أبي إسحاق الحضرمي [ت 117 هـ].
2 -
وأبو عمرو بن العلاء [ت 154 هـ].
3 -
وعيسى بن عمر الثقفي [ت 149 هـ].
وكان أقدم الثلاثة ابن أبي إسحاق، وكانت قراءته مأخوذة عن يحيى بن يعمر ونصر بن عاصم. وكان عيسى بن عمر عالما بالنحو، غير أنه كان له اختيار في القراءة على مذهب العربية يفارق قراءة العامة، ويستنكرها الناس، وكان الغالب عليه حب النصب ما وجد إلى ذلك سبيلا، منه قوله: وَامْرَأَتُهُ حَمَّالَةَ الْحَطَبِ (4)[المسد]، والزَّانِيَةُ وَالزَّانِي (2)[النور]، ووَ السَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ (38)[المائدة]، وكذلك قوله: هؤُلاءِ بَناتِي هُنَّ أَطْهَرُ لَكُمْ (78)[هود].
والذي صار إليه أهل البصرة في القراءة، فاتخذوه إماما أبو عمرو بن العلاء. فهؤلاء قراء أهل البصرة.
4 -
وقد كان لهم رابع، وهو عاصم الجحدري [ت 128 هـ] لم يرو عنه في الكثرة ما روي عن هؤلاء الثلاثة.
وكان من قراء أهل الشام:
1 -
عبد الله بن عامر اليحصبي [ت 118 هـ].
2 -
ويحيى بن الحارث الذماري [ت 145 هـ].
3 -
وثالث قد سمي لي بالشام، ونسيت اسمه (1).
فكان أقدم هؤلاء الثلاثة عبد الله بن عامر، وهو إمام أهل دمشق في دهره، وإليه صارت قراءتهم، ثم اتبعه يحيى بن الحارث، وخلفه في القراءة وقام مقامه. وقد ذكروا الثالث بصفة لا أحفظها.
فهؤلاء قراء أهل الأمصار الذين كانوا بعد التابعين» (2).
ثم إن القراء بعد هؤلاء كثروا، وتفرقوا في البلاد، وانتشروا، وخلفهم أمم بعد أمم، عرفت طبقاتهم واختلفت صفاتهم، فمنهم المحكم للتلاوة المعروف بالرواية والدراية، ومنهم المقتصر على وصف من هذه الأوصاف (3)، فلما كان العصر الرابع سنة ثلاث مائة وما قاربها كان أبو بكر بن مجاهد، رحمه الله، قد انتهت إليه الرئاسة في علم القراءة، وتقدم في ذلك على أهل ذلك العصر، اختار من القراءة ما وافق خط المصحف، ومن القراء بها من اشتهرت قراءته، وفاقت معرفته، وتقدّم أهل زمانه في الدين والأمانة والمعرفة والصيانة، واختاره أهل عصره في هذا الشأن، وأطبقوا على قراءته، ز وقصد من سائر الأقطار، وطالت ممارسته للقراءة والإقراء، وخصّ في ذلك بطول البقاء
…
فاختار هؤلاء القراء السبعة أئمة الأمصار، فكان أبو بكر، رحمه الله، أول من اقتصر على هؤلاء السبعة، وصنّف كتابه في قراءتهم، واتبعه الناس على ذلك (4).
قال ابن مجاهد في مقدمة كتاب السبعة: «فهؤلاء سبعة نفر من أهل الحجاز
(1) قال علم الدين السخاوي (جمال القراء 2/ 431): «هو خليد بن سعد صاحب أبي الدرداء» ، وقال أبو شامة (المرشد الوجيز ص 165): «وعندي أنه عطية بن قيس الكلابي (ت 121 هـ) أو اسماعيل بن عبيد الله بن أبي المهاجر (ت 131 هـ) فإن كل واحد منهما كان قارئا للجند
…
».
(2)
جمال القراء 2/ 428 - 431.
(3)
أبو شامة: المرشد الوجيز ص 165.
(4)
السخاوي: جمال القراء 2/ 432، وأبو شامة: المرشد الوجيز ص 160.
والعراق والشام، خلفوا في القراءة التابعين، وأجمعت على قراءتهم العوام من أهل كل مصر من هذه الأمصار التي سمّيت وغيرها من البلدان التي تقرب من هذه الأمصار» (1).
والقراء السبعة الذين اختارهم ابن مجاهد وأورد قراءتهم في كتابه (السبعة) هم:
1 -
أبو عبد الرحمن نافع بن عبد الرحمن بن أبي نعيم (ت 169 هـ) قارئ أهل المدينة.
2 -
عبد الله بن كثير (ت 120 هـ) قارئ أهل مكة.
3 -
أبو بكر عاصم بن أبي النجود (ت 128 هـ) قارئ أهل الكوفة.
4 -
حمزة بن حبيب الزيات (ت 156 هـ) من الكوفة أيضا.
5 -
علي بن حمزة الكسائي (ت 189 هـ) نشأ بالكوفة ثم انتقل إلى بغداد، وتوفي في قرية من قرى الري.
6 -
أبو عمرو بن العلاء (ت 154 هـ) قارئ أهل البصرة.
7 -
عبد الله بن عامر اليحصبي (ت 118 هـ) قارئ أهل الشام.
وكان لعمل ابن مجاهد هذا تأثير كبير على دراسة القراءات وروايتها، فصارت أكثر كتب القراءات تؤلف في وصف القراءات السبع، وقد رسّخ ابن مجاهد اتجاها جديدا في النظر إلى القراءات حين ألّف كتابا آخر جمع فيه (شواذ القراءة)(2)، فأحدث ذلك شعورا بأن ما عدا القراءات السبع يعد شاذّا (3). لكن بعض المؤلفين الذين جاءوا بعد ابن مجاهد ألحق بالسبعة ثلاثة من القراء هم:
1 -
أبو جعفر القارئ (ت 130 هـ) المدني شيخ نافع.
(1) كتاب السبعة ص 87.
(2)
ابن جني: المحتسب 1/ 25.
(3)
ابن النديم: الفهرست ص 33.
2 -
يعقوب بن إسحاق الحضرمي (ت 205 هـ) تلميذ أبي عمرو بن العلاء.
3 -
خلف بن هشام (ت 229 هـ) أخذ القراءة عن تلامذة حمزة.
فظهر مصطلح القراءات العشر. وظهر عدد من الكتب في وصف هذه القراءات.
ولعل أشهر الكتب المؤلفة في القراءات السبع في زماننا كتاب (السبعة في القراءات) لأبي بكر أحمد بن موسى بن العباس بن مجاهد (ت 324 هـ)، وكتاب (التيسير في القراءات السبع) لأبي عمرو الداني (ت 444 هـ)، الذي نظمه أبو محمد القاسم بن فيرة الشاطبي (ت 590 هـ) في منظومته اللامية الشهيرة المسماة (حرز الأماني ووجه التهاني) التي شرحت شروحا كثيرة (1). ومن أشهر الكتب المؤلفة في القراءات العشر كتاب (النشر في القراءات العشر) لابن الجزري (ت 833 هـ)، وألف الشيخ أحمد بن محمد الدمياطي الشهير بالبناء (ت 1117 هـ) كتابه (اتحاف فضلاء البشر بقراءات الأربعة عشر) ذكر فيه قراءات الأئمة العشرة إضافة إلى قراءة محمد بن محيصن (ت 123 هـ) ويحيى بن المبارك اليزيدي (ت 202 هـ) والحسن البصري (ت 110 هـ) وسليمان بن مهران الأعمش (ت 148 هـ).
ومن المناسب الإشارة هنا إلى أن القراءات السبع لا تعني الأحرف السبعة الواردة في حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إن هذا القرآن نزل على سبعة أحرف فاقرءوا ما تيسر منه» ، فهذا الحديث يشير إلى الرخصة في القراءة التي أذن بها رسول الله صلى الله عليه وسلم للصحابة في زمانه، أما القراءات السبع فهي اختيارات سبعة من علماء القراءة الذين عاشوا في القرن الثاني الهجري والذين أفرد ابن مجاهد قراءاتهم في كتاب مستقل، وهذه القراءات وغيرها هي النتيجة العملية لرخصة الأحرف السبعة.
وقال مكي بن أبي طالب: «فأما من ظن أن قراءة كل واحد من هؤلاء القراء
(1) حاجي خليفة: كشف الظنون 1/ 646 - 649.