الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فرعون كانوا يعذبونهم بأنواع الْعَذَابِ غَيْرِ التَّذْبِيحِ، وَبِالتَّذْبِيحِ وَحَيْثُ طرح الواو في يذبحون ويقتلون أَرَادَ تَفْسِيرَ الْعَذَابِ الَّذِي كَانُوا يسومونهم، {وَيَسْتَحْيُونَ نِسَاءَكُمْ} [إبراهيم: 6] يَتْرُكُوهُنَّ أَحْيَاءً {وَفِي ذَلِكُمْ بَلَاءٌ مِنْ رَبِّكُمْ عَظِيمٌ} [إبراهيم: 6]
[7]
{وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ} [إبراهيم: 7] أَيْ: أَعْلَمَ، يُقَالُ: أَذَّنَ وَتَأَذَّنَ بِمَعْنًى وَاحِدٍ، مِثْلُ أَوْعَدَ وَتَوَعَّدَ، {لَئِنْ شَكَرْتُمْ} [إبراهيم: 7] نعمتي فآمنتم وأطعتم {لَأَزِيدَنَّكُمْ} [إبراهيم: 7] فِي النِّعْمَةِ. وَقِيلَ: الشُّكْرُ قَيْدُ الْمَوْجُودِ وَصَيْدُ الْمَفْقُودِ. وَقِيلَ: لَئِنْ شَكَرْتُمْ بِالطَّاعَةِ لَأَزِيدَنَّكُمْ فِي الثَّوَابِ.
{وَلَئِنْ كَفَرْتُمْ} [إبراهيم: 7] نِعْمَتِي فَجَحَدْتُمُوهَا وَلَمْ تَشْكُرُوهَا، {إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ} [إبراهيم: 7]
[8]
{وَقَالَ مُوسَى إِنْ تَكْفُرُوا أَنْتُمْ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا فَإِنَّ اللَّهَ لَغَنِيٌّ حَمِيدٌ} [إبراهيم: 8] أَيْ: غَنِيٌّ عَنْ خَلْقِهِ حَمِيدٌ مَحْمُودٌ فِي أَفْعَالِهِ لِأَنَّهُ فِيهَا مُتَفَضِّلٌ وَعَادِلٌ.
[9]
{أَلَمْ يَأْتِكُمْ نَبَأُ الَّذِينَ} [إبراهيم: 9] خَبَرُ الَّذِينَ {مِنْ قَبْلِكُمْ قَوْمِ نُوحٍ وَعَادٍ وَثَمُودَ وَالَّذِينَ مِنْ بَعْدِهِمْ لَا يَعْلَمُهُمْ إِلَّا اللَّهُ} [إبراهيم: 9] يَعْنِي: مَنْ كَانَ بَعْدَ قَوْمِ نوح وعاد وثمود {جَاءَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ} [إبراهيم: 9] بِالدَّلَالَاتِ الْوَاضِحَاتِ، {فَرَدُّوا أَيْدِيَهُمْ فِي أَفْوَاهِهِمْ} [إبراهيم: 9] قَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ: عَضُّوا عَلَى أَيْدِيهِمْ غَيْظًا كَمَا قَالَ: عَضُّوا عليكم الأنامل من الغيظ. قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: لَمَّا سَمِعُوا كِتَابَ اللَّهِ عَجِبُوا وَرَجَعُوا بِأَيْدِيهِمْ إِلَى أَفْوَاهِهِمْ. قَالَ مُجَاهِدٌ وَقَتَادَةُ: كَذَّبُوا الرُّسُلَ وَرَدُّوا مَا جَاءُوا بِهِ، يُقَالُ: رَدَدْتُ قَوْلَ فُلَانٍ فِي فِيهِ أَيْ كَذَّبْتُهُ. وَقَالَ الْكَلْبِيُّ: يَعْنِي أَنَّ الْأُمَمَ رَدُّوا أيديهم في أفواههم أي فِي أَفْوَاهِ أَنْفُسِهِمْ أَيْ وَضَعُوا الْأَيْدِيَ عَلَى الْأَفْوَاهِ إِشَارَةً إِلَى الرُّسُلِ أَنِ اسْكُتُوا. وَقَالَ مُقَاتِلٌ: فَرَدُّوا أَيْدِيَهُمْ عَلَى أَفْوَاهِ الرُّسُلِ يسكتونهم بذلك. وقيل: إن الْأَيْدِي بِمَعْنَى النِّعَمِ مَعْنَاهُ. رَدُّوا مَا لَوْ قَبِلُوا كَانَتْ أَيَادِيَ وَنِعَمًا فِي أَفْوَاهِهِمْ أَيْ: بِأَفْوَاهِهِمْ يعني: بألسنتهم. {وَقَالُوا إِنَّا كَفَرْنَا بِمَا أُرْسِلْتُمْ بِهِ وَإِنَّا لَفِي شَكٍّ مِمَّا تَدْعُونَنَا إِلَيْهِ مُرِيبٍ} [إبراهيم: 9] مُوجِبٍ لِلرِّيبَةِ مُوقِعٍ لِلتُّهْمَةِ.
[10]
{قَالَتْ رُسُلُهُمْ أَفِي اللَّهِ شَكٌّ} [إبراهيم: 10] هَذَا اسْتِفْهَامٌ بِمَعْنَى نَفْيِ مَا اعتقدوه، {فَاطِرِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ} [إبراهيم: 10] خَالِقُهُمَا، {يَدْعُوكُمْ لِيَغْفِرَ لَكُمْ مِنْ ذُنُوبِكُمْ} [إبراهيم: 10] أي: ذنوبكم، و {مِنْ} [إبراهيم: 10] صِلَةٌ، {وَيُؤَخِّرَكُمْ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى} [إبراهيم: 10] إِلَى حِينِ اسْتِيفَاءِ آجَالِكُمْ فَلَا يعاجلكم بالعذاب، {قَالُوا} [إبراهيم: 10] للرسل، {إِنْ أَنْتُمْ} [إبراهيم: 10] مَا أَنْتُمْ، {إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُنَا} [إبراهيم: 10] في الصورة والجسم ولستم ملائكة وإنما {تُرِيدُونَ} [إبراهيم: 10] بِقَوْلِكُمْ، {أَنْ تَصُدُّونَا عَمَّا كَانَ يَعْبُدُ آبَاؤُنَا فَأْتُونَا بِسُلْطَانٍ مُبِينٍ} [إبراهيم: 10] حُجَّةٍ بَيِّنَةٍ عَلَى صِحَّةِ دَعْوَاكُمْ.
[قوله تعالى قَالَتْ لَهُمْ رُسُلُهُمْ إِنْ نَحْنُ إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ]
وَلَكِنَّ اللَّهَ يَمُنُّ عَلَى مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ. . . .
[11]
{قَالَتْ لَهُمْ رُسُلُهُمْ إِنْ نَحْنُ إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَمُنُّ عَلَى مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ} [إبراهيم: 11] بِالنُّبُوَّةِ وَالْحِكْمَةِ، {وَمَا كَانَ لَنَا أَنْ نَأْتِيَكُمْ بِسُلْطَانٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ} [إبراهيم: 11]
[12]
{وَمَا لَنَا أَلَّا نَتَوَكَّلَ عَلَى اللَّهِ} [إبراهيم: 12] وَقَدْ عَرَفْنَا أَنْ لَا نَنَالَ شَيْئًا إِلَّا بِقَضَائِهِ وَقَدَرِهِ، {وَقَدْ هَدَانَا سُبُلَنَا} [إبراهيم: 12] بَيَّنَ لَنَا الرُّشْدَ وَبَصَّرَنَا طَرِيقَ النجاة. {وَلَنَصْبِرَنَّ} [إبراهيم: 12] اللام لام القسم مجازا، وَاللَّهِ لِنَصْبِرَنَّ {عَلَى مَا آذَيْتُمُونَا وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُتَوَكِّلُونَ} [إبراهيم: 12]
[13]
{وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِرُسُلِهِمْ لَنُخْرِجَنَّكُمْ مِنْ أَرْضِنَا أَوْ لَتَعُودُنَّ فِي مِلَّتِنَا} [إبراهيم: 13] يَعْنُونَ إِلَّا أَنْ تَرْجِعُوا أَوْ حَتَّى تَرْجِعُوا إِلَى دِينِنَا، {فَأَوْحَى إِلَيْهِمْ رَبُّهُمْ لَنُهْلِكَنَّ الظَّالِمِينَ} [إبراهيم: 13]
[14]
{وَلَنُسْكِنَنَّكُمُ الْأَرْضَ مِنْ بَعْدِهِمْ} [إبراهيم: 14] أي: بَعْدِ هَلَاكِهِمْ، {ذَلِكَ لِمَنْ خَافَ مَقَامِي} [إبراهيم: 14] أي: خاف قِيَامَهُ بَيْنَ يَدَيَّ كَمَا قَالَ: {وَلِمَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ جَنَّتَانِ} [الرَّحْمَنِ: 46] فَأَضَافَ قِيَامَ الْعَبْدِ إِلَى نَفْسِهِ، كَمَا تَقُولُ: نَدِمْتُ عَلَى ضَرْبِكَ أَيْ عَلَى ضَرْبِي إِيَّاكَ، {وَخَافَ وَعِيدِ} [إبراهيم: 14] أي عقابي.
[15]
قوله: {وَاسْتَفْتَحُوا} [إبراهيم: 15] أَيِ: اسْتَنْصَرُوا. قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ وَمُقَاتِلٌ: يَعْنِي الْأُمَمَ وَذَلِكَ أَنَّهُمْ قَالُوا: اللَّهُمَّ إِنْ كَانَ هَؤُلَاءِ الرُّسُلُ صَادِقِينَ فَعَذِّبْنَا، نَظِيرُهُ قَوْلُهُ تَعَالَى:{وَإِذْ قَالُوا اللَّهُمَّ إِنْ كَانَ هَذَا هُوَ الْحَقَّ مِنْ عِنْدِكَ فَأَمْطِرْ عَلَيْنَا حِجَارَةً مِنَ السَّمَاءِ} [الْأَنْفَالِ: 32] وَقَالَ مُجَاهِدٌ وَقَتَادَةُ: وَاسْتَفْتَحُوا يَعْنِي الرُّسُلَ وَذَلِكَ أَنَّهُمْ لَمَّا يَئِسُوا مِنْ إِيمَانِ قَوْمِهِمُ اسْتَنْصَرُوا اللَّهَ وَدَعَوْا عَلَى قَوْمِهِمْ بالعذاب، كما قال نُوحٌ:{رَبِّ لَا تَذَرْ عَلَى الْأَرْضِ مِنَ الْكَافِرِينَ دَيَّارًا} [نُوحٌ: 26] وقال موسى: {رَبَّنَا اطْمِسْ عَلَى أَمْوَالِهِمْ وَاشْدُدْ عَلَى قُلُوبِهِمْ} [يُونُسَ: 88] الْآيَةَ: {وَخَابَ} [إبراهيم: 15] خَسِرَ. وَقِيلَ: هَلَكَ، {كُلُّ جَبَّارٍ عَنِيدٍ} [إبراهيم: 15] وَالْجَبَّارُ: الَّذِي لَا يَرَى فَوْقَهُ أَحَدًا. وَالْجَبْرِيَّةُ: طَلَبُ الْعُلُوِّ بِمَا لَا غَايَةَ وَرَاءَهُ. وَهَذَا الْوَصْفُ لَا يَكُونُ إِلَّا لِلَّهِ عز وجل. وَقِيلَ: الْجَبَّارُ: الَّذِي يُجْبِرُ الْخَلْقَ عَلَى مُرَادِهِ، وَالْعَنِيدُ: الْمُعَانِدُ لِلْحَقِّ وَمُجَانِبُهُ. قَالَهُ مُجَاهِدٌ، وَعَنِ ابن عباس: هُوَ الْمُعْرِضُ عَنِ الْحَقِّ. وَقَالَ مُقَاتِلٌ: هُوَ الْمُتَكَبِّرُ. وَقَالَ قَتَادَةُ: الْعَنِيدُ الَّذِي أَبَى أَنْ يَقُولَ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ.
[16]
{مِنْ وَرَائِهِ جَهَنَّمُ} [إبراهيم: 16] أَيْ: أَمَامَهُ كَقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَكَانَ وَرَاءَهُمْ مَلِكٌ} [الْكَهْفِ: 79] أَيْ أَمَامَهُمْ. قَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ: هُوَ مِنَ الْأَضْدَادِ. وَقَالَ الْأَخْفَشُ: هُوَ كَمَا يُقَالُ: هَذَا الْأَمْرُ مِنْ وَرَائِكَ يُرِيدُ أَنَّهُ سَيَأْتِيكَ، وَأَنَا مِنْ وَرَاءِ فُلَانٍ يَعْنِي أَصِلُ إِلَيْهِ. وَقَالَ مُقَاتِلٌ: مِنْ وَرَائِهِ جَهَنَّمُ أَيْ بَعْدَهُ. {وَيُسْقَى مِنْ مَاءٍ صَدِيدٍ} [إبراهيم: 16] أَيْ: مِنْ مَاءٍ هُوَ صَدِيدٌ وَهُوَ مَا يَسِيلُ مِنْ أَبْدَانِ الْكُفَّارِ مِنَ الْقَيْحِ وَالدَّمِ. وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ كَعْبٍ: مَا يَسِيلُ مِنْ فُرُوجِ الزُّنَاةِ يُسْقَاهُ الْكَافِرُ.
[17]
{يَتَجَرَّعُهُ} [إبراهيم: 17] أَيْ: يَتَحَسَّاهُ وَيَشْرَبُهُ لَا بِمَرَّةٍ وَاحِدَةٍ بَلْ جُرْعَةً جُرْعَةً لِمَرَارَتِهِ وحرارته، {وَلَا يَكَادُ يُسِيغُهُ} [إبراهيم: 17] يَكَادُ صِلَةٌ أَيْ لَا يُسِيغُهُ، كَقَوْلِهِ تَعَالَى:{لَمْ يَكَدْ يَرَاهَا} [النُّورِ: 40] أَيْ: لَمْ يَرَهَا، قَالَ ابن عباس: لَا يُجِيزُهُ. وَقِيلَ: مَعْنَاهُ: يَكَادُ لَا يُسِيغُهُ وَيُسِيغُهُ فَيَغْلِي فِي جوفه يَقُولُ اللَّهُ عز وجل: {وَسُقُوا مَاءً حَمِيمًا فَقَطَّعَ أَمْعَاءَهُمْ} [مُحَمَّدٍ: 15] ويقول: {وَيَأْتِيهِ الْمَوْتُ مِنْ كُلِّ مَكَانٍ} [إبراهيم: 17] يعني يجدهم الْمَوْتِ وَأَلَمَهُ مِنْ كُلِّ مَكَانٍ مِنْ أَعْضَائِهِ، قَالَ إِبْرَاهِيمُ التَّيْمِيُّ: حَتَّى مِنْ تَحْتِ كُلِّ شَعْرَةٍ مِنْ جَسَدِهِ. وَقِيلَ: يَأْتِيهِ الْمَوْتُ مِنْ قُدَّامِهِ وَمِنْ خَلْفِهِ وَمِنْ فَوْقِهِ وَمِنْ تَحْتِهِ وَعَنْ يَمِينِهِ وَعَنْ شِمَالِهِ، {وَمَا هُوَ بِمَيِّتٍ} [إبراهيم: 17] فَيَسْتَرِيحُ، قَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ: تُعَلَّقُ بنفسه عند حنجرته ولا تَخْرُجُ مِنْ فِيهِ فَيَمُوتُ وَلَا تَرْجِعُ إِلَى مَكَانِهَا مِنْ جَوْفِهِ فتنفعه الحياة. نظيرها {لَا يَمُوتُ فِيهَا وَلَا يَحْيَا} [طه: 74]{وَمِنْ وَرَائِهِ} [إبراهيم: 17] أمامه ، {عَذَابٌ غَلِيظٌ} [إبراهيم: 17] شَدِيدٌ، وَقِيلَ: الْعَذَابُ الْغَلِيظُ: الْخُلُودُ في النار.
[18]
{مَثَلُ الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ أَعْمَالُهُمْ} [إبراهيم: 18]
يعني: مثل أَعْمَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ كَقَوْلِهِ