الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أو الإجماع أو القياس، أو تعليلاً أو غير ذلك، وكتب الحنابلة -خاصة شروح البهوتي- مشحونة بالأدلة لا يتعنى من أراد دليلاً للمسألة أو تعليلاً، لكن قد يتعب الطالب في الحصول على وجه الدلالة، ومن أفضل كتب الحنابلة ذكراً لأدلة المسائل، منار السبيل لابن ضويان، والممتع شرح المقنع للشيخ التنوخي، فإنه لا يكاد يذكر مسألة من مسائل المقنع إلا أعقبها بذكر دليل لها أو تعليل، ومن أعظم الكتب التي اعتنت بأدلة المذهب شرح شيخ الإسلام ابن تيمية لعمدة الفقه لابن قدامة، وقد أبدع الشيخ في شرح المسائل والاستدلال لها والاستطراد فيها حتى يطول به المقام مع ذكر الطرق والزيادات في الحديث الواحد والكلام عليها، والتوفيق بينها، والانتصار للمذهب، وقد صار شرحه مثقلاً بالأدلة والآثار من مصادر موجودة ومفقودة.
ومن الأمثلة على أدلة لمسائل فقهية ما يلي:
المثال الأول: الأصل أن زوال العقل، أو تغطيته - كالنوم- ينقض الوضوء؛ إلا أنه يستثنى من ذلك ما لو كان النوم يسيرا من جالس أو قائم فلا ينتقض الوضوء فيهما.
والدليل على النقض بالنوم: حديث علي رضي الله عنه مرفوعا: (العين وكاء السه فمن نام فليتوضأ)
(1)
.
ودليل استثناء النوم اليسير من الجالس: حديث أنس رضي الله عنه: (كان أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ينتظرون العشاء الآخرة، حتى تخفق رءوسهم، ثم يصلون ولا يتوضئون)
(2)
.
ودليل استثناء النوم اليسير من القائم: قول ابن عباس في قصة تهجده صلى الله عليه وسلم (فجعلت إذا غفيت يأخذ بشحمة أذني)
(3)
.
المثال الثاني: يسن على المذهب أن يبتدئ رفع يديه مع التكبير، وينهي
(1)
رواه الإمام أحمد 1/ 111، وأبو داود ح 203، وابن ماجه ح 477
(2)
رواه مسلم في الحيض ح 376، وأبو داود ح 200
(3)
رواه مسلم ح 763
التكبير مع انتهاء الرفع، قال في الإقناع وشرحه
(1)
: (ويكون ابتداء الرفع مع ابتداء التكبير، وانتهاؤه) أي: الرفع (مع انتهائه) أي: التكبير).
ويدل على ذلك: ما رواه وائل بن حجر- رضي الله عنه أنه: (رأى النبي صلى الله عليه وسلم يرفع يديه مع التكبير)
(2)
.
المثال الثالث: في مسألة محل سجود السهو: يجوز على المذهب أن يسجد لكل سهو قبل السلام وبعده، إلا أن الأفضل عندهم أن يكون كله قبل السلام إلا إذا سلم عن نقص ركعة أو أقل فالأفضل أن يكون بعد السلام.
ويدل على جواز كون سجود السهو قبل السلام أو بعده ما يلي:
حديث ابن مسعود رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إذا شك أحدكم في صلاته فلم يدر كم صلى؟ أثلاثا أم أربعا؟ فليطرح الشك وليبن على ما استيقن ثم يسجد سجدتين قبل أن يسلم)
(3)
.
وجه الدلالة: أنه يدل على السجود للسهو قبل السلام.
وحديث ثوبان رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (لكل سهو سجدتان بعد ما يسلم)
(4)
.
وعن عبد الله بن جعفر رضي الله عنه مرفوعا: (من شك في صلاته فليسجد سجدتين بعدما يسلم)
(5)
.
وجه الدلالة: دل الحديثان على أنه يشرع السجود للسهو بعد السلام.
وعن زياد بن علاقة قال صلى بنا المغيرة بن شعبة فنهض في الركعتين، قلنا: سبحان الله، قال: سبحان الله ومضى، فلما أتم صلاته وسلم، سجد سجدتي السهو، فلما انصرف، قال:(رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم، يصنع كما صنعت).
(1)
انظر: الكشاف: 2/ 290
(2)
رواه أبو داود ح 725، ومسلم ح 401
(3)
رواه مسلم ح 571
(4)
رواه أبو داود ح 1038، وابن ماجه ح 1219.
(5)
رواه الإمام أحمد ح 1747 وصححه أحمد شاكر.
قال أبو داود:
…
وفعل سعد بن أبي وقاص مثل ما فعل المغيرة، وعمران بن حصين، والضحاك بن قيس، ومعاوية بن أبي سفيان، وابن عباس، أفتى بذلك وعمر بن عبد العزيز، قال أبو داود:(وهذا فيمن قام من ثنتين، ثم سجدوا بعد ما سلموا).
وجه الدلالة: أنه سجد للسهو بعد السلام وهو قد سلم عن نقص التشهد الأول.
المثال الرابع: ويسن - على المذهب وهو من المفردات - لمن كان قارنا أو مفردا فسخ نيتهما بالحج وينويان) بإحرامهما ذلك (عمرة مفردة فإذا فرغا منها) أي: العمرة (وحلا أحرما بالحج ليصيرا متمتعين ما لم يكونا ساقا هديا)
(1)
.
قال البهوتي: (لأنه صح أن النبي صلى الله عليه وسلم (أمر أصحابه الذين أفردوا الحج وقرنوا أن يحلوا كلهم ويجعلوها عمرة إلا من كان معه هدي) متفق عليه
(2)
، وقال سلمة بن شبيب: لأحمد كل شيء منك حسن جميل إلا خصلة واحدة فقال: وما هي قال تقول: بفسخ الحج قال كنت أرى لك عقلا عندي ثمانية عشر حديثا جيادا صحاحا كلها في فسخ الحج أتركها لقولك؟ وقد روى فسخ الحج إلى العمرة ابن عمر وابن عباس وجابر وعائشة وأحاديثهم متفق عليها، ورواه غيرهم من وجوه صحاح)
(3)
.
المثال الخامس: لو حلف بطلاق امرأته، ووقع الشرط طلقت امرأته.
والحلف بالطلاق: أن يعلق طلاق امرأته على شرط يقصد به المنع، أو الحث، أو التصديق، أو التكذيب.
كأن يقول لزوجته: إن ذهبتي بيت فلانة فأنت طالق يريد منعها من الذهاب؛ فإذا ذهب طلقت.
(1)
انظر: الكشاف 6/ 104
(2)
البخاري ح 1692، ومسلم 1228
(3)
المرجع السابق.