الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الله عنه: إِلَّا لِيَعْبُدُونِ أَيْ إِلَّا لِآمُرَهُمْ أن يعبدوني وأدعوهم لعبادتي، يُؤَيِّدُهُ قَوْلُهُ عز وجل:{وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا إِلَهًا وَاحِدًا} [التَّوْبَةِ: 31] وَقَالَ مُجَاهِدٌ: إِلَّا لِيَعْرِفُونِي.
وَهَذَا أَحْسَنُ لِأَنَّهُ لَوْ لَمْ يَخْلُقْهُمْ لَمْ يُعْرَفْ وُجُودُهُ وَتَوْحِيدُهُ، دَلِيلُهُ قَوْلُهُ تَعَالَى:{وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَهُمْ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ} [الزُّخْرُفِ: 87] وَقِيلَ: مَعْنَاهُ إِلَّا لِيَخْضَعُوا إِلَيَّ وَيَتَذَلَّلُوا.
وَمَعْنَى الْعِبَادَةِ فِي اللُّغَةِ، التَّذَلُّلُ وَالِانْقِيَادُ، فَكُلُّ مَخْلُوقٌ مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ خَاضِعٌ لِقَضَاءِ اللَّهِ ومتذلل لِمَشِيئَتِهِ لَا يَمْلِكُ أَحَدٌ لِنَفْسِهِ خروجا عما خلق عليه قدر ذرة من نفع أو ضرر.
وقيل إلا ليعبدون إلا ليوحدون، فَأَمَّا الْمُؤْمِنُ فَيُوَحِّدُهُ فِي الشِّدَّةِ وَالرَّخَاءِ، وَأَمَّا الْكَافِرُ فَيُوَحِّدُهُ فِي الشِّدَّةِ وَالْبَلَاءِ دُونَ النِّعْمَةِ وَالرَّخَاءِ.
[57]
{مَا أُرِيدُ مِنْهُمْ مِنْ رِزْقٍ} [الذاريات: 57] أَيْ أَنْ يَرْزُقُوا أَحَدًا مِنْ خَلْقِي وَلَا أَنْ يَرْزُقُوا أَنْفُسَهُمْ، {وَمَا أُرِيدُ أَنْ يُطْعِمُونِ} [الذاريات: 57] أَيْ أَنْ يُطْعِمُوا أَحَدًا مِنْ خلقي، وإنما أسند الطعام إِلَى نَفْسِهِ، لِأَنَّ الْخَلْقَ عِيَالُ اللَّهِ وَمَنْ أَطْعَمَ عِيَالَ أَحَدٍ فقد أطعمه.
ثم بين أن الرزاق هُوَ لَا غَيْرُهُ فَقَالَ:
[58]
{إِنَّ اللَّهَ هُوَ الرَّزَّاقُ} [الذاريات: 58] يَعْنِي لِجَمِيعِ خَلْقِهِ، {ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ} [الذاريات: 58] وَهُوَ الْقَوِيُّ الْمُقْتَدِرُ الْمُبَالِغُ فِي الْقُوَّةِ وَالْقُدْرَةِ.
[59]
{فَإِنَّ لِلَّذِينَ ظَلَمُوا} [الذاريات: 59] كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ مَكَّةَ، {ذَنُوبًا} [الذاريات: 59] مِنَ الْعَذَابِ، {مِثْلَ ذَنُوبِ أَصْحَابِهِمْ} [الذاريات: 59] مثل نصيب أصحابهم الذين أهلكوا مَنْ قَوْمِ نُوحٍ وَعَادٍ وَثَمُودَ، وَأَصْلُ الذَّنُوبِ فِي اللُّغَةِ: الدَّلْوُ الْعَظِيمَةُ الْمَمْلُوءَةُ مَاءً، ثُمَّ اسْتُعْمِلَ فِي الْحَظِّ وَالنَّصِيبِ {فَلَا يَسْتَعْجِلُونِ} [الذاريات: 59] بِالْعَذَابِ، يَعْنِي أَنَّهُمْ أُخِّرُوا إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ.
[60]
يَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ عز وجل: {فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ يَوْمِهِمُ الَّذِي يُوعَدُونَ} [الذاريات: 60] يَعْنِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ، وَقِيلَ يَوْمُ بدر.
[سورة الطور]
[قوله تعالى وَالطُّورِ وَكِتَابٍ مَسْطُورٍ فِي رَقٍّ مَنْشُورٍ
.] . .
(52)
سورة الطور [1]{وَالطُّورِ} [الطور: 1] أَرَادَ بِهِ الْجَبَلَ الَّذِي كَلَّمَ اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ مُوسَى عليه السلام بِالْأَرْضِ الْمُقَدَّسَةِ، أَقْسَمَ اللَّهُ تعالى به.
[2]
{وَكِتَابٍ مَسْطُورٍ} [الطور: 2] مكتوب.
[3]
{فِي رَقٍّ مَنْشُورٍ} [الطور: 3] الرق: مَا يُكْتَبُ فِيهِ، وَهُوَ أَدِيمُ المصحف، والمنشور الْمَبْسُوطُ، وَاخْتَلَفُوا فِي هَذَا الْكِتَابِ، قَالَ الْكَلْبِيُّ: هُوَ مَا كَتَبَ اللَّهُ بِيَدِهِ لِمُوسَى مِنَ التَّوْرَاةِ [وَمُوسَى يَسْمَعُ صَرِيرَ الْقَلَمِ] .
وَقِيلَ: هو اللوح المحفوظ.
وقيل: هو دَوَاوِينُ الْحَفَظَةِ تَخْرُجُ إِلَيْهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مَنْشُورَةً، فَآخِذٌ بِيَمِينِهِ وَآخِذٌ بِشِمَالِهِ.
دَلِيلُهُ قَوْلُهُ عز وجل: {وَنُخْرِجُ لَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ كِتَابًا يَلْقَاهُ مَنْشُورًا} [الْإِسْرَاءِ: 13]
[4]
{وَالْبَيْتِ الْمَعْمُورِ} [الطور: 4] بِكَثْرَةِ الْغَاشِيَةِ وَالْأَهْلِ،