الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ويقتصر الطالب على ما ذكره الشيخ الشارح من المخالفات.
وينبغي عند ذكر مسألة مخالفة للمذهب لأي متن من المتون مراعاة ما يلي:
الأول: التأكد من ذكر الشارح، أو المحشي لذلك المتن لتلك المخالفة.
الثاني: إذا لم يذكرها ينبغي إعادة النظر فيها كثيرا حتى لا يقع الباحث في خطأ.
الثالث: المخالفة للمذهب إنما تكون لما اتفق عليه كتابا " المنتهى"و"الإقناع ".
الرابع: لا بد أن يكون الحكم - الذي خالف المؤلف فيه الحكمَ في المذهب - موافقا لرواية أو وجه أو احتمال أو قول في المذهب، فإن لم يوجد فيما ذكر ما يوافق الحكم الذي ذكره المؤلف فينبغي أن تؤوّل المسألة بما يوافق المذهب لا بما يخالفه إذا أمكن ذلك؛ لأن المؤلف ألف كتابه ملتزما ببيان مذهب الإمام أحمد لا غيره، وهذا ما فعله الشيخ المرداوي في تصحيحه للخلاف المطلق في " المقنع "
(1)
و " الفروع"
(2)
، ومثله الشيخ محمد الهبدان في تحقيقه " لزاد المستقنع"، وإن اقْتُصِرَ على موافقة "الإنصاف "، أو " التنقيح "، أو " الإقناع "، أو " المنتهى "، أو الغاية، أو كلها، أو مخالفتها كلها أو بعضها فلا بأس كما هو صنيع الشيخ البهوتي في الروض وغيره، ومثله الشيخ سلطان العيد في المدخل إلى"زاد المستقنع"
(3)
ويقتصر الطالب على ما يذكره شيخه من المخالفات ولا يبحثها بنفسه.
أمثلة على مخالفات للمذهب من المتون الخمسة:
المثال الأول: قول صاحب " زاد المستقنع" في باب الغسل: (ويعبر- أي:
(1)
في كتابه: الإنصاف.
(2)
في كتابه: تصحيح الفروع.
(3)
انظر: المبحث الخامس عشر: مخالفته للمذهب ص 100.
الجنب - المسجد لحاجة) وهو أحد القولين في المذهب، قال في الإنصاف:(وقيل: لا يجوز إلا لحاجة وهو ظاهر ما قطع به في المغني والشرح والمجد في شرحه وابن عبيدان وابن تميم وصاحب مجمع البحرين: والحاوي الكبير وغيرهم لاقتصارهم على الإباحة لأجل الحاجة وصرح جماعة منهم بذلك وحمل ابن منجا في شرحه كلام المصنف على ذلك)
(1)
.
والمذهب: يجوز للجنب عبور المسجد - من غير لبث - لحاجة وغيرها كما في " الإنصاف " و" الإقناع "
(2)
و " المنتهى "
(3)
و " الغاية "
(4)
.
المثال الثاني: قوله في " زاد المستقنع" في كتاب الحج باب الفدية: (فيطعم كل مسكين مدا أو يصوم عن كل مد يوما)
وقد خالف المذهبَ في أمرين: في مقدار الإطعام، وفي الصوم عن الإطعام، فالمذهب في مقدار الإطعام أن يطعم كل مسكين مدا من البر أونصف صاع من غيره، وإن أراد أن يصوم فإنه يصوم عن كل إطعامِ مسكينٍ يوماً.
وهو الذي جزم به في " الإقناع "
(5)
، و " المنتهى "
(6)
، و" الغاية
(7)
"، وغيرها.
قال الشيخ المرداوي في " الإنصاف ": (ظاهر قوله
(8)
: " فيطعم كل مسكين مدا " أنه سواء كان من البر أو من غيره وكذا هو ظاهر الخرقي وأجراه ابن منجا على ظاهره وشرح عليه ولم يتعرض إلى غيره.
وقال الشارح: والأولى أنه لا يجزئ من غير البر أقل من نصف صاع؛
(1)
انظر: المقنع والشرح الكبير ومعهما الإنصاف 2/ 112
(2)
انظر: الكشاف 1/ 326.
(3)
انظر: شرح " المنتهى " 1/ 161.
(4)
انظر: الغاية 1/ 91.
(5)
1/ 592.
(6)
انظر: شرح "المنتهى" 2/ 496.
(7)
1/ 403.
(8)
أي: في المقنع، وقد تابع صاحب الزاد المقنع في هذه العبارة.
لأنه لم يرد في الشرع في موضع بأقل من ذلك في طعمة المساكين.
قال الزركشي: هذا المنصوص وهو المشهور وجزم به في الرعاية الصغرى والحاويين والمحرر.
قلت
(1)
: وهو المذهب المنصوص.
وظاهر قوله أيضا: " أو يصوم عن كل مد يوما " أنه سواء كان من البر أو من غيره وهو ظاهر كلام الخرقي أيضا وتابعه في الإرشاد والجامع الصغير وعقود ابن البنا والإيضاح وقدمه في التلخيص والشرح وهو رواية أثبتها بعض الأصحاب.
والصحيح من المذهب وعليه أكثر الأصحاب أنه يصوم عن طعام كل مسكين يوما قدمه في الفروع وجزم به في المحرر والرعاية الصغرى والحاويين.)
(2)
.
المثال الثالث: قول صاحب "دليل الطالب " في فصل مبطلات الصلاة: (يبطلها .. وبالأكل والشرب سوى اليسير عرفا لجاهل وناس)
أي: أن الصلاة تبطل بالأكل والشرب عمدا مطلقا سواء كانت الصلاة فرضا أو نفلا، إلا إذا كان الأكل والشرب يسيرا من جاهل وناس في الفرض والنفل.
وكون يسير الشرب من العامد في النفل مبطلا لها هو: رواية عن الإمام أحمد، وليس المذهب، بل هو مخالف للمذهب، لأن المذهب أنه: لو شرب المصلي نفلا شرابا يسيرا عمدا لم تبطل صلاته، وقد قال صاحب نيل المآرب (ولا نفل بيسير شرب عمدا)
(3)
، وهو ما جزم به في " المنتهى "
(4)
،
(1)
القائل هنا: الإمام المرداوي.
(2)
انظر: المقنع والشرح الكبير ومعهما الإنصاف 8/ 386.
(3)
1/ 151.
(4)
انظر: شرح "المنتهى " 1/ 459.
و " الإقناع "
(1)
، و"الغاية "
(2)
، و" التنقيح "
(3)
.
قال الشيخ المرداوي في " الإنصاف ": (وإن كان في نفل، فتارة يكون كثيرا، وتارة يكون يسيرا، فإن كان كثيرا بطلت الصلاة، وإن كان يسيرا فظاهر كلام المصنف
(4)
أنها تبطل أيضا، وهو إحدى الروايات قال الشارح: هذا الصحيح من المذهب قال في الكافي بعد أن قدمه: هذا أولى، قال ابن رزين: وقدمه ابن تميم والرعايتين والحاويين وإدراك الغاية قال في الحواشي: قدمه جماعة.
والرواية الثانية: لا تبطل قدمه في الفروع ومجمع البحرين ونصره فهو إذن المذهب وأطلقهما في الهداية والمذهب والمستوعب والهادي والتلخيص وشرح المجد والمحرر والخلاصة والفائق.
والرواية الثالثة: تبطل بالأكل فقط، قال ابن هبيرة: هي المشهورة عنه قال في الفروع: هي الأشهر عنه)
(5)
.
المثال الرابع: قول صاحب " دليل الطالب " في أول كتاب الزكاة: (الثالث - أي من شروط الزكاة - ملك النصاب تقريبا في الأثمان، وتحديدا في غيرها).
وقد خالف المذهب في الاقتصار على جعل النصاب تقريبا في الأثمان فقط، ويفهم من ذلك أن النصاب في العروض تحديد
(6)
؛ لأنه داخل في
(1)
1/ 211.
(2)
1/ 193.
(3)
ص 97.
(4)
أي: الشيخ الموفق في المقنع.
(5)
انظر: المقنع والشرح الكبير ومعهما الإنصاف 4/ 19.
(6)
وقد يقال: أن الاعتبار في نصاب العروض هو قيمتها من الأثمان، فتكون داخلة في قوله (تقريبا في الأثمان) قال في نيل المآرب بعد ذلك:(وهي الذهب والفضة، وقيم عروض التجارة)، وبناء على ذلك فلا مخالفة للمذهب، لكن يشكل عليه أن: بيان المراد لا يمنع الإيراد، كما يقوله الحجاوي رحمه الله في " حواشي التنقيح " ص 40، لأنه بالنظر إلى عبارة الدليل وحدها يفهم منها أن نصاب ما عدا الأثمان تحديد، ومن ذلك عروض التجارة، فلا بد من الإتيان بصيغة لا يرد عليها أي شيء كما هو في " الإقناع " و" المنتهى " و " الغاية " حيث قالوا:(ملك نصاب تقريبا في أثمان وعروض وتحديدا في غيرهما) والله أعلم.
قوله: (وتحديدا في غيرها)، وليس الأمر كذلك على المذهب، بل المذهب: أن النصاب في الأثمان والعروض: تقريب فلا يضر نقص يسير، وفيما عداها تحديد كالسائمة، والزروع والثمار كما مشى عليه في " الإقناع "
(1)
، و"المنتهى"
(2)
، و" الغاية "
(3)
.
المثال الخامس: قول صاحب " أخصر المختصرات " في فصل القصر والجمع بين الصلاتين: (وكره فعله - أي الجمع - في بيته ونحوه بلا عذر)
(4)
.
وقد خالف المذهب في جعل الجمع بين الصلاتين مع الأعذار التي تبيح الجمع في البيت مكروها إلا بعذر، بل المذهب يجوز ذلك بلا كراهة بعذر أو لا، قال الشيخ ابن جامع: (وهذا خلاف ما في " الإقناع "
(5)
و " المنتهى "
(6)
من عدم تقييدهم عدم الكراهة في الصلاة في البيت بعذر أو غيره، وهو الصحيح، فيباح الجمع مع هذه الأعذار المتقدمة، حتى لمن يصلي في بيته)
(7)
المثال السادس: قول صاحب "أخصر المختصرات " في كتاب الجنائز: (ويجب - أي: الإسراع - في نحو تفريق وصية)
(8)
.
(1)
1/ 388.
(2)
انظر: شرح " المنتهى " للبهوتي 2/ 172.
(3)
1/ 290.
(4)
هذا في نسخة ابن جامع في شرحه للأخصر الفوائد المنتخبات 1/ 329، وفي نسخة حاشية ابن بدران تحقيق: محمد العجمي ص 126 (بلا ضرورة).
(5)
1/ 183.
(6)
انظر: شرح " المنتهى " للبهوتي 1/ 641.
(7)
انظر: الفوائد المنتخبات في شرح أخصر المختصرات 1/ 329.
(8)
وهذه من المسائل التي أبهم الإمام ابن قدامة فيها الحكم في المقنع، ولم يبينه الشيخ المرداوي في الإنصاف 6/ 21، ولا الشيخ ابن مفلح في الفروع، وكذا الشيخ المرداوي في تصحيح الفروع 3/ 272، وأبهمه الشيخ المرداوي أيضا في التنقيح فلم يبين حكم الإسراع في تفريق وصية الميت بعد موته، قال الحجاوي في حواشي التنقيح ص 125:(ويسن تفريق وصيته كل ذلك قبل الصلاة عليه، وأبقى المنقح تفريق وصيته على كلام المقنع مبهما لم يبين الحكم فيه، وكان حقه أن يبين حكمه كما وعد في الخطبة).
والمذهب: يسن الإسراع في تفريق وصية الميت ولا يجب، قال الشيخ ابن جامع: (والصحيح: يسن، كما مشى عليه في " الإقناع"
(1)
، و" المنتهى"
(2)
).
المثال السابع: قول الشيخ البهوتي في " عمدة الطالب " - ومثله في " زاد المستقنع" - في آخر كتاب الغصب: (كربط دابة بطريق ضيق).
أي: من ربط دابة بطريق ضيق فإنه يضمن ما تلف بها، وتقييده بالطريق الضيق مخالف للمذهب، والمذهب: يضمن بربطه دابة حتى لو كان الطريق واسعا، قال الشيخ عثمان النجدي في " هداية الراغب لشرح عمدة الطالب ":(وكذا لو ربط دابة أو أوقفها بطريق واسع)
(3)
.
وهذا هو المجزوم به في " الإقناع "
(4)
، و "المنتهى"
(5)
، و" الغاية"
(6)
.
(1)
1/ 330.
(2)
انظر: شرح " المنتهى " 2/ 76.
(3)
2/ 575.
(4)
انظر: كشاف القناع 9/ 307.
(5)
4/ 174.
(6)
1/ 779.