الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
مُوسَى وَلَّى مُدْبِرًا وَهَرَبَ، ثُمَّ ذَكَرَ رَبَّهُ فَوَقَفَ اسْتِحْيَاءً مِنْهُ، ثُمَّ نُودِيَ أَنْ يَا مُوسَى أَقْبِلْ وَارْجِعْ حَيْثُ كُنْتَ، فَرَجَعَ وَهُوَ شَدِيدُ الْخَوْفِ.
[21]
{قَالَ خُذْهَا} [طه: 21] بِيَمِينِكَ، {وَلَا تَخَفْ سَنُعِيدُهَا سِيرَتَهَا الْأُولَى} [طه: 21] هَيْئَتَهَا الْأُولَى أَيْ نَرُدُّهَا عَصًا كما كانت، قَالَ الْمُفَسِّرُونَ: أَرَادَ اللَّهُ عز وجل أَنْ يُرِيَ مُوسَى مَا أَعْطَاهُ مِنَ الْآيَةِ الَّتِي لَا يَقْدِرُ عَلَيْهَا مَخْلُوقٌ لِئَلَّا يَفْزَعَ مِنْهَا إِذَا أَلْقَاهَا عِنْدَ فِرْعَوْنَ.
[قَوْلُهُ تَعَالَى وَاضْمُمْ يَدَكَ إِلَى جَنَاحِكَ
. . . .]
[22]
قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَاضْمُمْ يَدَكَ إِلَى جَنَاحِكَ} [طه: 22] يعني إِبْطِكَ، قَالَ مُجَاهِدٌ: تَحْتَ عَضُدِكَ، وَجَنَاحُ الْإِنْسَانِ عَضُدُهُ إِلَى أَصْلِ إبطه، {تَخْرُجْ بَيْضَاءَ} [طه: 22] نَيِّرَةً مُشْرِقَةً، {مِنْ غَيْرِ سُوءٍ} [طه: 22] من غير عيب، والسوء ههنا بِمَعْنَى الْبَرَصِ. قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: كَانَ لِيَدِهِ نُورٌ سَاطِعٌ يُضِيءُ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ كَضَوْءِ الشَّمْسِ وَالْقَمَرِ، {آيَةً أُخْرَى} [طه: 22] يعني دَلَالَةً أُخْرَى عَلَى صِدْقِكَ سِوَى الْعَصَا.
[23]
{لِنُرِيَكَ مِنْ آيَاتِنَا الْكُبْرَى} [طه: 23] ولم يقل الكبر لرؤوس الْآيِ وَقِيلَ: فِيهِ إِضْمَارٌ مَعْنَاهُ لِنُرِيَكَ مِنْ آيَاتِنَا الْكُبْرَى، دَلِيلُهُ قَوْلُ ابْنِ عَبَّاسٍ: كَانَتْ يَدُ موسى أكبر آياته.
[24]
قوله تَعَالَى: {اذْهَبْ إِلَى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغَى} [طه: 24] يعني جَاوَزَ الْحَدَّ فِي الْعِصْيَانِ وَالتَّمَرُّدِ، فادعه إلى عبادتي.
[25]
{قَالَ} [طه: 25] مُوسَى، {رَبِّ اشْرَحْ لِي صَدْرِي} [طه: 25] وَسِّعْهُ لِلْحَقِّ، قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: يُرِيدُ حَتَّى لَا أَخَافَ غَيْرَكَ، وَذَلِكَ أَنَّ مُوسَى كَانَ يَخَافُ فِرْعَوْنَ خَوْفًا شَدِيدًا لِشِدَّةِ شَوْكَتِهِ وَكَثْرَةِ جُنُودِهِ، وَكَانَ يَضِيقُ صَدْرًا بِمَا كُلِّفَ مِنْ مُقَاوَمَةِ فِرْعَوْنَ وجنده فَسَأَلَ اللَّهَ أَنْ يُوَسِّعَ قَلْبَهُ لِلْحَقِّ حَتَّى يَعْلَمَ أَنَّ أَحَدًا لَا يَقْدِرُ عَلَى مَضَرَّتِهِ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ وَإِذَا عَلِمَ ذَلِكَ لم يخف من فِرْعَوْنَ وَشَدَّةَ شَوْكَتِهِ وَكَثْرَةَ جُنُودِهِ.
[26]
{وَيَسِّرْ لِي أَمْرِي} [طه: 26] يعني سَهِّلْ عَلَيَّ مَا أَمَرْتَنِي بِهِ مِنْ تَبْلِيغِ الرِّسَالَةِ إِلَى فِرْعَوْنَ.
[27، 28]{وَاحْلُلْ عُقْدَةً مِنْ لِسَانِي - يَفْقَهُوا قَوْلِي} [طه: 27 - 28] يَقُولُ: احْلُلِ الْعُقْدَةَ كَيْ يَفْقَهُوا كلامي.
[29]
{وَاجْعَلْ لِي وَزِيرًا} [طه: 29] معينًا وظهيرًا، {مِنْ أَهْلِي} [طه: 29] وَالْوَزِيرُ مَنْ يُوَازِرُكَ وَيُعِينُكَ وَيَتَحَمَّلُ عَنْكَ بَعْضَ ثِقَلِ عَمَلِكَ، ثُمَّ بَيَّنَ مَنْ هُوَ فَقَالَ:
[30]
{هَارُونَ أَخِي} [طه: 30] وَكَانَ هَارُونُ أَكْبَرَ مِنْ مُوسَى بِأَرْبَعِ سِنِينَ وَكَانَ أَفْصَحَ مِنْهُ لسانًا وأجمل وأوسم، أبيض اللَّوْنِ، وَكَانَ مُوسَى آدَمَ أَقْنَى أجعد.
[31]
{اشْدُدْ بِهِ أَزْرِي} [طه: 31] قوِّ بِهِ ظَهْرِي.
[32]
{وَأَشْرِكْهُ فِي أَمْرِي} [طه: 32] يعني فِي النُّبُوَّةِ وَتَبْلِيغِ الرِّسَالَةِ، وَقَرَأَ ابْنُ عَامِرٍ (أَشْدُدْ) بِفَتْحِ الْأَلِفِ (وَأُشْرِكْهُ) بِضَمِّهَا عَلَى الْجَوَابِ حِكَايَةً عن موسى يعني أَفْعَلُ ذَلِكَ، وَقَرَأَ الْآخَرُونَ عَلَى الدُّعَاءِ، وَالْمَسْأَلَةِ عَطْفًا عَلَى مَا تقدم من قوله:{رَبِّ اشْرَحْ لِي صَدْرِي - وَيَسِّرْ لِي أَمْرِي} [طه: 25 - 26]
[33]
{كَيْ نُسَبِّحَكَ كَثِيرًا} [طه: 33] قَالَ الْكَلْبِيُّ: نُصَلِّي لَكَ كَثِيرًا.
[34]
{وَنَذْكُرَكَ كَثِيرًا} [طه: 34] نَحْمَدُكَ وَنُثْنِي عَلَيْكَ بِمَا أَوْلَيْتَنَا مِنْ نِعَمِكَ.
[35]
{إِنَّكَ كُنْتَ بِنَا بَصِيرًا} [طه: 35] خبيرًا عليمًا.
[قوله تعالى قَالَ قَدْ أُوتِيتَ سُؤْلَكَ يَا مُوسَى
. . . .]
[36]
{قَالَ} [طه: 36] الله تعالى {قَدْ أُوتِيتَ} [طه: 36] أعطيت، {سُؤْلَكَ} [طه: 36] جَمِيعَ مَا سَأَلْتَهُ، {يَا مُوسَى} [طه: 36]
[37]
{وَلَقَدْ مَنَنَّا عَلَيْكَ} [طه: 37] أنعمنا عليك، {مَرَّةً أُخْرَى} [طه: 37] يَعْنِي قَبْلَ هَذِهِ الْمَرَّةِ وَهِيَ.
[38]
{إِذْ أَوْحَيْنَا إِلَى أُمِّكَ} [طه: 38] وحي إلهام، {مَا يُوحَى} [طه: 38] مَا يُلْهَمُ. ثُمَّ فَسَّرَ ذَلِكَ الإلهام وعدد نعمه عليك فقال:
[39]
{أَنِ اقْذِفِيهِ فِي التَّابُوتِ} [طه: 39] يعني أَلْهَمْنَاهَا أَنِ اجْعَلِيهِ فِي التَّابُوتِ، {فَاقْذِفِيهِ فِي الْيَمِّ} [طه: 39] يَعْنِي نَهْرَ النِّيلِ، {فَلْيُلْقِهِ الْيَمُّ بِالسَّاحِلِ} [طه: 39] يَعْنِي شَاطِئَ النَّهْرِ، لَفْظُهُ أَمْرٌ ومعناه خبر، ومجازه حَتَّى يُلْقِيَهُ الْيَمُّ بِالسَّاحِلِ، {يَأْخُذْهُ عَدُوٌّ لِي وَعَدُوٌّ لَهُ} [طه: 39] يعني