الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
يَعْنِي إِنْ كَانَ لِلرَّحْمَنِ وَلَدٌ فِي قَوْلِكُمْ وَعَلَى زَعْمِكُمْ، فَأَنَا أول من عبده بِأَنَّهُ وَاحِدٌ لَا شَرِيكَ لَهُ ولا ولد. قال ابْنِ عَبَّاسٍ:(إِنْ كَانَ) أَيْ مَا كَانَ لِلرَّحْمَنِ وَلَدٌ فَأَنَا أَوَّلُ الْعَابِدِينَ الشَّاهِدِينَ لَهُ بِذَلِكَ، جعل (إن) بمعنى الجحد. قال السُّدِّيُّ: مَعْنَاهُ لَوْ كَانَ لِلرَّحْمَنِ ولد فأنا أول من أعبده بِذَلِكَ، وَلَكِنْ لَا وَلَدَ لَهُ. وقيل: العابدين بمعنى الآنفين، يعنى أَوَّلُ الْجَاحِدِينَ وَالْمُنْكِرِينَ لِمَا قُلْتُمْ. وَيُقَالُ: مَعْنَاهُ أَنَا أَوَّلُ مَنْ غَضِبَ لِلرَّحْمَنِ أَنْ يُقَالَ لَهُ وَلَدٌ، يُقَالُ: عَبَدَ يَعْبُدُ - إِذَا أنف أو غضب - عبدا. وَقَالَ قَوْمٌ: قُلْ مَا يُقال: عَبَدَ فَهُوَ عَابِدٌ، إِنَّمَا يُقَالُ: عَبَدَ فَهُوَ عَبْدٌ.
[82]
ثُمَّ نَزَّهَ نَفْسَهُ فَقَالَ: {سُبْحَانَ رَبِّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ رَبِّ الْعَرْشِ عَمَّا يَصِفُونَ} [الزخرف: 82] عَمَّا يَقُولُونَ مِنَ الْكَذِبِ.
[83]
{فَذَرْهُمْ يَخُوضُوا} [الزخرف: 83] في باطلهم، {وَيَلْعَبُوا} [الزخرف: 83] فِي دُنْيَاهُمْ، {حَتَّى يُلَاقُوا يَوْمَهُمُ الَّذِي يُوعَدُونَ} [الزخرف: 83] يَعْنِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ.
[84]
{وَهُوَ الَّذِي فِي السَّمَاءِ إِلَهٌ وَفِي الْأَرْضِ إِلَهٌ} [الزخرف: 84] قَالَ قَتَادَةُ: يُعْبَد فِي السَّمَاءِ وَفِي الْأَرْضِ لَا إِلَهَ إِلَّا هو {وَهُوَ الْحَكِيمُ} [الزخرف: 84] في تدبير خلقه، {الْعَلِيمُ} [الزخرف: 84] بِمَصَالِحِهِمْ.
[85]
{وَتَبَارَكَ الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا وَعِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ} [الزخرف: 85] قرأ ابن كثير والنسائي (يَرْجِعُونَ) بِالْيَاءِ، وَالْآخَرُونَ بِالتَّاءِ.
[86]
{وَلَا يَمْلِكُ الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ الشَّفَاعَةَ إِلَّا مَنْ شَهِدَ بِالْحَقِّ} [الزخرف: 86] وَهُمْ عِيسَى وَعُزَيْرٌ وَالْمَلَائِكَةُ فَإِنَّهُمْ عُبدوا مِنْ دُونِ اللَّهِ، وَلَهُمُ الشَّفَاعَةُ، وَعَلَى هَذَا يَكُونُ (مَنْ) فِي مَحَلِّ الرَّفْعِ، وَقِيلَ:(مَنْ) فِي مَحَلِّ الْخَفْضِ، وَأَرَادَ بِالَّذِينِ يدعون عيسى وعزير والملائكة، بعني أَنَّهُمْ لَا يَمْلِكُونَ الشَّفَاعَةَ إِلَّا لمن شهد الحق والأولى أَصَحُّ، وَأَرَادَ بِشَهَادَةِ الْحَقِّ قَوْلَهُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ كَلِمَةً التوحيد، {وَهُمْ يَعْلَمُونَ} [الزخرف: 86] بِقُلُوبِهِمْ مَا شَهِدُوا بِهِ بِأَلْسِنَتِهِمْ.
[87]
{وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَهُمْ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ فَأَنَّى يُؤْفَكُونَ} [الزخرف: 87] يُصْرَفُونَ عَنْ عِبَادَتِهِ.
[88]
{وَقِيلِهِ يَا رَبِّ} [الزخرف: 88] يَعْنِي قَوْلَ مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم شَاكِيًا إِلَى رَبِّهِ يَا رَبِّ، {إِنَّ هَؤُلَاءِ قَوْمٌ لَا يُؤْمِنُونَ} [الزخرف: 88] قَرَأَ عَاصِمٌ وَحَمْزَةُ (وَقِيلِهِ) بِجَرِّ اللَّامِ وَالْهَاءِ عَلَى مَعْنَى وَعِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ وَعِلْمُ قِيلِهِ يَا رَبِّ، وَقَرَأَ الْآخَرُونَ بِالنَّصْبِ، وَلَهُ وَجْهَانِ: أَحَدُهُمَا مَعْنَاهُ: أَمْ يَحْسَبُونَ أَنَّا لَا نَسْمَعُ سِرَّهُمْ وَنَجْوَاهُمْ وَقِيلِهِ يَا رَبِّ، وَالثَّانِي: وَقَالَ قيله.
[89]
{فَاصْفَحْ عَنْهُمْ} [الزخرف: 89] أعرض عنهم، {وَقُلْ سَلَامٌ} [الزخرف: 89] مَعْنَاهُ الْمُتَارَكَةُ، كَقَوْلِهِ تَعَالَى:{سَلَامٌ عَلَيْكُمْ لَا نَبْتَغِي الْجَاهِلِينَ} [الْقَصَصِ: 55]{فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ} [الزخرف: 89] قرأ أهل المدية والشام بالتاء، وقرأ الباقون بالياء، وقال مُقَاتِلٌ: نَسَخَتْهَا آيَةُ السَّيْفِ.
[سُورَةُ الدُخَانٍ]
[قوله تعالى حم وَالْكِتَابِ الْمُبِينِ إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ]
مُبَارَكَةٍ إِنَّا كُنَّا مُنْذِرِينَ. . .
(44)
سورة الدُخَانِ [1 - 3]{حم - وَالْكِتَابِ الْمُبِينِ - إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُبَارَكَةٍ} [الدخان: 1 - 3] قَالَ قَتَادَةُ وَابْنُ زَيْدٍ: هِيَ لَيْلَةُ الْقَدْرِ أَنْزَلَ اللَّهُ الْقُرْآنَ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ مِنْ أُمِّ الْكِتَابِ إِلَى السَّمَاءِ الدُّنْيَا، ثُمَّ نزل جبريل عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم نُجُومًا فِي عِشْرِينَ سَنَةً. وَقَالَ آخَرُونَ هِيَ لَيْلَةُ النِّصْفِ من شعبان {إِنَّا كُنَّا مُنْذِرِينَ} [الدخان: 3]
[4]
{فِيهَا} [الدخان: 4] أَيْ فِي اللَّيْلَةِ الْمُبَارَكَةِ، {يُفْرَقُ} [الدخان: 4] أي يفصل، {كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ} [الدخان: 4] مُحْكَمٍ، وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: يَكْتُبُ مِنْ أُمِّ الْكِتَابِ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ مَا هُوَ كَائِنٌ فِي السَّنَةِ مِنَ الْخَيْرِ وَالشَّرِّ وَالْأَرْزَاقِ وَالْآجَالِ حَتَّى الْحُجَّاجِ، يُقَالُ: يَحُجُّ فُلَانٌ وَيَحُجُّ فُلَانٌ، قَالَ الْحَسَنُ وَمُجَاهِدٌ وَقَتَادَةُ: يُبْرَمُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ فِي شَهْرِ رَمَضَانَ كُلُّ أَجَلٍ وَعَمَلٍ وَخَلْقٍ وَرِزْقٍ، وَمَا يَكُونُ فِي تِلْكَ السَّنَةِ، وَقَالَ عِكْرِمَةُ. هِيَ لَيْلَةُ النِّصْفِ مِنْ شَعْبَانَ يُبْرَمُ فِيهَا أَمْرُ السَّنَةِ وَتُنْسَخُ الْأَحْيَاءُ مِنَ الْأَمْوَاتِ فَلَا يُزَادُ فِيهِمْ أَحَدٌ وَلَا يُنْقَصُ منهم أحد.
[5]
{أَمْرًا} [الدخان: 5] أَيْ أَنْزَلْنَا أَمْرًا، {مِنْ عِنْدِنَا} [الدخان: 5] قَالَ الْفَرَّاءُ: نَصَبَ عَلَى مَعْنَى فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ فرقا وأمرا، أي نأمر أمرا ببيان ذلك. {إِنَّا كُنَّا مُرْسِلِينَ} [الدخان: 5] مُحَمَّدًا صلى الله عليه وسلم وَمَنْ قَبْلَهُ مِنَ الْأَنْبِيَاءِ.
[6، 7]{رَحْمَةً مِنْ رَبِّكَ} [الدخان: 6] قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ رَأْفَةً مِنِّي بِخَلْقِي وَنِعْمَتِي عَلَيْهِمْ بِمَا بَعَثَنَا إِلَيْهِمْ مِنَ الرُّسُلِ. وَقَالَ الزَّجَّاجُ: أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُبَارَكَةٍ لِلرَّحْمَةِ {إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ - رَبِّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا} [الدخان: 6 - 7] قَرَأَ أَهْلُ الْكُوفَةِ: (رَبِّ) جَرًّا رَدًّا عَلَى قَوْلِهِ: (مِنْ رَبِّكَ)، وَرَفَعَهُ الْآخَرُونَ رَدًّا عَلَى قَوْلِهِ:(هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ)، وَقِيلَ: عَلَى الابتداء، {إِنْ كُنْتُمْ مُوقِنِينَ} [الدخان: 7] أَنَّ اللَّهَ رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ.
[8، 9]{لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ يُحْيِي وَيُمِيتُ رَبُّكُمْ وَرَبُّ آبَائِكُمُ الْأَوَّلِينَ - بَلْ هُمْ فِي شَكٍّ} [الدخان: 8 - 9] من هذا القرآن، {يَلْعَبُونَ} [الدخان: 9] يَهْزَءُونَ بِهِ لَاهُونَ عَنْهُ. 10،
[11]
{فَارْتَقِبْ يَوْمَ تَأْتِي السَّمَاءُ بِدُخَانٍ مُبِينٍ - يَغْشَى النَّاسَ هَذَا عَذَابٌ أَلِيمٌ} [الدخان: 10 - 11] تقديره: هو عذاب إلهي ويجوز: أن يكون حكاية لكلامهم بما بعده، أي يقولون هَذَا عَذَابٌ أَلِيمٌ. 12،
[13]
{رَبَّنَا اكْشِفْ عَنَّا الْعَذَابَ إِنَّا مُؤْمِنُونَ - أَنَّى لَهُمُ الذِّكْرَى} [الدخان: 12 - 13] مِنْ أَيْنَ لَهُمُ التَّذَكُّرُ وَالِاتِّعَاظُ؟ يَقُولُ: كَيْفَ يَتَذَكَّرُونَ وَيَتَّعِظُونَ؟ {وَقَدْ جَاءَهُمْ رَسُولٌ مُبِينٌ} [الدخان: 13] ظَاهِرُ الصِّدْقِ يَعْنِي مُحَمَّدًا صلى الله عليه وسلم.
[14]
{ثُمَّ تَوَلَّوْا عَنْهُ} [الدخان: 14] أعرضوا عنه، {وَقَالُوا مُعَلَّمٌ} [الدخان: 14] أي يعلمه بشر، {مَجْنُونٌ} [الدخان: 14]
[15]
قال الله تعالى: {إِنَّا كَاشِفُو الْعَذَابِ} [الدخان: 15] أي عذاب الجوع {قَلِيلًا} [الدخان: 15] أَيْ زَمَانًا يَسِيرًا، قَالَ