الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فيجب على الطالب أن يعرف هذه الأشياء بالمقاييس المعاصرة لأن العبادة متعلقة بها.
الأمر الثاني: تقييد المطلق، وتخصيص العموم:
المطلق في اللغة: قال في المعجم الوسيط
(1)
: (ما لا يقيد بقيد أو شرط، وغير المعين، ومن الأحكام ما لا يقع فيه استثناء).
والمراد بتقييد المطلق في الفقه: أن يطلق العالم الحكم في مسألة بدون قيد - من شرط أو استثناء، أو صفة - في حين أنها مقيدة.
أو يذكر العالم المسألة بصيغة تفيد العموم، بدون تخصيص في حين أنها مخصصة، ومستثنى منها بعض الأفراد التي لا تدخل في ذلك العموم.
والمقيدات هي نفس مخصصات العموم:
وهي الاستثناء، والشرط، والصفة، والغاية.
فإذا أطلق المصنف الحكم في مسألة، وهي مقيدة على المذهب، لابد أن يقيدها الطالب بذلك القيد، وهذه التقييدات توجد غالباً في شروح ذلك المتن، أو يذكرها الشيخ الشارح للمتن، فينبغي للطالب عدم إغفال هذه الأمور المهمة.
أمثلة على ذلك:
المثال على التقييد بالصفة: ما ذكره صاحب " زاد المستقنع " في باب الاستنجاء في تحريم قضاء الحاجة تحت الشجرة التي عليها ثمرة بقوله: (وتحت شجرة عليها ثمرة).
وكلمة: (ثمرة) مطلقة تشمل كل ثمرة مقصودة أو لا، والمذهب: أنه لابد أن تكون ثمرة مقصودة، وإلا فلا يحرم كما في " الإقناع "
(2)
، و" شرح
(1)
2/ 564.
(2)
انظر: كشاف القناع 1/ 122.
المنتهى"
(1)
، و " غاية المنتهى"
(2)
.
المثال الثاني على التقييد بالصفة: ما ذكره صاحب " زاد المستقنع " في باب المسح على الخفين بعد ذكر ما يجوز المسح عليه قال: (إذا لبس ذلك- أي ما تقدم من الخفين ونحوهما، والعمامة والخمار والجبيرة - بعد كمال الطهارة).
وقوله: (بعد كمال الطهارة) يشمل ما إذا كانت الطهارة التي تشترط لجواز المسح على الخفين ونحوه، طهارة ماء -التي هي الوضوء- وطهارة تيمم، والمذهب: أنه لا بد من طهارة الماء فقط، ولذلك قيد البهوتي هذا الإطلاق بقوله بعد ذلك:(بالماء)
(3)
.
المثال الثالث على التقييد بالشرط: قول صاحب " زاد المستقنع " - وغيره كصاحب " كافي المبتدي " - في كتاب القصاص (تقتل الجماعة بالواحد).
وهذا ليس على إطلاقه، بل مقيد بما إذا صلَح
(4)
فعل كل واحد منهم للقتل، وإن لم يصلح فعل أي واحد منهم للقتل فلا يقتل، وقد قيده الشيخ البهوتي -وغيره- في الروض بقوله:(إن صلَح فعل كل واحد لقتله)
(5)
.
المثال الرابع على التقييد بالغاية: قول صاحب " أخصر المختصرات " - ومثله في " زاد المستقنع "
(6)
، و" عمدة الطالب "
(7)
في آداب الاستنجاء: (وسُنَّ
…
بُعْدُهُ في فضاء).
أي: يسن لمن أراد أن يقضي حاجته في فضاء - كصحراء - أن يبتعد، وهذا البعد مطلق ليس له حد ولا غاية على كلام الماتن، وهو مقيد بغاية
(1)
1/ 68.
(2)
1/ 61.
(3)
انظر: حاشية الروض المربع 1/ 228.
(4)
يجوز فتح اللام وضمها.
(5)
انظر: حاشية الروض المربع 7/ 179.
(6)
ص 50.
(7)
ص 12.
وهي: إلى مكان لا يرى فيه جسده، قال في " كشف المخدرات شرح أخصر المختصرات":(وسن بعد في فضاء حتى لا يُرى)
(1)
، وقال الشيخ البهوتي في " الروض المربع ":(ويستحب (بعده) إذا كان (في فضاء) حتى لا يراه أحد)
(2)
.
المثال الخامس على التقييد بالغاية: قوله في " زاد المستقنع " في كتاب الصلاة في باب شروط الصلاة: (وتعجيلها - أي صلاة الظهر - أفضل إلا في شدة حر).
أي: يستحب تعجيل الظهر وفعلها في أول وقتها، إلا إذا اشتد الحر فيستحب التأخير، وهذا مطلق فليس فيه غاية لهذا التأخير، وقد بين البهوتي هذه الغاية بقوله (إلا في شدة حر) فيستحب تأخيرها إلى أن ينكسر)
(3)
.
وقال الشيخ البهوتي أيضاً في " عمدة الطالب ": (وتعجيلها أفضل
…
إلا في شدة حر حتى ينكسر)
(4)
المثال السادس على التخصيص بالاستثناء: قوله في " أخصر المختصرات " في فصل الآنية: (والمنفصل من حي كميتته)
(5)
، ومثله في "زاد المستقنع"
(6)
.
وهذا يفيد أن كل ما انفصل من حيوان حي فهو كميتته طهارة ونجاسة، فإن كانت ميتته نجسة - كالشاة - فالمنفصل منه - وهو حي -نجس، وإن كانت ميتته طاهرة - كالسمك - فالمنفصل منه وهو حي طاهر، إلا أنه يستثنى من هذه المسألة مسائل أوصلها الشيخ منصور البهوتي في " كشاف القناع"
(7)
- وتابعه
(1)
1/ 49.
(2)
انظر: حاشية الروض المربع 1/ 124.
(3)
انظر: حاشية الروض المربع 1/ 469.
(4)
انظر: هداية الراغب لشرح عمدة الطالب 1/ 170.
(5)
انظر: كشف المخدرات 1/ 47.
(6)
ص 49.
(7)
ص 96.
الشيخ عثمان النجدي في " هداية الراغب " - إلى خمسة، منها: الطريدة إذا قطع منها شيء فإنه طاهر، والولد، والمسك وفأرته.
المثال السابع على التخصيص بالاستثناء: قوله في زاد المستقنع، وعمدة الطالب، وكافي المبتدي في باب صلاة الجماعة:(وتطويل الركعة الأولى أكثر من الركعة الثانية).
أي: يسن لإمام وغيره أن يطول الركعة الأولى أكثر من الركعة الثانية، إلا أنه يستثنى من ذلك حالتان، وهما: إذا كانت الثانية أطول من الأولى بيسير كما في صلاة الجمعة؛ يسن في الركعة الأولى قراءة سبح - وهي أقصر من الغاشية - وفي الثانية الغاشية، وكذا صلاة الخوف في الوجه الثاني، السنة أن تكون الثانية أطول من الأولى لكي تدركها الطائفة الثانية، وبذلك قيده الشراح كالشيخ البهوتي في " الروض المربع
(1)
"، والشيخ النجدي في " هداية الراغب
(2)
"، والشيخ البعلي في " الروض الندي شرح كافي المبتدي
(3)
".
المثال الثامن على التقييد بالشرط: قوله في «زاد المستقنع» و «عمدة الطالب»
(4)
في آخر الجنائز: (تسن زيارة القبور إلا لنساء).
أفادا أنه: تسن زيارة القبور للرجال، ويشمل ذلك ما لو كان مع سفر أو بدونه، إلا أن إطلاق السنية مقيد بكونه إذا كان بدون سفر، وأما إذا كان مع سفر فلا تسن زيارة القبور، كذا قيده به في الإقناع، والغاية، وقيد البهوتي به إطلاق المنتهى، وقال في "كافي المبتدي"
(5)
: (وسن لذكور زيارة قبر مسلم بلا سفر).
المثال التاسع: التقييد بالاستثناء، والغاية: قال في «زاد المستقنع» في فصل البيوع المنهي عنها التي بعد شروط البيع: (ولا يصح البيع ممن تلزمه الجمعة بعد ندائها الثاني).
(1)
انظر: الروض المربع مع حاشية ابن قاسم 2/ 291.
(2)
1/ 250.
(3)
1/ 173.
(4)
1/ 173.
(5)
ص 50.