الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
يَخَافُونَهُ وَلَمْ يَرَوْهُ، {وَهُمْ مِنَ السَّاعَةِ مُشْفِقُونَ} [الأنبياء: 49] خائفون.
[50]
{وَهَذَا ذِكْرٌ مُبَارَكٌ} [الأنبياء: 50] يَعْنِي الْقُرْآنَ وَهُوَ ذِكْرٌ لِمَنْ تذكر به، مبارك لمن يَتَبَرَّكُ بِهِ وَيَطْلُبُ مِنْهُ الْخَيْرَ، {أَنْزَلْنَاهُ أَفَأَنْتُمْ} [الأنبياء: 50] يَا أَهْلَ مَكَّةَ، {لَهُ مُنْكِرُونَ} [الأنبياء: 50] جاحدون، هذا اسْتِفْهَامُ تَوْبِيخٍ وَتَعْبِيرٍ.
[51]
قَوْلُهُ عز وجل: {وَلَقَدْ آتَيْنَا إِبْرَاهِيمَ رُشْدَهُ} [الأنبياء: 51] قَالَ الْقُرْطُبِيُّ: أَيْ صَلَاحَهُ، {مِنْ قَبْلُ} [الأنبياء: 51] يعني مِنْ قَبْلِ مُوسَى وَهَارُونَ، وَقَالَ المفسرون: رشده من قبل، أي هداه مِنْ قَبْلِ الْبُلُوغِ، وَهُوَ حِينُ خَرَجَ مِنَ السَّرْبِ وَهُوَ صَغِيرٌ، يُرِيدُ هَدْيَنَاهُ صَغِيرًا كَمَا قَالَ تَعَالَى لِيَحْيَى عليه السلام:{وَآتَيْنَاهُ الْحُكْمَ صَبِيًّا} [مَرْيَمَ: 12]{وَكُنَّا بِهِ عَالِمِينَ} [الأنبياء: 51] أَنَّهُ أَهْلٌ لِلْهِدَايَةِ وَالنُّبُوَّةِ.
[52]
{إِذْ قَالَ لِأَبِيهِ وَقَوْمِهِ مَا هَذِهِ التَّمَاثِيلُ} [الأنبياء: 52] أَيْ الصُّوَرُ، يَعْنِي الْأَصْنَامَ {الَّتِي أَنْتُمْ لَهَا عَاكِفُونَ} [الأنبياء: 52] يعني عَلَى عِبَادَتِهَا مُقِيمُونَ.
[53]
{قَالُوا وَجَدْنَا آبَاءَنَا لَهَا عَابِدِينَ} [الأنبياء: 53] فاقتدينا بهم.
[54]
{قَالَ} [الأنبياء: 54] إِبْرَاهِيمُ، {لَقَدْ كُنْتُمْ أَنْتُمْ وَآبَاؤُكُمْ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ} [الأنبياء: 54] خَطَأٍ بَيِّنٍ بِعِبَادَتِكُمْ إِيَّاهَا.
[55]
{قَالُوا أَجِئْتَنَا بِالْحَقِّ أَمْ أَنْتَ مِنَ اللَّاعِبِينَ} [الأنبياء: 55] يَعْنُونَ أَجَادٌّ أَنْتَ فِيمَا تَقُولُ أم لاعب؟ .
[56]
{قَالَ بَل رَبُّكُمْ رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ الَّذِي فَطَرَهُنَّ} [الأنبياء: 56] خَلَقَهُنَّ، {وَأَنَا عَلَى ذَلِكُمْ مِنَ الشَّاهِدِينَ} [الأنبياء: 56] يعني عَلَى أَنَّهُ الْإِلَهُ الَّذِي لَا يَسْتَحِقُّ الْعِبَادَةَ غَيْرُهُ. وَقِيلَ: مِنَ الشاهدين على أنه خالق السماوات والأرض.
[57]
{وَتَاللَّهِ لَأَكِيدَنَّ أَصْنَامَكُمْ} [الأنبياء: 57] لَأَمْكُرَنَّ بِهَا، {بَعْدَ أَنْ تُوَلُّوا مُدْبِرِينَ} [الأنبياء: 57] يعني بَعْدَ أَنْ تُدْبِرُوا مُنْطَلِقِينَ إِلَى عيدكم.
[قوله تعالى فَجَعَلَهُمْ جُذَاذًا إِلَّا كَبِيرًا لَهُمْ لَعَلَّهُمْ]
إِلَيْهِ يَرْجِعُونَ. . . . .
[58]
{فَجَعَلَهُمْ جُذَاذًا} [الأنبياء: 58] قَرَأَ الْكِسَائِيُّ "جِذَاذًا" بِكَسْرِ الْجِيمِ أَيْ كِسَرًا وَقِطَعًا جَمْعُ جَذِيذٍ، وهو الهشم مِثْلُ خَفِيفٍ وَخِفَافٍ، وَقَرَأَ الْآخَرُونَ بضمها، مِثْلَ الْحُطَامِ وَالرُّفَاتِ، {إِلَّا كَبِيرًا لَهُمْ} [الأنبياء: 58] فَإِنَّهُ لَمْ يَكْسِرْهُ وَوَضَعَ الْفَأْسَ فِي عُنُقِهِ، وَقِيلَ: رَبَطَهُ بِيَدِهِ وَكَانَتِ اثْنَيْنِ وَسَبْعِينَ صَنَمًا بَعْضُهَا مِنْ ذَهَبٍ وَبَعْضُهَا مِنْ فِضَّةٍ وبعضها من حديد وبعضها من رصاص وَشَبَّةٍ وَخَشَبٍ وَحَجَرٍ، وَكَانَ الصَّنَمُ الْكَبِيرُ مِنَ الذَّهَبِ مُكَلَّلًا بِالْجَوَاهِرِ في عينيه يا قوتتان تَتَّقِدَانِ. قَوْلُهُ تَعَالَى:{لَعَلَّهُمْ إِلَيْهِ يَرْجِعُونَ} [الأنبياء: 58] قِيلَ: مَعْنَاهُ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ إِلَى دِينِهِ وَإِلَى مَا يَدْعُوهُمْ إِلَيْهِ إِذَا عَلِمُوا ضَعْفَ الْآلِهَةِ وَعَجْزِهَا، وَقِيلَ: لَعَلَّهُمْ إِلَيْهِ يَرْجِعُونَ فَيَسْأَلُونَهُ، فَلَمَّا رَجَعَ الْقَوْمُ مِنْ عِيدِهِمْ إِلَى بَيْتِ آلِهَتِهِمْ وَرَأَوْا أَصْنَامَهُمْ جُذَاذًا.
[59]
{قَالُوا مَنْ فَعَلَ هَذَا بِآلِهَتِنَا إِنَّهُ لَمِنَ الظَّالِمِينَ} [الأنبياء: 59] يعني من المجرمين.
[60]
{قَالُوا} [الأنبياء: 60] يَعْنِي الَّذِينَ سَمِعُوا قَوْلَ إِبْرَاهِيمَ وَتَاللَّهِ لَأَكِيدَنَّ أَصْنَامَكُمْ، {سَمِعْنَا فَتًى يَذْكُرُهُمْ} [الأنبياء: 60]
يَعِيبُهُمْ وَيَسُبُّهُمْ، {يُقَالُ لَهُ إِبْرَاهِيمُ} [الأنبياء: 60] وهو الذي نظن أنه صَنَعَ هَذَا، فَبَلَغَ ذَلِكَ نَمْرُودَ الْجَبَّارَ وَأَشْرَافَ قَوْمِهِ.
[61]
{قَالُوا فَأْتُوا بِهِ عَلَى أَعْيُنِ النَّاسِ} [الأنبياء: 61] قاله نَمْرُودُ يَقُولُ: جِيئُوا بِهِ ظَاهِرًا بِمَرْأَى مِنَ النَّاسِ، {لَعَلَّهُمْ يَشْهَدُونَ} [الأنبياء: 61] عَلَيْهِ أَنَّهُ الَّذِي فَعَلَهُ، كَرِهُوا أن يأخذوه بغير بينة، قاله الْحَسَنُ وَقَتَادَةُ وَالسُّدِّيُّ، وَقَالَ مُحَمَّدُ ابن إسحاق:{لَعَلَّهُمْ يَشْهَدُونَ} [الأنبياء: 61] أَيْ يَحْضُرُونَ عِقَابَهُ وَمَا يُصْنَعُ به فلما أتوا به.
[62]
{قَالُوا} [الأنبياء: 62] لَهُ {أَأَنْتَ فَعَلْتَ هَذَا بِآلِهَتِنَا يا إِبْرَاهِيمُ} [الأنبياء: 62]
[63]
{قَالَ} [الأنبياء: 63] إِبْرَاهِيمُ، {بَلْ فَعَلَهُ كَبِيرُهُمْ هَذَا} [الأنبياء: 63] غضب من أن يعبد معه الصِّغَارَ وَهُوَ أَكْبَرُ مِنْهَا فَكَسَّرَهُنَّ، وَأَرَادَ بِذَلِكَ إِبْرَاهِيمُ إِقَامَةَ الْحُجَّةِ عَلَيْهِمْ، فَذَلِكَ قَوْلُهُ:{فَاسْأَلُوهُمْ إِنْ كَانُوا يَنْطِقُونَ} [الأنبياء: 63] حَتَّى يُخْبَرُوا مَنْ فَعَلَ ذَلِكَ بِهِمْ. قَالَ القُتَيْبِيُّ: مَعْنَاهُ بَلْ فَعَلَهُ كَبِيرُهُمْ إِنْ كَانُوا يَنْطِقُونَ عَلَى سَبِيلِ الشَّرْطِ فَجَعَلَ النُّطْقَ شَرْطًا لِلْفِعْلِ أَيْ إِنْ قَدَرُوا عَلَى النُّطْقِ قَدَرُوا عَلَى الْفِعْلِ، فَأَرَاهُمْ عَجْزَهُمْ عَنِ النُّطْقِ، وَفِي ضميره أنا فعلت.
[64]
{فَرَجَعُوا إِلَى أَنْفُسِهِمْ} [الأنبياء: 64] أي تفكروا بِقُلُوبِهِمْ وَرَجَعُوا إِلَى عُقُولِهِمْ، {فَقَالُوا} [الأنبياء: 64] مَا نَرَاهُ إِلَّا كَمَا قَالَ، {إِنَّكُمْ أَنْتُمُ الظَّالِمُونَ} [الأنبياء: 64] يَعْنِي بِعِبَادَتِكُمْ مَنْ لَا يَتَكَلَّمُ. وَقِيلَ: أَنْتُمُ الظَّالِمُونَ هَذَا الرَّجُلَ سُؤَالِكُمْ إِيَّاهُ وَهَذِهِ آلِهَتُكُمْ حَاضِرَةٌ فَاسْأَلُوهَا.
[65]
{ثُمَّ نُكِسُوا عَلَى رُءُوسِهِمْ} [الأنبياء: 65] قَالَ أَهْلُ التَّفْسِيرِ: أَجْرَى اللَّهُ الْحَقَّ عَلَى لِسَانِهِمْ فِي الْقَوْلِ الْأَوَّلِ ثُمَّ أَدْرَكَتْهُمُ الشَّقَاوَةُ، فَهُوَ مَعْنَى قَوْلِهِ:{ثُمَّ نُكِسُوا عَلَى رُءُوسِهِمْ} [الأنبياء: 65] أَيْ رُدُّوا إِلَى الْكُفْرِ بَعْدَ أَنْ أَقَرُّوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ بِالظُّلْمِ، يُقَالُ: نُكِسَ الْمَرِيضُ إِذَا رَجَعَ إلى حالته الأولى، وَقَالُوا:{لَقَدْ عَلِمْتَ مَا هَؤُلَاءِ يَنْطِقُونَ} [الأنبياء: 65] فَكَيْفَ نَسْأَلُهُمْ؟ فَلَمَّا اتَّجَهَتِ الْحُجَّةُ لإبراهيم عليه السلام.
[66]
{قَالَ} [الأنبياء: 66] لَهُمْ، {أَفَتَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَنْفَعُكُمْ شَيْئًا} [الأنبياء: 66] إن عبدتموه، {وَلَا يَضُرُّكُمْ} [الأنبياء: 66] إِنْ تَرَكْتُمْ عِبَادَتَهُ.
[67]
{أُفٍّ لَكُمْ} [الأنبياء: 67] يعني تَبًّا وَقَذَرًا لَكُمْ، {وَلِمَا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَفَلَا تَعْقِلُونَ} [الأنبياء: 67] يعني أليس لكم عقل تعرفون به هَذَا، فَلَمَّا لَزِمَتْهُمُ الْحُجَّةُ وَعَجَزُوا عَنِ الْجَوَابِ.
[68]
{قَالُوا حَرِّقُوهُ وَانْصُرُوا آلِهَتَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ فَاعِلِينَ} [الأنبياء: 68] يعني إِنْ كُنْتُمْ نَاصِرِينَ لَهَا.
[69]
قَالَ الله تعالى: {قُلْنَا يا نَارُ كُونِي بَرْدًا وَسَلَامًا عَلَى إِبْرَاهِيمَ} [الأنبياء: 69] قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ لَوْ لَمْ يَقُلْ سَلَامًا لَمَاتَ إِبْرَاهِيمُ مِنْ بردها.
[70]
قوله: {وَأَرَادُوا بِهِ كَيْدًا فَجَعَلْنَاهُمُ الْأَخْسَرِينَ} [الأنبياء: 70] قِيلَ: مَعْنَاهُ أَنَّهُمْ خَسِرُوا السَّعْيَ وَالنَّفَقَةَ