الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الْمُقْتَرَحَةُ فَإِنَّهُ كَانَ قَدْ أَتَاهُمْ بِآيَاتٍ كَثِيرَةٍ، {أَوَلَمْ تَأْتِهِمْ بَيِّنَةُ} [طه: 133] قَرَأَ أَهْلُ الْمَدِينَةِ وَالْبَصْرَةِ وَحَفْصٌ عن عاصم {تَأْتِهِمْ} [طه: 133] لِتَأْنِيثِ الْبَيِّنَةِ، وَقَرَأَ الْآخَرُونَ بِالْيَاءِ لتقدم الفعل، لأن الْبَيِّنَةَ هِيَ الْبَيَانُ فَرُدَّ إِلَى المعنى، {مَا فِي الصُّحُفِ الْأُولَى} [طه: 133] يعني بَيَانُ مَا فِيهَا، وَهُوَ الْقُرْآنُ أَقْوَى دَلَالَةٍ وَأَوْضَحُ آيَةٍ. وَقِيلَ: أو لم يأتهم مَا فِي الصُّحُفِ الْأُولَى التَّوْرَاةُ وَالْإِنْجِيلُ وَغَيْرُهُمَا مِنْ أَنْبَاءِ الْأُمَمِ أَنَّهُمُ اقْتَرَحُوا الْآيَاتِ، فَلَمَّا أَتَتْهُمْ وَلَمْ يُؤْمِنُوا بِهَا، كَيْفَ عَجَّلْنَا لَهُمُ الْعَذَابَ وَالْهَلَاكَ، فَمَا يُؤَمِّنُهُمْ إِنْ أَتَتْهُمُ الْآيَةُ أَنْ يَكُونَ حَالُهُمْ كَحَالِ أُولَئِكَ.
[134]
{وَلَوْ أَنَّا أَهْلَكْنَاهُمْ بِعَذَابٍ مِنْ قَبْلِهِ} [طه: 134] يعني مِنْ قَبْلِ إِرْسَالِ الرَّسُولِ وَإِنْزَالِ القرآن، {لَقَالُوا رَبَّنَا لَوْلَا} [طه: 134] هلا {أَرْسَلْتَ إِلَيْنَا رَسُولًا} [طه: 134] يَدْعُونَا، أَيْ لَقَالُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ، {فَنَتَّبِعَ آيَاتِكَ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَذِلَّ وَنَخْزَى} [طه: 134] بِالْعَذَابِ وَالذُّلِّ وَالْهَوَانِ وَالْخِزْيِ وَالِافْتِضَاحِ.
[135]
{قُلْ كُلٌّ مُتَرَبِّصٌ} [طه: 135] مُنْتَظِرٌ دَوَائِرَ الزَّمَانِ، وَذَلِكَ أَنَّ الْمُشْرِكِينَ قَالُوا: نَتَرَبَّصُ بِمُحَمَّدٍ حَوَادِثَ الدَّهْرِ، فَإِذَا مَاتَ تَخَلَّصْنَا، قَالَ الله تعالى:{فَتَرَبَّصُوا} [طه: 135] فانتظروا، {فَسَتَعْلَمُونَ} [طه: 135] إِذَا جَاءَ أَمْرُ اللَّهِ وَقَامَتِ الْقِيَامَةُ، {مَنْ أَصْحَابُ الصِّرَاطِ السَّوِيِّ} [طه: 135] المستقيم، {وَمَنِ اهْتَدَى} [طه: 135] مِنَ الضَّلَالَةِ نَحْنُ أَمْ أَنْتُمْ؟ .
[سورة الأنبياء]
[قوله تعالى اقْتَرَبَ لِلنَّاسِ حِسَابُهُمْ وَهُمْ فِي غَفْلَةٍ مُعْرِضُونَ]
. . . . .
(21)
سورة الأنبياء [1]{اقْتَرَبَ لِلنَّاسِ} [الأنبياء: 1] قيل: اللام بمعنى من، يعني اقترب من الناس {حِسَابُهُمْ} [الأنبياء: 1] يعني وَقْتُ مُحَاسَبَةِ اللَّهِ إِيَّاهُمْ عَلَى أَعْمَالِهِمْ، يَعْنِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ، نَزَلَتْ فِي مُنْكِرِي الْبَعْثِ، {وَهُمْ فِي غَفْلَةٍ مُعْرِضُونَ} [الأنبياء: 1] عَنِ التَّأَهُّبِ لَهُ.
[2]
{مَا يَأْتِيهِمْ مِنْ ذِكْرٍ مِنْ رَبِّهِمْ مُحْدَثٍ} [الأنبياء: 2] يَعْنِي مَا يُحْدِثُ اللَّهُ مِنْ تَنْزِيلِ شَيْءٍ مِنَ الْقُرْآنِ يُذَكِّرُهُمْ وَيَعِظُهُمْ بِهِ. قَالَ مُقَاتِلٌ: يُحْدِثُ الله الأمر بعد الأمر. وقيل: الذِّكْرُ الْمُحْدَثُ مَا قَالَهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم وَبَيَّنَهُ من السنن والمواعظ سوى الْقُرْآنِ، وَأَضَافَهُ إِلَى الرَّبِّ عز وجل لِأَنَّهُ قَالَ بِأَمْرِ الرَّبِّ، {إِلَّا اسْتَمَعُوهُ وَهُمْ يَلْعَبُونَ} [الأنبياء: 2] يعني اسْتَمَعُوهُ لَاعِبِينَ لَا يَعْتَبِرُونَ وَلَا يتعظون.
[3]
{لَاهِيَةً} [الأنبياء: 3] ساهية غافلة، {قُلُوبُهُمْ} [الأنبياء: 3] مُعْرِضَةً عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ، وَقَوْلُهُ:{لَاهِيَةً} [الأنبياء: 3] نَعْتٌ تَقَدَّمَ الِاسْمَ، وَمِنْ حَقِّ النَّعْتِ أَنْ يَتْبَعَ الِاسْمَ فِي الْإِعْرَابِ، وَإِذَا تَقَدَّمَ النَّعْتُ الِاسْمَ فَلَهُ حَالَتَانِ: فَصْلٌ وَوَصْلٌ، فَحَالَتُهُ فِي الْفَصْلِ النَّصْبُ كَقَوْلِهِ تَعَالَى:{خُشَّعًا أَبْصَارُهُمْ} [القمر: 7] وَفِي الْوَصْلِ حَالَةُ مَا قَبْلَهُ من الإعراب كقوله: {رَبَّنَا أَخْرِجْنَا مِنْ هَذِهِ الْقَرْيَةِ الظَّالِمِ أَهْلُهَا} [النِّسَاءِ: 75]{وَأَسَرُّوا النَّجْوَى الَّذِينَ ظَلَمُوا} [الأنبياء: 3] يعني