الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[24]
{تَعْرِفُ فِي وُجُوهِهِمْ نَضْرَةَ النَّعِيمِ} [المطففين: 24] إِذَا رَأَيْتَهُمْ عَرَفْتَ أَنَّهُمْ مِنْ أَهْلِ النِّعْمَةِ مِمَّا تَرَى فِي وُجُوهِهِمْ مِنَ النُّورِ وَالْحُسْنِ وَالْبَيَاضِ.
[25]
{يُسْقَوْنَ مِنْ رَحِيقٍ} [المطففين: 25] خمر صافية طيبة، {مَخْتُومٍ} [المطففين: 25] خُتِمَ وَمُنِعَ مِنْ أَنْ تَمَسَّهُ يَدٌ إِلَى أَنْ يَفُكَّ خَتْمَهُ الْأَبْرَارُ. وَقَالَ مُجَاهِدٌ: (مَخْتُومٍ) أَيْ مطين.
[26]
{خِتَامُهُ} [المطففين: 26] أي طينه، {مِسْكٌ} [المطففين: 26] كَأَنَّهُ ذَهَبَ إِلَى هَذَا الْمَعْنَى، قَالَ ابْنُ زَيْدٍ: خِتَامُهُ عِنْدَ اللَّهِ مِسْكٌ وَخِتَامُ خَمْرِ الدُّنْيَا طين {وَفِي ذَلِكَ فَلْيَتَنَافَسِ الْمُتَنَافِسُونَ} [المطففين: 26] فَلْيَرْغَبِ الرَّاغِبُونَ بِالْمُبَادَرَةِ إِلَى طَاعَةِ الله عز وجل.
[27]
{وَمِزَاجُهُ مِنْ تَسْنِيمٍ} [المطففين: 27] شراب يَنْصَبُّ عَلَيْهِمْ مِنْ عُلْوٍ فِي غرفهم ومنازلهم، وأصل كلمة السنام مِنَ الْعُلُوِّ، يُقَالُ لِلشَّيْءِ الْمُرْتَفِعِ: سنام، ومنه سنام البعير.
[28]
{عَيْنًا يَشْرَبُ بِهَا الْمُقَرَّبُونَ} [المطففين: 28](عَيْنًا) نَصْبٌ عَلَى الْحَالِ، (يَشْرَبُ بِهَا) أَيْ مِنْهَا، وَقِيلَ: يَشْرَبُ بِهَا الْمُقَرَّبُونَ صِرْفًا.
[29]
قَوْلُهُ عز وجل: {إِنَّ الَّذِينَ أَجْرَمُوا} [المطففين: 29] أشركوا يعني كفار قريش، {كَانُوا مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا} [المطففين: 29] من فقراء المؤمنين {يَضْحَكُونَ} [المطففين: 29] وَبِهَمْ يَسْتَهْزِءُونَ.
[30]
{وَإِذَا مَرُّوا بِهِمْ} [المطففين: 30] يعني مر المؤمنون بالكفار، {يَتَغَامَزُونَ} [المطففين: 30] وَالْغَمْزُ الْإِشَارَةُ بِالْجَفْنِ وَالْحَاجِبِ، أَيْ يُشِيرُونَ إِلَيْهِمْ بِالْأَعْيُنِ اسْتِهْزَاءً.
[31]
{وَإِذَا انْقَلَبُوا} [المطففين: 31] يَعْنِي الْكُفَّارَ، {إِلَى أَهْلِهِمُ انْقَلَبُوا فَكِهِينَ} [المطففين: 31] مُعْجَبِينَ بِمَا هُمْ فِيهِ يَتَفَكَّهُونَ بذكرهم.
[32]
{وَإِذَا رَأَوْهُمْ} [المطففين: 32] رَأَوْا أَصْحَابَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، {قَالُوا إِنَّ هَؤُلَاءِ لَضَالُّونَ} [المطففين: 32] يَأْتُونَ مُحَمَّدًا صلى الله عليه وسلم يَرَوْنَ أَنَّهُمْ عَلَى شَيْءٍ.
[33]
{وَمَا أُرْسِلُوا} [المطففين: 33] يعني المشركين، {عَلَيْهِمْ} [المطففين: 33] يعني على المؤمنين، {حَافِظِينَ} [المطففين: 33] أَعْمَالَهُمْ، أَيْ لَمْ يُوَكَّلُوا بِحِفْظِ أعمالهم.
[34]
{فَالْيَوْمَ} [المطففين: 34] يَعْنِي فِي الْآخِرَةِ، {الَّذِينَ آمَنُوا مِنَ الْكُفَّارِ يَضْحَكُونَ} [المطففين: 34] إذا اطَّلَعُوا مِنَ الْجَنَّةِ إِلَى أَعْدَائِهِمْ وَهُمْ يُعَذَّبُونَ فِي النَّارِ ضَحِكُوا.
[35]
{عَلَى الْأَرَائِكِ} [المطففين: 35] من الدر والياقوت، {يَنْظُرُونَ} [المطففين: 35] إِلَيْهِمْ فِي النَّارِ.
[36]
{هَلْ ثُوِّبَ} [المطففين: 36] هَلْ جُوزِيَ، {الْكُفَّارُ مَا كَانُوا يَفْعَلُونَ} [المطففين: 36] أَيْ جَزَاءَ اسْتِهْزَائِهِمْ بِالْمُؤْمِنِينَ وَمَعْنَى الِاسْتِفْهَامِ هَاهُنَا: التَّقْرِيرُ. وَثُوِّبَ وَأُثِيبَ وَأَثَابَ بِمَعْنًى وَاحِدٍ.
[سُورَةُ الِانْشِقَاقِ]
[قوله تعالى إِذَا السَّمَاءُ انْشَقَّتْ وَأَذِنَتْ لِرَبِّهَا وَحُقَّتْ]
. . .
(84)
سورة الانشقاق [1]{إِذَا السَّمَاءُ انْشَقَّتْ} [الانشقاق: 1] انْشِقَاقُهَا مِنْ عَلَامَاتِ الْقِيَامَةِ.
[2]
{وَأَذِنَتْ لِرَبِّهَا} [الانشقاق: 2] أَيْ سَمِعَتْ أَمْرَ رَبِّهَا بِالِانْشِقَاقِ وَأَطَاعَتْهُ، مِنَ الْأُذُنِ وَهُوَ الِاسْتِمَاعُ، {وَحُقَّتْ} [الانشقاق: 2] أَيْ وَحُقَّ لَهَا أَنْ تُطِيعَ ربها.
[3]
{وَإِذَا الْأَرْضُ مُدَّتْ} [الانشقاق: 3] مَدَّ الْأَدِيمِ الْعُكَاظِيِّ، وَزِيدَ فِي سعتها.
[4]
{وَأَلْقَتْ} [الانشقاق: 4] أخرجت، {مَا فِيهَا} [الانشقاق: 4] من الموتى والكنوز، {وَتَخَلَّتْ} [الانشقاق: 4] خَلَتْ مِنْهَا.
[5]
{وَأَذِنَتْ لِرَبِّهَا وَحُقَّتْ} [الانشقاق: 5] وَاخْتَلَفُوا فِي جَوَابِ (إِذَا) قِيلَ: جَوَابُهُ مَحْذُوفٌ تَقْدِيرُهُ: إِذَا كَانَتْ هَذِهِ الْأَشْيَاءُ يَرَى الْإِنْسَانُ الثَّوَابَ وَالْعِقَابَ.
[6]
وَقِيلَ جَوَابُهُ: {يَا أَيُّهَا الْإِنْسَانُ إِنَّكَ كَادِحٌ إِلَى رَبِّكَ كَدْحًا} [الانشقاق: 6] ومجازه {إِذَا السَّمَاءُ انْشَقَّتْ} [الانشقاق: 1] لَقِيَ كُلُّ كَادِحٍ مَا عَمِلَهُ. وَقِيلَ: جَوَابُهُ وَأَذِنَتْ، وَحِينَئِذٍ تَكُونُ الواو زائدة وَمَعْنَى قَوْلِهِ:(كَادِحٌ إِلَى رَبِّكَ كَدْحًا) ، أَيْ سَاعٍ إِلَيْهِ فِي عملك، والكدح: سعي الْإِنْسَانِ وَجُهْدُهُ فِي الْأَمْرِ مِنَ الْخَيْرِ وَالشَّرِّ حَتَّى يَكْدَحَ ذَلِكَ فيه، أي يؤثر {فَمُلَاقِيهِ} [الانشقاق: 6] أَيْ مُلَاقِي جَزَاءَ عَمَلِكَ خَيْرًا كَانَ أَوْ شَرًّا. [7، 8]{فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ} [الانشقاق: 7] ديوان أعماله،
{بِيَمِينِهِ} [الانشقاق: 7]{فَسَوْفَ يُحَاسَبُ حِسَابًا يَسِيرًا} [الانشقاق: 8] قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: «مَنْ حُوسِبَ عُذِّبَ " قَالَتْ عَائِشَةُ رضي الله عنها: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَوَلَيْسَ يَقُولُ اللَّهُ عز وجل: (فَسَوْفَ يُحَاسَبُ حِسَابًا يَسِيرًا) ؟ فَقَالَ: "إِنَّمَا ذَلِكَ الْعَرْضُ، وَلَكِنْ من نوقش في الحساب يهلك» (1) .
[9]
{وَيَنْقَلِبُ إِلَى أَهْلِهِ} [الانشقاق: 9] يَعْنِي فِي الْجَنَّةِ مِنَ الْحُورِ العين والآدميات، {مَسْرُورًا} [الانشقاق: 9] بِمَا أُوتِيَ مِنَ الْخَيْرِ وَالْكَرَامَةِ.
[10]
{وَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ وَرَاءَ ظَهْرِهِ} [الانشقاق: 10] فَتُغَلُّ يَدُهُ الْيُمْنَى إِلَى عُنُقِهِ وَتُجْعَلُ يَدُهُ الشِّمَالُ وَرَاءَ ظَهْرِهِ، فَيُؤْتَى كِتَابَهُ بِشَمَالِهِ مِنْ وَرَاءِ ظهره.
[11]
{فَسَوْفَ يَدْعُو ثُبُورًا} [الانشقاق: 11] يُنَادِي بِالْوَيْلِ وَالْهَلَاكِ إِذَا قَرَأَ كِتَابَهُ يَقُولُ: يَا وَيْلَاهُ يَا ثبوراه.
[12، 13]{وَيَصْلَى سَعِيرًا - إِنَّهُ كَانَ فِي أَهْلِهِ مَسْرُورًا} [الانشقاق: 12 - 13] يَعْنِي فِي الدُّنْيَا بِاتِّبَاعِ هَوَاهُ وَرُكُوبِ شَهْوَتِهِ.
[14]
{إِنَّهُ ظَنَّ أَنْ لَنْ يَحُورَ} [الانشقاق: 14] أَنْ لَنْ يَرْجِعَ إِلَيْنَا وَلَنْ يبعث.
[15]
ثم قال: {بَلَى} [الانشقاق: 15] أَيْ لَيْسَ كَمَا ظَنَّ بَلْ يَحُورُ إِلَيْنَا وَيُبْعَثُ {إِنَّ رَبَّهُ كَانَ بِهِ بَصِيرًا} [الانشقاق: 15] خَلَقَهُ إِلَى أَنْ بَعْثَهُ.
[16]
قَوْلُهُ عز وجل: {فَلَا أُقْسِمُ بِالشَّفَقِ} [الانشقاق: 16] قَالَ مُجَاهِدٌ: هُوَ النَّهَارُ كُلُّهُ. وَقَالَ عِكْرِمَةُ: مَا بَقِيَ مِنَ النَّهَارِ، وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ وَأَكْثَرُ الْمُفَسِّرِينَ: هُوَ الْحُمْرَةُ الَّتِي تَبْقَى فِي الْأُفُقِ بَعْدَ غُرُوبِ الشَّمْسِ. وَقَالَ قَوْمٌ: هُوَ الْبَيَاضُ الَّذِي يَعْقُبُ تِلْكَ الْحُمْرَةَ.
[17]
{وَاللَّيْلِ وَمَا وَسَقَ} [الانشقاق: 17] أَيْ جَمَعَ وَضَمَّ يُقَالُ: وَسَقْتُهُ أَسِقُهُ وَسْقَا أَيْ جَمَعْتُهُ، وَاسْتَوْسَقَتِ الْإِبِلُ إِذَا اجْتَمَعَتْ وَانْضَمَّتْ، وَالْمَعْنَى: وَاللَّيْلِ وَمَا جَمَعَ وَضَمَّ مَا كَانَ بِالنَّهَارِ مُنْتَشِرًا مِنَ الدَّوَابِّ، وَذَلِكَ أَنَّ اللَّيْلَ إِذَا أَقْبَلَ أَوَى كُلُّ شَيْءٍ إِلَى مَأْوَاهُ.
[18]
{وَالْقَمَرِ إِذَا اتَّسَقَ} [الانشقاق: 18] اجْتَمَعَ وَاسْتَوَى وَتَمَّ نُورُهُ وَهُوَ في الأيام البيض.
[19 - 20]{لَتَرْكَبُنَّ طَبَقًا عَنْ طَبَقٍ} [الانشقاق: 19] قَرَأَ أَهْلُ مَكَّةَ وَحَمْزَةُ وَالْكِسَائِيُّ (لَتَرْكَبُنَّ) بِفَتْحِ الْبَاءِ، يَعْنِي لَتَرْكَبَنَّ يا محمد. قَالَ الشَّعْبِيُّ وَمُجَاهِدٌ: سَمَاءً بَعْدَ سَمَاءٍ، قَالَ الْكَلْبِيُّ: يَعْنِي تُصْعَدُ فِيهَا. وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ دَرَجَةً بَعْدَ دَرَجَةٍ وَرُتْبَةً بَعْدَ رُتْبَةٍ فِي الْقُرْبِ مِنَ اللَّهِ - تَعَالَى - والرفعة، قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ:(لَتَرْكَبُنَّ طَبَقًا عَنْ طَبَقٍ) حَالًا بَعْدَ حَالٍ، قَالَ: هَذَا نَبِيُّكُمْ صلى الله عليه وسلم. وَقِيلَ: أَرَادَ بِهِ السَّمَاءَ تَتَغَيَّرُ لَوْنًا بَعْدَ لَوْنٍ، فَتَصِيرُ تَارَةً كَالدِّهَانِ وَتَارَةً كَالْمُهْلِ، فتنشق بِالْغَمَامِ مَرَّةً وَتُطْوَى أُخْرَى.
وَقَرَأَ الْآخَرُونَ: بِضَمِّ الْبَاءِ لِأَنَّ الْمَعْنَى بِالنَّاسِ أَشْبَهُ لِأَنَّهُ ذَكَرَ مِنْ قَبْلُ: فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بيمينه، وشماله وذكر من بعده {فَمَا لَهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ} [الانشقاق: 20] وأراد
(1) أخرجه البخاري في العلم (1 / 196) ومسلم في الجنة وصفة نعيمها رقم (2876)(4 / 2204) .