الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
تَحْبَطَ حَسَنَاتُكُمْ: {وَأَنْتُمْ لَا تَشْعُرُونَ} [الحجرات: 2]
[3]
{إِنَّ الَّذِينَ يَغُضُّونَ} [الحجرات: 3] يَخْفِضُونَ {أَصْوَاتَهُمْ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ} [الحجرات: 3] إِجْلَالًا لَهُ، {أُولَئِكَ الَّذِينَ امْتَحَنَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ لِلتَّقْوَى} [الحجرات: 3] اخْتَبَرَهَا وَأَخْلَصَهَا كَمَا يُمْتَحَنُ الذَّهَبُ بِالنَّارِ فَيَخْرُجُ خَالِصُهُ، {لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ عَظِيمٌ} [الحجرات: 3]
[4]
{إِنَّ الَّذِينَ يُنَادُونَكَ مِنْ وَرَاءِ الْحُجُرَاتِ} [الْحُجُرَاتِ: 4] قَرَأَ الْعَامَّةُ بِضَمِّ الْجِيمِ، وقرأ أبو جعفر فتح الْجِيمِ، وَهُمَا لُغَتَانِ، وَهِيَ جَمْعُ الحُجَر، والحُجَر جُمَعُ الحُجْرة فَهِيَ جمع الجمع. وقال ابْنُ عَبَّاسٍ: بَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم سَرِيَّةً إِلَى بَنِي الْعَنْبَرِ وَأَمَّرَ عَلَيْهِمْ عُيَيْنَةَ بْنَ حِصْنٍ الْفَزَارِيَّ، فَلَمَّا عَلِمُوا أَنَّهُ تَوَجَّهَ نَحْوَهُمْ هَرَبُوا وَتَرَكُوا عِيَالَهُمْ، فَسَبَاهُمْ عُيَيْنَةُ بْنُ حِصْنٍ وَقَدِمَ بِهِمْ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَجَاءَ بَعْدَ ذَلِكَ رِجَالُهُمْ يَفْدُونَ الذراري، فَجَعَلُوا يُنَادُونَ: يَا مُحَمَّدُ اخْرُجْ إلينا، ويصيحون، فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى:{إِنَّ الَّذِينَ يُنَادُونَكَ مِنْ وَرَاءِ الْحُجُرَاتِ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْقِلُونَ} [الحجرات: 4] وصفهم بالجهل وقلة العقل.
[قوله تعالى وَلَوْ أَنَّهُمْ صَبَرُوا حَتَّى تَخْرُجَ إِلَيْهِمْ]
لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ. . .
[5]
{وَلَوْ أَنَّهُمْ صَبَرُوا حَتَّى تَخْرُجَ إِلَيْهِمْ لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ} [الحجرات: 5] قَالَ مُقَاتِلٌ: لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ لِأَنَّكَ كُنْتَ تَعْتِقُهُمْ جَمِيعًا وَتُطْلِقُهُمْ بِلَا فِدَاءٍ، {وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ} [الحجرات: 5] وَقَالَ قَتَادَةُ: نَزَلَتْ فِي نَاسٍ مِنْ أَعْرَابِ بَنِي تَمِيمٍ جَاءُوا إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَنَادَوْا عَلَى الْبَابِ: اخْرُجْ إِلَيْنَا يا محمد.
[6]
قَوْلُهُ عز وجل: « {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا} [الحجرات: 6] الْآيَةَ نَزَلَتْ فِي الْوَلِيدِ بْنِ عُقْبَةَ بْنِ أَبِي مُعَيْطٍ، بَعَثَهُ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِلَى بَنِي الْمُصْطَلِقِ بَعْدَ الْوَقْعَةِ مُصَدِّقًا وَكَانَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُمْ عَدَاوَةٌ فِي الْجَاهِلِيَّةِ، فَلَمَّا سَمِعَ بِهِ الْقَوْمُ تَلَقُّوهُ تَعْظِيمًا لِأَمْرِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَحَدَّثَهُ الشَّيْطَانُ أَنَّهُمْ يُرِيدُونَ قَتْلَهُ فَهَابَهُمْ فَرَجَعَ مِنَ الطَّرِيقِ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وقال: إِنْ بَنِي الْمُصْطَلِقِ قَدْ مَنَعُوا صَدَقَاتِهِمْ وَأَرَادُوا قَتْلِي، فَغَضِبَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وهمّ أن يغزوهم، وَبَعَثَ خَالِدَ بْنَ الْوَلِيدِ إِلَيْهِمْ خُفْيَةً فِي عَسْكَرٍ وَأَمَرَهُ أَنْ يُخْفِيَ عَلَيْهِمْ قُدُومَهُ، وَقَالَ لَهُ: انْظُرْ فَإِنْ رَأَيْتَ مِنْهُمْ مَا يَدُلُّ عَلَى إِيمَانِهِمْ فَخُذْ مِنْهُمْ زَكَاةَ أَمْوَالِهِمْ، وَإِنْ لَمْ تَرَ ذَلِكَ فَاسْتَعْمِلْ فِيهِمْ مَا يُسْتَعْمَلُ فِي الْكُفَّارِ، فَفَعَلَ ذَلِكَ خَالِدٌ وَوَافَاهُمْ فَسَمِعَ مِنْهُمْ أَذَانَ صَلَاتَيِ الْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ، فَأَخَذَ مِنْهُمْ صَدَقَاتِهِمْ وَلَمْ يَرَ مِنْهُمْ إِلَّا الطَّاعَةَ وَالْخَيْرَ، فَانْصَرَفَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَأَخْبَرَهُ الْخَبَرَ» (1) فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ) يَعْنِي الْوَلِيدَ بْنَ عُقْبَةَ، (بنبأ) ، بخبر، {أَنْ تُصِيبُوا} [الحجرات: 6] كَيْ لَا تُصِيبُوا بِالْقَتْلِ وَالْقِتَالِ، {قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ} [الحجرات: 6] من إصابتكم بالخطأ.
(1) أخرجه الطبري 26 / 123 والإمام أحمد 4 / 279 وعبد الرزاق في التفسير 2 / 231.