الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[40،
[41]
{فِي جَنَّاتٍ يَتَسَاءَلُونَ - عَنِ الْمُجْرِمِينَ} [المدثر: 40 - 41] المشركين.
[42]
{مَا سَلَكَكُمْ} [المدثر: 42] أدخلكم، {فِي سَقَرَ} [المدثر: 42] فَأَجَابُوا.
[43]
{قَالُوا لَمْ نَكُ مِنَ الْمُصَلِّينَ} [المدثر: 43] لِلَّهِ.
[44-47]{وَلَمْ نَكُ نُطْعِمُ الْمِسْكِينَ - وَكُنَّا نَخُوضُ} [المدثر: 44 - 45] فِي الْبَاطِلِ، {مَعَ الْخَائِضِينَ - وَكُنَّا نُكَذِّبُ بِيَوْمِ الدِّينِ - حَتَّى أَتَانَا الْيَقِينُ} [المدثر: 45 - 47] وَهُوَ الْمَوْتُ.
[48]
قَالَ اللَّهُ عز وجل: {فَمَا تَنْفَعُهُمْ شَفَاعَةُ الشَّافِعِينَ} [المدثر: 48] قَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ: تَشْفَعُ الْمَلَائِكَةُ وَالنَّبِيُّونَ وَالشُّهَدَاءُ وَالصَّالِحُونَ وَجَمِيعُ الْمُؤْمِنِينَ، فَلَا يَبْقَى فِي النَّارِ إِلَّا أَرْبَعَةٌ، ثُمَّ تَلَا:{قَالُوا لَمْ نَكُ مِنَ الْمُصَلِّينَ} [المدثر: 43] إلى قوله: {بِيَوْمِ الدِّينِ} [المدثر: 46] قَالَ عِمْرَانُ بْنُ الْحُصَيْنِ: الشَّفَاعَةُ نَافِعَةٌ لِكُلِّ وَاحِدٍ دُونَ هَؤُلَاءِ الذين تسمعون.
[49]
{فَمَا لَهُمْ عَنِ التَّذْكِرَةِ مُعْرِضِينَ} [المدثر: 49] عن مَوَاعِظِ الْقُرْآنِ مُعْرِضِينَ نُصِبَ عَلَى الْحَالِ، وَقِيلَ صَارُوا مُعْرِضِينَ.
[50]
{كَأَنَّهُمْ حُمُرٌ} [المدثر: 50] جمع حمار، {مُسْتَنْفِرَةٌ} [المدثر: 50] قَرَأَ أَهْلُ الْمَدِينَةِ وَالشَّامِ بِفَتْحِ الْفَاءِ، وَقَرَأَ الْبَاقُونَ بِكَسْرِهَا، فَمَنْ قَرَأَ بِالْفَتْحِ فَمَعْنَاهَا مُنَفَّرَةٌ مَذْعُورَةٌ، وَمَنْ قَرَأَ بِالْكَسْرِ فَمَعْنَاهَا نَافِرَةٌ، يُقَالُ: نَفَرَ وَاسْتَنْفَرَ بِمَعْنًى وَاحِدٍ، كَمَا يُقَالُ عَجِبَ وَاسْتَعْجَبَ.
[51]
{فَرَّتْ مِنْ قَسْوَرَةٍ} [المدثر: 51] قَالَ مُجَاهِدٌ وَقَتَادَةُ وَالضَّحَّاكُ: الْقَسْوَرَةُ جماعة الرُّمَاةُ لَا وَاحِدَ لَهَا مِنْ لَفْظِهَا، وَهِيَ رِوَايَةُ عَطَاءٍ عَنِ ابْنُ عَبَّاسٍ. وَقَالَ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ: هُمُ الْقُنَّاصُ وَهِيَ رِوَايَةُ عطيه عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ. وَقَالَ زيد بن أسلم: من رِجَالٌ أَقْوِيَاءُ وَكُلُّ ضَخْمٍ شَدِيدٍ عِنْدَ الْعَرَبِ قَسْوَرٌ وَقَسْوَرَةٌ. وَعَنْ أَبِي الْمُتَوَكِّلِ قَالَ: هِيَ لَغَطُ الْقَوْمِ وَأَصْوَاتُهُمْ. وَرَوَى عِكْرِمَةُ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: هِيَ حِبَالُ الصَّيَّادِينَ. وَقَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ: هِيَ الْأَسَدُ، وَهُوَ قَوْلُ عَطَاءٍ وَالْكَلْبِيِّ وَذَلِكَ أَنَّ الْحُمُرَ الْوَحْشِيَّةَ إِذَا عَايَنَتِ الْأَسَدَ هَرَبَتْ، كَذَلِكَ هَؤُلَاءِ الْمُشْرِكِينَ إِذَا سَمِعُوا النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم يَقْرَأُ الْقُرْآنَ هَرَبُوا مِنْهُ. قَالَ عِكْرِمَةُ: هِيَ ظُلْمَةُ اللَّيْلِ، وَيُقَالُ لِسَوَادِ أَوَّلِ اللَّيْلِ قَسْوَرَةٌ.
[52]
{بَلْ يُرِيدُ كُلُّ امْرِئٍ مِنْهُمْ أَنْ يُؤْتَى صُحُفًا مُنَشَّرَةً} [المدثر: 52] قَالَ الْمُفَسِّرُونَ: إِنَّ كُفَّارَ قُرَيْشٍ قَالُوا لِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: لِيُصْبِحَ عِنْدَ رَأْسِ كُلِّ رَجُلٍ مِنَّا كِتَابٌ مَنْشُورٌ مِنَ اللَّهِ أَنَّكَ لَرَسُولُهُ نُؤْمَرُ فِيهِ بِاتِّبَاعِكَ. قَالَ الْكَلْبِيُّ: إِنَّ الْمُشْرِكِينَ قَالُوا: يَا مُحَمَّدُ بَلَغَنَا أَنَّ الرَّجُلَ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ كَانَ يُصْبِحُ مَكْتُوبًا عِنْدَ رَأْسِهِ ذَنْبُهُ وَكَفَّارَتُهُ، فَأْتِنَا بِمِثْلِ ذَلِكَ، وَالصُّحُفُ الْكُتُبُ وَهِيَ جُمَعُ الصَّحِيفَةِ ومنشرة منشورة.
[53]
فقال الله - تعالى -: {كَلَّا} [المدثر: 53] لَا يُؤْتَوْنَ الصُّحُفَ. وَقِيلَ: حَقًّا وَكُلُّ مَا وَرَدَ عَلَيْكَ مِنْهُ فَهَذَا وَجْهُهُ {بَلْ لَا يَخَافُونَ الْآخِرَةَ} [المدثر: 53] أَيْ لَا يَخَافُونَ عَذَابَ الْآخِرَةِ، وَالْمَعْنَى أَنَّهُمْ لَوْ خَافُوا النَّارَ لَمَا اقْتَرَحُوا هَذِهِ الْآيَاتِ بَعْدَ قيام الأدلة.
[54]
{كَلَّا} [المدثر: 54] حقا {إِنَّهُ} [المدثر: 54] يعني القرآن {تَذْكِرَةٌ} [المدثر: 54] موعظة.
[55]
{فَمَنْ شَاءَ ذَكَرَهُ} [المدثر: 55] اتعظ به.
[56]
{وَمَا يَذْكُرُونَ} [المدثر: 56] قَرَأَ نَافِعٌ وَيَعْقُوبُ: تَذْكُرُونَ بِالتَّاءِ وَالْآخَرُونَ بِالْيَاءِ، {إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ} [المدثر: 56] قَالَ مُقَاتِلٌ: إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ لَهُمُ الْهُدَى. {هُوَ أَهْلُ التَّقْوَى وَأَهْلُ الْمَغْفِرَةِ} [المدثر: 56] أي أهل أن تتقى مَحَارِمُهُ وَأَهْلُ أَنْ يَغْفِرَ لِمَنِ اتقاه.
[سورة القيامة]
[قوله تعالى لَا أُقْسِمُ بِيَوْمِ الْقِيَامَةِ
. . .]
(75)
سورة القيامة [1]{لَا أُقْسِمُ بِيَوْمِ الْقِيَامَةِ} [الْقِيَامَةِ: 1] قَرَأَ الْقَوَّاسُ عَنِ ابْنِ كَثِيرٍ (لَأُقْسِمُ) الْحَرْفُ الْأَوَّلُ بِلَا أَلِفٍ قَبْلَ الْهَمْزَةِ.
[2]
{وَلَا أُقْسِمُ بِالنَّفْسِ اللَّوَّامَةِ} [القيامة: 2] بِالْأَلِفِ، وَكَذَلِكَ قَرَأَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ الْأَعْرَجُ، عَلَى مَعْنَى أَنَّهُ أَقْسَمَ بِيَوْمِ الْقِيَامَةِ، وَلَمْ يُقْسِمْ بِالنَّفْسِ اللَّوَّامَةِ، وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ أَقْسَمَ بِهِمَا جَمِيعًا وَ (لَا) صِلَةَ فِيهِمَا أَيْ أَقْسَمَ بِيَوْمِ
الْقِيَامَةِ وَبِالنَّفْسِ اللَّوَّامَةِ. وَقَالَ أَبُو بَكْرِ بْنُ عَيَّاشٍ: هُوَ تَأْكِيدٌ كَقَوْلِكَ لَا وَاللَّهِ. وَقَالَ الْفَرَّاءُ: (لا) رد لكلام الْمُشْرِكِينَ الْمُنْكِرِينَ، ثُمَّ ابْتَدَأَ فَقَالَ: أُقْسِمُ بِيَوْمِ الْقِيَامَةِ وَأُقْسِمُ بِالنَّفْسِ اللوامة {وَلَا أُقْسِمُ بِالنَّفْسِ اللَّوَّامَةِ} [الْقِيَامَةِ: 2] قَالَ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ وَعِكْرِمَةُ: تَلُومُ عَلَى الْخَيْرِ وَالشَّرِّ وَلَا تَصْبِرُ عَلَى السَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ. قال قتادة: اللوامة: الفاجرة. قال مُجَاهِدٌ: تَنْدَمُ عَلَى مَا فَاتَ وتقول: لو فعلت ولم أَفْعَلْ. قَالَ الْفَرَّاءُ: لَيْسَ مِنْ نَفْسٍ بَرَّةٍ وَلَا فَاجِرَةٍ إِلَّا وهي تلوم نفسها، إن صانت عَمِلَتْ خَيْرًا قَالَتْ: هَلَّا ازْدَدْتُ، وإن عملت شرا قالت: لَيْتَنِي لَمْ أَفْعَلْ. قَالَ الْحَسَنُ: هِيَ النَّفْسُ الْمُؤْمِنَةُ قَالَ: إِنَّ الْمُؤْمِنَ وَاللَّهِ مَا تَرَاهُ إِلَّا يَلُومُ نَفْسَهُ: مَا أَرَدْتُ بِكَلَامِي ما أردت بكلامي. وإن الفاجر يمضي قدما، يحاسب نفسه ولا يعاتبها. قال مُقَاتِلٌ: هِيَ النَّفْسُ الْكَافِرَةُ تَلُومُ نَفْسَهَا فِي الْآخِرَةِ عَلَى مَا فَرَّطَتْ فِي أَمْرِ اللَّهِ فِي الدنيا.
[3]
{أَيَحْسَبُ الْإِنْسَانُ} [القيامة: 3] يَعْنِي الْكَافِرَ {أَلَّنْ نَجْمَعَ عِظَامَهُ} [القيامة: 3] بَعْدَ التَّفَرُّقِ وَالْبِلَى فَنُحْيِيهِ، قِيلَ: ذَكَرَ الْعِظَامَ، وَأَرَادَ نَفْسَهُ لِأَنَّ الْعِظَامَ قَالِبُ النَّفْسِ لَا يَسْتَوِي الْخَلْقُ إِلَّا بِاسْتِوَائِهَا. وَقِيلَ: هُوَ خَارِجٌ عَلَى قَوْلِ الْمُنْكِرِ أو يجمع اللَّهُ الْعِظَامَ كَقَوْلِهِ: {قَالَ مَنْ يُحْيِي الْعِظَامَ وَهِيَ رَمِيمٌ} [يس: 78]
[4]
{بَلَى قَادِرِينَ} [القيامة: 4] أي نقدر يُرِيدُ بَلْ قَادِرِينَ عَلَى أَكْثَرَ مِنْ ذَا، مَجَازُ الْآيَةِ: بَلَى نَقْدِرُ عَلَى جَمْعِ عِظَامِهِ وَعَلَى مَا هُوَ أَعْظَمُ مِنْ ذَلِكَ، وَهُوَ:{عَلَى أَنْ نُسَوِّيَ بَنَانَهُ} [القيامة: 4] أَنَامِلَهُ فَنَجْعَلُ أَصَابِعَ يَدَيْهِ وَرِجْلَيْهِ شَيْئًا وَاحِدًا كَخُفِّ الْبَعِيرِ وَحَافِرِ الْحِمَارِ، فَلَا يَرْتَفِقُ بِهَا بِالْقَبْضِ وَالْبَسْطِ وَالْأَعْمَالِ اللَّطِيفَةِ، كَالْكِتَابَةِ وَالْخِيَاطَةِ وَغَيْرِهَا، هَذَا قَوْلُ أَكْثَرِ الْمُفَسِّرِينَ. وَقَالَ الزَّجَّاجُ وَابْنُ قُتَيْبَةَ: مَعْنَاهُ ظَنَّ الْكَافِرُ أَنَا لَا نَقْدِرُ عَلَى جَمْعِ عِظَامِهِ بَلَى نَقْدِرُ عَلَى أَنْ نُعِيدَ السُّلَامَيَاتِ عَلَى صِغَرِهَا فَنُؤَلِّفُ بَيْنَهَا حَتَّى نُسَوِّيَ الْبَنَانَ، فَمَنْ قَدَرَ عَلَى جَمْعِ صِغَارِ الْعِظَامِ فَهُوَ عَلَى جَمْعِ كِبَارِهَا أَقْدَرُ.
[5]
{بَلْ يُرِيدُ الْإِنْسَانُ لِيَفْجُرَ أَمَامَهُ} [القيامة: 5] يقول: لا جهل ابْنُ آدَمَ أَنَّ رَبَّهُ قَادِرٌ عَلَى جَمْعِ عِظَامِهِ لَكِنَّهُ يُرِيدُ أَنْ يَفْجُرَ أَمَامَهُ أَيْ يَمْضِي قدما في مَعَاصِي اللَّهِ مَا عَاشَ رَاكِبًا رَأْسَهُ لَا يَنْزِعُ عَنْهَا وَلَا يَتُوبُ، هَذَا قَوْلُ مُجَاهِدٍ وَالْحَسَنِ وَعِكْرِمَةَ وَالسُّدِّيِّ. وَقَالَ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ: لِيَفْجُرَ أَمَامَهُ يُقْدِمُ عَلَى الذَّنْبِ وَيُؤَخِّرُ التَّوْبَةَ فَيَقُولُ: سَوْفَ أَتُوبُ سَوْفَ أَعْمَلُ حَتَّى يَأْتِيَهُ الْمَوْتُ عَلَى شَرِّ أَحْوَالِهِ وَأَسْوَأِ أَعْمَالِهِ. وَقَالَ الضَّحَّاكُ: هُوَ الْأَمَلُ يَقُولُ: أَعِيشُ فَأُصِيبُ مِنَ الدُّنْيَا كَذَا وَكَذَا وَلَا يَذْكُرُ الْمَوْتَ. وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ وَابْنُ زَيْدٍ: يُكَذِّبُ بِمَا أَمَامَهُ مِنَ الْبَعْثِ وَالْحِسَابِ. وَأَصْلُ الْفُجُورِ الْمَيْلُ وَسُمِّي الْفَاسِقُ وَالْكَافِرُ فَاجِرًا لِمَيْلِهِ عَنِ الْحَقِّ.
[6]
{يَسْأَلُ أَيَّانَ يَوْمُ الْقِيَامَةِ} [الْقِيَامَةِ: 6] أَيْ مَتَى يَكُونُ ذَلِكَ، تَكْذِيبًا بِهِ.
[7]
قَالَ اللَّهُ - تَعَالَى -: {فَإِذَا بَرِقَ الْبَصَرُ} [القيامة: 7] قَالَ قَتَادَةُ وَمُقَاتِلٌ: شَخَصَ الْبَصَرُ فَلَا يَطْرِفُ مِمَّا يَرَى مِنَ الْعَجَائِبِ الَّتِي كَانَ يُكَذِّبُ بِهَا فِي الدُّنْيَا. قِيلَ: ذَلِكَ عِنْدَ الْمَوْتِ. وَقَالَ الْكَلْبِيُّ: عِنْدَ رُؤْيَةِ جهنم تبرق أَبْصَارُ الْكُفَّارِ. وَقَالَ الْفَرَّاءُ وَالْخَلِيلُ: بَرِقَ بِالْكَسْرِ أَيْ فَزِعَ وَتَحَيَّرَ لما يرى من العجائب، وبرق بِالْفَتْحِ أَيْ شَقَّ عَيْنَهُ وَفَتَحَهَا مِنَ الْبَرِيقِ وَهُوَ التَّلَأْلُؤُ.
[8]
{وَخَسَفَ الْقَمَرُ} [القيامة: 8] أَظْلَمَ وَذَهَبَ نُورُهُ وَضَوْءُهُ.
[9]
{وَجُمِعَ الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ} [القيامة: 9] صارا أَسْوَدَيْنِ مُكَوَّرَيْنِ كَأَنَّهُمَا ثَوْرَانِ عَقِيرَانِ. وَقِيلَ: يُجْمَعُ بَيْنَهُمَا فِي ذَهَابِ الضياء. وقال كعطاء بْنُ يَسَارٍ: يُجْمَعَانِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ثُمَّ يُقْذَفَانِ فِي الْبَحْرِ فَيَكُونَانِ نار الله الكبرى. وقيل: يجمعان ثم يقذفان في النار. وقيل: يجمعان فيطلعان من المغرب.
[10]
{يَقُولُ الْإِنْسَانُ} [القيامة: 10] أَيِ الْكَافِرُ الْمُكَذِّبُ {يَوْمَئِذٍ أَيْنَ الْمَفَرُّ} [القيامة: 10] أَيْ الْمَهْرَبُ وَهُوَ مَوْضِعُ الْفِرَارُ. وَقِيلَ: هُوَ مَصْدَرٌ أَيْ أَيْنَ الْفِرَارُ.
[11]
قَالَ اللَّهُ - تَعَالَى -: {كَلَّا لَا وَزَرَ} [القيامة: 11] لَا حِصْنَ
وَلَا حِرْزَ وَلَا مَلْجَأَ. وَقَالَ السُّدِّيُّ: لَا جَبَلَ وَكَانُوا إِذَا فَزِعُوا لَجَئُوا إِلَى الْجَبَلِ فَتُحَصَّنُوا به. وقال - تَعَالَى -: لَا جَبَلَ يَوْمَئِذٍ يَمْنَعُهُمْ.
[12]
{إِلَى رَبِّكَ يَوْمَئِذٍ الْمُسْتَقَرُّ} [القيامة: 12] أَيْ مُسْتَقَرُّ الْخَلْقِ. وَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ: الْمَصِيرُ وَالْمَرْجِعُ نَظِيرُهُ قَوْلُهُ - تَعَالَى -. {إِلَى رَبِّكَ الرُّجْعَى} [الْعَلَقِ: 8]{وَإِلَى اللَّهِ الْمَصِيرُ} [آل عمران: 28] وَقَالَ السُّدِّيُّ: الْمُنْتَهَى نَظِيرُهُ: {وَأَنَّ إِلَى رَبِّكَ الْمُنْتَهَى} [النَّجْمِ: 42]
[13]
{يُنَبَّأُ الْإِنْسَانُ يَوْمَئِذٍ بِمَا قَدَّمَ وَأَخَّرَ} [القيامة: 13] قَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ وَابْنُ عَبَّاسٍ: بما قدم قبل الموت مِنْ عَمَلٍ صَالِحٍ وَسَيِّئٍ، وَمَا أَخَّرَ بَعْدَ مَوْتِهِ مِنْ سُنَّةٍ حَسَنَةٍ أَوْ سَيِّئَةٍ يَعْمَلُ بِهَا. وَقَالَ عَطِيَّةُ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: بِمَا قَدَّمَ مِنَ الْمَعْصِيَةِ وَأَخَّرَ مِنَ الطَّاعَةِ. وَقَالَ قَتَادَةُ: بِمَا قَدَّمَ مِنْ طَاعَةِ اللَّهِ وَأَخَّرَ مِنْ حَقِّ اللَّهِ فَضَيَّعَهُ. وَقَالَ مُجَاهِدٌ: بِأَوَّلِ عَمَلِهِ وَآخِرِهِ. وَقَالَ عطاء: قَدَّمَ فِي أَوَّلِ عُمُرِهِ وَمَا أَخَّرَ فِي آخِرِ عُمُرِهِ. وَقَالَ زَيْدُ بْنُ أَسْلَمَ بِمَا قَدَّمَ مِنْ أَمْوَالِهِ لِنَفْسِهِ وَمَا أَخَّرَ خَلْفَهُ لِلْوَرَثَةِ.
[14]
{بَلِ الْإِنْسَانُ عَلَى نَفْسِهِ بَصِيرَةٌ} [القيامة: 14] قَالَ عِكْرِمَةُ وَمُقَاتِلٌ وَالْكَلْبِيُّ: مَعْنَاهُ بَلِ الْإِنْسَانُ عَلَى نَفْسِهِ مِنْ نَفْسِهِ رُقَبَاءُ يَرْقُبُونَهُ وَيَشْهَدُونَ عَلَيْهِ بِعَمَلِهِ، وَهِيَ سَمْعُهُ وَبَصَرُهُ وَجَوَارِحُهُ، وَدَخَلَ الْهَاءُ فِي الْبَصِيرَةِ لِأَنَّ المراد بالإنسان هنا جَوَارِحُهُ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ مَعْنَاهُ بَلِ الْإِنْسَانُ عَلَى نَفْسِهِ بَصِيرَةٌ، يَعْنِي لِجَوَارِحِهِ، فَحَذَفَ حَرْفَ الْجَرِّ كَقَوْلِهِ:{وَإِنْ أَرَدْتُمْ أَنْ تَسْتَرْضِعُوا أَوْلَادَكُمْ} [الْبَقَرَةِ: 233] أَيْ لِأَوْلَادِكُمْ، وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ نَعْتًا لِاسْمٍ مُؤَنَّثٍ، أَيْ بَلِ الْإِنْسَانُ عَلَى نَفْسِهِ عَيْنٌ بَصِيرَةٌ. وَقَالَ أَبُو الْعَالِيَةِ وَعَطَاءٌ: بَلِ الْإِنْسَانُ عَلَى نَفْسِهِ شَاهَدٌ وَهِيَ رِوَايَةُ الْعَوْفِيِّ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ. وَالْهَاءُ فِي بَصِيرَةٍ لِلْمُبَالِغَةِ، دَلِيلُ هَذَا التَّأْوِيلِ قَوْلُهُ عز وجل:{كَفَى بِنَفْسِكَ الْيَوْمَ عَلَيْكَ حَسِيبًا} [الْإِسْرَاءِ: 14]
[15]
{وَلَوْ أَلْقَى مَعَاذِيرَهُ} [القيامة: 15] يَعْنِي يَشْهَدُ عَلَيْهِ الشَّاهِدُ وَلَوِ اعْتَذَرَ وَجَادَلَ عَنْ نَفْسِهِ لَمْ ينفعه، كما قال {يَوْمَ لَا يَنْفَعُ الظَّالِمِينَ مَعْذِرَتُهُمْ} [غَافِرٍ: 52] وَهَذَا قَوْلُ مُجَاهِدٍ وَقَتَادَةَ وَسَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ وَابْنِ زَيْدٍ وَعَطَاءٍ. قَالَ الْفَرَّاءُ: وَلَوِ اعْتَذَرَ فَعَلَيْهِ مِنْ نَفْسِهِ مَنْ يُكَذِّبُ عُذْرَهُ، وَمَعْنَى الْإِلْقَاءِ: الْقَوْلُ كَمَا قَالَ: {فَأَلْقَوْا إِلَيْهِمُ الْقَوْلَ إِنَّكُمْ لَكَاذِبُونَ} [النَّحْلِ: 86] وَقَالَ الضَّحَّاكُ وَالسُّدِّيُّ: {وَلَوْ أَلْقَى مَعَاذِيرَهُ} [القيامة: 15] يَعْنِي وَلَوْ أَرْخَى السُّتُورَ وَأَغْلَقَ الْأَبْوَابَ، وَأَهْلُ الْيَمَنِ يُسَمُّونَ السِّتْرَ مِعْذَارًا وَجَمْعُهُ مَعَاذِيرُ، وَمَعْنَاهُ عَلَى هَذَا الْقَوْلِ: وَإِنْ أَسْبَلَ السِّتْرَ ليخفي ما كان يَعْمَلُ فَإِنَّ نَفْسَهُ شَاهِدَةٌ عَلَيْهِ.
[16]
وقوله عز وجل: {لَا تُحَرِّكْ بِهِ لِسَانَكَ لِتَعْجَلَ بِهِ} [القيامة: 16]«كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إذ نزل جبريل بالوحي كان يُحَرِّكُ لِسَانَهُ وَشَفَتَيْهِ فَيَشْتَدُّ عَلَيْهِ، وَكَانَ يُعْرَفَ مِنْهُ» فَأَنْزَلَ اللَّهُ عز وجل هذه الآية (1)
(1) أخرجه البخاري في التفسير (8 / 682) ، ومسلم في الصلاة رقم (448)(1 / 230) .