الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[83]
قوله عز وجل: {فَلَوْلَا} [الواقعة: 83] فهلا، {إِذَا بَلَغَتِ الْحُلْقُومَ} [الواقعة: 83] أَيْ بَلَغَتِ النَّفْسُ الْحُلْقُومَ عِنْدَ الموت.
[84]
{وَأَنْتُمْ حِينَئِذٍ تَنْظُرُونَ} [الواقعة: 84] يُرِيدُ وَأَنْتُمْ يَا أَهْلَ الْمَيِّتِ تَنْظُرُونَ إِلَيْهِ مَتَى تَخْرُجُ نَفْسُهُ.
وَقِيلَ: مَعْنَى قَوْلِهِ: (تَنْظُرُونَ) أَيْ إِلَى أَمْرِي وَسُلْطَانِي لَا يُمْكِنُكُمُ الدَّفْعُ وَلَا تَمْلِكُونَ شَيْئًا.
[85]
{وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْكُمْ} [الواقعة: 85] بِالْعِلْمِ وَالْقُدْرَةِ وَالرُّؤْيَةِ.
وَقِيلَ: وَرُسُلُنَا الَّذِينَ يَقْبِضُونَ رُوحَهُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ منكم، {وَلَكِنْ لَا تُبْصِرُونَ} [الواقعة: 85] الذين حضروه.
[86]
{فَلَوْلَا} [الواقعة: 86] فَهَلَّا {إِنْ كُنْتُمْ غَيْرَ مَدِينِينَ} [الواقعة: 86] مَمْلُوكِينَ، وَقَالَ أَكْثَرُهُمْ: مُحَاسَبِينَ وَمَجْزِيِّينَ.
[87]
{تَرْجِعُونَهَا إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ} [الواقعة: 87] أَيْ تَرُدُّونَ نَفْسَ هَذَا الْمَيِّتِ إِلَى جَسَدِهِ بَعْدَمَا بَلَّغَتِ الْحُلْقُومَ فَأَجَابَ عَنْ قَوْلِهِ: {فَلَوْلَا إِذَا بَلَغَتِ الْحُلْقُومَ} [الواقعة: 83] وَعَنْ قَوْلِهِ {فَلَوْلَا إِنْ كُنْتُمْ غَيْرَ مَدِينِينَ} [الواقعة: 86] بِجَوَابٍ وَاحِدٍ، وَمِثْلُهُ قَوْلُهُ عز وجل:{فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ مِنِّي هُدًى فَمَنْ تَبِعَ هُدَايَ فَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ} [الْبَقَرَةِ: 38] أُجِيبَا بِجَوَابٍ وَاحِدٍ، مَعْنَاهُ: إِنْ كَانَ الْأَمْرُ كَمَا تَقُولُونَ أَنَّهُ لَا بَعْثَ وَلَا حِسَابَ وَلَا إِلَهَ يُجَازِي فَهَلَّا تَرُدُّونَ نَفْسَ مَنْ يَعِزُّ عَلَيْكُمْ إِذَا بَلَغَتِ الْحُلْقُومَ، وَإِذَا لَمْ يُمْكِنُكُمْ ذَلِكَ فَاعْلَمُوا أَنَّ الْأَمْرَ إِلَى غَيْرِكُمْ وَهُوَ اللَّهُ عز وجل فَآمَنُوا بِهِ، ثُمَّ ذَكَرَ طَبَقَاتِ الْخَلْقِ عِنْدَ الْمَوْتِ وَبَيَّنَ دَرَجَاتِهِمْ فَقَالَ:
[88]
{فَأَمَّا إِنْ كَانَ مِنَ الْمُقَرَّبِينَ} [الواقعة: 88] وهم السابقون.
[89]
{فَرَوْحٌ} [الواقعة: 89] قَرَأَ يَعْقُوبُ (فَرُوحٌ) بِضَمِّ الرَّاءِ وَالْبَاقُونَ بِفَتْحِهَا فَمَنْ قَرَأَ بِالضَّمِّ، قَالَ الْحَسَنُ مَعْنَاهُ: تَخْرُجُ رُوحُهُ فِي الرَّيْحَانِ، وَقَالَ قَتَادَةُ: الرُّوحُ: الرَّحْمَةُ أَيْ لَهُ الرَّحْمَةُ، وَقِيلَ: مَعْنَاهُ فَحَيَاةٌ وَبَقَاءٌ لَهُمْ، وَمَنْ قَرَأَ بِالْفَتْحِ مَعْنَاهُ: فَلَهُ رَوْحٌ وَهُوَ الرَّاحَةُ، وَهُوَ قَوْلُ مُجَاهِدٍ.
وَقَالَ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ: فَرَحٌ.
وَقَالَ الضَّحَّاكُ: مَغْفِرَةٌ وَرَحْمَةٌ.
{وَرَيْحَانٌ} [الواقعة: 89] اسْتِرَاحَةٌ، وَقَالَ مُجَاهِدٌ وَسَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ: رِزْقٌ.
وَقَالَ مُقَاتِلٌ: هُوَ الرِّزْقُ بِلِسَانِ حِمْيَرَ، يُقَالُ خَرَجْتُ أَطْلُبُ رَيْحَانَ اللَّهِ أَيْ رِزْقَ اللَّهِ.
وَقَالَ آخَرُونَ: هُوَ الرَّيْحَانُ الَّذِي يُشَمُّ قَالَ أَبُو الْعَالِيَةِ: لَا يُفَارِقُ أَحَدٌ مِنَ الْمُقَرَّبِينَ الدُّنْيَا حَتَّى يُؤْتَى بِغُصْنٍ مِنْ رَيْحَانِ الْجَنَّةِ فَيَشُمُّهُ ثُمَّ تُقْبَضُ روحه.
{وَجَنَّةُ نَعِيمٍ} [الواقعة: 89] قَالَ أَبُو بَكْرٍ الْوَرَّاقُ: الرَّوْحُ النجاة من النار، والريحان دُخُولُ دَارِ الْقَرَارِ.
[90،91]{وَأَمَّا إِنْ كَانَ} [الواقعة: 90] الْمُتَوَفَّى، {مِنْ أَصْحَابِ الْيَمِينِ - فَسَلَامٌ لَكَ مِنْ أَصْحَابِ الْيَمِينِ} [الواقعة: 90 - 91] أَيْ سَلَامَةٌ لَكَ يَا مُحَمَّدُ مِنْهُمْ فَلَا تَهْتَمَّ لَهُمْ فَإِنَّهُمْ سَلِمُوا مِنْ عَذَابِ اللَّهِ، أَوْ أنك ترى فيهم من تُحِبُّ مِنَ السَّلَامَةِ.
قَالَ مُقَاتِلٌ: هُوَ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى يَتَجَاوَزُ عَنْ سَيِّئَاتِهِمْ وَيَقْبَلُ حَسَنَاتِهِمْ.
وَقَالَ الفراء وغيره: فسلام لَكَ أَنَّهُمْ مِنْ أَصْحَابِ الْيَمِينِ، أو يقال لصاحب اليمين: سلام لَكَ أَنَّكَ مِنْ أَصْحَابِ الْيَمِينِ، فألقيت إن كان الرجل يَقُولُ إِنِّي مُسَافِرٌ عَنْ قَلِيلٍ، فتقول لَهُ: أَنْتَ مُصَدَّقٌ مُسَافِرٌ عَنْ قَلِيلٍ، وَقِيلَ: فَسَلَامٌ لَكَ أَيْ عَلَيْكَ مِنْ أَصْحَابِ الْيَمِينِ.
[92]
{وَأَمَّا إِنْ كَانَ مِنَ الْمُكَذِّبِينَ} [الواقعة: 92] بالبعث، {الضَّالِّينَ} [الواقعة: 92] عن الهدى وهم أصحاب المشأمة.
[93]
{فَنُزُلٌ مِنْ حَمِيمٍ} [الواقعة: 93] فَالَّذِي يُعَدُّ لَهُمْ حَمِيمُ جَهَنَّمَ.
[94]
{وَتَصْلِيَةُ جَحِيمٍ} [الواقعة: 94] وَإِدْخَالُ نَارٍ عَظِيمَةٌ.
[95]
{إِنَّ هَذَا} [الواقعة: 95] يَعْنِي مَا ذَكَرَ مِنْ قِصَّةِ المحتضرين، {لَهُوَ حَقُّ الْيَقِينِ} [الواقعة: 95] أَيِ الْحَقُّ الْيَقِينُ أَضَافَهُ إِلَى نَفْسِهِ.
[96]
{فَسَبِّحْ بِاسْمِ رَبِّكَ الْعَظِيمِ} [الواقعة: 96] قِيلَ: فَصَلِّ بِذِكْرِ رَبِّكَ وَأَمْرِهِ، وَقِيلَ: الْبَاءُ زَائِدَةٌ أَيْ فَسُبَحِ اسم ربك العظيم.
[سورة الحديد]
[قوله تعالى سَبَّحَ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَهُوَ]
الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ. . .
(57)
سورة الحديد [1]{سَبَّحَ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ} [الحديد: 1]
[2]
{لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ يُحْيِي وَيُمِيتُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} [الحديد: 2]
[3]
{هُوَ الْأَوَّلُ وَالْآخِرُ وَالظَّاهِرُ وَالْبَاطِنُ} [الحديد: 3] يَعْنِي
هُوَ الْأَوَّلُ قَبْلَ كُلِّ شَيْءٍ بلا ابتداء بل كَانَ هُوَ وَلَمْ يَكُنْ شَيْءٌ موجودا، والآخر بَعْدَ فَنَاءِ كُلِّ شَيْءٍ بِلَا انْتِهَاءٍ، تَفْنَى الْأَشْيَاءُ وَيَبْقَى هُوَ والظاهر الْغَالِبُ الْعَالِي عَلَى كُلِّ شَيْءٍ، والباطن الْعَالِمُ بِكُلِّ شَيْءٍ، هَذَا مَعْنَى قَوْلِ ابْنِ عَبَّاسٍ.
وَقَالَ يَمَانٌ: هو الأول القديم والآخر الرحيم، والظاهر الحليم، والباطن الْعَلِيمُ.
وَقَالَ السُّدِّيُّ: هُوَ الْأَوَّلُ بِبِرِّهِ إِذْ عَرَّفَكَ تَوْحِيدَهُ، وَالْآخِرُ بِجُودِهِ إِذْ عَرَّفَكَ التَّوْبَةَ عَلَى مَا جَنَيْتَ، وَالظَّاهِرُ بِتَوْفِيقِهِ إِذْ وَفَّقَكَ لِلسُّجُودِ لَهُ، وَالْبَاطِنُ بِسَتْرِهِ إذا عَصَيْتَهُ فَسَتَرَ عَلَيْكَ.
وَقَالَ الْجُنَيْدُ: هُوَ الْأَوَّلُ بِشَرْحِ الْقُلُوبِ، وَالْآخِرُ بِغُفْرَانِ الذُّنُوبِ، وَالظَّاهِرُ بِكَشْفِ الْكُرُوبِ، وَالْبَاطِنُ بِعِلْمِ الْغُيُوبِ.
وَسَأَلَ عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ كَعْبًا عَنْ هَذِهِ الْآيَةِ فَقَالَ: مَعْنَاهَا إِنَّ عِلْمَهُ بِالْأَوَّلِ كَعِلْمِهِ بِالْآخَرِ، وَعِلْمَهُ بِالظَّاهِرِ كَعِلْمِهِ بِالْبَاطِنِ. {وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ} [الحديد: 3]
[4]
{هُوَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ يَعْلَمُ مَا يَلِجُ فِي الْأَرْضِ وَمَا يَخْرُجُ مِنْهَا وَمَا يَنْزِلُ مِنَ السَّمَاءِ وَمَا يَعْرُجُ فِيهَا وَهُوَ مَعَكُمْ} [الحديد: 4] بالعلم، {أَيْنَ مَا كُنْتُمْ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ} [الحديد: 4]
[5]
{لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَإِلَى اللَّهِ تُرْجَعُ الْأُمُورُ} [الحديد: 5]
[6، 7]{يُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهَارِ وَيُولِجُ النَّهَارَ فِي اللَّيْلِ وَهُوَ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ - آمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ} [الحديد: 6 - 7] يُخَاطِبُ كُفَّارَ مَكَّةَ، {وَأَنْفِقُوا مِمَّا جَعَلَكُمْ مُسْتَخْلَفِينَ فِيهِ} [الحديد: 7] مُمَلَّكِينَ فِيهِ يَعْنِي الْمَالَ الَّذِي كَانَ بِيَدِ غَيْرِهِمْ فَأَهْلَكَهُمْ وَأَعْطَاهُ قُرَيْشًا فَكَانُوا فِي ذَلِكَ الْمَالِ خلفاء ممن مَضَوْا، {فَالَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَأَنْفَقُوا لَهُمْ أَجْرٌ كَبِيرٌ} [الحديد: 7]
[8]
{وَمَا لَكُمْ لَا تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالرَّسُولُ يَدْعُوكُمْ لِتُؤْمِنُوا بِرَبِّكُمْ وَقَدْ أَخَذَ مِيثَاقَكُمْ} [الحديد: 8] قَرَأَ أَبُو عَمْرٍو (أُخِذَ) بِضَمِّ الْهَمْزَةِ وَكَسْرِ الْخَاءِ (مِيثَاقُكُمْ) بِرَفْعِ الْقَافِ عَلَى مَا لَمْ يُسَمَّ فَاعِلُهُ، وَقَرَأَ الْآخَرُونَ بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ والخاء ونصب القاف، أَيْ: أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَكُمْ حِينَ أَخْرَجَكُمْ مِنْ ظَهْرِ آدَمَ عليه السلام، بِأَنَّ اللَّهَ رَبُّكُمْ لَا إِلَهَ لَكُمْ سِوَاهُ، قَالَهُ مُجَاهِدٌ.
وَقِيلَ: أَخَذَ مِيثَاقَكُمْ بِإِقَامَةِ الْحُجَجِ وَالدَّلَائِلِ الَّتِي تَدْعُو إِلَى مُتَابَعَةِ الرَّسُولِ صلى الله عليه وسلم، {إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ} [الحديد: 8] يَوْمًا فَالْآنَ أَحْرَى الْأَوْقَاتِ أَنْ تُؤْمِنُوا لِقِيَامِ الْحُجَجِ وَالْإِعْلَامِ بِبَعْثَةِ مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم وَنُزُولِ الْقُرْآنِ.
[9]
{هُوَ الَّذِي يُنَزِّلُ عَلَى عَبْدِهِ} [الحديد: 9] مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم، {آيَاتٍ بَيِّنَاتٍ} [الحديد: 9] يعني بالقرآن، {لِيُخْرِجَكُمْ} [الحديد: 9] اللَّهُ بِالْقُرْآنِ، {مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ} [الحديد: 9] وَقِيلَ: لِيُخْرِجَكُمُ الرَّسُولُ بِالدَّعْوَةِ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ أَيْ مِنَ ظُلُمَاتِ الشِّرْكِ إِلَى نُورِ الْإِيمَانِ، {وَإِنَّ اللَّهَ بِكُمْ لَرَءُوفٌ رَحِيمٌ} [الحديد: 9]
[10]
{وَمَا لَكُمْ أَلَّا تُنْفِقُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلِلَّهِ مِيرَاثُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ} [الحديد: 10] يَقُولُ: أَيُّ شَيْءٍ لَكُمْ فِي تَرْكِ