الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وهو مؤمن. قَالَ قَتَادَةُ: يَمْشِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ سويا.
[قوله تعالى قُلْ هُوَ الَّذِي أَنْشَأَكُمْ وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ]
وَالْأَبْصَارَ وَالْأَفْئِدَةَ قَلِيلًا مَا تَشْكُرُونَ. . .
[23]
{قُلْ هُوَ الَّذِي أَنْشَأَكُمْ وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَالْأَفْئِدَةَ قَلِيلًا مَا تَشْكُرُونَ} [الملك: 23] قَالَ مُقَاتِلٌ: يَعْنِي أَنَّهُمْ لَا يَشْكُرُونَ رَبَّ هَذِهِ النِّعَمِ.
[24 - 27]{قُلْ هُوَ الَّذِي ذَرَأَكُمْ فِي الْأَرْضِ وَإِلَيْهِ تُحْشَرُونَ - وَيَقُولُونَ مَتَى هَذَا الْوَعْدُ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ - قُلْ إِنَّمَا الْعِلْمُ عِنْدَ اللَّهِ وَإِنَّمَا أَنَا نَذِيرٌ مُبِينٌ - فَلَمَّا رَأَوْهُ} [الملك: 24 - 27]
، يَعْنِي الْعَذَابَ فِي الْآخِرَةِ عَلَى قَوْلُ أَكْثَرِ الْمُفَسِّرِينَ. وَقَالَ مُجَاهِدٌ: يعني العذاب ببدر، {زُلْفَةً} [الملك: 27] أَيْ قَرِيبًا وَهُوَ اسْمٌ يُوصَفُ بِهِ الْمَصْدَرُ يَسْتَوِي فِيهِ الْمُذَكَّرُ والمؤنث والواحد والاثنان والجمع، {سِيئَتْ وُجُوهُ الَّذِينَ كَفَرُوا} [الملك: 27] اسودت وعلتها الكآبة، فالمعنى قُبِّحَتْ وُجُوهُهُمْ بِالسَّوَادِ، يُقَالُ سَاءَ الشَّيْءُ يَسُوءُ فَهُوَ سَيِّئٌ إِذَا قبح، وسيئ يساء إذا قبح، {وَقِيلَ} [الملك: 27] لها أي قال لهم الخزنة، {هَذَا} [الملك: 27] أَيْ هَذَا الْعَذَابُ، {الَّذِي كُنْتُمْ بِهِ تَدَّعُونَ} [الملك: 27] تفتعلون من الدعاء أي أن تدعوه وتتمنوه أنه يجعله لَكُمْ، وَقَرَأَ يَعْقُوبُ: تَدْعُونَ بِالتَّخْفِيفِ، وَهِيَ قِرَاءَةُ قَتَادَةَ وَمَعْنَاهُمَا وَاحِدٌ مثل تذكرون وتذكرون.
[28]
{قُلْ} [الملك: 28] يَا مُحَمَّدُ لِمُشْرِكِي مَكَّةَ الَّذِينَ يَتَمَنَّوْنَ هَلَاكَكَ، {أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَهْلَكَنِيَ اللَّهُ وَمَنْ مَعِيَ} [الملك: 28] من المؤمنين، {أَوْ رَحِمَنَا} [الملك: 28] فأبقاها إلى منتهى آجَالنَا، {فَمَنْ يُجِيرُ الْكَافِرِينَ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ} [الملك: 28] فَإِنَّهُ وَاقِعٌ بِهِمْ لَا مَحَالَةَ. وَقِيلَ: مَعْنَاهُ أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَهْلَكَنِيَ الله فيعذبني ومن معي أو رحمنا فيغفر لَنَا، فَنَحْنُ مَعَ إِيمَانِنَا خَائِفُونَ أَنْ يُهْلِكَنَا بِذُنُوبِنَا، لِأَنَّ حُكْمَهُ نافذ فينا، فمن يجير الكافرين فمن يجيركم ويمنعكم مع عَذَابِهِ وَأَنْتُمْ كَافِرُونَ، وَهَذَا مَعْنَى قَوْلِ ابْنِ عَبَّاسٍ.
[29]
{قُلْ هُوَ الرَّحْمَنُ} [الملك: 29] الَّذِي نَعْبُدُهُ، {آمَنَّا بِهِ وَعَلَيْهِ تَوَكَّلْنَا فَسَتَعْلَمُونَ} [الملك: 29] قَرَأَ الْكِسَائِيُّ بِالْيَاءِ، وَقَرَأَ الْبَاقُونَ بِالتَّاءِ. {مَنْ هُوَ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ} [الملك: 29] أَيْ سَتَعْلَمُونَ عِنْدَ مُعَايَنَةِ الْعَذَابِ من الضال منا أنحن أَمْ أَنْتُمْ؟
[30]
{قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَصْبَحَ مَاؤُكُمْ غَوْرًا} [الملك: 30] أي غَائِرًا ذَاهِبًا فِي الْأَرْضِ لَا تَنَالُهُ الْأَيْدِي وَالدِّلَاءُ، قَالَ الْكَلْبِيُّ وَمُقَاتِلٌ: يَعْنِي مَاءَ زَمْزَمٍ، {فَمَنْ يَأْتِيكُمْ بِمَاءٍ مَعِينٍ} [الملك: 30] ظَاهِرٍ تَرَاهُ الْعُيُونُ وَتَنَالُهُ الْأَيْدِي وَالدِّلَاءُ. وَقَالَ عَطَاءٌ عَنِ ابْنِ عباس: معين أي جار.
[سورة القلم]
[قوله تعالى ن والقلم وما يسطرون
. . .]
(68)
سورة القلم [1]{ن} [القلم: 1] اختلفوا فيه فقال بعضهم: إن نُونٌ آخَرُ حُرُوفِ الرَّحْمَنِ، وَهِيَ رِوَايَةُ عِكْرِمَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ. وَقَالَ الْحَسَنُ وَقَتَادَةُ وَالضَّحَّاكُ: النُّونُ الدَّوَاةُ. وَقِيلَ: هُوَ قَسَمٌ أَقْسَمَ اللَّهُ بِهِ. وَقِيلَ: فَاتِحَةُ السُّورَةِ {وَالْقَلَمِ} [القلم: 1] هُوَ الَّذِي كَتَبَ اللَّهُ بِهِ الذكر {وَمَا يَسْطُرُونَ} [القلم: 1] يَكْتُبُونَ أَيْ مَا تَكْتُبُ الْمَلَائِكَةُ الْحَفَظَةُ مِنْ أَعْمَالِ بَنِي آدَمَ.
[2]
{مَا أَنْتَ بِنِعْمَةِ} [القلم: 2] بنبوة، {رَبِّكَ بِمَجْنُونٍ} [القلم: 2] هذا جَوَابٌ لِقَوْلِهِمْ {يَا أَيُّهَا الَّذِي نُزِّلَ عَلَيْهِ الذِّكْرُ إِنَّكَ لَمَجْنُونٌ} [الْحِجْرِ: 6] فَأَقْسَمَ اللَّهُ بِالنُّونِ وَالْقَلَمِ وما يكتب من الأعمال أَيْ: إِنَّكَ لَا تَكُونُ مَجْنُونًا وَقَدْ أَنْعَمَ اللَّهَ عَلَيْكَ بِالنُّبُوَّةِ وَالْحِكْمَةِ. وَقِيلَ: بِعِصْمَةِ رَبِّكَ. وَقِيلَ: هُوَ كَمَا يُقَالُ مَا أَنْتَ بِمَجْنُونٍ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ. وَقِيلَ: مَعْنَاهُ مَا أَنْتَ بِمَجْنُونٍ وَالنِّعْمَةُ لِرَبِّكَ، كَقَوْلِهِمْ: سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ أَيْ وَالْحَمْدُ لَكَ.
[3]
{وَإِنَّ لَكَ لَأَجْرًا غَيْرَ مَمْنُونٍ} [القلم: 3] أَيْ مَنْقُوصٍ وَلَا مَقْطُوعٍ بِصَبْرِكِ عَلَى افْتِرَائِهِمْ عَلَيْكَ.
[4]
{وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ} [القلم: 4] قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ وَمُجَاهِدٌ: دِينٌ عَظِيمٌ لَا دِينَ أَحَبُّ إِلَيَّ وَلَا أَرْضَى عِنْدِي مِنْهُ، وَهُوَ دِينُ الْإِسْلَامِ. وَقَالَ الْحَسَنُ: هُوَ آداب الْقُرْآنَ، وَقَالَ قَتَادَةُ: هُوَ مَا كَانَ يَأْتَمِرُ بِهِ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ وَيَنْتَهِي عَنْهُ مِنْ نَهْيِ الله، والمعنى إنك لعلى الْخُلُقِ الَّذِي أَمَرَكَ اللَّهُ بِهِ فِي الْقُرْآنِ. وَقِيلَ: سَمَّى اللَّهُ خُلُقَهُ عَظِيمًا لِأَنَّهُ امْتَثَلَ تَأْدِيبَ اللَّهِ إِيَّاهُ بِقَوْلِهِ: {خُذِ الْعَفْوَ} [الأعراف: 199] الآية.
[5]
قَوْلُهُ عز وجل {فَسَتُبْصِرُ وَيُبْصِرُونَ} [القلم: 5] فَسَتُرَى يَا مُحَمَّدُ وَيَرَوْنَ يَعْنِي أَهْلَ مَكَّةَ إِذَا نَزَلَ بِهِمُ العذاب.
[6]
{بِأَيِّيكُمُ الْمَفْتُونُ} [القلم: 6] قيل معناه بأيكم المجنون. فالمفتون مفعول بمعنى المصدر، وَقِيلَ: الْبَاءُ بِمَعْنَى (فِي) مَجَازُهُ: فَسَتُبْصِرُ وَيُبْصِرُونَ فِي أَيِّ الْفَرِيقَيْنِ الْمَجْنُونُ فِي فَرِيقِكَ أَمْ فِي فريقهم؟ وقيل: بأيكم المفتون وهو الشيطان الَّذِي فُتِنَ بِالْجُنُونِ، وَهَذَا قَوْلُ مجاهد. وقال آخرون: الباء فيه زَائِدَةٌ مَعْنَاهُ: أَيُّكُمُ الْمَفْتُونُ؟ أَيِ الْمَجْنُونُ الَّذِي فُتِنَ بِالْجُنُونِ، وَهَذَا قَوْلُ قَتَادَةَ.
[7]
{إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنْ ضَلَّ عَنْ سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ - فَلَا تُطِعِ الْمُكَذِّبِينَ} [القلم: 7 - 8] يَعْنِي مُشْرِكِي مَكَّةَ فَإِنَّهُمْ كَانُوا يَدْعُونَهُ إِلَى دِينِ آبَائِهِ فَنَهَاهُ أَنْ يُطِيعَهُمْ.
[9]
{وَدُّوا لَوْ تُدْهِنُ فَيُدْهِنُونَ} [القلم: 9] قال الضحاك: لو تكفرون فيكفرون. وقال الْكَلْبِيُّ: لَوْ تَلِينُ لَهُمْ فَيَلِينُونَ لَكَ. قَالَ الْحَسَنُ: لَوْ تُصَانِعُهُمْ في دينك فيصانعون فِي دِينِهِمْ. قَالَ زَيْدُ بْنُ أَسْلَمَ: لَوْ تُنَافِقُ وَتُرَائِي فَيُنَافِقُونَ.
[10]
{وَلَا تُطِعْ كُلَّ حَلَّافٍ} [القلم: 10] كَثِيرِ الْحَلِفِ بِالْبَاطِلِ. قَالَ مُقَاتِلٌ: يَعْنِي الْوَلِيدَ بْنَ الْمُغِيرَةِ. وَقِيلَ. الْأُسُودُ بْنُ عَبْدِ يَغُوثَ: وَقَالَ عطاء: الأخنس بن شريق. قوله: {مَهِينٍ} [القلم: 10] ضَعِيفٍ حَقِيرٍ قِيلَ: هُوَ فَعِيلٌ مِنَ الْمَهَانَةِ وَهِيَ قِلَّةُ الرَّأْي وَالتَّمْيِيزِ. وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: كَذَّابٌ، وَهُوَ قَرِيبٌ مِنَ الْأَوَّلِ لِأَنَّ الْإِنْسَانَ إِنَّمَا يَكْذِبُ لِمَهَانَةِ نَفْسِهِ عليه.
[11]
{هَمَّازٍ} [القلم: 11] مُغْتَابٍ يَأْكُلُ لُحُومَ النَّاسِ بِالطَّعْنِ والغيبة، وقال الْحَسَنُ: هُوَ الَّذِي يَغْمِزُ بِأَخِيهِ فِي الْمَجْلِسِ، كَقَوْلِهِ (هُمَزَةٍ) {مَشَّاءٍ بِنَمِيمٍ} [القلم: 11] قَتَّاتٍ يَسْعَى بِالنَّمِيمَةِ بَيْنَ النَّاسِ ليفسد بينهم.
[12]
{مَنَّاعٍ لِلْخَيْرِ} [القلم: 12] بِخَيْلٍ بِالْمَالِ، قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: مَنَّاعٍ لِلْخَيْرِ أَيْ لِلْإِسْلَامِ يَمْنَعُ وَلَدَهُ وَعَشِيرَتَهُ عَنِ الْإِسْلَامِ، يَقُولُ: لَئِنْ دَخَلَ وَاحِدٌ مِنْكُمْ فِي دِينِ مُحَمَّدٍ لَا أَنْفَعُهُ بِشَيْءٍ أبدا. {مُعْتَدٍ} [القلم: 12] ظلوم يتعدي الحق، {أَثِيمٍ} [القلم: 12] فاجر.
[13]
{عُتُلٍّ} [القلم: 13] الْعُتُلُّ: الْغَلِيظُ الْجَافِي. وَقَالَ الْحَسَنُ: هُوَ الْفَاحِشُ الْخُلُقِ، السَّيِّئُ الْخُلُقِ. قَالَ الْفَرَّاءُ: هُوَ الشَّدِيدُ الْخُصُومَةِ فِي الْبَاطِلِ. وَقَالَ الْكَلْبِيُّ: هُوَ الشَّدِيدُ فِي كَفْرِهِ، وَكُلُّ شَدِيدٍ عِنْدَ الْعَرَبِ عُتُلٌّ، وَأَصْلُهُ مِنَ العتل وهو الدفع بالعنف {بَعْدَ ذَلِكَ} [القلم: 13] أَيْ مَعَ ذَلِكَ يُرِيدُ مَعَ ما وصفناه به، {زَنِيمٍ} [القلم: 13] وَهُوَ الدَّعِيُّ الْمُلْصَقُ بِالْقَوْمِ، وَلَيْسَ منهم، قال عطاء كن ابْنِ عَبَّاسٍ: يُرِيدُ مَعَ هَذَا هُوَ دَعِيٌّ فِي قُرَيْشٍ وَلَيْسَ مِنْهُمْ. قَالَ مُرَّةُ الْهَمْدَانِيُّ: إِنَّمَا ادَّعَاهُ أَبُوهُ بَعْدَ ثَمَانِي عَشْرَةَ سَنَةً. وَقِيلَ: الزَّنِيمُ الَّذِي لَهُ زَنَمَةٌ كَزَنَمَةِ الشَّاةِ. وَرَوَى عِكْرِمَةُ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ قَالَ في هذه الآية: نعت من لا يُعْرَفْ حَتَّى قِيلَ: زَنِيمٌ فَعُرِفَ، وَكَانَتْ لَهُ زَنَمَةً فِي عُنُقِهِ