الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[15]
{إِنَّا أَرْسَلْنَا إِلَيْكُمْ رَسُولًا شَاهِدًا عَلَيْكُمْ كَمَا أَرْسَلْنَا إِلَى فِرْعَوْنَ رَسُولًا} [المزمل: 15]
[16]
{فَعَصَى فِرْعَوْنُ الرَّسُولَ فَأَخَذْنَاهُ أَخْذًا وَبِيلًا} [المزمل: 16] شَدِيدًا ثَقِيلًا، يَعْنِي عَاقَبْنَاهُ عُقُوبَةً غَلِيظَةً يُخَوِّفُ كُفَّارَ مَكَّةَ.
[17]
{فَكَيْفَ تَتَّقُونَ إِنْ كَفَرْتُمْ} [المزمل: 17] أَيْ كَيْفَ لَكُمْ بِالتَّقْوَى يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِذْ كَفَرْتُمْ فِي الدُّنْيَا يَعْنِي لَا سَبِيلَ لَكُمْ إِلَى التَّقْوَى إِذَا وَافَيْتُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، وَقِيلَ: مَعْنَاهُ كَيْفَ تَتَّقُونَ الْعَذَابَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، وَبِأَيِّ شَيْءٍ تَتَحَصَّنُونَ مِنْهُ إِذَا كَفَرْتُمْ؟ {يَوْمًا يَجْعَلُ الْوِلْدَانَ شِيبًا} [المزمل: 17] شمطا من هوله وشدته، وذلك حِينَ يُقَالُ لِآدَمَ قُمْ فَابْعَثْ بَعْثَ النَّارِ مِنْ ذُرِّيَّتِكَ.
[18]
ثُمَّ وَصَفَ هَوْلَ ذَلِكَ الْيَوْمَ فَقَالَ: {السَّمَاءُ مُنْفَطِرٌ بِهِ} [المزمل: 18] مُتَشَقِّقٌ لِنُزُولِ الْمَلَائِكَةِ بِهِ أَيْ: بِذَلِكَ الْمَكَانِ. وَقِيلَ: الْهَاءُ تَرْجِعُ إِلَى الرَّبِّ أَيْ بِأَمْرِهِ وَهَيْبَتِهِ، {كَانَ وَعْدُهُ مَفْعُولًا} [المزمل: 18] كائنا.
[19]
{إِنَّ هَذِهِ} [المزمل: 19] أي آيات القرآن {تَذْكِرَةٌ} [المزمل: 19] تَذْكِيرٌ وَمَوْعِظَةٌ {فَمَنْ شَاءَ اتَّخَذَ إِلَى رَبِّهِ سَبِيلًا} [المزمل: 19] بالإيمان والطاعة.
[قوله تعالى إِنَّ رَبَّكَ يَعْلَمُ أَنَّكَ تَقُومُ أَدْنَى مِنْ ثُلُثَيِ]
اللَّيْلِ وَنِصْفَهُ وَثُلُثَهُ وَطَائِفَةٌ مِنَ الَّذِينَ مَعَكَ. . .
[20]
{إِنَّ رَبَّكَ يَعْلَمُ أَنَّكَ تَقُومُ أَدْنَى} [المزمل: 20] أَقَلَّ {مِنْ ثُلُثَيِ اللَّيْلِ وَنِصْفَهُ وَثُلُثَهُ وَطَائِفَةٌ مِنَ الَّذِينَ مَعَكَ} [المزمل: 20] يَعْنِي الْمُؤْمِنِينَ وَكَانُوا يَقُومُونَ مَعَهُ، {وَاللَّهُ يُقَدِّرُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ} [المزمل: 20] قَالَ عَطَاءٌ: يُرِيدُ لَا يَفُوتُهُ عِلْمُ مَا تَفْعَلُونَ، أَيْ أَنَّهُ يَعْلَمُ مَقَادِيرَ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ فَيَعْلَمُ الْقَدْرَ الَّذِي تَقُومُونَ مِنَ اللَّيْلِ، {عَلِمَ أَنْ لَنْ تُحْصُوهُ} [المزمل: 20] قَالَ الْحَسَنُ: قَامُوا حَتَّى انْتَفَخَتْ أَقْدَامُهُمْ، فَنَزَلَ:(عَلِمَ أَنْ لَنْ تحصوه)، لن تطيقوه. وَقَالَ مُقَاتِلٌ: كَانَ الرَّجُلُ يُصَلِّي الليل كله، مخافة ألا يُصِيبُ مَا أُمِرَ بِهِ مِنَ الْقِيَامِ، فَقَالَ: عَلِمَ أَنْ لَنْ تُحْصُوهُ: لَنْ تُطِيقُوا مَعْرِفَةَ ذَلِكَ. {فَتَابَ عَلَيْكُمْ} [المزمل: 20] فَعَادَ عَلَيْكُمْ بِالْعَفْوِ وَالتَّخْفِيفِ، {فَاقْرَءُوا مَا تَيَسَّرَ مِنَ الْقُرْآنِ} [المزمل: 20] يَعْنِي فِي الصَّلَاةِ، قَالَ الْحَسَنُ: يَعْنِي فِي صَلَاةِ الْمَغْرِبِ وَالْعَشَاءِ. قال قيس بن حَازِمٍ: صَلَّيْتُ خَلْفَ ابْنَ عَبَّاسٍ بِالْبَصْرَةِ فَقَرَأَ فِي أَوَّلِ رَكْعَةٍ بِالْحَمْدِ وَأَوَّلِ آيَةٍ مِنَ الْبَقَرَةِ، ثُمَّ قَامَ فِي الثَّانِيَةِ فَقَرَأَ بِالْحَمْدِ وَالْآيَةِ الثَّانِيَةِ مِنَ الْبَقَرَةِ، ثُمَّ رَكَعَ، فَلَمَّا انْصَرَفَ أَقْبَلَ علينا بوجهه فَقَالَ: إِنَّ اللَّهَ عز وجل يَقُولُ. فَاقْرَءُوا مَا تَيَسَّرَ مِنْهُ.
قَوْلُهُ عز وجل: {عَلِمَ أَنْ سَيَكُونُ مِنْكُمْ مَرْضَى وَآخَرُونَ يَضْرِبُونَ فِي الْأَرْضِ يَبْتَغُونَ مِنْ فَضْلِ اللَّهِ} [المزمل: 20] يَعْنِي الْمُسَافِرِينَ لِلتِّجَارَةِ يَطْلُبُونَ مِنْ رِزْقِ اللَّهِ، {وَآخَرُونَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ} [المزمل: 20] لَا يُطِيقُونَ قِيَامَ اللَّيْلِ، رَوَى إِبْرَاهِيمُ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ قَالَ: أيما رجل جلب شيئا ما إِلَى مَدِينَةٍ مِنْ مَدَائِنِ الْمُسْلِمِينَ صَابِرًا مُحْتَسِبًا فَبَاعَهُ بِسِعْرِ يَوْمِهِ كَانَ عِنْدَ اللَّهِ بِمَنْزِلَةِ الشُّهَدَاءِ، ثُمَّ قَرَأَ عَبْدُ اللَّهِ:{وَآخَرُونَ يَضْرِبُونَ فِي الْأَرْضِ يَبْتَغُونَ مِنْ فَضْلِ اللَّهِ وَآخَرُونَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ} [المزمل: 20]{فَاقْرَءُوا مَا تَيَسَّرَ مِنْهُ} [الْمُزَّمِّلِ: 20] أَيْ مَا تَيَسَّرَ عَلَيْكُمْ مِنَ الْقُرْآنِ. قَالَ أَهْلُ التَّفْسِيرِ كَانَ هَذَا فِي صَدْرِ الْإِسْلَامِ ثُمَّ نُسِخَ بِالصَّلَوَاتِ الْخَمْسِ، وَذَلِكَ قَوْلُهُ {وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَأَقْرِضُوا اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا} [المزمل: 20] قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: يُرِيدُ مَا سِوَى الزَّكَاةِ مِنْ صِلَةِ الرَّحِمِ، وَقِرَى الضَّيْفِ. {وَمَا تُقَدِّمُوا لِأَنْفُسِكُمْ مِنْ خَيْرٍ تَجِدُوهُ عِنْدَ اللَّهِ هُوَ خَيْرًا} [المزمل: 20] تَجِدُوا ثَوَابَهُ فِي الْآخِرَةِ أَفْضَلَ مما أعطيتم، {وَأَعْظَمَ أَجْرًا} [المزمل: 20] مِنَ الَّذِي أَخَّرْتُمْ، وَلَمْ تُقَدِّمُوهُ {وَاسْتَغْفِرُوا اللَّهَ} [المزمل: 20] لِذُنُوبِكُمْ، {إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ} [المزمل: 20]
[سورة المدثر]
[قوله تَعَالَى يَا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ قُمْ فَأَنْذِرْ
. . .]
(74)
سورة المدثر
[1 - 2] قَوْلُهُ عز وجل: {يَا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ - قُمْ فَأَنْذِرْ} [المدثر: 1 - 2] أَيْ أَنْذِرْ كُفَّارَ مَكَّةَ.
[3]
{وَرَبَّكَ فَكَبِّرْ} [المدثر: 3] أي عَظِّمْهُ عَمَّا يَقُولُهُ عَبَدَةُ الْأَوْثَانِ.
[4]
{وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ} [المدثر: 4] قَالَ قَتَادَةُ وَمُجَاهِدٌ: نَفْسَكَ فَطَهِّرْ من الذَّنْبِ، فَكَنَّى عَنِ النَّفْسِ بِالثَّوْبِ، وَهُوَ
قَوْلُ إِبْرَاهِيمَ وَالضَّحَّاكِ وَالشَّعْبِيِّ وَالزُّهْرِيِّ. وَقَالَ عِكْرِمَةُ: سُئِلَ ابْنُ عَبَّاسٍ عن قوله: {وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ} [المدثر: 4] فَقَالَ: لَا تَلْبَسْهَا عَلَى مَعْصِيَةٍ ولا على غدر. وَرَوَى أَبُو رَوْقٍ عَنِ الضَّحَّاكِ مَعْنَاهُ: وَعَمَلَكَ فَأَصْلِحْ. قَالَ السُّدِّيُّ: يُقَالُ لِلرَّجُلِ إِذَا كَانَ صَالِحًا إِنَّهُ لَطَاهِرُ الثِّيَابِ، وَإِذَا كَانَ فَاجِرًا إِنَّهُ لَخَبِيثُ الثِّيَابُ. وَقَالَ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ: وَقَلْبَكَ وَنِيَّتَكَ فَطَهِّرْ. وَقَالَ الْحَسَنُ وَالْقُرَظِيُّ: وَخُلُقَكَ فَحَسِّنْ. وَقَالَ ابْنُ سِيرِينَ وَابْنُ زَيْدٍ: أَمَرَ بِتَطْهِيرِ الثِّيَابِ مِنَ النَّجَاسَاتِ الَّتِي لَا تَجُوزُ الصَّلَاةُ مَعَهَا، وَذَلِكَ أَنَّ الْمُشْرِكِينَ كَانُوا لَا يَتَطَهَّرُونَ وَلَا يُطَهِّرُونَ ثِيَابَهُمْ. وقال طاوس: وَثِيَابَكَ فَقَصِّرْ لِأَنَّ تَقْصِيرَ الثِّيَابِ طهرة لها.
[5]
{وَالرُّجْزَ فَاهْجُرْ} [المدثر: 5] الْمُرَادُ بِالرِّجْزِ الْأَوْثَانُ، قَالَ: فَاهْجُرْهَا وَلَا تَقْرَبْهَا. وَقِيلَ: الزَّايُ فِيهِ مُنْقَلِبَةٌ عَنِ السِّينِ، وَالْعَرَبُ تُعَاقِبُ بَيْنَ السِّينِ وَالزَّايِ لِقُرْبِ مُخْرِجِهِمَا، وَدَلِيلُ هَذَا التَّأْوِيلِ قَوْلُهُ:{فَاجْتَنِبُوا الرِّجْسَ مِنَ الْأَوْثَانِ} [الْحَجِّ: 30] وَرُوِيَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ مَعْنَاهُ. اتْرُكِ الْمَآثِمَ. وَقَالَ أَبُو الْعَالِيَةِ وَالرَّبِيعُ: الرُّجْزَ بِضَمِّ الرَّاءِ الصَّنَمُ، وبالكسر النجاسة والمعصية. قال الضَّحَّاكُ: يَعْنِي الشِّرْكَ. وَقَالَ الْكَلْبِيُّ: يَعْنِي الْعَذَابَ، وَمَجَازُ الْآيَةِ: اهْجُرْ مَا أَوْجَبَ لَكَ الْعَذَابَ مِنَ الأعمال.
[6]
{وَلَا تَمْنُنْ تَسْتَكْثِرُ} [الْمُدَّثِّرِ: 6] أَيْ لَا تُعْطِ مَالَكَ مُصَانَعَةً لِتُعْطَى أكثر منه، وَهَذَا قَوْلُ أَكْثَرِ الْمُفَسِّرِينَ. وَقَالَ قَتَادَةُ: لَا تُعْطِ شَيْئًا طَمَعًا لِمُجَازَاةِ الدُّنْيَا، يَعْنِي أَعْطِ لِرَبِّكَ وَأَرِدْ بِهِ اللَّهَ. وَقَالَ الْحَسَنُ: مَعْنَاهُ لَا تَمْنُنْ عَلَى اللَّهِ بِعَمَلِكَ فَتَسْتَكْثِرُهُ، قَالَ الرَّبِيعُ: لَا يكثرن عَمَلَكَ فِي عَيْنِكَ فَإِنَّهُ فِيمَا أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْكَ وَأَعْطَاكَ قَلِيلٌ. وَرَوَى خُصَيْفٌ عَنْ مُجَاهِدٍ: وَلَا تَضْعُفْ أَنْ تَسْتَكْثِرَ مِنَ الْخَيْرِ، من قولهم: حبل منين إِذَا كَانَ ضَعِيفًا، دَلِيلُهُ قِرَاءَةُ ابْنِ مَسْعُودٍ (وَلَا تَمْنُنْ أَنْ تستكثر من الخير)، وقال ابْنُ زِيدٍ مَعْنَاهُ: لَا تَمْنُنْ بِالنُّبُوَّةِ عَلَى النَّاسِ فَتَأْخُذَ عَلَيْهَا أَجْرًا أَوْ عَرَضًا مِنَ الدُّنْيَا.
[7]
{وَلِرَبِّكَ فَاصْبِرْ} [المدثر: 7] قِيلَ: فَاصْبِرْ عَلَى طَاعَتِهِ وَأَوَامِرِهِ ونواهيه لأجل ثواب الله. وقال مُجَاهِدٌ: فَاصْبِرْ لِلَّهِ عَلَى مَا أوذيت فيه. وَقَالَ ابْنُ زَيْدٍ. مَعْنَاهُ حَمَلْتَ أمرا عظيما فيه مُحَارَبَةَ الْعَرَبِ وَالْعَجَمِ فَاصْبِرْ عَلَيْهِ لِلَّهِ عز وجل. وَقِيلَ: فَاصْبِرْ تَحْتَ مَوَارِدِ الْقَضَاءِ لِأَجْلِ اللَّهِ.
[8]
{فَإِذَا نُقِرَ فِي النَّاقُورِ} [المدثر: 8] أَيْ نُفِخَ فِي الصُّورِ، وَهُوَ الْقَرْنُ الَّذِي يَنْفُخُ فِيهِ إِسْرَافِيلُ يعني النفخة الثانية.
[9]
{فَذَلِكَ} [المدثر: 9] أي النفخ في الصور، {يَوْمَئِذٍ} [المدثر: 9] يَعْنِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ، {يَوْمٌ عَسِيرٌ} [المدثر: 9] شديد. 10) {عَلَى الْكَافِرِينَ} [المدثر: 10] يَعْسُرُ فِيهِ الْأَمْرُ عَلَيْهِمْ، {غَيْرُ يَسِيرٍ} [المدثر: 10] غَيْرُ هَيِّنٍ.