الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الشيخ صورة مسألة مثلاً أو قيداً أو شرطاً لم يذكره الكتاب المقروء ولا شرحه، فلابد من تقييده، وكذلك قد تكون بينك وبين صاحبك مدارسة وتنتهيان إلى تحرير صورة مسألة مثلاً أو تحرير المذهب في مسألة ما بعد جهد وعناء طويلين ومراجعة كتب وحواشٍ كثيرة، فقيد ذلك في كتابك لأن ذلك إذا فات صعب الحصول عليه مرة أخرى، وكذا لو حصل مثل ذلك في قراءتك لوحدك فقيد ذلك في كتابك.
وما أجمل ما فعله العلامة أحمد بن محمد بن منقور (ت 1125 هـ) لما نهاه شيخه العلامة عبد الله بن ذهلان (ت 1099 هـ) عن الكتابة في الدرس؛ فكان يكتب ويقيد ما يسمعه بعد الفراغ من الدرس، قال رحمه الله في مقدمة كتابه "الفواكه العديدة في المسائل المفيدة "
(1)
:
(وبعد: فهذه مسائل مفيدة، وقواعد عديدة، وأقوال جمة، وأحكام مهمة، لخصتها من كلام العلماء، ومن كتب السادات القدماء، وأجوبة الجهابذة الفقهاء، غالبُها بعد الإشارة من شيخنا وقدوتنا الشيخ عبد الله بن محمد بن ذهلان، بَلَّ اللهُ بالرحمة ثراه، وجعل جنة الفردوس مأواه؛ لزيادة فائدة، أو تقرير قاعدة، أو إيضاح إشكال، أو جواب سؤال، أو اطلاع على خلاف من كلام الأئمة الأشراف، ومسائل قررها في مجلس الدرس وغيره؛ فأحببت أن أضبط كلامه، بعضَه بالحرف، وبعضَه بالمعنى، تذكرةً لنفسي، وتبصرة لأبناء جنسي عن الاختلاف عندي، وطلباً للانتفاعِ بعدي، وبيانِ مسائل فيها إشكال عليه، أو ثقل لديه؛ لئلا يتوهم فيها مَنْ يَظُنُّهَا واضحةً ظاهرةً، أو يُقَيِّضُ اللهُ لها مَنْ يكشفُ عنها حُجُبَها الساترةَ؛ لحديث: (قيدوا العلم بالكتابة)
(2)
.
وفي آداب الحنفية:
من حفظ فر، ومن كتب قر
(3)
.
(1)
1/ 3
(2)
قال الألباني في السلسلة الصحيحة 5/ 43: صحيح بمجموع طرقه انتهى؛ لكن بلفظ (قيدوا العلم بالكتاب).
(3)
هكذا في النسخة التي عندي للفواكه العديدة، والمشهور:(ما حفظ فر، وما كتب قر).
وقال هلال بن يسار: حدث النبي صلى الله عليه وسلم بحديث، فقلت أعده لي، قال:(هل معك محبرة)، قلت: ما معي محبرة، قال:(لا تفارقها؛ فإن الخير فيها وأهلها إلى يوم القيامة).
وذكر ابنُ مفلح في آدابه: أن عصام بن يوسف اشترى قلما بدينار ليكتب ما سمع في الحال.
وفي مسائل أبي داود: كان يحي بن يمان يحضر عند سفيان، ومعه خيط، فكلما حدَّثَ سفيانُ بحديثٍ؛ عَقَدَ عقدةً، فإذا رجع إلى البيت، كتب حديثاً وحَلَّ عُقْدةً انتهى.
وكذا فعل الشيخُ شهابُ الدين بن عطوة مع ذكائه، وحفظُه حالَ قراءتِه على شيخِه أحمد بن عبدالله العسكري، قال: ولم يأذن لي في الكتابة في الدرس، فكنت أعقله بعده، فاحتجت إلى أن أكتب بعض كلامه بالمعنى، وهكذا فعلت
(1)
، ولنا فيه أسوة، مع أن من ذُكِرَ أجلَّ وأفضلَ، وأعلمَ وأنبلَ؛ لكن لكل زمانٍ ما يُناسِبُه، وإن الذي يأتي شر منه .. ، فكنت وقت قراءتي على الشيخ المذكور في "الإقناع" أسمع منه تقريرا وتحريرا؛ فإذا قمت عن المجلس؛ كتبته لئلا يختلف عليَّ بعضُ الكلام فيما يأتي من الأيام والأعوام).
(1)
أي: ابن منقور يتكلم الآن عن نفسه.