الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
كَسَائِرِ الْوَجْهِ لَا يُرَى لَهَا شَقٌّ، هَذَا قَوْلُ أَكْثَرِ الْمُفَسِّرِينَ.
وَقَالَ الضَّحَّاكُ: طَمَسَ اللَّهُ أَبْصَارَهُمْ فَلَمْ يَرَوُا الرُّسُلَ، فَقَالُوا: قَدْ رَأَيْنَاهُمْ حِينَ دَخَلُوا الْبَيْتَ فَأَيْنَ ذَهَبُوا، فَلَمْ يَرَوْهُمْ فَرَجَعُوا.
{فَذُوقُوا عَذَابِي وَنُذُرِ} [القمر: 37] أَيْ مَا أَنْذَرَكُمْ بِهِ لُوطٌ مِنَ الْعَذَابِ.
[38]
{وَلَقَدْ صَبَّحَهُمْ بُكْرَةً} [القمر: 38] جَاءَهُمْ وَقْتَ الصُّبْحِ، {عَذَابٌ مُسْتَقِرٌّ} [القمر: 38] دَائِمٌ اسْتَقَرَّ فِيهِمْ حَتَّى أَفْضَى بِهِمْ إِلَى عَذَابِ الْآخِرَةِ، وَقِيلَ: عَذَابٌ حَقٌّ.
[39 - 41]{فَذُوقُوا عَذَابِي وَنُذُرِ - وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ - وَلَقَدْ جَاءَ آلَ فِرْعَوْنَ النُّذُرُ} [القمر: 39 - 41] يَعْنِي مُوسَى وَهَارُونُ عليهما السلام، وَقِيلَ: هِيَ الْآيَاتُ الَّتِي أَنْذَرَهُمْ بِهَا مُوسَى.
[42]
{كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا كُلِّهَا} [القمر: 42] وهي الآيات التسع، {فَأَخَذْنَاهُمْ} [القمر: 42] بالعذاب، {أَخْذَ عَزِيزٍ} [القمر: 42] غالب في انتقامه، {مُقْتَدِرٍ} [القمر: 42] قَادِرٍ عَلَى إِهْلَاكِهِمْ لَا يُعْجِزُهُ ما أراد بهم، ثُمَّ خَوَّفَ أَهْلَ مَكَّةَ فَقَالَ:
[قوله تعالى أَكُفَّارُكُمْ خَيْرٌ مِنْ أُولَئِكُمْ أَمْ لَكُمْ بَرَاءَةٌ]
فِي الزُّبُرِ. . .
[43]
{أَكُفَّارُكُمْ خَيْرٌ مِنْ أُولَئِكُمْ} [القمر: 43] أَشَدُّ وَأَقْوَى مِنَ الَّذِينَ أَحْلَلْتُ بِهِمْ نِقْمَتِي مَنْ قَوْمِ نُوحٍ وعاد وثمود وقالا لُوطٍ وَآلِ فِرْعَوْنَ؟ وَهَذَا اسْتِفْهَامٌ بِمَعْنَى الْإِنْكَارِ، أَيْ لَيْسُوا بِأَقْوَى منهم، {أَمْ لَكُمْ بَرَاءَةٌ} [القمر: 43] من العذاب، {فِي الزُّبُرِ} [القمر: 43] فِي الْكُتُبِ أَنَّهُ لَنْ يُصِيبَكُمْ مَا أَصَابَ الْأُمَمَ الْخَالِيَةَ.
[44]
{أَمْ يَقُولُونَ} [القمر: 44] يَعْنِي كُفَّارُ مَكَّةَ، {نَحْنُ جَمِيعٌ مُنْتَصِرٌ} [القمر: 44] قَالَ الْكَلْبِيُّ: نَحْنُ جَمِيعُ أَمْرِنَا منتصر من أعدائنا، والمعنى: نَحْنُ يَدٌ وَاحِدَةٌ عَلَى مَنْ خَالَفْنَا، مُنْتَصِرٌ مِمَّنْ عَادَانَا، وَلَمْ يقل منتصرون لموافقة رؤوس الْآيِ.
[45]
قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {سَيُهْزَمُ الْجَمْعُ} [القمر: 45] يَعْنِي كُفَّارَ مَكَّةَ، {وَيُوَلُّونَ الدُّبُرَ} [القمر: 45] يعني الأدبار فوحد لأجل رؤوس الْآيِ، كَمَا يُقَالُ: ضَرَبْنَا مِنْهُمُ الرؤوس وَضَرَبْنَا مِنْهُمُ الرَّأْسَ إِذَا كَانَ الواحد يؤدي معنى الجمع.
[46]
{بَلِ السَّاعَةُ مَوْعِدُهُمْ وَالسَّاعَةُ أَدْهَى وَأَمَرُّ} [القمر: 46] قَالَ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ: «سَمِعْتُ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ رضي الله عنه يَقُولُ: لَمَّا نَزَلَتْ: {سَيُهْزَمُ الْجَمْعُ وَيُوَلُّونَ الدُّبُرَ} [القمر: 45] كُنْتُ لَا أَدْرِي أَيَّ جَمْعٍ سيهزم، فَلَمَّا كَانَ يَوْمُ بَدْرٍ رَأَيْتُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يَثِبُ فِي دِرْعِهِ وَيَقُولُ: {سَيُهْزَمُ الْجَمْعُ وَيُوَلُّونَ الدُّبُرَ - بَلِ السَّاعَةُ مَوْعِدُهُمْ وَالسَّاعَةُ أَدْهَى وَأَمَرُّ} [الْقَمَرِ: 45 - 46] » (1) أي أعظم داهية وبلية وَأَشَدُّ مَرَارَةً مِنَ الْأَسْرِ وَالْقَتْلِ يوم بدر.
[47]
{إِنَّ الْمُجْرِمِينَ} [القمر: 47] المشركين، {فِي ضَلَالٍ وَسُعُرٍ} [القمر: 47] قِيلَ: فِي ضَلَالٍ بُعْدٍ عَنِ الْحَقِّ.
قَالَ الضَّحَّاكُ: وَسُعُرٍ أَيْ نار تسعر عليهم.
وقيل: في ضَلَالٌ: ذَهَابٌ عَنْ طَرِيقِ الْجَنَّةِ فِي الْآخِرَةِ، وَسُعُرٍ: نَارٌ مُسَعَّرَةٌ، قال الحسين بن فضل: إِنَّ الْمُجْرِمِينَ فِي ضَلَالٍ فِي الدُّنْيَا وَنَارٍ فِي الْآخِرَةِ.
وَقَالَ قَتَادَةُ: فِي عَنَاءٍ وَعَذَابٍ.
[48]
ثُمَّ بَيَّنَ عَذَابَهُمْ فَقَالَ: {يَوْمَ يُسْحَبُونَ} [القمر: 48] يُجَرُّونَ، {فِي النَّارِ عَلَى وُجُوهِهِمْ} [القمر: 48] وَيُقَالُ لَهُمْ {ذُوقُوا مَسَّ سَقَرَ} [القمر: 48]
[49]
{إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ} [القمر: 49] أَيْ مَا خَلَقْنَاهُ فَمَقْدُورٌ وَمَكْتُوبٌ فِي اللَّوْحِ الْمَحْفُوظِ، قَالَ الْحَسَنُ: قَدَّرَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ مِنْ خَلْقِهِ قَدَرَهُ الَّذِي يَنْبَغِي لَهُ.
[50]
{وَمَا أَمْرُنَا إِلَّا وَاحِدَةٌ كَلَمْحٍ بِالْبَصَرِ} [القمر: 50] قوله: واحدة ترجع إِلَى الْمَعْنَى دُونَ اللَّفْظِ، أَيْ: وَمَا أَمْرُنَا إِلَّا مَرَّةٌ وَاحِدَةٌ، وَقِيلَ: مَعْنَاهُ وَمَا أَمْرُنَا لِلشَّيْءِ إِذَا أَرَدْنَا تَكْوِينَهُ إِلَّا كَلِمَةٌ وَاحِدَةٌ: كُنْ فَيَكُونُ، لَا مُرَاجَعَةَ فِيهَا كَلَمْحٍ بِالْبَصَرِ.
قَالَ عَطَاءٌ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: يُرِيدُ أَنَّ قَضَائِي فِي خَلْقِي أَسْرَعُ مِنْ لَمْحِ الْبَصَرِ.
وَقَالَ الْكَلْبِيُّ عَنْهُ: وما أمرنا بمجيء السَّاعَةِ فِي السُّرْعَةِ إِلَّا كَطَرَفِ البصر.
[51]
{وَلَقَدْ أَهْلَكْنَا أَشْيَاعَكُمْ} [القمر: 51] أشباهكم
(1) أخرجه عبد الرزاق 2 / 259 والطبري 27 / 108 والإمام أحمد 1 / 329.