الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
لَيْلَةَ أُسَرِيَ بِهِ وَأَمَرَهُ أَنْ يَسْأَلَهُمْ فَلَمْ يَشُكَّ وَلَمْ يَسْأَلْ. وَقَالَ أَكْثَرُ الْمُفَسِّرِينَ: سَلْ مُؤْمِنِي أَهْلِ الْكِتَابِ الَّذِينَ أَرْسَلْتُ إِلَيْهِمُ الْأَنْبِيَاءَ هَلْ جَاءَتْهُمُ الرُّسُلُ إِلَّا بالتوحيد؟ يَدُلُّ عَلَيْهِ قِرَاءَةُ عَبْدِ اللَّهِ وَأُبَيٍّ: (وَاسْأَلِ الَّذِينَ أَرْسَلَنَا إِلَيْهِمْ قَبْلَكَ رُسُلَنَا) ، وَمَعْنَى الْأَمْرِ بِالسُّؤَالِ التَّقْرِيرُ لِمُشْرِكِي قُرَيْشٍ أَنَّهُ لَمْ يَأْتِ رَسُولٌ وَلَا كِتَابٌ بِعِبَادَةِ غَيْرِ اللَّهِ عز وجل.
[46، 47]{وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا مُوسَى بِآيَاتِنَا إِلَى فِرْعَوْنَ وَمَلَئِهِ فَقَالَ إِنِّي رَسُولُ رَبِّ الْعَالَمِينَ - فَلَمَّا جَاءَهُمْ بِآيَاتِنَا إِذَا هُمْ مِنْهَا يَضْحَكُونَ} [الزخرف: 46 - 47] استهزاء.
[قوله تعالى وَمَا نُرِيهِمْ مِنْ آيَةٍ إِلَّا هِيَ أَكْبَرُ مِنْ]
أُخْتِهَا وَأَخَذْنَاهُمْ بِالْعَذَابِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ. . .
[48]
{وَمَا نُرِيهِمْ مِنْ آيَةٍ إِلَّا هِيَ أَكْبَرُ مِنْ أُخْتِهَا} [الزخرف: 48] قَرِينَتِهَا وَصَاحِبَتِهَا الَّتِي كَانَتْ قَبْلَهَا، {وَأَخَذْنَاهُمْ بِالْعَذَابِ} [الزخرف: 48] بِالسِّنِينَ وَالطُّوفَانِ وَالْجَرَادِ وَالْقُمَّلِ وَالضَّفَادِعِ وَالدَّمِ وَالطَّمْسِ، فَكَانَتْ هَذِهِ دَلَالَاتٍ لِمُوسَى، وَعَذَابًا لَهُمْ، فَكَانَتْ كُلُّ وَاحِدَةٍ أَكْبَرَ مِنَ الَّتِي قَبْلَهَا، {لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ} [الزخرف: 48] عن كفرهم.
[49]
{وَقَالُوا} [الزخرف: 49] لِمُوسَى لَمَّا عَايَنُوا الْعَذَابَ، {يَا أَيُّهَ السَّاحِرُ} [الزخرف: 49] يَا أَيُّهَا الْعَالِمُ الْكَامِلُ الْحَاذِقُ، إنما قَالُوا هَذَا تَوْقِيرًا وَتَعْظِيمًا لَهُ لِأَنَّ السِّحْرَ عِنْدَهُمْ كَانَ عِلْمًا عَظِيمًا وَصِفَةً مَمْدُوحَةً، وَقِيلَ: مَعْنَاهُ يَا أَيُّهَا الَّذِي غَلَبَنَا بِسِحْرِهِ. وَقَالَ الزَّجَّاجُ: خَاطَبُوهُ بِهِ لِمَا تَقَدَّمَ لَهُ عِنْدَهُمْ مِنَ التَّسْمِيَةِ بِالسَّاحِرِ. {ادْعُ لَنَا رَبَّكَ بِمَا عَهِدَ عِنْدَكَ} [الزخرف: 49] أَيْ بِمَا أَخْبَرْتَنَا مِنْ عَهْدِهِ إِلَيْكَ إِنْ آمَنَّا كَشَفَ عَنَّا الْعَذَابَ فَاسْأَلْهُ يَكْشِفُ عَنَّا الْعَذَابَ، {إِنَّنَا لَمُهْتَدُونَ} [الزخرف: 49] مُؤْمِنُونَ فَدَعَا مُوسَى فَكَشَفَ عَنْهُمْ فَلَمْ يُؤْمِنُوا.
[50]
فَذَلِكَ قَوْلُهُ عز وجل: {فَلَمَّا كَشَفْنَا عَنْهُمُ الْعَذَابَ إِذَا هُمْ يَنْكُثُونَ} [الزخرف: 50] يَنْقُضُونَ عَهْدَهُمْ وَيُصِرُّونَ عَلَى كُفْرِهِمْ.
[51]
{وَنَادَى فِرْعَوْنُ فِي قَوْمِهِ قَالَ يَا قَوْمِ أَلَيْسَ لِي مُلْكُ مِصْرَ وَهَذِهِ الْأَنْهَارُ} [الزخرف: 51] أَنْهَارُ النِّيلِ، {تَجْرِي مِنْ تَحْتِي} [الزخرف: 51] مِنْ تَحْتِ قُصُورِي، وَقَالَ قَتَادَةُ: تَجْرِي بَيْنَ يَدِي فِي جِنَانِي وَبَسَاتِينِي. وَقَالَ الْحَسَنُ: بِأَمْرِي. {أَفَلَا تُبْصِرُونَ} [الزخرف: 51] عَظَمَتِي وَشِدَّةَ مُلْكِي.
[52]
{أَمْ أَنَا خَيْرٌ} [الزخرف: 52] بَلْ أَنَا خَيْرٌ، (أَمْ) بِمَعْنَى بَلْ وَلَيْسَ بِحَرْفِ عَطْفٍ عَلَى قَوْلِ أَكْثَرِ الْمُفَسِّرِينَ، وَقَالَ الْفَرَّاءُ: الْوَقْفُ عَلَى قَوْلِهِ (أَمْ) وَفِيهِ إِضْمَارٌ مَجَازُهُ أَفَلَا تُبْصِرُونَ أَمْ تُبْصِرُونَ، ثُمَّ ابْتَدَأَ فَقَالَ أَنَا خَيْرٌ، {مِنْ هَذَا الَّذِي هُوَ مَهِينٌ} [الزخرف: 52] ضَعِيفٌ حَقِيرٌ يَعْنِي مُوسَى، قَوْلُهُ:{وَلَا يَكَادُ يُبِينُ} [الزخرف: 52] يُفْصِحُ بِكَلَامِهِ لِلُثْغَتِهِ الَّتِي فِي لسانه.
[53]
{فَلَوْلَا أُلْقِيَ عَلَيْهِ} [الزخرف: 53] إِنْ كَانَ صَادِقًا، {أَسْوِرَةٌ مِنْ ذَهَبٍ} [الزخرف: 53] قَرَأَ حَفْصٌ وَيَعْقُوبُ (أَسْوِرَةٌ) جَمَعَ سِوَارٍ، وَقَرَأَ الْآخَرُونَ (أَسَاوِرَةٌ) عَلَى جَمْعِ الْأَسْوِرَةِ، وَهِيَ جَمْعُ الْجَمْعِ. قَالَ مُجَاهِدٌ: كَانُوا إِذَا سَوَّدُوا رَجُلًا سَوَّرُوهُ بِسِوَارٍ وَطَوَّقُوهُ بِطَوْقٍ مِنْ ذَهَبٍ يَكُونُ ذَلِكَ دَلَالَةً لِسِيَادَتِهِ، فَقَالَ فِرْعَوْنُ: هَلَّا