الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المبحث الثالث: منهج ابن النجار في كتابه " المنتهى "في اختيار المذهب:
لقد تابع الشيخ ابنُ النجار " التنقيح " في كتابه " منتهى الإرادات " في غالب، وأكثر مسائله في الحكم لا في اللفظ، وقد بَيَّن ذلك في مقدمته فقال:(ولا أذكر قولاً غير ما قدم، أو صحح في " التنقيح")
(1)
، ولا يكاد يخرج عن " التنقيح " إلا في القليل النادر، وهذا في المسائل التي في " التنقيح "، وتبقى مسائل المقنع التي لم تذكر في " التنقيح "، والأمر فيها كذلك قال رحمه الله:(فاستخرت الله تعالى أن أجمع مسائلهما في واحد، .... ، ولا أحذف منهما إلا المستغنى عنه .. ).
قال الشيخ البهوتي: (والمقصود من الجملة الأولى التزام ذكر ما في الكتابين غير ما استثناه)
(2)
.
وقد أكد الشيخ ابن النجار على الأخذ بما في "التنقيح"، حتى لو كان مخالفاً لما صححه الشيخ المرداوي في "الإنصاف" في مواضع منها:
الموضع الأول: قال الشيخ ابن النجار في كتابه " معونة أولي النهى" في باب نواقض الوضوء: (و (لا) نقض بلمس (مَنْ) لها أو له (دون سبع)
(3)
قال
(1)
43
(2)
انظر: شرح المنتهى للبهوتي 1/ 14
(3)
وذهب صاحب " الإقناع " إلى ما ذهب إليه ابن النجار من عدم النقض بمس الطفلة أو الطفل، انظر: الكشاف 1/ 300.
في التنقيح: (غير طفلة وعكسه. انتهى
(1)
)، يعني: أنه لا ينقض مس الرجل الطفلةَ، ولا المرأة الطفل، ومن وُلِدَ فهو طفل أو طفلة إلى سن التمييز وهو تمام سبع سنين.
وقال في الإنصاف: وأما الصغيرة فهي كالكبيرة على الصحيح من المذهب، ثم ذكر منْ جزم به، ومن اختاره، ثم قال: وقيل: ينقض، ثم قال: وصرح المجد أنه لا ينقض لمس الطفلة، وإنما ينقض لمس التي تُشْتَهَى، قلت: لعله مراد من أطلق. انتهى
(2)
.
وبمعنى هذا قطع في التنقيح، وتقدمت حكاية لفظه، وقد قال في خطبة التنقيح: (فإذا وجدت في هذا الكتاب لفظاً، أو حكماً مخالفاً لأصله، أو غيره فاعتمده فإنه وضع عن تحرير
(3)
)، ومراده بأصله: الإنصاف، فلهذا لم أُعَوِّلْ على ما في الإنصاف من كون: أن حكم الصغيرة كالكبيرة، وذكرت معنى ما في التنقيح والله أعلم)
(4)
.
الموضع الثاني: قال الشيخ ابن النجار في باب الشفعة (ولا يشترط) لانتقال الملك إلى الشفيع في الشقص المشفوع (رؤيته) أي: رؤية ما منه الشقص المشفوع (لأخذه) بالشفعة قبل التملك.
قال في " التنقيح ": ولا يعتبر قبل تملكه. انتهى .... ومشى في " الإنصاف " على اعتبار العلم بالشقص وبالثمن، لكن اعتمدت كلامه في " التنقيح " لقوله في خطبته: فإن وجدت فيه شيئاً مخالفاً لأصله فاعتمده فإنه وضع عن تحرير)
(5)
.
الموضع الثالث: قال الشيخ ابن النجار في باب الهبة: (وإن وهب هو) أي: الولي لموليه شيئاً (وكَّل من يقبل) له الهبة منه (ويقبض هو)، والمراد إذا
(1)
ص 58.
(2)
انظر: المقنع والشرح الكبير ومعهما الإنصاف 2/ 44.
(3)
ص 30.
(4)
انظر: معونة أولي النهى شرح " المنتهى " لابن النجار 1/ 323.
(5)
انظر: المعونة 6/ 398.
كان الولي غير الأب
…
، وعلم من كلام صاحب المغني: أن ما نقله الأصحاب أن توكيل الولي غير الأب يكون في القبول والقبض معاً، وكذا كلامه في الإنصاف وعبارته: وإن وهب ولي غير الأب فقال أكثر الأصحاب: لابد أن يوكل الواهب من يقبل للصبي ويقبض له ليكون الإيجاب من الولي، والقبول والقبض من غيره؛ كما في البيع بخلاف الأب. انتهى.
وكلامه في " التنقيح " وتبعته عليه: يقتضي أن التوكيل يكون في القبول فقط، ويكون في الإيجاب والقبض من الواهب فإنه قال:(وكَّلَ مَنْ يقبلُ، ويقبضُ هو) ولعلّه اطلع بعد وضعه " الإنصاف " على كلام لبعض الأصحاب يقتضي ذلك، وأنه الأصح عنده فإنه قال في خطبة " التنقيح ":(فإن وجدت في هذا الكتاب لفظاً أو حكماً مخالفاً لأصله أو غيره فاعتمده فإنه وضع عن تحرير. انتهى). وكذا فعلت. والله أعلم)
(1)
.
والمراد من هذه المسألة: أن الشيخ المرداوي ذهب في " الإنصاف" إلى أن الولي - غير الأب كالوصي مثلاً- لو وهب لموليه الصغير هبة يلزمه أن يوكل مَنْ يقبلُ ويقبضُ للصبي، وفي " التنقيح " صحح أن الولي يوكل في القبول فقط، ولا يلزمه أن يوكل من يقبض له؛ بل يصح أن يقبض الولي نَفْسُهُ للصبي، وقد تبع الشيخُ ابنُ النجار ما صححه الشيخ المرداوي في " التنقيح " لا في " الإنصاف ".
الموضع الرابع: ما ذكره في آخر باب تعليق الطلاق بالشروط في فصل: في مسائل متفرقة: (ومن حلف على شيء ليفعلنه فتركه مكرها على تركه لم يحنث على ما قطع به في التنقيح، وعبارة الفروع في هذه المسألة: وإن حلف ليفعلنه فتركه مكرها لم يحنث كالتي قبلها على كلام القاضي وابن عقيل وجماعة، وكذا ناسيا على كلام جماعة، وكلام جماعة حنثهما انتهى، قال في تصحيح الفروع: - بعد ذكر عبارته - أحدهما: لا يحنث فيهما، وهو الصواب خصوصا المكره، والقول الآخر: يحنث وهو قوي في الناسي انتهى، فلم
(1)
المعونة 7/ 282.