الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَمَعْنَى الْآيَةِ مَا قَالَهُ الْحَسَنُ: الْتَزِمُوا طَاعَتَهُ وَاجْتَنِبُوا مَعْصِيَتَهُ فَإِنَّ في الْقُرْآنَ ذَكَرَ الْقَبِيحَ لِتَجْتَنِبَهُ وَذَكَرَ الأدون لئلا يرغب فِيهِ، وَذَكَرَ الْأَحْسَنَ لِتُؤْثِرَهُ. قَالَ الْسُّدِّيُّ: الْأَحْسَنُ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ فِي الْكِتَابِ، {مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَكُمُ الْعَذَابُ بَغْتَةً وَأَنْتُمْ لَا تَشْعُرُونَ} [الزمر: 55]
[56]
{أَنْ تَقُولَ نَفْسٌ} [الزمر: 56] يعني لئلا تقول نفس، قَالَ الْمُبَرِّدُ: أَيْ بَادِرُوا وَاحْذَرُوا أَنْ تَقُولَ نَفْسٌ. وَقَالَ الزَّجَّاجُ: خَوْفَ أَنْ تَصِيرُوا إِلَى حَالٍ تقولون هذا القول، {يا حَسْرَتَا} [الزمر: 56] يَا نَدَامَتَا، وَالتَّحَسُّرُ الِاغْتِمَامُ عَلَى مَا فَاتَ، وَأَرَادَ يَا حَسْرَتِي عَلَى الْإِضَافَةِ، لَكِنَّ الْعَرَبَ تُحَوِّلُ ياء الْكِنَايَةِ أَلِفًا فِي الِاسْتِغَاثَةِ، فَتَقُولُ: يا ويلتا وَيَا نَدَامَتَا، وَرُبَّمَا أَلْحَقُوا بِهَا الْيَاءَ بَعْدَ الْأَلِفِ لِيَدُلَّ عَلَى الْإِضَافَةِ، وَكَذَلِكَ قَرَأَ أَبُو جَعْفَرٍ يَا حَسْرَتَايَ، وَقِيلَ: مَعْنَى قَوْلِهِ يا حسرتا يَا أَيَّتُهَا الْحَسْرَةُ هَذَا وَقْتُكَ، {عَلَى مَا فَرَّطْتُ فِي جَنْبِ اللَّهِ} [الزمر: 56] قَالَ الْحَسَنُ: قَصَّرْتُ فِي طَاعَةِ اللَّهِ. وَقَالَ مُجَاهِدٌ: فِي أَمْرِ اللَّهِ. وَقَالَ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ. فِي حَقِّ اللَّهِ. وَقِيلَ: ضَيَّعْتُ فِي ذَاتِ اللَّهِ. وَقِيلَ: مَعْنَاهُ قصرت في الجانب الذي يردني إِلَى رِضَاءِ اللَّهِ. وَالْعَرَبُ تُسَمِّي الْجَنْبَ جَانِبًا، {وَإِنْ كُنْتُ لَمِنَ السَّاخِرِينَ} [الزمر: 56] الْمُسْتَهْزِئِينَ بِدِينِ اللَّهِ وَكِتَابِهِ وَرَسُولِهِ وَالْمُؤْمِنِينَ، قَالَ قَتَادَةُ: لَمْ يَكْفِهِ أَنْ ضَيَّعَ طَاعَةَ اللَّهِ حَتَّى جعل يسخر بأهل طاعته.
[قوله تعالى أَوْ تَقُولَ لَوْ أَنَّ اللَّهَ هَدَانِي لَكُنْتُ مِنَ]
الْمُتَّقِينَ. . .
[57، 58]{أَوْ تَقُولَ لَوْ أَنَّ اللَّهَ هَدَانِي لَكُنْتُ مِنَ الْمُتَّقِينَ - أَوْ تَقُولَ حِينَ تَرَى الْعَذَابَ} [الزمر: 57 - 58] عَيَانًا، {لَوْ أَنَّ لِي كَرَّةً} [الزمر: 58] رَجْعَةً إِلَى الدُّنْيَا، {فَأَكُونَ مِنَ الْمُحْسِنِينَ} [الزمر: 58] الموحدين.
[59]
يُقَالُ لِهَذَا الْقَائِلِ: {بَلَى قَدْ جَاءَتْكَ آيَاتِي} [الزمر: 59] يعني القرآن، {فَكَذَّبْتَ بِهَا} [الزمر: 59] وَقُلْتَ إِنَّهَا لَيْسَتْ مِنَ اللَّهِ، {وَاسْتَكْبَرْتَ} [الزمر: 59] تَكَبَّرْتَ عَنِ الْإِيمَانِ بِهَا، {وَكُنْتَ مِنَ الْكَافِرِينَ} [الزمر: 59]
[60]
{وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ تَرَى الَّذِينَ كَذَبُوا عَلَى اللَّهِ} [الزمر: 60] فَزَعَمُوا أَنَّ لَهُ وَلَدًا وَشَرِيكًا، {وُجُوهُهُمْ مُسْوَدَّةٌ أَلَيْسَ فِي جَهَنَّمَ مَثْوًى لِلْمُتَكَبِّرِينَ} [الزمر: 60] عَنِ الْإِيمَانِ.
[61]
{وَيُنَجِّي اللَّهُ الَّذِينَ اتَّقَوْا بِمَفَازَتِهِمْ} [الزمر: 61] قَرَأَ حَمْزَةُ وَالْكِسَائِيُّ وَأَبُو بَكْرٍ (بِمَفَازَاتِهِمْ) بِالْأَلِفِ عَلَى الْجَمْعِ، أَيْ بِالطُّرُقِ الَّتِي تُؤَدِّيهِمْ إِلَى الْفَوْزِ والنجاة، وقرأ الآخرون {بِمَفَازَتِهِمْ} [الزمر: 61] عَلَى الْوَاحِدِ لِأَنَّ الْمَفَازَةَ بِمَعْنَى الْفَوْزِ، أَيْ يُنَجِّيهِمْ بِفَوْزِهِمْ مِنَ النَّارِ بِأَعْمَالِهِمُ الْحَسَنَةِ. قَالَ الْمُبَرِّدُ: الْمَفَازَةُ مَفْعَلَةٌ مِنَ الْفَوْزِ، وَالْجَمْعُ حَسَنٌ كَالسَّعَادَةِ وَالسَّعَادَاتِ. {لَا يَمَسُّهُمُ السُّوءُ} [الزمر: 61] لَا يُصِيبُهُمُ الْمَكْرُوهُ، {وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ} [الزمر: 61]
[62]
{اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ وَكِيلٌ} [الزمر: 62] أَيِ الْأَشْيَاءُ كُلُّهَا مَوْكُولَةٌ إِلَيْهِ فَهُوَ الْقَائِمُ بِحِفْظِهَا.
[63]
{لَهُ مَقَالِيدُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ} [الزمر: 63] أي مفاتيح خزائن السماوات وَالْأَرْضِ، وَاحِدُهَا مِقْلَادٌ، مِثْلُ: