الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[91]
{أَوْ تَكُونَ لَكَ جَنَّةٌ} [الإسراء: 91] بُسْتَانٌ، {مِنْ نَخِيلٍ وَعِنَبٍ فَتُفَجِّرَ الْأَنْهَارَ خِلَالَهَا تَفْجِيرًا} [الإسراء: 91] تَشْقِيقًا.
[92]
{أَوْ تُسْقِطَ السَّمَاءَ كَمَا زَعَمْتَ عَلَيْنَا كِسَفًا} [الإسراء: 92] قَرَأَ نَافِعٌ وَابْنُ عَامِرٍ وَعَاصِمٌ بِفَتْحِ السِّينِ، أَيْ: قِطَعًا وَهِيَ جَمْعُ كِسْفَةٍ، وَهِيَ الْقِطْعَةُ وَالْجَانِبُ مِثْلُ كِسْرَةٍ وَكِسَرٍ، وَقَرَأَ الْآخَرُونَ بِسُكُونِ السِّينِ عَلَى التَّوْحِيدِ، وَجَمْعُهُ أَكْسَافٍ وَكُسُوفٍ، أَيْ: تُسْقِطُهَا طَبَقًا وَاحِدًا. وَقِيلَ: أَرَادَ جَانِبَهَا عَلَيْنَا. وَقِيلَ: مَعْنَاهُ أَيْضًا الْقِطَعُ، وَهِيَ جَمْعُ التَّكْسِيرِ مِثْلُ سِدْرَةٍ وَسِدْرٍ فِي الشُّعَرَاءِ وَسَبَأٍ (كِسَفًا) بِالْفَتْحِ، حَفْصٌ، وَفِي الرُّومِ سَاكِنَةٌ أَبُو جَعْفَرٍ، وَابْنُ عَامِرٍ. {أَوْ تَأْتِيَ بِاللَّهِ وَالْمَلَائِكَةِ قَبِيلًا} [الإسراء: 92] قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: كَفِيلًا أَيْ يَكْفُلُونَ بِمَا تَقُولُ. وَقَالَ الضَّحَاكُ: ضَامِنًا. وَقَالَ مُجَاهِدٌ: هُوَ جَمْعُ الْقَبِيلَةِ أَيْ: بِأَصْنَافِ الْمَلَائِكَةِ قَبِيلَةً قَبِيلَةً. وَقَالَ قَتَادَةُ: عَيَانًا أَيْ نراهم مقابلة أَيْ مُعَايَنَةً. وَقَالَ الْفَرَّاءُ: هُوَ مِنْ قَوْلِ الْعَرَبِ لَقِيتُ فُلَانًا قَبِيلًا، وَقَبِيلًا أَيْ: مُعَايَنَةً.
[93]
{أَوْ يَكُونَ لَكَ بَيْتٌ مِنْ زُخْرُفٍ} [الإسراء: 93] أَيْ: مِنْ ذَهَبٍ، وَأَصْلُهُ الزِّينَةُ، {أَوْ تَرْقَى} [الإسراء: 93] تصعد، {فِي السَّمَاءِ} [الإسراء: 93] هَذَا قَوْلُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي أُمَيَّةَ، {وَلَنْ نُؤْمِنَ لِرُقِيِّكَ} [الإسراء: 93] لِصُعُودِكَ، {حَتَّى تُنَزِّلَ عَلَيْنَا كِتَابًا نَقْرَؤُهُ} [الإسراء: 93] أُمِرْنَا فِيهِ بِاتِّبَاعِكَ، {قُلْ سُبْحَانَ رَبِّي} [الإسراء: 93] وَقَرَأَ ابْنُ كَثِيرٍ وَابْنُ عَامِرٍ (قَالَ) يَعْنِي مُحَمَّدًا، وَقَرَأَ الْآخَرُونَ عَلَى الْأَمْرِ، أَيْ: قُلْ يَا مُحَمَّدُ، {هَلْ كُنْتُ إِلَّا بَشَرًا رَسُولًا} [الإسراء: 93] أَمَرَهُ بِتَنْزِيهِهِ وَتَمْجِيدِهِ، عَلَى مَعْنَى أَنَّهُ لَوْ أَرَادَ أَنْ يُنَزِّلَ مَا طَلَبُوا لَفَعَلَ، وَلَكِنَّ اللَّهَ لَا يُنَزِّلُ الْآيَاتِ عَلَى مَا يَقْتَرِحُهُ الْبَشَرُ، وَمَا أَنَا إِلَّا بَشَرٌ وَلَيْسَ مَا سَأَلْتُمْ فِي طَوْقِ الْبَشَرِ، وَاعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَدْ أَعْطَى النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم مِنَ الْآيَاتِ وَالْمُعْجِزَاتِ مَا يُغْنِي عَنْ هَذَا كُلِّهِ، مِثْلَ الْقُرْآنِ وَانْشِقَاقِ الْقَمَرِ وَتَفْجِيرِ الْعُيُونِ مِنْ بَيْنِ الْأَصَابِعِ وَمَا أَشْبَهَهَا، وَالْقَوْمُ عَامَّتُهُمْ كَانُوا مُتَعَنِّتِينَ لَمْ يَكُنْ قَصْدُهُمْ طَلَبَ الدَّلِيلِ لِيُؤْمِنُوا، فَرَدَّ اللَّهُ عَلَيْهِمْ سؤالهم.
[94]
قَوْلُهُ عز وجل: {وَمَا مَنَعَ النَّاسَ أَنْ يُؤْمِنُوا إِذْ جَاءَهُمُ الْهُدَى إِلَّا أَنْ قَالُوا} [الإسراء: 94] جَهْلًا مِنْهُمْ، {أَبَعَثَ اللَّهُ بَشَرًا رَسُولًا} [الإسراء: 94] أَرَادَ أَنَّ الْكُفَّارَ كَانُوا يَقُولُونَ: لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ لِأَنَّكَ بَشَرٌ، وَهَلَّا بَعَثَ اللَّهُ إِلَيْنَا مَلَكًا فَأَجَابَهُمُ اللَّهُ تَعَالَى:
[95]
{قُلْ لَوْ كَانَ فِي الْأَرْضِ مَلَائِكَةٌ يَمْشُونَ مُطْمَئِنِّينَ} [الإسراء: 95] مُسْتَوْطِنِينَ مُقِيمِينَ، {لَنَزَّلْنَا عَلَيْهِمْ مِنَ السَّمَاءِ مَلَكًا رَسُولًا} [الإسراء: 95] مِنْ جِنْسِهِمْ لِأَنَّ الْقَلْبَ إِلَى الْجِنْسِ أَمْيَلُ مِنْهُ إِلَى غَيْرِ الْجِنْسِ.
[96]
{قُلْ كَفَى بِاللَّهِ شَهِيدًا بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ} [الإسراء: 96] أني رسوله إِلَيْكُمْ، {إِنَّهُ كَانَ بِعِبَادِهِ خَبِيرًا بَصِيرًا} [الإسراء: 96]
[قوله تعالى وَمَنْ يَهْدِ اللَّهُ فَهُوَ الْمُهْتَدِي وَمَنْ يُضْلِلْ]
فَلَنْ تَجِدَ لَهُمْ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِهِ. . . .
[97]
{وَمَنْ يَهْدِ اللَّهُ فَهُوَ الْمُهْتَدِي وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَنْ تَجِدَ لَهُمْ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِهِ} [الإسراء: 97] يَهْدُونَهُمْ، {وَنَحْشُرُهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَلَى وُجُوهِهِمْ} [الإسراء: 97] عَنْ أُنْسٍ أَنَّ رَجُلًا قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ كَيْفَ يُحْشَرُ الْكَافِرُ عَلَى وَجْهِهِ يَوْمَ
الْقِيَامَةِ؟ قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: «إِنَّ الَّذِي أَمْشَاهُ عَلَى رِجْلَيْهِ قَادِرٌ عَلَى أَنْ يمشيه على وجهه» (1){عُمْيًا وَبُكْمًا وَصُمًّا} [الإسراء: 97] فَإِنْ قِيلَ كَيْفَ وَصَفَهُمْ بِأَنَّهُمْ عُمْيٌ وَبُكْمٌ وَصُمٌّ. وَقَدْ قَالَ: {وَرَأَى الْمُجْرِمُونَ النَّارَ} [الْكَهْفِ: 53] وَقَالَ: {دَعَوْا هُنَالِكَ ثُبُورًا} [الْفُرْقَانِ: 13] وَقَالَ: {سَمِعُوا لَهَا تَغَيُّظًا وَزَفِيرًا} [الْفُرْقَانِ: 12] أَثْبَتَ الرُّؤْيَةَ وَالْكَلَامَ وَالسَّمْعَ؟ قِيلَ: يُحْشَرُونَ عَلَى مَا وَصَفَهُمُ اللَّهُ ثُمَّ تُعَادُ إِلَيْهِمْ هَذِهِ الْأَشْيَاءُ، وَجَوَابٌ آخَرُ: قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: عُمْيًا لَا يَرَوْنَ مَا يَسُرُّهُمْ بُكْمًا لَا يَنْطِقُونَ بِحُجَّةٍ صُمًّا لَا يَسْمَعُونَ شَيْئًا يَسُرُّهُمْ. وَقَالَ الْحَسَنُ: هَذَا حِينَ يُسَاقُونَ إِلَى الْمَوْقِفِ إِلَى أَنْ يَدْخُلُوا النَّارَ. وَقَالَ مُقَاتِلٌ: هَذَا حِينَ يُقَالُ لَهُمْ: {اخْسَئُوا فِيهَا وَلَا تُكَلِّمُونِ} [المؤمنون: 108] يصيرون بِأَجْمَعِهِمْ عُمْيًا وَبُكْمًا وَصُمًّا لَا يَرَوْنَ وَلَا يَنْطِقُونَ وَلَا يَسْمَعُونَ. {مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ كُلَّمَا خَبَتْ} [الإسراء: 97] قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: كُلَّمَا سَكَنَتْ، أَيْ: سَكَنَ لَهِيبُهَا. وَقَالَ مُجَاهِدٌ: طُفِئَتْ وَقَالَ قَتَادَةُ: ضَعُفَتْ وَقِيلَ: هُوَ الْهُدُوُّ مِنْ غَيْرِ أَنْ يُوجَدَ نُقْصَانٌ فِي أَلَمِ الْكُفَّارِ، لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَالَ:{لَا يُفَتَّرُ عَنْهُمْ} [الزُّخْرُفُ: 75] وَقِيلَ: كُلَّمَا خَبَتْ أَيْ أَرَادَتْ أَنْ تَخْبُوَ، {زِدْنَاهُمْ سَعِيرًا} [الإسراء: 97] أَيْ: وَقُودًا، وَقِيلَ: الْمُرَادُ مِنْ قوله: {كُلَّمَا خَبَتْ} [الإسراء: 97] أَيْ: نَضِجَتْ جُلُودُهُمْ وَاحْتَرَقَتْ أُعِيدُوا فِيهَا إِلَى مَا كَانُوا عَلَيْهِ وَزَيْدَ فِي تَسْعِيرِ النَّارِ لِتَحْرِقَهُمْ.
[98]
{ذَلِكَ جَزَاؤُهُمْ بِأَنَّهُمْ كَفَرُوا بِآيَاتِنَا وَقَالُوا أَئِذَا كُنَّا عِظَامًا وَرُفَاتًا أَئِنَّا لَمَبْعُوثُونَ خَلْقًا جَدِيدًا} [الإسراء: 98] فَأَجَابَهُمُ اللَّهُ تَعَالَى.
[99]
فَقَالَ: {أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّ اللَّهَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ} [الإسراء: 99] فِي عَظَمَتِهَا وَشِدَّتِهَا، {قَادِرٌ عَلَى أَنْ يَخْلُقَ مِثْلَهُمْ} [الإسراء: 99] فِي صِغَرِهِمْ وَضَعْفِهِمْ، نَظِيرُهُ قَوْلُهُ تَعَالَى:{لَخَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ أَكْبَرُ مِنْ خَلْقِ النَّاسِ} [غَافِرٍ: 57]{وَجَعَلَ لَهُمْ أَجَلًا} [الإسراء: 99] أَيْ: وَقْتًا لِعَذَابِهِمْ، {لَا رَيْبَ فِيهِ} [الإسراء: 99] أَنَّهُ يَأْتِيهِمْ، قِيلَ: هُوَ الْمَوْتُ، وَقِيلَ: هُوَ يَوْمُ الْقِيَامَةِ، {فَأَبَى الظَّالِمُونَ إِلَّا كُفُورًا} [الإسراء: 99] أَيْ: جُحُودًا وَعِنَادًا.
[100]
{قُلْ لَوْ أَنْتُمْ تَمْلِكُونَ خَزَائِنَ رَحْمَةِ رَبِّي} [الإسراء: 100] أَيْ: نِعْمَةِ رَبِّي. وَقِيلَ: رِزْقِ ربي، {إِذًا لَأَمْسَكْتُمْ} [الإسراء: 100] لبخلتم وحبستم، {خَشْيَةَ الْإِنْفَاقِ} [الإسراء: 100] أَيْ: خَشْيَةَ الْفَاقَةِ، قَالَهُ قَتَادَةُ، وَقِيلَ: خَشْيَةَ النَّفَادِ، يُقَالُ: أَنْفَقَ الرَّجُلُ أَيْ أَمْلَقَ وَذَهَبَ مَالُهُ وَنَفَقَ الشَّيْءُ، أَيْ: ذَهَبَ، وَقِيلَ: لَأَمْسَكْتُمْ عَنِ الْإِنْفَاقِ خَشْيَةَ الْفَقْرِ، {وَكَانَ الْإِنْسَانُ قَتُورًا} [الإسراء: 100] أَيْ: بَخِيلًا مُمْسِكًا عَنِ الْإِنْفَاقِ.
[101]
قَوْلُهُ عز وجل: {وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى تِسْعَ آيَاتٍ بَيِّنَاتٍ} [الإسراء: 101] أَيْ: دَلَالَاتٍ وَاضِحَاتٍ، فَهِيَ الْآيَاتُ التِّسْعُ، قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ وَالضَّحَّاكُ: هِيَ الْعَصَا وَالْيَدُ الْبَيْضَاءُ وَالْعُقْدَةُ التي كانت بلسانه
(1) أخرجه البخاري في التفسير 8 / 492 ومسلم في المنافقين 4 / 2161.