الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
عَوْجَاءُ.
وَقَالَ الْحَسَنُ: غَيْرُ مُعْتَدِلَةٍ.
[23]
{إِنْ هِيَ} [النجم: 23] مَا هَذِهِ الْأَصْنَامُ، {إِلَّا أَسْمَاءٌ سَمَّيْتُمُوهَا أَنْتُمْ وَآبَاؤُكُمْ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ بِهَا مِنْ سُلْطَانٍ} [النجم: 23] حجة وبرهان بِمَا تَقُولُونَ إِنَّهَا آلِهَةً، ثُمَّ رَجَعَ إِلَى الْخَبَرِ بَعْدَ الْمُخَاطَبَةِ فَقَالَ:{إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ} [النجم: 23] فِي قَوْلِهِمْ إِنَّهَا آلِهَةً، {وَمَا تَهْوَى الْأَنْفُسُ} [النجم: 23] وَهُوَ مَا زَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ، {وَلَقَدْ جَاءَهُمْ مِنْ رَبِّهِمُ الْهُدَى} [النجم: 23] الْبَيَانُ بِالْكِتَابِ وَالرَّسُولِ أَنَّهَا لَيْسَتْ بآلهة، وأن الْعِبَادَةَ لَا تَصْلُحُ إِلَّا لِلَّهِ الْوَاحِدِ الْقَهَّارِ.
[24]
{أَمْ لِلْإِنْسَانِ مَا تَمَنَّى} [النجم: 24] أَيُظَنُّ الْكَافِرُ أَنَّ لَهُ مَا يَتَمَنَّى وَيَشْتَهِي مِنْ شَفَاعَةِ الْأَصْنَامِ.
[25]
{فَلِلَّهِ الْآخِرَةُ وَالْأُولَى} [النجم: 25] لَيْسَ كَمَا ظَنَّ الْكَافِرُ وَتَمَنَّى، بَلْ لِلَّهِ الْآخِرَةُ وَالْأَوْلَى لَا يَمْلِكَ أَحَدٌ فِيهِمَا شَيْئًا إِلَّا بِإِذْنِهِ.
[26]
{وَكَمْ مِنْ مَلَكٍ فِي السَّمَاوَاتِ} [النجم: 26] ممن يَعْبُدُهُمْ هَؤُلَاءِ الْكُفَّارُ وَيَرْجُونَ شَفَاعَتَهُمْ عِنْدَ اللَّهِ، {لَا تُغْنِي شَفَاعَتُهُمْ شَيْئًا إِلَّا مِنْ بَعْدِ أَنْ يَأْذَنَ اللَّهُ} [النجم: 26] فِي الشَّفَاعَةِ، {لِمَنْ يَشَاءُ وَيَرْضَى} [النجم: 26] أَيْ مِنْ أَهْلِ التَّوْحِيدِ.
قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: يُرِيدُ لَا تَشْفَعُ الْمَلَائِكَةُ إِلَّا لِمَنْ رضي الله عنه، وَجَمَعَ الْكِنَايَةَ فِي قَوْلِهِ: شَفَاعَتُهُمْ وَالْمَلَكُ وَاحِدٌ لِأَنَّ الْمُرَادَ مِنْ قَوْلِهِ: وَكَمْ مِنْ مَلَكٍ، الْكَثْرَةُ فَهُوَ كَقَوْلِهِ:{فَمَا مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ عَنْهُ حَاجِزِينَ} [الْحَاقَّةِ: 47]
[قوله تعالى إِنَّ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ لَيُسَمُّونَ]
الْمَلَائِكَةَ تَسْمِيَةَ الْأُنْثَى. . .
[27]
{إِنَّ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ لَيُسَمُّونَ الْمَلَائِكَةَ تَسْمِيَةَ الْأُنْثَى} [النجم: 27] أَيْ بِتَسْمِيَةِ الْأُنْثَى حِينَ قَالُوا: إِنَّهُمْ بَنَاتُ اللَّهِ.
[28]
{وَمَا لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ} [النجم: 28] قَالَ مُقَاتِلٌ: مَعْنَاهُ مَا يَسْتَيْقِنُونَ أنهم إناث، {إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَإِنَّ الظَّنَّ لَا يُغْنِي مِنَ الْحَقِّ شَيْئًا} [النجم: 28] وَالْحَقُّ بِمَعْنَى الْعِلْمِ أَيْ لَا يَقُومُ الظَّنُّ مَقَامَ الْعِلْمِ.
وَقِيلَ: الْحَقُّ بِمَعْنَى الْعَذَابِ، أَيْ أَظُنُّهُمْ لا ينقذهم من العذاب.
[29]
{فَأَعْرِضْ عَنْ مَنْ تَوَلَّى عَنْ ذِكْرِنَا} [النجم: 29] يَعْنِي الْقُرْآنَ.
وَقِيلَ: الْإِيمَانُ، {وَلَمْ يُرِدْ إِلَّا الْحَيَاةَ الدُّنْيَا} [النجم: 29]
[30]
ثُمَّ صَغَّرَ رَأْيَهُمْ، فَقَالَ:{ذَلِكَ مَبْلَغُهُمْ مِنَ الْعِلْمِ} [النجم: 30] أَيْ ذَلِكَ نِهَايَةُ عِلْمِهِمْ وَقَدْرُ عُقُولِهِمْ أَنْ آثَرُوا الدُّنْيَا عَلَى الْآخِرَةِ.
وَقِيلَ: لَمْ يَبْلُغُوا مِنَ الْعِلْمِ إِلَّا ظَنَّهُمْ أَنَّ الْمَلَائِكَةَ بَنَاتُ اللَّهِ، وَأَنَّهَا تَشْفَعُ لَهُمْ فَاعْتَمَدُوا عَلَى ذَلِكَ وَأَعْرَضُوا عَنِ الْقُرْآنِ.
{إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنْ ضَلَّ عَنْ سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِمَنِ اهْتَدَى} [النجم: 30] أَيْ هُوَ عَالِمٌ بِالْفَرِيقَيْنِ فَيُجَازِيهِمْ.
[31]
{وَلِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ} [النجم: 31] وَهَذَا مُعْتَرِضٌ بَيْنَ الْآيَةِ الْأُولَى وَبَيْنَ قَوْلِهِ: {لِيَجْزِيَ الَّذِينَ أَسَاءُوا بِمَا عَمِلُوا} [النجم: 31] فَاللَّامُ فِي قَوْلِهِ: (لِيَجْزِيَ) مُتَعَلِّقٌ بِمَعْنَى الْآيَةِ الْأُولَى، لِأَنَّهُ إِذَا كَانَ أَعْلَمَ بِهِمْ جَازَى كُلًّا بما يستحقه، الذين أساءوا أي أشركوا بِمَا عَمِلُوا مِنَ الشِّرْكِ، {وَيَجْزِيَ الَّذِينَ أَحْسَنُوا بِالْحُسْنَى} [النجم: 31] وَحَّدُوا رَبَّهُمْ بِالْحُسْنَى بِالْجَنَّةِ، وَإِنَّمَا يُقَدَّرُ عَلَى مُجَازَاةِ الْمُحْسِنِ وَالْمُسِيءِ إِذَا كَانَ كَثِيرَ الْمُلْكِ، وَلِذَلِكَ قَالَ:{وَلِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ} [النجم: 31]
[32]
ثُمَّ وَصَفَهُمْ فَقَالَ: {الَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ كَبَائِرَ الْإِثْمِ وَالْفَوَاحِشَ إِلَّا اللَّمَمَ} [النجم: 32] اخْتَلَفُوا فِي مَعْنَى الْآيَةِ، فَقَالَ قَوْمٌ: هَذَا اسْتِثْنَاءٌ صَحِيحٌ، وَاللَّمَمُ: مِنَ الْكَبَائِرِ وَالْفَوَاحِشِ، وَمَعْنَى الْآيَةِ: إِلَّا أَنْ يُلِمَّ بِالْفَاحِشَةِ مَرَّةً ثُمَّ يَتُوبُ، وَيَقَعُ الْوَقْعَةَ ثُمَّ ينتهي، وَأَصْلُ اللَّمَمِ وَالْإِلْمَامِ مَا يَعْمَلُهُ الْإِنْسَانُ الْحِينَ بَعْدَ الْحِينِ، وَلَا يكون له إعادة ولا إقامة عليه.
وَقَالَ آخَرُونَ: هَذَا اسْتِثْنَاءٌ مُنْقَطِعٌ مَجَازُهُ لَكِنِ اللَّمَمَ، وَلَمْ يَجْعَلُوا اللَّمَمَ مِنَ الْكَبَائِرِ وَالْفَوَاحِشِ، ثُمَّ اخْتَلَفُوا فِي مَعْنَاهُ، فَقَالَ بَعْضُهُمْ: هُوَ مَا سَلَفَ فِي الْجَاهِلِيَّةِ فلا يؤاخذهم الله به، وَقَالَ بَعْضُهُمْ: هُوَ صِغَارُ الذُّنُوبِ كَالنَّظْرَةِ وَالْغَمْزَةِ وَالْقُبْلَةِ وَمَا كَانَ دون الزنا، وَقَالَ الْكَلْبِيُّ: اللَّمَمُ عَلَى وَجْهَيْنِ كُلُّ ذَنْبٍ لَمْ يَذْكُرِ اللَّهُ عَلَيْهِ حَدًّا فِي الدُّنْيَا وَلَا عذابا في الآخرة فلذلك الَّذِي تُكَفِّرُهُ الصَّلَوَاتُ مَا لَمْ يَبْلُغِ الْكَبَائِرَ وَالْفَوَاحِشَ، وَالْوَجْهُ الْآخَرُ هُوَ: الذَّنْبُ
الْعَظِيمُ يُلِمُّ بِهِ الْمُسْلِمُ الْمَرَّةَ بَعْدَ الْمَرَّةِ فَيَتُوبُ مِنْهُ.
وَقَالَ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ: هُوَ مَا لَمَّ عَلَى الْقَلْبِ أَيْ خَطَرَ.
وَقَالَ الْحُسَيْنُ بْنُ الْفَضْلِ: اللَّمَمُ النَّظْرَةُ مِنْ غَيْرِ تَعَمُّدٍ فَهُوَ مغفور، فإن أعاد النظر فَلَيْسَ بِلَمَمٍ وَهُوَ ذَنْبٌ.
{إِنَّ رَبَّكَ وَاسِعُ الْمَغْفِرَةِ} [النجم: 32] قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: لِمَنْ فَعَلَ ذلك وتاب، تم الكلام ههنا، ثُمَّ قَالَ:{هُوَ أَعْلَمُ بِكُمْ إِذْ أَنْشَأَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ} [النجم: 32] أَيْ: خَلَقَ أَبَاكُمْ آدَمَ مِنَ التراب، {وَإِذْ أَنْتُمْ أَجِنَّةٌ} [النجم: 32] جَمْعُ جَنِينٍ، سُمِّيَ جَنِينًا لِاجْتِنَانِهِ فِي الْبَطْنِ، {فِي بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ فَلَا تُزَكُّوا أَنْفُسَكُمْ} [النجم: 32] قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: لَا تَمْدَحُوهَا.
قَالَ الْحَسَنُ: عَلِمَ اللَّهُ مِنْ كُلِّ نَفْسٍ مَا هِيَ صَانِعَةٌ وَإِلَى مَا هِيَ صَائِرَةٌ، فَلَا تزكوا أنفسكم، فلا تبرؤها عَنِ الْآثَامِ وَلَا تَمْدَحُوهَا بِحُسْنِ أعمالها {هُوَ أَعْلَمُ بِمَنِ اتَّقَى} [النجم: 32] أَيْ بَرَّ وَأَطَاعَ وَأَخْلَصَ الْعَمَلَ لله تعالى.
[33]
قَوْلُهُ عز وجل: {أَفَرَأَيْتَ الَّذِي تَوَلَّى} [النجم: 33] نَزَلَتْ فِي الْوَلِيدِ بْنِ الْمُغِيرَةِ، كَانَ قَدِ اتَّبَعَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم عَلَى دِينِهِ فعيره بعض المشركين، وقال: أَتَرَكْتَ دِينَ الْأَشْيَاخِ وَضَلَلْتَهُمْ؟ قَالَ: إِنِّي خَشِيتُ عَذَابَ اللَّهِ فَضَمِنَ الذي عاتبه إن هو أَعْطَاهُ كَذَا مِنْ مَالِهِ وَرَجَعَ إِلَى شِرْكِهِ أَنْ يَتَحَمَّلَ عَنْهُ عَذَابَ اللَّهِ، فَرَجَعَ الْوَلِيدُ إِلَى الشِّرْكِ وَأَعْطَى الَّذِي عَيَّرَهُ بَعْضَ ذَلِكَ الْمَالِ الَّذِي ضَمِنَ وَمَنْعَهُ تَمَامَهُ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ عز وجل:(أَفَرَأَيْتَ الَّذِي تَوَلَّى) أَدْبَرَ عَنِ الإيمان.
[34]
{وَأَعْطَى} [النجم: 34] صاحبه، {قَلِيلًا وَأَكْدَى} [النجم: 34] بخل بالباقي، وَمَعْنَى أَكْدَى: يَعْنِي قَطَعَ، وَأَصْلُهُ مِنَ الْكُدْيَةِ وَهِيَ حَجَرٌ يَظْهَرُ فِي الْبِئْرِ يَمْنَعُ مِنَ الْحَفْرِ، تَقُولُ الْعَرَبُ: أَكْدَى الْحَافِرَ وَأَجْبَلَ إِذَا بَلَغَ فِي الْحَفْرِ الْكُدْيَةَ وَالْجَبَلَ.
[35]
{أَعِنْدَهُ عِلْمُ الْغَيْبِ فَهُوَ يَرَى} [النجم: 35] مَا غَابَ عَنْهُ وَيَعْلَمُ أَنَّ صَاحِبَهُ يَتَحَمَّلُ عَنْهُ عَذَابَهُ.
[36]
{أَمْ لَمْ يُنَبَّأْ} [النجم: 36] لَمْ يُخْبَرْ، {بِمَا فِي صُحُفِ مُوسَى} [النجم: 36] يعني: أسفار التوراة.
[37]
{وَإِبْرَاهِيمَ} [النجم: 37] وفي صُحُفِ إِبْرَاهِيمَ عليه السلام، {الَّذِي وَفَّى} [النجم: 37] تَمَّمَ وَأَكْمَلَ مَا أُمِرَ بِهِ.
قَالَ الْحَسَنُ وَسَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ وقَتَادَةُ: عَمِلَ بِمَا أُمِرَ بِهِ وَبَلَّغَ رِسَالَاتِ رَبِّهِ إِلَى خَلْقِهِ.
قَالَ مُجَاهِدٌ: وَفَّى بِمَا فُرِضَ عَلَيْهِ.
قَالَ الرَّبِيعُ: وَفَّى رُؤْيَاهُ وَقَامَ بِذَبْحِ ابْنِهِ.
وَقَالَ عَطَاءٌ الْخُرَاسَانِيُّ: اسْتَكْمَلَ الطَّاعَةَ.
وَقَالَ أَبُو العالية: وفى سهام الإسلام، وَالتَّوْفِيَةُ الْإِتْمَامُ.
وَقَالَ الضَّحَّاكُ: وَفَّى ميثاق المناسك.
[38]
ثُمَّ بَيَّنَ مَا فِي صُحُفِهِمَا فَقَالَ: {أَلَّا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى} [النجم: 38] أَيْ لَا تَحْمِلُ نَفْسٌ حَامِلَةٌ حِمْلَ أُخْرَى، وَمَعْنَاهُ: لَا تُؤْخَذُ نفس بإثم غيرها.
[39]
{وَأَنْ لَيْسَ لِلْإِنْسَانِ إِلَّا مَا سَعَى} [النجم: 39] أَيْ عَمِلَ كَقَوْلِهِ: {إِنَّ سَعْيَكُمْ لَشَتَّى} [اللَّيْلِ: 4] وَهَذَا أَيْضًا فِي صحف إبراهيم وموسى.
[40]
{وَأَنَّ سَعْيَهُ سَوْفَ يُرَى} [النجم: 40] فِي مِيزَانِهِ يَوْمَ