الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[4]
{وَرَفَعْنَا لَكَ ذِكْرَكَ} [الشرح: 4] عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ عَنِ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم «أَنَّهُ سَأَلَ جِبْرِيلَ عليه السلام عَنْ هَذِهِ الْآيَةِ (وَرَفَعْنَا لَكَ ذِكْرَكَ) ، قَالَ: قَالَ اللَّهُ - تَعَالَى -: "إِذَا ذُكِرْتُ ذُكِرْتَ مَعِي» (1) وَعَنِ الْحَسَنِ قَالَ: (وَرَفَعْنَا لَكَ ذِكْرَكَ) إذا ذكرت ذكرت. وَقَالَ عَطَاءٌ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: يُرِيدُ الْأَذَانَ وَالْإِقَامَةَ وَالتَّشَهُّدَ وَالْخُطْبَةَ عَلَى الْمَنَابِرِ وَلَوْ أَنَّ عَبْدًا عَبَدَ اللَّهَ وَصَدَّقَهُ فِي كُلِّ شَيْءٍ، وَلَمْ يَشْهَدْ أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ لَمْ يَنْتَفِعْ بِشَيْءٍ، وكان كافرا. ثُمَّ وَعَدَهُ الْيُسْرَ وَالرَّخَاءَ بَعْدَ الشِّدَّةِ، وَذَلِكَ أَنَّهُ كَانَ بِمَكَّةَ في شدة.
[5 - 6] فَقَالَ. {فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا - إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا} [الشرح: 5 - 6] أَيْ مَعَ الشِّدَّةِ الَّتِي أَنْتَ فيها من جهاد المشركين يسرا وَرَخَاءٌ بِأَنْ يُظْهِرَكَ عَلَيْهِمْ حَتَّى يَنْقَادُوا لِلْحَقِّ الَّذِي جِئْتَهُمْ بِهِ، إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا كَرَّرَهُ لِتَأْكِيدِ الْوَعْدِ وَتَعْظِيمِ الرَّجَاءِ. وَقَالَ الْحَسَنُ لَمَّا نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:«أَبْشِرُوا قَدْ جَاءَكُمُ الْيُسْرُ، لَنْ يَغْلِبَ عُسْرٌ يُسْرَيْنِ» .
[7]
{فَإِذَا فَرَغْتَ فَانْصَبْ} [الشرح: 7] أَيْ فَاتْعَبْ وَالنَّصَبُ: التَّعَبُ، قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ وَقَتَادَةُ وَالضَّحَّاكُ وَمُقَاتِلٌ وَالْكَلْبِيُّ: فَإِذَا فَرَغْتَ مِنَ الصَّلَاةِ الْمَكْتُوبَةِ فَانْصَبْ إِلَى رَبِّكَ فِي الدُّعَاءِ، وَارْغَبْ إِلَيْهِ فِي الْمَسْأَلَةِ يُعْطِكَ. وَرَوَى عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ مُجَاهِدٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: إِذَا صَلَّيْتَ فَاجْتَهِدْ فِي الدُّعَاءِ وَالْمَسْأَلَةِ. وَقَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ: إِذَا فَرَغْتَ مِنَ الْفَرَائِضِ فَانْصَبْ فِي قِيَامِ اللَّيْلِ. وَقَالَ الشَّعْبِيُّ: إِذَا فَرَغْتَ مِنَ التَّشَهُّدِ فَادْعُ لِدُنْيَاكَ وَآخِرَتِكَ. وَقَالَ الْحَسَنُ وَزَيْدُ بْنُ أَسْلَمَ: إِذَا فَرَغْتَ مِنْ جِهَادِ عَدُوِّكَ فَانْصَبْ فِي عِبَادَةِ رَبِّكَ. وَقَالَ مَنْصُورٌ عَنْ مُجَاهِدٍ: إِذَا فَرَغْتَ مِنْ أَمْرِ الدُّنْيَا فَانْصَبْ فِي عِبَادَةِ رَبِّكَ وَصَلِّ. وَقَالَ حَيَّانُ عَنِ الْكَلْبِيِّ: إِذَا فَرَغْتَ مِنْ تَبْلِيغِ الرِّسَالَةِ فَانْصَبْ، أَيِ: اسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ وَلِلْمُؤْمِنِينَ.
[8]
{وَإِلَى رَبِّكَ فَارْغَبْ} [الشرح: 8] قَالَ عَطَاءٌ: تَضَرَّعْ إِلَيْهِ رَاهِبًا مِنَ النَّارِ رَاغِبًا فِي الْجَنَّةِ. وَقِيلَ: فَارْغَبْ إِلَيْهِ فِي جَمِيعِ أَحْوَالِكَ. قَالَ الزَّجَّاجُ: أَيِ اجْعَلْ رَغْبَتَكَ إِلَى اللَّهِ وَحْدَهُ.
[سُورَةُ التين]
[قوله تعالى وَالتِّينِ وَالزَّيْتُونِ وَطُورِ سِينِينَ
. . .]
(95)
سورة التين [1]{وَالتِّينِ وَالزَّيْتُونِ} [التين: 1] قال ابن عباس: هو تينكم الَّذِي تَأْكُلُونَهُ وَزَيْتُونُكُمْ هَذَا الَّذِي تعصرون منه الزيت. وقيل: خَصَّ التِّينَ بِالْقَسَمِ لِأَنَّهَا فَاكِهَةٌ مختصة لا عجم فيها، شبيهة بفواكه الجنة. والزيتون شَجَرَةٌ مُبَارَكَةٌ جَاءَ بِهَا الْحَدِيثُ وهو تمر وَدُهْنٌ يَصْلُحُ لِلِاصْطِبَاغِ وَالِاصْطِبَاحِ. وَقَالَ عِكْرِمَةُ: هُمَا جَبَلَانِ. قَالَ قَتَادَةُ: التِّينُ الْجَبَلُ الَّذِي عَلَيْهِ دِمَشْقُ والزيتون الْجَبَلُ الَّذِي عَلَيْهِ بَيْتُ الْمَقْدِسِ لِأَنَّهُمَا يُنْبِتَانِ التِّينَ وَالزَّيْتُونَ. وَقَالَ الضَّحَّاكُ: هُمَا مَسْجِدَانِ بِالشَّامِ. قَالَ ابْنُ زَيْدٍ: التِّينُ مَسْجِدُ دِمَشْقَ والزيتون مَسْجِدُ بَيْتِ الْمَقْدِسِ. وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ كَعْبٍ: التِّينُ مَسْجِدُ أَصْحَابِ الكهف والزيتون مسجد إيليا.
[2]
{وَطُورِ سِينِينَ} [التين: 2] يَعْنِي الْجَبَلَ الَّذِي كَلَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ مُوسَى عليه السلام وَذَكَرْنَا مَعْنَاهُ عِنْدَ قَوْلِهِ: {وَشَجَرَةً تَخْرُجُ مِنْ طُورِ سَيْنَاءَ} [الْمُؤْمِنُونَ: 20]
[3]
{وَهَذَا الْبَلَدِ الْأَمِينِ} [التين: 3] أَيِ الْآمَنِ، يَعْنِي مَكَّةَ يَأْمَنُ فِيهِ النَّاسُ فِي الْجَاهِلِيَّةِ وَالْإِسْلَامِ، هذه أَقْسَامٌ وَالْمُقْسَمُ عَلَيْهِ قَوْلُهُ:
[4]
{لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ} [التين: 4] أَعْدَلِ قَامَةٍ وَأَحْسَنِ صُورَةٍ، وَذَلِكَ أَنَّهُ خَلَقَ كُلَّ حَيَوَانٍ مُنْكَبًّا عَلَى وَجْهِهِ إِلَّا الْإِنْسَانَ خَلَقَهُ مَدِيدَ الْقَامَةِ يَتَنَاوَلُ مَأْكُولَهُ بِيَدِهِ مُزَيَّنًا بِالْعَقْلِ وَالتَّمْيِيزِ.
[5]
{ثُمَّ رَدَدْنَاهُ أَسْفَلَ سَافِلِينَ} [التين: 5] يُرِيدُ إِلَى الْهَرَمِ وَأَرْذَلِ الْعُمُرِ، فينقص عقله ويضعف بدنه،
(1) أخرجه الطبري (30 / 235) وأبو يعلى في المسند (2 / 131) وابن حبان برقم (1772) ص 439 من موارد الظمآن وفيه ابن لهيعة وقد اختلط، وروايات دراج عن أبي الهيثم فيها ضعف.