الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وهو بيت في السماء السابعة حِذَاءَ الْعَرْشِ بِحِيَالِ الْكَعْبَةِ يُقَالُ لَهُ: الضُّرَاحُ، حُرْمَتُهُ فِي السَّمَاءِ كَحُرْمَةِ الْكَعْبَةِ فِي الْأَرْضِ يَدْخُلُهُ كُلَّ يَوْمٍ سَبْعُونَ أَلْفًا مِنَ الْمَلَائِكَةِ يَطُوفُونَ بِهِ وَيُصَلُّونَ فِيهِ ثُمَّ لَا يَعُودُونَ إِلَيْهِ أَبَدًا.
[5]
{وَالسَّقْفِ الْمَرْفُوعِ} [الطور: 5] يَعْنِي السَّمَاءَ، نَظِيرُهُ قَوْلُهُ عز وجل:{وَجَعَلْنَا السَّمَاءَ سَقْفًا مَحْفُوظًا} [الأنبياء: 32]
[6]
{وَالْبَحْرِ الْمَسْجُورِ} [الطور: 6] قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ كَعْبٍ الْقُرَظِيُّ، والضحاك: يعني الموقد المحمى.
وَقَالَ مُجَاهِدٌ وَالْكَلْبِيُّ: الْمَسْجُورُ الْمَمْلُوءُ، يُقَالُ: سَجَّرْتُ الْإِنَاءَ إِذَا مَلَأْتُهُ.
وَقَالَ الْحَسَنُ وقَتَادَةُ وَأَبُو الْعَالِيَةِ: هُوَ الْيَابِسُ الَّذِي قَدْ ذَهَبَ مَاؤُهُ وَنَضَبَ.
وَقَالَ الرَّبِيعُ بْنُ أنس: هو المختلط العذب بالملح.
وَرَوَى الضَّحَّاكُ عَنِ النَّزَّالِ بْنِ سَبْرَةَ عَنْ عَلِيٍّ أَنَّهُ قَالَ فِي الْبَحْرِ الْمَسْجُورِ.
هُوَ بَحْرٌ تحت العرش، سعته كما بين سبع سماوات إِلَى سَبْعِ أَرْضِينَ، فِيهِ مَاءٌ غَلِيظٌ يُقَالُ لَهُ بَحْرُ الْحَيَوَانِ.
تمطر الْعِبَادَ بَعْدَ النَّفْخَةِ الْأُولَى مِنْهُ أَرْبَعِينَ صَبَاحًا فَيَنْبُتُونَ فِي قُبُورِهِمْ.
هَذَا قَوْلُ مُقَاتِلٍ.
أَقْسَمَ اللَّهُ بِهَذِهِ الْأَشْيَاءِ.
[7]
{إِنَّ عَذَابَ رَبِّكَ لَوَاقِعٌ} [الطور: 7] نَازِلٌ كَائِنٌ.
[8]
{مَا لَهُ مِنْ دَافِعٍ} [الطور: 8] مانع، ثُمَّ بَيَّنَ أَنَّهُ مَتَى يَقَعُ فَقَالَ.
[9]
{يَوْمَ تَمُورُ السَّمَاءُ مَوْرًا} [الطور: 9] أَيْ تَدُورُ كَدَوَرَانِ الرَّحَى وَتَتَكَفَّأُ بِأَهْلِهَا تَكَفُّؤَ السَّفِينَةِ.
قَالَ قَتَادَةُ: تَتَحَرَّكُ.
قَالَ عَطَاءٌ الْخُرَاسَانِيُّ: تَخْتَلِفُ أَجْزَاؤُهَا بَعْضُهَا فِي بَعْضٍ.
وَقِيلَ: تضطرب، والمور يَجْمَعُ هَذِهِ الْمَعَانِي فَهُوَ فِي اللُّغَةِ: الذَّهَابُ وَالْمَجِيءُ وَالتَّرَدُّدُ وَالدَّوَرَانُ والاضطراب.
[10]
{وَتَسِيرُ الْجِبَالُ سَيْرًا} [الطور: 10] فَتَزُولُ عَنْ أَمَاكِنِهَا وَتَصِيرُ هَبَاءً منثورا. 11،
[12]
{فَوَيْلٌ} [الطور: 11] فَشِدَّةُ عَذَابٍ، {يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ - الَّذِينَ هُمْ فِي خَوْضٍ يَلْعَبُونَ} [الطور: 11 - 12] يَخُوضُونَ فِي الْبَاطِلِ يَلْعَبُونَ غَافِلِينَ لاهين.
[13]
{يَوْمَ يُدَعُّونَ} [الطور: 13] يُدْفَعُونَ، {إِلَى نَارِ جَهَنَّمَ دَعًّا} [الطور: 13] دَفْعًا بِعُنْفٍ وَجَفْوَةٍ، وَذَلِكَ أَنَّ خَزَنَةَ جَهَنَّمَ يَغُلُّونَ أَيْدِيَهُمْ إِلَى أَعْنَاقِهِمْ، وَيَجْمَعُونَ نَوَاصِيَهُمْ إِلَى أَقْدَامِهِمْ، ثم يدفعونهم إِلَى النَّارِ دَفْعًا عَلَى وُجُوهِهِمْ، وَزَجًّا فِي أَقْفِيَتِهِمْ حَتَّى يَرِدُوا النَّارَ، فَإِذَا دَنَوْا مِنْهَا قَالَ لَهُمْ خَزَنَتُهَا:
[14]
{هَذِهِ النَّارُ الَّتِي كُنْتُمْ بِهَا تُكَذِّبُونَ} [الطور: 14] في الدنيا.
[قوله تعالى أَفَسِحْرٌ هَذَا أَمْ أَنْتُمْ لَا تُبْصِرُونَ
. . .]
[15]
{أَفَسِحْرٌ هَذَا} [الطور: 15] وَذَلِكَ أَنَّهُمْ كَانُوا يَنْسُبُونَ مُحَمَّدًا صلى الله عليه وسلم إِلَى السِّحْرِ، وَإِلَى أَنَّهُ يُغَطِّي عَلَى الْأَبْصَارِ بِالسِّحْرِ، فَوُبِّخُوا بِهِ، وَقِيلَ لهم:{أَمْ أَنْتُمْ لَا تُبْصِرُونَ} [الطور: 15]
[16]
{اصْلَوْهَا} [الطور: 16] قَاسُوا شِدَّتَهَا، {فَاصْبِرُوا أَوْ لَا تَصْبِرُوا سَوَاءٌ عَلَيْكُمْ} [الطور: 16] الصَّبْرُ وَالْجَزَعُ، {إِنَّمَا تُجْزَوْنَ مَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ} [الطور: 16] 17،
[18]
{إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَنَعِيمٍ - فَاكِهِينَ} [الطور: 17 - 18] مُعْجَبِينَ بِذَلِكَ نَاعِمَيْنِ، {بِمَا آتَاهُمْ رَبُّهُمْ وَوَقَاهُمْ رَبُّهُمْ عَذَابَ الْجَحِيمِ} [الطور: 18] وَيُقَالُ لَهُمْ:
[19]
{كُلُوا وَاشْرَبُوا هَنِيئًا} [الطور: 19] مَأْمُونُ الْعَاقِبَةِ مِنَ التُّخَمَةِ وَالسَّقَمِ، {بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ} [الطور: 19]
[20]
{مُتَّكِئِينَ عَلَى سُرُرٍ مَصْفُوفَةٍ} [الطور: 20] مَوْضُوعَةٍ بَعْضُهَا إِلَى جَنْبِ بَعْضٍ، {وَزَوَّجْنَاهُمْ بِحُورٍ عِينٍ} [الطور: 20]
[21]
{وَالَّذِينَ آمَنُوا وَاتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتُهُمْ بِإِيمَانٍ} [الطور: 21] اخْتَلَفُوا فِي مَعْنَى الْآيَةِ، فَقَالَ قَوْمٌ: مَعْنَاهَا وَالَّذِينَ آمَنُوا وَاتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتُهُمْ بِإِيمَانٍ يَعْنِي أَوْلَادَهُمُ الصِّغَارَ وَالْكِبَارَ، فَالْكِبَارُ بِإِيمَانِهِمْ بِأَنْفُسِهِمْ، وَالصِّغَارُ بِإِيمَانِ آبَائِهِمْ، فَإِنَّ الْوَلَدَ الصَّغِيرَ يُحْكَمُ بِإِسْلَامِهِ تَبَعًا لِأَحَدِ الْأَبَوَيْنِ.
{أَلْحَقْنَا بِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ} [الطور: 21] الْمُؤْمِنِينَ فِي الْجَنَّةِ بِدَرَجَاتِهِمْ وَإِنْ لَمْ يَبْلُغُوا بِأَعْمَالِهِمْ دَرَجَاتِ آبَائِهِمْ تَكْرِمَةً لِآبَائِهِمْ لِتَقَرَّ بِذَلِكَ أَعْيُنُهُمْ، وَقَالَ آخَرُونَ: مَعْنَاهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَاتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتُهُمُ الْبَالِغُونَ بِإِيمَانٍ أَلْحَقْنَا بِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمُ الصِّغَارَ الَّذِينَ لَمْ يبلغوا الإيمان بإيمان آبائهم، أَخْبَرَ اللَّهُ عز وجل أَنَّهُ
يَجْمَعُ لِعَبْدِهِ الْمُؤْمِنِ ذُرِّيَّتَهُ فِي الْجَنَّةِ كَمَا كَانَ يُحِبُّ فِي الدُّنْيَا أَنْ يَجْتَمِعُوا إِلَيْهِ، يُدْخِلُهُمُ الْجَنَّةَ بِفَضْلِهِ وَيُلْحِقُهُمْ بِدَرَجَتِهِ بِعَمَلِ أَبِيهِ، مِنْ غَيْرِ أَنْ يَنْقُصَ الْآبَاءَ مِنْ أَعْمَالِهِمْ شَيْئًا، فَذَلِكَ قوله:{وَمَا أَلَتْنَاهُمْ} [الطور: 21] أَيْ مَا نَقَصْنَاهُمْ يَعْنِي الْآبَاءَ، {مِنْ عَمَلِهِمْ مِنْ شَيْءٍ كُلُّ امْرِئٍ بِمَا كَسَبَ رَهِينٌ} [الطور: 21] قَالَ مُقَاتِلٌ: كُلُّ امْرِئٍ كَافِرٍ بِمَا عَمِلَ مِنَ الشِّرْكِ مُرْتَهَنٌ فِي النَّارِ وَالْمُؤْمِنُ لَا يَكُونُ مُرْتَهَنًا، لِقَوْلِهِ عز وجل:{كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ رَهِينَةٌ - إِلَّا أَصْحَابَ الْيَمِينِ} [المدثر: 38 - 39] ثُمَّ ذَكَرَ مَا يَزِيدُهُمْ مِنَ الْخَيْرِ وَالنِّعْمَةِ.
[22]
فَقَالَ: {وَأَمْدَدْنَاهُمْ بِفَاكِهَةٍ} [الطور: 22] زِيَادَةً عَلَى مَا كَانَ لَهُمْ، {وَلَحْمٍ مِمَّا يَشْتَهُونَ} [الطور: 22] من أنواع اللحمان.
[23]
{يَتَنَازَعُونَ} [الطور: 23] يَتَعَاطَوْنَ وَيَتَنَاوَلُونَ، {فِيهَا كَأْسًا لَا لَغْوٌ فِيهَا} [الطور: 23] وهو الباطل.
وَقَالَ مُقَاتِلُ بْنُ حَيَّانَ: لَا فُضُولَ فِيهَا.
وَقَالَ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ: لَا رَفَثَ فِيهَا.
وَقَالَ ابْنُ زَيْدٍ: لَا سِبَابَ وَلَا تَخَاصُمَ فِيهَا وَقَالَ الْقُتَيْبِيُّ: لَا تَذْهَبُ عُقُولُهُمْ فَيَلْغُوا وَيَرْفُثُوا {وَلَا تَأْثِيمٌ} [الطور: 23] أَيْ لَا يَكُونُ مِنْهُمْ مَا يُؤَثِّمُهُمْ.
قَالَ الزَّجَّاجُ: لَا يَجْرِي بَيْنَهُمْ مَا يُلْغِي وَلَا مَا فِيهِ إِثْمٌ كَمَا يَجْرِي فِي الدنيا بشربة الْخَمْرِ.
وَقِيلَ: لَا يَأْثَمُونَ فِي شربها.
[24]
{وَيَطُوفُ عَلَيْهِمْ} [الطور: 24] بالخدمة، {غِلْمَانٌ لَهُمْ كَأَنَّهُمْ} [الطور: 24] فِي الْحُسْنِ وَالْبَيَاضِ وَالصَّفَاءِ، {لُؤْلُؤٌ مَكْنُونٌ} [الطور: 24] مَخْزُونٌ مَصُونٌ لَمْ تَمَسَّهُ الْأَيْدِي.
قال سعيد بن جبير: مكنون يعني في الصدف.
[25]
{وَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ يَتَسَاءَلُونَ} [الطور: 25] يَسْأَلُ بَعْضُهُمْ بَعْضًا فِي الْجَنَّةِ.
قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: يَتَذَاكَرُونَ مَا كَانُوا فِيهِ مِنَ التَّعَبِ وَالْخَوْفِ فِي الدُّنْيَا.
[26]
{قَالُوا إِنَّا كُنَّا قَبْلُ فِي أَهْلِنَا} [الطور: 26] في الدنيا، {مُشْفِقِينَ} [الطور: 26] خَائِفِينَ مِنَ الْعَذَابِ.
[27]
{فَمَنَّ اللَّهُ عَلَيْنَا} [الطور: 27] بالمغفرة، {وَوَقَانَا عَذَابَ السَّمُومِ} [الطور: 27] قَالَ الْكَلْبِيُّ: عَذَابَ النَّارِ.
وَقَالَ الْحَسَنُ: السَّمُومُ اسْمٌ مِنْ أَسْمَاءِ جَهَنَّمَ.
[28]
{إِنَّا كُنَّا مِنْ قَبْلُ} [الطور: 28] في الدنيا {نَدْعُوهُ} [الطور: 28] نخلص له العبادة، {إِنَّهُ} [الطور: 28] قَرَأَ أَهْلُ الْمَدِينَةِ وَالْكِسَائِيُّ (أَنَّهُ) بِفَتْحِ الْأَلِفِ، أَيْ لِأَنَّهُ أَوْ بِأَنَّهُ.
وَقَرَأَ الْآخَرُونَ بِالْكَسْرِ عَلَى الاستئناف، {هُوَ الْبَرُّ} [الطور: 28] قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: اللَّطِيفُ.
وَقَالَ الضَّحَّاكُ: الصَّادِقُ فِيمَا وَعَدَ {الرَّحِيمُ} [الطور: 28]
[29]
{فَذَكِّرْ} [الطور: 29] يَا مُحَمَّدُ بِالْقُرْآنِ أَهْلَ مَكَّةَ {فَمَا أَنْتَ بِنِعْمَتِ رَبِّكَ} [الطور: 29] برحمته وعصمته، {بِكَاهِنٍ} [الطور: 29] تبتدع القرآن وَتُخْبِرُ بِمَا فِي غَدٍ مِنْ غير وحي، {وَلَا مَجْنُونٍ} [الطور: 29] نَزَلَتْ فِي الَّذِينَ اقْتَسَمُوا عِقَابَ مَكَّةَ يَرْمُونَ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِالْكِهَانَةِ وَالسِّحْرِ والجنون والشعر.
[30]
{أَمْ يَقُولُونَ} [الطور: 30] بَلْ يَقُولُونَ يَعْنِي هَؤُلَاءِ الْمُقْتَسِمِينَ الخراصين.
{شَاعِرٌ} [الطور: 30] أَيْ هُوَ شَاعِرٌ، {نَتَرَبَّصُ بِهِ رَيْبَ الْمَنُونِ} [الطور: 30] حَوَادِثَ الدَّهْرِ وَصُرُوفَهُ