المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ إذا ذكر العالم قولا منسوبا لأحد العلماء ولم يتعقبه فهو إقرار له - مدارج تفقه الحنبلي

[أحمد بن ناصر القعيمي]

فهرس الكتاب

- ‌مقدمة

- ‌مقدمة الطبعة الأولى:

- ‌تمهيد:

- ‌المبحث الأول: التعريف بالمذهب الحنبلي:

- ‌المذهب لغة:

- ‌في الاصطلاح:

- ‌المبحث الثاني: المراد بالحنابلة المتأخرين:

- ‌تنبيه:

- ‌المبحث الثالث: تنبيهات مهمة:

- ‌التنبيه الأول:

- ‌التنبيه الثاني:

- ‌التنبيه الثالث:

- ‌والمقصود بالملازمة:

- ‌وفوائد ملازمة الأشياخ كثيرة جداً:

- ‌والمقصود بالمصاحبة:

- ‌وفوائد المصاحبة كثيرة:

- ‌والكمال:

- ‌التنبيه الرابع:

- ‌التنبيه الخامس:

- ‌وفي آداب الحنفية:

- ‌الفصل الأول: (المرحلة الأولى) دراسة المتون الخمسة والروض المربع:

- ‌المبحث الأول: كتب المرحلة الأولى:

- ‌الأهداف المراد تحقيقها:

- ‌المبحث الثاني: كيفية العمل في هذه المرحلة:

- ‌المبحث الثالث: طريقة دراسة المتن الفقهي:

- ‌الطريقة التي ينتهجها الطالب لدراسة مسائل المتن الفقهي هي ما يلي:

- ‌تلخيص أهم ما فعله المرداوي مع "المقنع" في كتاب "التنقيح

- ‌الأمور التي يجب أن تراعى لدراسة المتن الفقهي:

- ‌الأمر الأول: تبيين المبهم:

- ‌ومن الإبهامات في اللفظ التي تحتاج إلى بيان:

- ‌أمثلة على ذكر (مطلقاً) من بعض المتون:

- ‌ومن الإبهامات التي تحتاج أيضا إلى بيان:

- ‌الأمر الثاني: تقييد المطلق، وتخصيص العموم:

- ‌والمقيدات هي نفس مخصصات العموم:

- ‌أمثلة على ذلك:

- ‌الأمر الثالث: بيان مخالفة المذهب:

- ‌وينبغي عند ذكر مسألة مخالفة للمذهب لأي متن من المتون مراعاة ما يلي:

- ‌أمثلة على مخالفات للمذهب من المتون الخمسة:

- ‌الأمر الرابع: الاهتمام بترتيب المسائل:

- ‌باب الفدية

- ‌الأمر الخامس: الاهتمام بالحدود والضوابط:

- ‌الأمر السادس: الاهتمام بأدلة المسائل:

- ‌ومن الأمثلة على أدلة لمسائل فقهية ما يلي:

- ‌أهمية حفظ القرآن الكريم والسنة النبوية:

- ‌كتب أحاديث الأحكام الحنبلية:

- ‌1 - عمدة الأحكام:

- ‌2 - العُمْدَةُ الْكُبْرَى في أَحادِيثِ الأَحْكامِ:

- ‌3 - المُحَرَّرُ في الحَدِيْثِ:

- ‌4 - كِفَايَةُ المُسْتَقْنِعِ لِأَدِلةِ المُقْنِعِ

- ‌5 - إِحكامُ الذَّرِيْعَةِ إلى أَحكامِ الشَّرِيْعَةِ:

- ‌6 - المُنْتَقَى فِي الأَحْكَامِ الشَّرْعِيَّةِ منْ كَلَامِ سَيِّدِ البَرِيَّةِ صلى الله عليه وسلم

- ‌7 - السُّنَنُ والأَحكَامُ عن المُصْطَفَى عليه أَفْضَلُ الصَّلاةِ والسَّلَامِ:

- ‌الأمر السابع: بيان الخلل في العبارة:

- ‌المراد بالخلل في العبارة:

- ‌أمثلة على الخلل في العبارة:

- ‌المبحث الرابع: الكلام على المتون الخمسة وشروحها وحواشيها:

- ‌المطلب الأول: أخصر المختصرات:

- ‌شروح "أخصر المختصرات

- ‌1 - كشف المخدرات والرياض المزهرات لشرح أخصر المختصرات:

- ‌2 - الفوائد المنتخبات في شرح أخصر المختصرات:

- ‌3 - حاشية على أخصر المختصرات:

- ‌المطلب الثاني: عمدة الطالب:

- ‌شروح " عمدة الطالب

- ‌1 - هداية الراغب لشرح عمدة الطالب:

- ‌ومن تحريرات الشيخ عثمان في هداية الراغب ما يلي:

- ‌2 - شرح عمدة الطالب:

- ‌المطلب الثالث: دليل الطالب لنيل المطالب:

- ‌بعض شروحه وحواشيه

- ‌1):1 -نيل المآرب بشرح دليل الطالب:

- ‌ومما ذكره اللبدي من الفوائد:

- ‌ثم ختم اللبدي رحمه الله

- ‌2 - منار السبيل شرح الدليل:

- ‌3 - نيل المطالب لشرح دليل الطالب:

- ‌4 - فتح وهاب المآرب على دليل الطالب لنيل المطالب:

- ‌5 - مسلك الراغب لشرح دليل الطالب:

- ‌6 - شرح دليل الطالب لنيل المطالب:

- ‌7 - الجمع بين دليل الطالب وغيره:

- ‌المطلب الرابع: كافي المبتدي

- ‌شرح "كافي المبتدي

- ‌الروض الندي شرح كافي المبتدي:

- ‌المطلب الخامس: زاد المستقنع في اختصار المقنع:

- ‌بعض شروح "زاد المستقنع" وحواشيه:

- ‌1 - الروض المربع شرح زاد المستقنع:

- ‌2 - الشرح الممتع على زاد المستقنع

- ‌3 - "شرح زاد المستقنع

- ‌4 - شرح كتاب زاد المستقنع للشيخ حمد الحمد:

- ‌المطلب السادس: الروض المربع شرح زاد المستقنع:

- ‌بعض ما كتب على "الروض المربع" من حواشي:

- ‌1 - حاشية للشيخ عبدالوهاب بن الشيخ محمد بن فيروز الوهيبي التميمي الحنبلي الأحسائي

- ‌2 - حاشية الشيخ عبدالله بن عبدالرحمن العنقري على الروض المربع قاضي سدير

- ‌3 - تقريرات لسماحة الشيخ محمد بن إبراهيم آل الشيخ

- ‌4 - حاشية الشيخ عبد الرحمن بن قاسم

- ‌المبحث الخامس: تتمة كتب المذهب المختصرة وغيرها:

- ‌المطلب الأول: بقية المتون المختصرة:

- ‌1 - بداية العابد وكفاية الزاهد في الفقه على مذهب الإمام أحمد بن حنبل:

- ‌2 - مختصر في فقه الإمام أحمد بن حنبل لأبي بكر خوقير

- ‌المطلب الثاني: قراءة شروح المتون الأربعة الأولى:

- ‌المطلب الثالث: قراءة كتب الشيخ عبد الرحمن بن ناصر السعدي (ت 1376 هـ) الفقهية كلها، ومن أهمها:

- ‌1 - "إرشاد أولي البصائر والألباب لنيل الفقه بأقرب الطرق وأيسر الأسباب

- ‌2 - المناظرات الفقهية:

- ‌المبحث السادس: بعض آداب طلب العلم:

- ‌المطلب الأول: التعليم بالعمل:

- ‌المطلب الثاني: في آداب العالم والمتعلم:

- ‌المطلب الثالث: أقوال لابن الجوزي - رحمه الله تعالى - في أهمية التفقه:

- ‌المطلب الرابع: بعض آفات الاشتغال بالعلم:

- ‌الفصل الثاني: (المرحلة الثانية) دراسة كتاب " منتهى الإرادات "وقراءة كتابي "الإقناع" و"غاية المنتهى

- ‌المبحث الأول: كتب هذه المرحلة، والهدف المراد تحقيقه:

- ‌المطلب الأول: كتب هذه المرحلة:

- ‌1 - "منتهى الإرادات في الجمع بين المقنع والتنقيح وزيادات

- ‌2 - الإقناع لطالب الانتفاع للشيخ شرف الدين أبي النجا

- ‌3 - غاية المنتهى في جمع الإقناع والمنتهى للشيخ مرعي بن يوسف الكرمي

- ‌المطلب الثاني: الهدف المراد تحقيقه:

- ‌المطلب الثالث: الكتب التي لابد من توفرها لدراسة كتاب (منتهى الإرادات):

- ‌المطلب الرابع: طريقة دراسة " المنتهى

- ‌المطلب الخامس: ما ينبغي فعله أثناء دراسة " المنتهى

- ‌أولاً: أن يدرس الطالب المسائل ويحللها بمثل ما تقدم في المرحلة الأولى

- ‌ومن الأمثلة على الإبهامات في الحكم من " الإقناع " و " المنتهى

- ‌ثانيا: استخراج الفروق الفقهية بين المسائل

- ‌ومن الأمثلة على الفروق الفقهية بين المسائل:

- ‌ثالثا: استخراج النظائر الفقهية

- ‌ومن أمثلة النظائر الفقهية:

- ‌رابعا: استخراج القواعد الفقهية التي تضم مسائل متنوعة علتها واحدة:

- ‌ومن أمثلة القواعد الفقهية:

- ‌خامسا: استخراج القواعد الأصولية

- ‌ومن أمثلة القواعد الأصولية:

- ‌المطلب السادس: فوائد دراسة "المنتهى" بهذه الطريقة:

- ‌المبحث الثاني: التعريف بكتب هذه المرحلة:

- ‌المطلب الأول: "منتهى الإرادات في جمع المقنع مع التنقيح وزيادات

- ‌الفرع الأول: التعريف بالمؤلف والكتاب:

- ‌الفرع الثاني: شروح " المنتهى

- ‌1 - "معونة أولي النهى شرح المنتهى

- ‌2 - شرح منتهى الإرادات (دقائق أولي النهى لشرح المنتهى):

- ‌الفرع الثالث: حواشي " المنتهي

- ‌1 - " إرشاد أولي النهى لدقائق المنتهى

- ‌2 - " حاشية الخلوتي على المنتهى

- ‌3 - حاشية الشيخ عثمان النجدي على " المنتهى

- ‌المطلب الثاني التعريف بكتاب: الإقناع لطالب الانتفاع:

- ‌الفرع الأول: التعريف بالمؤلف والكتاب:

- ‌الفرع الثاني: شرحه:

- ‌كشاف القناع عن الإقناع

- ‌الفرع الثالث: حاشيتان على " الإقناع

- ‌1 - " حواشي الإقناع

- ‌قاعدة في كيفية العمل فيما لو اختلف حكم مسألة في موضعين:

- ‌ما يؤيد قاعدة الجزم بالمذهب بما في الموضع الأصلي للمسألة:

- ‌2 - حاشية الخلوتي على " الإقناع

- ‌المطلب الثالث: التعريف بكتاب "غاية المنتهى في الجمع بين الإقناع والمنتهى

- ‌الفرع الأول: التعريف بالمؤلف والكتاب:

- ‌الفرع الثاني: شروحه:

- ‌1 - "مطالب أولي النهى في شرح غاية المنتهى

- ‌2 - "بغية أولي النهى شرح غاية المنتهى

- ‌3 - "منحةُ مُوْلِي الفتح في تجريد زوائد الغاية والشرح

- ‌الفصل الثالث: تحرير المذهب عند المتأخرين:

- ‌المبحث الأول: الكتب التي عليها مدار التصحيح في المذهب:

- ‌معنى الرواية والوجه و"عنه"والتخريج والاحتمال وظاهر المذهب:

- ‌المطلب الأول: "الإنصاف في معرفة الراجح من الخلاف

- ‌عمل الشيخ المرداوي في "الإنصاف" مع "المقنع

- ‌بيان أن المرداوي لم يتبع طريقة أحد في كتب التصحيح:

- ‌المطلب الثاني: "تصحيح الفروع

- ‌كتاب الفروع أوسع كتب المذهب المعتمدة ومادته:

- ‌عمل المرداوي في الفروع:

- ‌المطلب الثالث: " التنقيح المشبع في تحرير أحكام المقنع

- ‌المبحث الثاني: تحرير المذهب عند المرداوي

- ‌المطلب الأول: طريقة المرداوي في تحرير المذهب

- ‌المطلب الثاني: هل هناك من خالف المرداوي في هذا المنهج في تحرير المذهب

- ‌المطلب الثالث: هل كل ما صححه المرداوي في كتبه الثلاثة متفق

- ‌المطلب الرابع: هل صحح الشيخ المرداوي في الإنصاف والتصحيح والتنقيح كل ما فيه خلاف

- ‌المبحث الثالث: منهج ابن النجار في كتابه " المنتهى "في اختيار المذهب:

- ‌من المسائل النادرة التي خالف فيها الشيخُ ابنُ النجار التنقيح:

- ‌مما خالف فيه الشيخ ابنُ النجار التنقيحَ ما ذكره في صدر مقدمته:

- ‌هل صحح صاحب المنتهى في كتابه خلافا حكاه

- ‌المبحث الرابع: منهج الحجاوي في كتابه "الإقناع" في اختيار المذهب:

- ‌وممكن أن نستخلص من مقدمة الإقناع عدةَ فوائد:

- ‌ إذا ذكر العالمُ قولاً منسوباً لأحد العلماء ولم يتعقبه فهو إقرار له

- ‌المبحث الخامس: في الترجيح بين "المنتهى" و"الإقناع

- ‌المطلب الأول: في الترجيح بين "الإقناع" و"المنتهى" إذا اختلفا:

- ‌الحاصل: أن المذهب يكون على الترتيب التالي:

- ‌المطلب الثاني: ذكر من اهتم ببيان المخالفات بين "المنتهى" و"الإقناع

- ‌المبحث السادس: مكانة شيخ الإسلام تقي الدين أحمد بن تيمية في مذهب الحنابلة:

- ‌مسائل من كتاب (منتهى الإرادات) أصلها أقوال لشيخ الإسلام:

- ‌الخاتمة

الفصل: ‌ إذا ذكر العالم قولا منسوبا لأحد العلماء ولم يتعقبه فهو إقرار له

الفائدة الثانية: أهل الترجيح في المذهب أكثر من واحد، ومنهم العلامة المرداوي رحمه الله.

الفائدة الثالثة: أن الخلاف الذي يذكره - بعد تقريره للمذهب - قوي جدا، وأن رتبته أقل من رتبة المذهب المجزوم به إلا أنها أيضا قوية.

قال الشيخ منصور في الكشاف: (وربما ذكرت بعض الخلاف) في بعض المسائل (لقوته) تكثيرا للفائدة ولتعلم رتبته)

(1)

.

قلت: وأضيف مع ذلك أيضا: الخلاف الذي ذكره ابن النجار في المنتهى فهو خلاف قوي؛ وإن كان قليلا جدا، وكذا الخلاف الذي ذكره المنقح في تنقيحه فهو قوي، وأعني به: الخلاف الذي ليس هو على سبيل زيادة شرط أو قيد أو غير ذلك فقد يكون ضعيفا، قال المنقح: (وربما

تعرضت إلى ذكر غير المشهور إن كان قويا، واختاره بعض المحققين بعد تقديم المذهب، أو كان ضعيفا وفيه قيد أو شرط لم يذكره هو .. الخ)

(2)

.

الفائدة الرابعة: أنه قد يذكر خلافا منسوبا لأحد الأصحاب خروجا من تبعته.

قال الشيخ منصور: (قال في القاموس: كفرحة وكتابة: الشيء الذي فيه بُغْيَةٌ، شِبْهُ ظُلَامةٍ ونحوها انتهى، وقال بعضهم: التبعة ما اتبع به، وقد يكون عزو القول لقائله ارتضاء له وموافقة كما هو شأن أئمة المذهب وصرح به ابن قندس في حاشية الفروع).

وهنا فائدة وقاعدة مهمة: وهي: أنه‌

‌ إذا ذكر العالمُ قولاً منسوباً لأحد العلماء ولم يتعقبه فهو إقرار له

، أي: أن سكوته إقرار للقول ورضى به وموافقة له كما قرره البهوتي

(3)

، وذكر أن ابن قندس صرح به.

(1)

انظر: الكشاف (1/ 24).

(2)

انظر: التنقيح (31).

(3)

وإن كان الشيخ بكر بو زيد جعله من الخلاف المطلق قال رحمه الله (المدخل المفصل 1/ 309): (وقد عد من إطلاق الخلاف: حكايته معزوا إلى فلان، أو كتابه، وأن هذا لا دخل له في الترجيح، وهذه طريقة لابن مفلح في: " الفروع " كما نبه عليها المرداوي في: " تصحيحه ": (1/ 55 - 56)، وقد يحمل ما ذكره الشيخ بكر على الكتب التي تحكي عدة أقوال وليس التي تقتصر على قول واحد، وتزيد أحيانا قولا آخر كما في التنقيح والإقناع والمنتهى والله أعلم.

ص: 216

قال ابن قندس أبو بكر بن إبراهيم البعلي (ت 86 هـ) في حاشيته على الفروع: (العالم اذا حكى قول غيره ولم يخالفه فالظاهر انه بقول به)

(1)

.

وسأذكر شواهدَ على عمل العلماء بهذه القاعدة:

الأول: ما قرره الشيخ عثمان النجدي من أن تعليق النكاح على مشيئة الله تعالى، أو بمشيئة الزوج فإنه يصح، وأن صاحب الإقناع نقله عن ابن رجب وأقره؛ بمعنى أنه لم يتعقبه بكلام يخالفه.

قال رحمه الله في حاشيته على المنتهى

(2)

: (وكذا إن شاء الله تعالى، وأن علقه بمشيئة الزوج فقال: قد شئت، وقبلت " إقناع" عن ابن رجب وأقره).

وإذا رجعنا إلى الإقناع وجدناه ساقها هكذا: (وكذا تعليقه بمشيئة الله أو قال: زوجتك ابنتي إن شئت فقال قد شئت وقبلت فيصح قاله زين الدين بن عبد الرحمن بن رجب -).

الثاني: ما نقله اللبدي في حاشيته على نيل المآرب

(3)

عن التبصرة قال: (وقال في التبصرة: ويستفيد منه أيضا الاحتساب على الباعة والمشترين وإلزامهم بالشرع).

وقال اللبدي بعد نقله: (ذكره في الإقناع وأقره).

وإذا نظرنا في الإقناع فإنه ذكر كلام التبصرة ولم يتعقبه بشيء حيث قال: (وقال في التبصرة: ويستفيد منه أيضا الاحتساب على الباعة والمشترين وإلزامهم بالشرع).

ويعتبر هذا رضى منه وموافقة وإقرار له كما تقدم عن البهوتي، ومع ذلك فقد تعقبه البهوتي بكلام المنتهى فقال: (وفي المنتهى: لا يستفيد ذلك لأن

(1)

8/ 216

(2)

4/ 61

(3)

449

ص: 217

العادة لم تثبت بتولي القضاة لذلك)

(1)

.

وخالف الغاية

(2)

أيضا كلام التبصرة.

الثالث: نقل البهوتي عن الفروع حكمَ ما لو رجع شهود التأجيل بعد الحكم فقال: (ولو شهدا بتأجيل وحكم به ثم رجعا غرما تفاوت ما بين الحال والمؤجل) ثم قال بعده: (نقله في الفروع عن بعضهم وأقره)

(3)

.

وهذه عبارة الفروع: (قال بعضهم:

لو شهدا بتأجيل، وحكم الحاكم ثم رجعا غرما تفاوت ما بين الحال والمؤجل)

(4)

.

والإقرار هنا: هو عدم التعقب بشيء، وهذا موافقة وإقرار من صاحب الفروع لهذا الحكم.

الفائدة الخامسة: أن صاحب الإقناع لم يكن مجرد ناقل ومقتصر على أحدها بل يجتهد في التوفيق بينها، بل وبين غيرها، وليس مقدما لكل ما في " التنقيح " على كل حال

(5)

، كما هو حال الشيخ ابن النجار في " المنتهى "، بل يناقش ويرد كلام " المنقح " كثيرا

(6)

، ويظهر ذلك من خلال حواشيه على " التنقيح "، فإنه تتبع المنقح في كثير من المسائل التي خالفه فيها في "الإقناع"، وسأضرب لتوضيح ذلك بعض الأمثلة:

المثال الأول: قول الشيخ المرداوي رحمه الله في "التنقيح": (ويكره غسل شهيد المعركة).

ولم يجزم الشيخ المرداوي بشيء في " الإنصاف"، ولعله اعتمد في تصحيح الكراهة في " التنقيح " على ما قدمه في "الفروع" بقوله: (شهيد المعركة

(1)

انظر: الكشاف 15/ 20

(2)

2/ 571

(3)

انظر: شرح المنتهى 6/ 703

(4)

انظر: الفروع مع تصحيح الفروع 11/ 392

(5)

علما أن الشيخ الحجاوي في الإقناع إن وافق التنقيحَ فإنه غالبا لا يخرج عن لفظه، بخلاف المنتهى فإنه وإن وافق التنقيح في أغلب مسائله لكنه لا يلتزم بلفظه في الغالب.

(6)

قال الشيخ ابن حمدان في كشف النقاب عن مؤلفات الأصحاب: (ناقش المنقح فيها، وحاسبه على النقير والقطمير) ص 78.

ص: 218

ولو غير مكلف لا يغسل، وجزم أبو المعالي بتحريمه)

(1)

.

فقوله: (وجزم أبو المعالي بتحريمه) يدل على أن الحكم الذي قدمه مغاير للتحريم، والحكم الذي يغاير التحريم إنما هو الكراهة.

قال الشيخ الحجاوي في حواشي التنقيح: (قوله: ويكره غسل شهيد معركة) شهيد المعركة لا يغسل، كذا عبارة أكثر الأصحاب، فيحتمل قولهم التحريم، ويحتمل الكراهة، قال في مجمع البحرين: لم أقع بتصريح لأصحابنا هل غسل الشهيد حرام أو مكروه، فيحتمل الحرمة لمخالفة الأمر انتهى، وروى الإمام أحمد أن النبي صلى الله عليه وسلم قال في قتلى أحد (لا تغسلوهم)، وهذا نهي يقتضي التحريم، وقال في الفروع وجزم أبو المعالي بالتحريم ......... قال القاضي في الجامع الصغير، والموفق في الكافي، والقاضي أبو الحسين في المجموع وغيرهم: لا يغسل رواية واحدة، ولم نر من صرح بالكراهة إلا المنقح، ومن تابعه كالعسكري في كتابه المنهج الذي جمع فيه بين المقنع والتنقيح ولم يتيسر له إكماله، وابن النجار في كتابه الجمع بينهما، وكان ينبغي أن يصحح القول بالتحريم موافقة لنص الإمام أحمد، وتصريح أبي المعالي والتبصرة، ولهذا خالفناه في ذلك في كتابنا " الإقناع")

(2)

.

المثال الثاني: قول الشيخ المرداوي رحمه الله في التنقيح: (وإن وكله في شراء معين فاشتراه ووجده معيبا فليس له الرد قبل إعلام موكله).

قال الشيخ الحجاوي في حواشيه على التنقيح: (هذا أحد الوجهين، والمذهب: له الرد، وأطلق الوجهين في الهداية، والمذهب، والمستوعب، والمقنع، والمغني، والشرح، والفروع، والفائق، والمحرر، والتلخيص، والبلغة، قال في الإنصاف: أحدهما: له الرد، وهو الصحيح، وكذا صحح في تصحيح الفروع، وصححه في تصحيح المقنع، وتصحيح المحرر، وجزم به في الوجيز وقدمه في الرعايتين، والحاويين، وشرح ابن رزين.

(1)

3/ 296.

(2)

129.

ص: 219

والوجه الثاني: ليس له الرد، قال في الرعايتين، هذا أولى، قال في تجريد العناية: هذا أظهر، وقدمه في الخلاصة، ومشى عليه في" التنقيح " خلاف ما صححه في " الإنصاف "، وتصحيح الفروع، وتابع "التنقيح" بعض من جمع بين "المقنع" و"التنقيح" كابن النجار، وشيخنا الشويكي، وعذرهما تقليد "التنقيح" من غير مراجعة تصحيح غيره، ولم يتابعه العسكري في كتابه فصحح أن له الرد، وهو كما قال، وهذا الذي مشينا عليه في " الإقناع ")

(1)

.

فهنا تابع الشيخ الحجاوي ما صحح الشيخ المرداوي أنه المذهب في "الإنصاف"، و"تصحيح الفروع"، ولم يتابعه في "التنقيح"، وعتب واعتذر أيضا على من تابع الشيخ المرداوي في "التنقيح"، قال:(وعذرهما تقليد التنقيح من غير مراجعة تصحيح غيره).

ونجده

(2)

في مسألة أخرى قد تابع الشيخَ المرداوي على ما جزم به في "التنقيح، في حين أن الشيخ المرداوي صحح في "الإنصاف" و"تصحيح الفروع" خلافَ ما صححه في "التنقيح" وذلك في المثال التالي:

المثال الثالث: قول الشيخ المرداوي رحمه الله في "التنقيح": (ويقتل عبد بمثله، لا مكاتب بعبده الأجنبي، ويقتل بعبده ذي الرحم المحرم

(3)

).

قال الشيخ الحجاوي معلقًا: (قوله (ويقتل) أي المكاتب بعبده ذي الرحم المحرم؛ لأن حاله

(4)

كحاله، إن عجز المكاتب ورق رق

(5)

، وإن عتق عتق، وحكمه حكمه، بخلاف العبد الأجنبي، لأن المكاتب إن أدى وعتق لم يعتق، وإن بقي الرق رق، فهو رقيق في الحالين، فلم يقتل به سيده،

(1)

263.

(2)

أي: الحجاوي.

(3)

العبد ذو الرحم المحرم هو: من إذا اشتراه محرمه عتق على مشتريه، والعبد الذي يعتق على مشتريه هو: كل أنثى يشتريها المشتري ولا يجوز له نكاحها كأمه، وأخته، أو كل ذكر لو قدر أنه أنثى لم يجز للمشتري أن ينكحه كأبيه، وأخيه.

(4)

أي: العبد ذي الرحم المحرم من المكاتب.

(5)

أي: إن عجز المكاتب عن سداد النجوم التي عليه لسيده فإنه يعود رقيقًا ويرق عبده ذي الرحم المحرم.

ص: 220

وصحح في "الإنصاف"، و"تصحيح الفروع": إنه لا يقتل بعبده ذي الرحم المحرم .... ، وما صححه في "التنقيح" أصوب والله أعلم)

(1)

.

فالشيخ الحجاوي رحمه الله خالف " التنقيح " في المثال الثاني الذي خالف ما في "الإنصاف" و" تصحيح الفروع"، وتابع " التنقيح " في المثال الثالث الذي خالف أيضا ما في"الإنصاف" و"تصحيح الفروع"، وكان ينبغي عليه أن يخالف "التنقيح " في الموضعين لكي يوافق "الإنصاف" و"تصحيح الفروع"، أو يوافقه في الموضعين وإن خالف ما في "الإنصاف" و "تصحيح الفروع".

والذي يظهر من طريقته رحمه الله أنه مستقل وممحص لكل ما يطلع عليه، وليس مجرد ناقل، بخلاف صاحب "المنتهى" فإنه لا يكاد يخالف ما في"التنقيح" إلا في القليل النادر.

(1)

421.

ص: 221