الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
والغائط إذا خرج الأذى انقبضا. {وَإِذَا شِئْنَا بَدَّلْنَا أَمْثَالَهُمْ تَبْدِيلًا} [الإنسان: 28] أَيْ إِذَا شِئْنَا أَهْلَكْنَاهُمْ وَأَتَيْنَا بِأَشْبَاهِهِمْ فَجَعَلْنَاهُمْ بَدَلًا مِنْهُمْ.
[29]
{إِنَّ هَذِهِ} [الإنسان: 29] يعني هذه السورة، {تَذْكِرَةٌ} [الإنسان: 29] تَذْكِيرٌ وَعِظَةٌ، {فَمَنْ شَاءَ اتَّخَذَ إِلَى رَبِّهِ سَبِيلًا} [الإنسان: 29] وسيلة للطاعة. 30،
[31]
{وَمَا تَشَاءُونَ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ} [الإنسان: 30] أَيْ لَسْتُمْ تَشَاءُونَ إِلَّا بِمَشِيئَةِ اللَّهِ عز وجل، لِأَنَّ الْأَمْرَ إِلَيْهِ {إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا حَكِيمًا - يُدْخِلُ مَنْ يَشَاءُ فِي رَحْمَتِهِ وَالظَّالِمِينَ} [الإنسان: 30 - 31] أَيِ الْمُشْرِكِينَ. {أَعَدَّ لَهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا} [الإنسان: 31]
[سورة المرسلات]
[قوله تعالى وَالْمُرْسَلَاتِ عُرْفًا فَالْعَاصِفَاتِ عَصْفًا
. .] .
(77)
سورة المرسلات [1]{وَالْمُرْسَلَاتِ عُرْفًا} [المرسلات: 1] يَعْنِي الرِّيَاحَ أُرْسِلَتْ مُتَتَابِعَةً كَعُرْفِ الْفَرَسِ. وَقِيلَ: عُرْفًا أَيْ كَثِيرًا، تَقُولُ الْعَرَبُ: النَّاسُ إِلَى فُلَانٍ عُرْفٌ وَاحِدٌ، إِذَا تَوَجَّهُوا إِلَيْهِ فَأَكْثَرُوا، هَذَا مَعْنَى قَوْلِ مُجَاهِدٍ وقتادة، قال مُقَاتِلٌ: يَعْنِي الْمَلَائِكَةَ الَّتِي أُرْسِلَتْ بِالْمَعْرُوفِ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ وَنَهْيِهِ، وَهِيَ رِوَايَةُ مَسْرُوقٍ عَنِ ابْنِ مسعود.
[2]
{فَالْعَاصِفَاتِ عَصْفًا} [المرسلات: 2] يَعْنِي الرِّيَاحَ الشَّدِيدَةَ الْهُبُوبِ.
[3]
{وَالنَّاشِرَاتِ نَشْرًا} [المرسلات: 3] يَعْنِي الرِّيَاحَ اللَّيِّنَةَ. وَقَالَ الْحَسَنُ: هي الرِّيَاحَ اللَّيِّنَةَ. وَقَالَ الْحَسَنُ: هِيَ الرِّيَاحُ الَّتِي يُرْسِلُهَا اللَّهُ بُشْرًا بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ. وَقِيلَ: هِيَ الرِّيَاحُ الَّتِي تَنْشُرُ السَّحَابَ وَتَأْتِي بِالْمَطَرِ. وَقَالَ مُقَاتِلٌ: هُمُ الْمَلَائِكَةُ ينشرون الكتب.
[4]
{فَالْفَارِقَاتِ فَرْقًا} [المرسلات: 4] قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ وَمُجَاهِدٌ وَالضَّحَّاكُ: يَعْنِي الْمَلَائِكَةَ تَأْتِي بِمَا يُفَرِّقُ بَيْنَ الْحَقِّ وَالْبَاطِلِ. وَقَالَ قَتَادَةُ وَالْحَسَنُ: هِيَ آيُ الْقُرْآنِ تُفَرِّقُ بَيْنَ الْحَلَالِ وَالْحَرَامِ. وَرُوِيَ عَنْ مُجَاهِدٍ قَالَ: هِيَ الرِّيَاحُ تُفَرِّقُ السحاب وتبدده.
[5]
{فَالْمُلْقِيَاتِ ذِكْرًا} [المرسلات: 5] يَعْنِي الْمَلَائِكَةَ تُلْقِي الذِّكْرَ إِلَى الْأَنْبِيَاءِ، نَظِيرُهَا:{يُلْقِي الرُّوحَ مِنْ أَمْرِهِ} [غَافِرٍ: 15]
[6]
{عُذْرًا أَوْ نُذْرًا} [المرسلات: 6] أي للإعذار والإنذار.
[7]
{إِنَّمَا تُوعَدُونَ لَوَاقِعٌ} [المرسلات: 7] مِنْ أَمْرِ السَّاعَةِ وَالْبَعْثِ، {لَوَاقِعٌ} [المرسلات: 7] لَكَائِنٌ ثُمَّ ذَكَرَ مَتَى يَقَعُ.
[8]
فقال: {فَإِذَا النُّجُومُ طُمِسَتْ} [المرسلات: 8] مُحِيَ نُورُهَا.
[9]
{وَإِذَا السَّمَاءُ فُرِجَتْ} [المرسلات: 9] شقت.
[10]
فقال: {وَإِذَا الْجِبَالُ نُسِفَتْ} [المرسلات: 10] قُلِعَتْ مِنْ أَمَاكِنِهَا.
[11]
{وَإِذَا الرُّسُلُ أُقِّتَتْ} [المرسلات: 11] جُمِعَتْ لِمِيقَاتِ يَوْمٍ مَعْلُومٍ، وَهُوَ يَوْمُ الْقِيَامَةِ لِيَشْهَدُوا عَلَى الْأُمَمِ.
[12]
{لِأَيِّ يَوْمٍ أُجِّلَتْ} [المرسلات: 12] أَيْ أُخِّرَتْ، وَضَرَبَ الْأَجَلَ لِجَمْعِهِمْ فَعَجِبَ الْعِبَادُ مِنْ ذَلِكَ الْيَوْمِ.
[13]
ثُمَّ بَيَّنَ فَقَالَ: {لِيَوْمِ الْفَصْلِ} [المرسلات: 13] قال ابن عباس: يوم فصل الرحمن بَيْنَ الْخَلَائِقِ.
[14- 16]{وَمَا أَدْرَاكَ مَا يَوْمُ الْفَصْلِ - وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ - أَلَمْ نُهْلِكِ الْأَوَّلِينَ} [المرسلات: 14 - 16] يَعْنِي الْأُمَمَ الْمَاضِيَةَ بِالْعَذَابِ فِي الدُّنْيَا حِينَ كَذَّبُوا رُسُلَهُمْ.
[17]
{ثُمَّ نُتْبِعُهُمُ الْآخِرِينَ} [المرسلات: 17] السَّالِكِينَ سَبِيلَهُمْ فِي الْكُفْرِ وَالتَّكْذِيبِ، يَعْنِي كَفَّارَ مَكَّةَ بِتَكْذِيبِهِمْ مُحَمَّدًا صلى الله عليه وسلم.
[قَوْلُهُ تَعَالَى أَلَمْ نَخْلُقْكُمْ مِنْ مَاءٍ مَهِينٍ فَجَعَلْنَاهُ]
فِي قَرَارٍ مَكِينٍ. . .
[18- 20]{كَذَلِكَ نَفْعَلُ بِالْمُجْرِمِينَ} [المرسلات: 18]{وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ - أَلَمْ نَخْلُقْكُمْ مِنْ مَاءٍ مَهِينٍ} [المرسلات: 19 - 20] يَعْنِي النُّطْفَةَ.
[21]
{فَجَعَلْنَاهُ فِي قَرَارٍ مَكِينٍ} [المرسلات: 21] يَعْنِي الرَّحِمَ.
[22]
{إِلَى قَدَرٍ مَعْلُومٍ} [المرسلات: 22] وهو وقت الولادة.
[23]
{فَقَدَرْنَا} [المرسلات: 23] قَرَأَ أَهْلُ الْمَدِينَةِ وَالْكِسَائِيُّ (فَقَدَّرْنَا) بِالتَّشْدِيدِ مِنَ التَّقْدِيرِ، وَقَرَأَ الْآخَرُونَ: بِالتَّخْفِيفِ مِنَ الْقُدْرَةِ، لِقَوْلِهِ:{فَنِعْمَ الْقَادِرُونَ} [المرسلات: 23] وَقِيلَ: مَعْنَاهُمَا وَاحِدٌ، وَقَوْلُهُ:(فَنِعْمَ الْقَادِرُونَ) أَيِ الْمُقَدِّرُونَ. 24،
[25]
{وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ - أَلَمْ نَجْعَلِ الْأَرْضَ كِفَاتًا} [المرسلات: 24 - 25] وِعَاءً، وَمَعْنَى الْكَفْتِ: الضَّمُّ وَالْجَمْعُ، يُقَالُ: كَفَتَ الشَّيْءَ إِذَا ضَمَّهُ وَجَمَعَهُ. وَقَالَ الفَرَّاءُ:
يُرِيدُ تَكْفِتُهُمْ أَحْيَاءً عَلَى ظَهْرِهَا فِي دُورِهِمْ وَمَنَازِلِهِمْ وَتَكْفِتُهُمْ أَمْوَاتًا في بطنها، أي تحوزهم. 26،
[27]
وَهُوَ قَوْلُهُ: {أَحْيَاءً وَأَمْوَاتًا - وَجَعَلْنَا فِيهَا رَوَاسِيَ} [المرسلات: 26 - 27] جبالا. {شَامِخَاتٍ} [المرسلات: 27] عاليات، {وَأَسْقَيْنَاكُمْ مَاءً فُرَاتًا} [المرسلات: 27] عذبا.
[28]
{وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ} [المرسلات: 28] قَالَ مُقَاتِلٌ: وَهَذَا كُلُّهُ أَعْجَبُ من البعث الذي تكذبون به، ثُمَّ أَخْبَرَ أَنَّهُ يُقَالُ لَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ:
[29]
{انْطَلِقُوا إِلَى مَا كُنْتُمْ بِهِ تُكَذِّبُونَ} [المرسلات: 29] فِي الدُّنْيَا.
[30]
{انْطَلِقُوا إِلَى ظِلٍّ ذِي ثَلَاثِ شُعَبٍ} [المرسلات: 30] يَعْنِي دُخَانَ جَهَنَّمَ إِذَا ارْتَفَعَ انْشَعَبَ وَافْتَرَقَ ثَلَاثَ فِرَقٍ. وَقِيلَ: يَخْرُجُ عُنُقٌ مِنَ النَّارِ فَيَتَشَعَّبُ ثلاث: نور ودخان ولهب، فأما النُّورُ فَيَقِفُ عَلَى رُءُوسِ الْمُؤْمِنِينَ، وَالدُّخَانُ يَقِفُ عَلَى رُءُوسِ الْمُنَافِقِينَ، وَاللَّهَبُ الصَّافِي يَقِفُ عَلَى رُءُوسِ الْكَافِرِينَ.
[31]
ثُمَّ وَصَفَ ذَلِكَ الظِّلَّ فقال: {لَا ظَلِيلٍ} [المرسلات: 31] يُظِلُّ مِنَ الْحَرِّ {وَلَا يُغْنِي مِنَ اللَّهَبِ} [المرسلات: 31] قَالَ الْكَلْبِيُّ: لَا يَرُدُّ لَهَبَ جَهَنَّمَ عَنْكُمْ، وَالْمَعْنَى أَنَّهُمْ إِذَا اسْتَظَلُّوا بِذَلِكَ الظِّلِّ لَمْ يَدْفَعْ عنهم حر اللهب.
[32]
{إِنَّهَا} [المرسلات: 32] يعني جهنم، {تَرْمِي بِشَرَرٍ} [المرسلات: 32] وَهُوَ مَا تَطَايَرَ مِنَ النَّارِ، واحدها شررة. {كَالْقَصْرِ} [المرسلات: 32] وَهُوَ الْبِنَاءُ الْعَظِيمُ، قَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ: يَعْنِي الْحُصُونَ. وَقَالَ عَبْدُ الرحمن بن عباس عن قوله: (إِنَّهَا تَرْمِي بِشَرَرٍ كَالْقَصْرِ) قَالَ: هي الخشب العظام المقطعة.
[33]
{كَأَنَّهُ} [المرسلات: 33] رد الكناية إلى اللفظ، {جِمَالَتٌ} [المرسلات: 33] قَرَأَ حَمْزَةُ وَالْكِسَائِيُّ وَحَفْصٌ (جِمَالَةٌ) عَلَى جَمْعِ الْجَمَلِ مِثْلُ حَجَرٍ وَحِجَارَةٍ، وَقَرَأَ يَعْقُوبُ بِضَمِّ الْجِيمِ بِلَا أَلِفٍ، أَرَادَ الْأَشْيَاءَ الْعِظَامَ الْمَجْمُوعَةَ، وَقَرَأَ الْآخَرُونَ (جِمَالَاتٌ) بِالْأَلِفِ وَكَسْرِ الْجِيمِ عَلَى جَمْعِ الْجِمَالِ، وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما وَسَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ: هِيَ حِبَالُ السُّفُنِ يُجْمَعُ بَعْضُهَا إِلَى بعض، حتى يكون كأوساط الرجال، {صُفْرٌ} [المرسلات: 33] جَمْعُ الْأَصْفَرِ، يَعْنِي لَوْنَ النَّارِ، وَقِيلَ: الصُّفْرُ مَعْنَاهُ السُّودُ لِأَنَّهُ جَاءَ فِي الْحَدِيثِ: «إِنَّ شَرَرَ نَارِ جَهَنَّمَ أَسْوَدُ كَالْقِيرِ» ، وَالْعَرَبُ تُسَمِّى سُودَ الْإِبِلِ صُفْرًا لِأَنَّهُ يَشُوبُ سَوَادَهَا شَيْءٌ مِنْ صُفْرَةٍ كَمَا يُقَالُ لِبَيْضِ الظِّبَاءِ: أُدْمٌ، لِأَنَّ بَيَاضَهَا يَعْلُوهُ كُدْرَةٌ. 34،
[35]
{وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ - هَذَا يَوْمُ لَا يَنْطِقُونَ} [المرسلات: 34 - 35] أي في القيامة لأن فيها مَوَاقِفُ، فَفِي بَعْضِهَا يَخْتَصِمُونَ وَيَتَكَلَّمُونَ، وَفِي بَعْضِهَا يُخْتَمُ عَلَى أَفْوَاهِهِمْ فَلَا يَنْطِقُونَ.
[36]
{وَلَا يُؤْذَنُ لَهُمْ فَيَعْتَذِرُونَ} [المرسلات: 36] قَالَ الْجُنَيْدُ: أَيْ لَا عُذْرَ لِمَنْ أَعْرَضَ عَنْ مُنْعِمِهِ وَكَفَرَ بِأَيَادِيهِ وَنِعَمِهِ. 37،
[38]
{وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ - هَذَا يَوْمُ الْفَصْلِ} [المرسلات: 37 - 38] بَيْنَ أَهْلِ الْجَنَّةِ وَالنَّارِ، {جَمَعْنَاكُمْ وَالْأَوَّلِينَ} [المرسلات: 38] يَعْنِي مُكَذِّبِي هَذِهِ الْأُمَّةِ وَالْأَوَّلِينَ الذين كانوا أَنْبِيَاءَهُمْ.