الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الضرار، {وَإِنْ تَعَاسَرْتُمْ} [الطلاق: 6] فِي الرَّضَاعِ وَالْأُجْرَةِ فَأَبَى الزَّوْجُ أن يعطي المرأة أجرتها وَأَبَتِ الْأُمُّ أَنْ تُرْضِعَهُ فَلَيْسَ لَهُ إِكْرَاهُهَا عَلَى إِرْضَاعِهِ، وَلَكِنَّهُ يَسْتَأْجِرُ لِلصَّبِيِّ مُرْضِعًا غَيْرَ أُمِّهِ وَذَلِكَ قَوْلُهُ:{فَسَتُرْضِعُ لَهُ أُخْرَى} [الطلاق: 6]
[7]
{لِيُنْفِقْ ذُو سَعَةٍ مِنْ سَعَتِهِ} [الطلاق: 7] عَلَى قَدْرِ غِنَاهُ، {وَمَنْ قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ فَلْيُنْفِقْ مِمَّا آتَاهُ اللَّهُ} [الطلاق: 7] مِنَ الْمَالِ، {لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا} [الطلاق: 7] فِي النَّفَقَةِ، {إِلَّا مَا آتَاهَا} [الطلاق: 7] أَعْطَاهَا مِنَ الْمَالِ، {سَيَجْعَلُ اللَّهُ بَعْدَ عُسْرٍ يُسْرًا} [الطلاق: 7] بُعْدَ ضَيِّقٍ وَشِدَّةٍ غِنًى وَسَعَةً.
[8]
قَوْلُهُ عز وجل: {وَكَأَيِّنْ مِنْ قَرْيَةٍ عَتَتْ} [الطلاق: 8] عَصَتْ وَطَغَتْ، {عَنْ أَمْرِ رَبِّهَا وَرُسُلِهِ} [الطلاق: 8] أَيْ وَأَمْرِ رُسُلِهِ، {فَحَاسَبْنَاهَا حِسَابًا شَدِيدًا} [الطلاق: 8] بالمعاقبة وَالِاسْتِقْصَاءِ، قَالَ مُقَاتِلٌ: حَاسَبَهَا بِعَمَلِهَا فِي الدُّنْيَا فَجَازَاهَا بِالْعَذَابِ، وَهُوَ قوله:{وَعَذَّبْنَاهَا عَذَابًا نُكْرًا} [الطلاق: 8] مُنْكَرًا فَظِيعًا وَهُوَ عَذَابُ النَّارِ، لَفْظُهُمَا مَاضٍ وَمَعْنَاهُمَا الِاسْتِقْبَالُ، وَقِيلَ: فِي الْآيَةِ تَقْدِيمٌ وَتَأْخِيرٌ مَجَازُهَا: فَعَذَّبْنَاهَا فِي الدُّنْيَا بِالْجُوعِ وَالْقَحْطِ وَالسَّيْفِ وَسَائِرِ الْبَلَايَا وَحَاسَبْنَاهَا فِي الْآخِرَةِ حِسَابًا شَدِيدًا.
[9]
{فَذَاقَتْ وَبَالَ أَمْرِهَا} [الطلاق: 9] جَزَاءَ أَمْرِهَا، وَقِيلَ: ثِقَلَ عَاقِبَةِ كُفْرِهَا، {وَكَانَ عَاقِبَةُ أَمْرِهَا خُسْرًا} [الطلاق: 9] خُسْرَانًا فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ.
[10]
{أَعَدَّ اللَّهُ لَهُمْ عَذَابًا شَدِيدًا فَاتَّقُوا اللَّهَ يَا أُولِي الْأَلْبَابِ الَّذِينَ آمَنُوا قَدْ أَنْزَلَ اللَّهُ إِلَيْكُمْ ذِكْرًا} [الطلاق: 10] يعني القرآن.
[11]
{رَسُولًا} [الطلاق: 11] بدلا مِنَ الذِّكْرِ، وَقِيلَ: أَنْزَلَ إِلَيْكُمْ قُرْآنًا وَأَرْسَلَ رَسُولًا وَقِيلَ مَعَ الرَّسُولِ، وَقِيلَ: الذِّكْرُ هُوَ الرَّسُولُ.
وَقِيلَ: ذِكْرًا أَيْ شَرَفًا، ثُمَّ بين ما هو فقال {يَتْلُو عَلَيْكُمْ آيَاتِ اللَّهِ مُبَيِّنَاتٍ لِيُخْرِجَ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَمَنْ يُؤْمِنْ بِاللَّهِ وَيَعْمَلْ صَالِحًا يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا قَدْ أَحْسَنَ اللَّهُ لَهُ رِزْقًا} [الطلاق: 11] يَعْنِي الْجَنَّةَ الَّتِي لَا يَنْقَطِعُ نَعِيمُهَا.
[12]
{اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ وَمِنَ الْأَرْضِ مِثْلَهُنَّ} [الطلاق: 12] فِي الْعَدَدِ، {يَتَنَزَّلُ الْأَمْرُ بَيْنَهُنَّ} [الطلاق: 12] بِالْوَحْي مِنَ السَّمَاءِ السَّابِعَةِ إِلَى الْأَرْضِ السُّفْلَى، قَالَ أَهْلُ الْمَعَانِي: هُوَ مَا يُدَبِّرُ فِيهِنَّ مِنْ عَجِيبِ تَدْبِيرِهِ فَيُنْزِلُ الْمَطَرَ وَيُخْرِجُ النَّبَاتَ، وَيَأْتِي بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَالصَّيْفِ وَالشِّتَاءِ، وَيَخْلُقُ الْحَيَوَانَ عَلَى اخْتِلَافِ هَيْئَاتِهَا وَيَنْقُلُهَا مِنْ حَالٍ إِلَى حَالٍ.
وَقَالَ قَتَادَةُ: فِي كُلِّ أَرْضٍ مِنْ أُرْضِهِ وَسَمَاءٍ مِنْ سمائه وخلق مِنْ خَلْقِهِ وَأَمْرٌ مِنْ أَمْرِهِ وَقَضَاءٌ مِنْ قَضَائِهِ.
{لِتَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ وَأَنَّ اللَّهَ قَدْ أَحَاطَ بِكُلِّ شَيْءٍ عِلْمًا} [الطلاق: 12] فَلَا يَخْفَى عَلَيْهِ شَيْءٌ.
[سُورَةُ التحريم]
[قَوْلُهُ تَعَالَى يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ]
لَكَ تَبْتَغِي مَرْضَاةَ أَزْوَاجِكَ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ. . .
(66)
سورة التحريم [1]{يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ} [التحريم: 1] يعني العسل ومارية {تَبْتَغِي مَرْضَاتَ أَزْوَاجِكَ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ} [التحريم: 1] وأمر أن يكفر عن يَمِينَهُ وَيُرَاجِعَ أَمَتَهُ، فَقَالَ:
[2]
{قَدْ فَرَضَ اللَّهُ لَكُمْ تَحِلَّةَ أَيْمَانِكُمْ} [التحريم: 2] أَيْ بَيَّنَ وَأَوجَبَ أَنْ تُكَفِّرُوهَا إِذَا حَنِثْتُمْ وَهِيَ مَا ذَكَرَ فِي سُورَةِ الْمَائِدَةِ، {وَاللَّهُ مَوْلَاكُمْ} [التحريم: 2] وَلِيُّكُمْ وَنَاصِرُكُمْ، {وَهُوَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ} [التحريم: 2] وَاخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِي لَفْظِ التَّحْرِيمِ، فَقَالَ قَوْمٌ: لَيْسَ هُوَ بِيَمِينٍ فَإِنْ قَالَ لِزَوْجَتِهِ: أَنْتِ عَلَيَّ حَرَامٌ أَوْ حَرَّمْتُكِ، فَإِنَّ نَوَى بِهِ طَلَاقًا فَهُوَ طَلَاقٌ، وَإِنَّ نَوَى بِهِ ظِهَارًا فَظِهَارٌ، وَإِنْ نَوَى تَحْرِيمَ ذَاتِهَا أَوْ أَطْلَقَ فَعَلَيْهِ كَفَّارَةُ الْيَمِينِ بِنَفْسِ اللَّفْظِ، وَإِنْ قَالَ ذَلِكَ لِجَارِيَتِهِ: فَإِنَّ نَوَى عِتْقًا عُتِقَتْ، وَإِنْ نَوَى تَحْرِيمَ ذَاتِهَا أَوْ أَطْلَقَ، فعليه كفارة اليمين، فإن قَالَ لِطَعَامٍ حَرَّمْتُهُ عَلَى نَفْسِي فَلَا شَيْءِ عَلَيْهِ، وَهَذَا قَوْلُ ابْنِ مَسْعُودٍ وَإِلَيْهِ ذَهَبَ الشَّافِعِيُّ، وَذَهَبَ جَمَاعَةٌ إِلَى أَنَّهُ يَمِينٌ، فَإِنْ قَالَ ذَلِكَ لِزَوْجَتِهِ أَوْ جَارِيَتِهِ فَلَا تَجِبُ عَلَيْهِ الْكَفَّارَةُ مَا لَمْ يَقْرَبْهَا، كَمَا لَوْ حَلَفَ أَنْ لَا يَطَأَهَا، وَإِنْ حَرَّمَ طَعَامًا
فهو كما لو حلف ألا يَأْكُلَهُ فَلَا كَفَّارَةَ عَلَيْهِ مَا لَمْ يَأْكُلْ، يُرْوَى ذَلِكَ عَنْ أَبِي بَكْرٍ وَعَائِشَةَ، وَبِهِ قَالَ الْأَوْزَاعِيُّ وَأَبُو حَنِيفَةَ رضي الله عنه.
[3]
{وَإِذْ أَسَرَّ النَّبِيُّ إِلَى بَعْضِ أَزْوَاجِهِ حَدِيثًا} [التحريم: 3] وَهُوَ تَحْرِيمُ فَتَاتِهِ عَلَى نَفْسِهِ، وَقَوْلُهُ لِحَفْصَةَ:«لَا تُخْبِرِي بِذَلِكَ أَحَدًا» .
وَقَالَ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: أَسَرَّ أَمْرَ الْخِلَافَةِ بَعْدَهُ فَحَدَّثَتْ بِهِ حَفْصَةُ.
قَالَ.
الْكَلْبِيُّ: أَسَرَّ إِلَيْهَا أَنَّ أَبَاكِ وَأَبَا عَائِشَةَ يَكُونَانِ خَلِيفَتَيْنِ عَلَى أُمَّتِي مِنْ بَعْدِي.
وَقَالَ ميمون بن مهران: أسر إليها أَنَّ أَبَا بَكْرٍ خَلِيفَتِي مِنْ بعدي.
{فَلَمَّا نَبَّأَتْ بِهِ} [التحريم: 3] أَخْبَرَتْ بِهِ حفصةُ عائشةَ، {وَأَظْهَرَهُ اللَّهُ عَلَيْهِ} [التحريم: 3] أَيْ أَطْلَعَ اللَّهُ تَعَالَى نَبِيَّهُ عَلَى أَنَّهَا أَنْبَأَتْ بِهِ، {عَرَّفَ بَعْضَهُ} [التحريم: 3] قَرَأَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ السُّلَمِيُّ وَالْكِسَائِيُّ (عَرَفَ) بِتَخْفِيفِ الرَّاءِ أَيْ عَرَفَ بَعْضَ الْفِعْلِ الَّذِي فَعَلَتْهُ مِنْ إِفْشَاءِ سِرِّهِ، أَيْ غَضِبَ مِنْ ذَلِكَ عَلَيْهَا وَجَازَاهَا بِهِ، مِنْ قَوْلِ الْقَائِلِ لِمَنْ أَسَاءَ إِلَيْهِ لِأَعْرِفَنَّ لَكَ مَا فَعَلْتَ، أَيْ لِأُجَازِيَنَّكَ عَلَيْهِ، وَجَازَاهَا بِهِ عَلَيْهِ بِأَنْ طَلَّقَهَا، فَلَمَّا بَلَغَ ذَلِكَ عُمَرَ قَالَ: لَوْ كَانَ فِي آلِ الْخَطَّابِ خَيْرٌ لَمَا طَلَّقَكِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَجَاءَ جِبْرِيلُ وَأَمَرَهُ بِمُرَاجَعَتِهَا، وَاعْتَزَلَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم نِسَاءَهُ شَهْرًا وَقَعَدَ فِي مَشْرُبَةِ أُمِّ إِبْرَاهِيمَ مَارِيَةَ، حَتَّى نَزَلَتْ آيَةُ التَّخْيِيرِ.
وَقَالَ مُقَاتِلُ بْنُ حَيَّانَ: لَمْ يُطَلِّقْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم حَفْصَةَ وَإِنَّمَا هَمَّ بِطَلَاقِهَا فَأَتَاهُ جِبْرِيلُ عليه السلام، وَقَالَ: لَا تُطَلِّقْهَا فَإِنَّهَا صَوَّامَةٌ قَوَّامَةٌ وإنها من جملة نِسَائِكَ فِي الْجَنَّةِ، فَلَمْ يُطَلِّقْهَا.
وَقَرَأَ الْآخَرُونَ (عَرَّفَ) بِالتَّشْدِيدِ أَيْ عَرَّفَ حَفْصَةَ بَعْدَ ذَلِكَ الْحَدِيثَ، أَيْ أَخْبَرَهَا بِبَعْضِ الْقَوْلِ الَّذِي كَانَ مِنْهَا، {وَأَعْرَضَ عَنْ بَعْضٍ} [التحريم: 3] يَعْنِي لَمْ يُعَرِّفْهَا إِيَّاهُ، وَلَمْ يُخْبِرْهَا بِهِ.
قَالَ الْحَسَنُ: مَا اسْتَقْصَى كَرِيمٌ قَطُّ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى:{عَرَّفَ بَعْضَهُ وَأَعْرَضَ عَنْ بَعْضٍ} [التحريم: 3] وَذَلِكَ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم لَمَّا رَأَى الْكَرَاهِيَةَ فِي وَجْهِ حَفْصَةَ أَرَادَ أَنْ يترضاها فَأَسَرَّ إِلَيْهَا شَيْئَيْنِ: تَحْرِيمَ الْأَمَةِ عَلَى نَفْسِهِ وَتَبْشِيرَهَا بِأَنَّ الْخِلَافَةَ بَعْدَهُ فِي أَبِي بَكْرٍ وَفِي أَبِيهَا عُمَرَ رضي الله عنها، وَأَطْلَعَ اللَّهُ تَعَالَى نَبِيَّهُ عَلَيْهِ، عرف حفصة وأخبرها ببعض مما أَخْبَرَتْ بِهِ عَائِشَةُ وَهُوَ تَحْرِيمُ الْأَمَةِ وَأَعْرَضَ عَنْ بَعْضٍ يَعْنِي ذِكْرَ الْخِلَافَةِ، كَرِهَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِنَّ يَنْتَشِرَ ذَلِكَ فِي النَّاسِ، {فَلَمَّا نَبَّأَهَا بِهِ} [التحريم: 3] أي أَخْبَرَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم حَفْصَةَ بِمَا أَظْهَرَهُ اللَّهُ عَلَيْهِ، {قَالَتْ} [التحريم: 3] حفصة، {مَنْ أَنْبَأَكَ هَذَا} [التحريم: 3] أَيْ مَنْ أَخْبَرَكَ بِأَنِّي أَفْشَيْتُ السِّرَّ؟ {قَالَ نَبَّأَنِيَ الْعَلِيمُ الْخَبِيرُ} [التحريم: 3]
[4]
{إِنْ تَتُوبَا إِلَى اللَّهِ} [التحريم: 4] أَيْ مِنَ التَّعَاوُنِ عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم بِالْإِيذَاءِ يُخَاطِبُ عَائِشَةَ وَحَفْصَةَ {فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُمَا} [التحريم: 4] أَيْ زَاغَتْ وَمَالَتْ عَنِ الْحَقِّ وَاسْتَوْجَبْتُمَا التَّوْبَةَ.
قَالَ ابْنُ زَيْدٍ: مالت قلوبكما بأن سرهما ما ذكره رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم من اجتناب جاريته.
قوله: {وَإِنْ تَظَاهَرَا} [التحريم: 4] أَيْ تَتَظَاهَرَا