المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

فهرس الكتاب

- ‌مقدمة:

- ‌الباب الأول: أعلام المحدثين في مصر منذ الفتح الإسلامي حتى سقوط بغداد

- ‌مدخل

- ‌الفصل الأول: الصحابة والتابعون وأتباعهم

- ‌مدخل

- ‌الصحابة:

- ‌التابعون وأتباعهم ومن جاء بعدهم:

- ‌الفصل الثاني: أعلام المحدثين في مصر منذ سقوط بغداد إلى نهاية القرن الثامن الهجري

- ‌الفصل الثالث: أعلام المحدثين في مصر في القرنين التاسع والعاشر الهجري

- ‌الفصل الرابع: الإنتاج العلمي في الحديث

- ‌الباب الثاني: مناهج المحدثين في مصر

- ‌الفصل الأول: قبل سقوط بغداد

- ‌الدول الأول: عصر الرواية المثبتة ومنهجهم فيه

- ‌الدور الثالث: عصر تدوين الحديث مفروزا ومنهجهم فيه

- ‌الدور الخامس: عصر التقليد والاختصار والتقريب ومنهجهم فيه

- ‌الفصل الثاني: بعد سقوط بغداد

- ‌الفصل الثالث: مقارنة وموازنة

- ‌الباب الثالث: المدونات الحديثية

- ‌مدخل

- ‌الفصل الأول: كتب الأحكام

- ‌مدخل

- ‌موطأ الإمام مالك:

- ‌سنن أبي داود:

- ‌شرح معاني الآثار للإمام الطحاوي:

- ‌عمدة الأحكام:

- ‌منتقى الأخبار من أحاديث سيد الأخيار:

- ‌تقريب الأسانيد وترتيب المسانيد:

- ‌بلوغ المرام من أدلة الأحكام:

- ‌كشف الغمة عن جميع الأمة:

- ‌خاتمة الفصل الأول:

- ‌الفصل الثاني: كتب الترغيب والترهيب

- ‌مدخل

- ‌كتاب الترغيب والترهيب:

- ‌الزواجر في النهي عن اقتراف الكبائر:

- ‌الإتحافات السنية في الأحاديث القدسية:

- ‌الفصل الثالث: كتب الجوامع

- ‌مدخل

- ‌الجامع الكبير أو جمع الجوامع:

- ‌الجامع الصغير:

- ‌كنوز الحقائق في حديث خير الخلائق:

- ‌الفصل الرابع: كتب الزوائد

- ‌مدخل

- ‌مجمع الزوائد ومنبع الفوائد:

- ‌المطالب المعالية بزوائد المسانيد الثمانية

- ‌الفصل الخامس: كتب توضيح المبهمات

- ‌مدخل

- ‌غريب الحديث:

- ‌الدر النثير تلخيص النهاية لابن الأثير

- ‌الشروح الحديثية:

- ‌عمدة القاري شرح صحيح البخاري

- ‌ارشادات الساري لشرح صحيح البخاري

- ‌كتب مشكل الآثار أو تأول مختلف الحديث

- ‌الفصل السادس: كتب أصول الحديث

- ‌مدخل

- ‌التقييد والإيضاح في شرح مقدمة ابن الصلاح:

- ‌ألفية الحديث:

- ‌فتح المغيث بشرح ألفية الحديث:

- ‌نخبة الفكر وشرحها:

- ‌تدريب الراوي في شرح تقريب النواني

- ‌الفصل السابع: كتب التخريج

- ‌مدخل

- ‌المغني عن حمل الأسفار في الأسفار في تخريج ما في الأحياء من الأخبار:

- ‌تلخيص الحبير في تخريج أحاديث الرافعي الكبير:

- ‌مناهل الصفا في تخريج أحاديث الشفا

- ‌الفصل الثامن: كتب الرجال

- ‌مدخل

- ‌الإصابة في تمييز الصحابة:

- ‌الضوء اللامع لأهل القرن التاسع:

- ‌طبقات الحفاظ:

- ‌إسعاف المبطأ برجال الموطأ:

- ‌خاتمة:

- ‌التخريج:

- ‌بيان المراجع:

- ‌الفهارس

- ‌فهرس الأعلام

- ‌فهرس الأنساب:

- ‌فهرس الموضوعات:

الفصل: ‌سنن أبي داود:

‌سنن أبي داود:

وأما سنن أبي داود السجستاني، فهو ذلك الكتاب العظيم، الذي ألفه سليمان بن الأشعث بن إسحاق بن بشير بن شداد بن عمرو الأزدي، المولود سنة اثنتين ومائتين للهجرة، والذي تحدث عند الذهبي في تذكرته1 فقال: إنه الإمام صاحب السنن، الذي حدث عنه الترمذي، والنسائي، وابنه أبو بكر بن أبي داود، وأبو عوانة، وأبو بشر الدولابي وغيرهم ممن رووا عنه سننه، سمع أبا عمرو بن الضرير ومسلم بن إبراهيم والقعنبي و

وخلقًا كثيرًا بالحجاز والشام ومصر والعراق وغيرها، وقال الذهبي: كتب عنه شيخه أحمد بن حنبل حديث العتيرة، وأراه كتابه فاستحسنه.

ويقول الحافظ المنذري: إن الإمام ابن حنبل استجاده واستحسنه، ثم نقل عن أبي بكر بن عبد العزيز أنه سمع كتابًا كتبه أو داود لأهل مكة يقول فيه عن سننه: إن هذه الأربعة آلاف والثمانمائة حديث كلها في الأحكام، فأما أحاديث كثيرة من الزهد والفضائل وغيرها من غير هذا فلم أخرجها2، وأن محمد بن إسحاق الصاغاني قال: لين لأبي داود الحديث كما لين لداود الحديد.

ونقل الذهبي عن ابن داسة أن أبا داود قال: ذكرت في كتابي الصحيح وما يشبهه وما يقاربه، وما كان فيه من وهن شديد بينته، وأورد أن بعض الأئمة قال: كان أبو داود يشبه بأحمد بن حنبل في هديه ودله وسمته، كما نقل عن الحاكم أنه قال: أبو داود إمام أهل الحديث في زمانه بلا مدافعة، وفي بعض نقوله الأخرى ما يؤكد أنه دخل مصر3.

ونقل المنذري عن أحمد بن محمد بن ياسين الهروي قال: كان سليمان بن الأشعث السجزي أحد حفاظ الإسلام لحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم وعلمه وعلله وسنده، في أعلى درجة النسك والعفاف والصلاح والورع من فرسان الحديث، وكانت وفاته رحمه الله ورضي عنه سنة خمس وسبعين ومائتين للهجرة4.

وكتابه السنن أحد الكتب الستة المشهورة، التي عول عليها العلماء والفقهاء في جميع بقاء الأمة الإسلامية وأزمانها، ولا تجد في وصفه أصدق مما وصفه به مصنفه فيما رواه المنذري عن ابن داسة قال: سمعت أبا داود يقول: كتبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم خمسمائة ألف حديث، انتخبت منها ما ضمنته هذا الكتاب، جمعت فيه أربعة آلاف وثمانمائة حديث، ذكرت الصحيح وما يشبهه ويقاربه5.

ومما وصفه به أيضًا قوله: ما ذكرت في كتابي حديثًا اجتمع الناس على تركه.

1 تذكرة الحفاظ ج2 ص152 وما بعدها.

2 مختصر سنن أي داود ج1 ص5، 6.

3 تذكرة الحفاظ ج2 ص154.

4 الشذرات ج2 ص167.

5 مختصر سنن أبي داود ج1 ص6 و7.

ص: 154

ونقل الحافظ المنذري عن محمد بن إسحاق بن منده الحافظ: أن شرط أبي داود والنسائي إخراج أحاديث أقوام لم يجمع على تركهم إذا صح الحديث باتصال الإسناد من غير قطع ولا إرسال.

ولعله يريد بقوله: إذا صح الحديث كونه مستوفيًا لشروط القبول، وإلا فإن الصحة بالمعنى المصطلح عليه عند المحدثين ليست ملتزمة في سنن أبي داود، لاعتراف مؤلفها بقوله: جمعت فيه الصحيح وما يشبهه ويقاربه، وقوله: وما كان فيه من وهن شديد يينته، من أنه أحيانًا يذكر الضعيف وينبه إلى علته.

وحكي عن أبي داود أنه قال: ما ذكرت في كتابي هذا حديثًا أجمع الناس على تركه1، وأورد مثله الخطابي نقلًا عن أبي داود عند الحديث عن سننه2.

ويقول الخطابي3 في شرحه للسنن4: اعلموا رحمكم الله أن كتاب السنن لأبي داود كتاب شريف، لم يصنف في علم الدين كتاب مثله، وقد رزق القبول من الناس كافة، فصار حكمًا بين فرق العلماء وطبقات الفقهاء على اختلاف مذاهبهم، فلكل فيه ورد منه شرب، وعليه معول أهل العراق وأهل مصر وبلاد المغرب وكثير من مدن أقطار الأرض، ثم فضله على صحيحي البخاري ومسلم في حسن وصفه، وكثرة فقهه.

وذكر الخطابي في مقدمته لشرح السنن عند تقسيم الحديث: أن كتابه هذا مجمع النوعين من الصحيح والحسن، فأما السقيم من الحديث فعلى طبقات: شرها الموضوع ثم المقلوب ثم المجهول، وكتاب أبي داود خَلِي منها، فإن وقع فيه شيء من بعض أقسامه لضرب من الحاجة تدعوه إلى ذكره فإنه لا يألو أن يبين أمره، ويذكر علته، ويخرج من عهدته.

ومن راجع ما كتبه علماء المصطلح وجد أن لهم وجوها في الحكم على المسكوت عنه من سنن أبي داود، وقد تناولها الحافظ السخاوي وانتهى منها إلى أن التحقيق التمييز لمن له أهلية النظر، ورد المسكوت عنه إلى ما يليق بحاله من صحة وحسن وغيرها، ثم قال: ومن لم يكن ذا تمييز فالأحوط أن يقول في المسكوت عليه صالح -كما هي عبارته- خصوصًا وقد سلك جماعة هذا المسلك5.

وقد وصفه الحافظ العراقي في ألفيته بأنه من مظان الحديث الحسن، وبين السخاوي أن الظن هنا بمعنى العلم، وقد بنى ذلك الوصف على ما وصفه به أبو داود نفسه من أنه ذكر فيه الصحيح وما يشبهه ويقاربه.

1 مختصر سنن أبي داود ج1 ص8.

2 شرح الخطابي على السنن ج1 ص11.

3 هو أبو سليمان حمد بن محمد بن إبراهيم الخطابي البستي من أعلام المحدثين والفقهاء وأحد شيوخ الحاكم مؤلف غريب الحديث، ومعالم السنن وأعلام السنن وشرح البخاري توفي سنة 388هـ.

4 مختصر السنن ج1 ص10.

5 فتح المغيث ج1 ص73، 76، 77.

ص: 155

ونقل السخاوي في هذا المقام عن الغزالي: أن ما فيه من الأحاديث يكفي المجتهد في الفقه كما نقل عن النووي: أنه ينبغي للمشتغل بالفقه ولغيره الاعتناء بهذا الكتاب وبمعرفته التامة، فإن معظم أحاديث الأحكام التي يحتج بها فيه، مع سهولة تناوله وتلخيص أحاديثه، وبراعة مصنفه، واعتنائه بتهذيبه.

والكتاب الذي بين أيدينا طبعة المطبعة التازية بمصر ويقع في اثنتين وتسعين وسبعمائة صفحة، ومكون من جزأين: الأول منهما في تسع وثلاثين وأربعمائة صفحة مفتتح بعبارة: حدثنا أبو علي محمد بن عمرو اللؤلئى، حدثنا أبو داود سليمان بن الأشعث السجستاني في المحرم سنة خمس وسبعين ومائتين: كتاب الطهارة -وذكر فيه أبوابًا- ثم كتاب الصلاة

وهكذا حتى فرغ منه مرتبًا إياه على أبواب الفقه المعروفة.

ولا بد هنا من أن نشير إلى أن أبا داود بعد أن ألف كتابه السنن بعث برسالة إلى أهل مكة وغيرها جوابًا لهم، أملى فيها كلامًا كثيرًا من السنن منه قوله1:

أما بعد عافانا الله وإياكم عافية لا مكروه معها ولا عقاب بعدها، فإنكم سألتم أن أذكر لكم الأحاديث التي في كتاب السنن أهي أصح ما عرفت في الباب؟ ووقفت على جميع ما ذكرتم، فاعلموا أنه كذلك كله إلا أن يكون قد روي من وجهين صحيحين فأحدهما أقدم إسنادًا، والآخر صاحبه أقدم في الحفظ فربما كتبت ذلك، ولا أرى في كتابي من هذا عشرة أحاديث.

وإذا أعدت الحديث في الباب من وجهين وثلاثة فإنما هو من زيادة كلام فيه، وربما فيه كلمة زيادة على الأحاديث، وربما اختصرت الحديث الطويل؛ لأني لو كتبته بطوله لم يعلم بعد من سمعه، إلى أن قال: وليس في كتاب السنن عن رجل متروك الحديث شيء، وإذا كان فيه حديث منكر بينت أنه منكر.

ثم قال: وما كان من كتابي هذا من حديث فيه وهن شديد فقد بينته، وما لم أذكر فيه شيئًا فهو صالح، وبعضها أصح من بعض2 وهو كتاب لا يرد عليك سنة عن النبي صلى الله عليه وسلم إلا وهي فيه إلا أن يكون كلامًا استخرج من الحديث، ولا يكاد يكون هذا، ولا أعلم شيئًا بعد القرآن، ألزم للناس أن يتعملوا من هذا الكتاب.

إلى أن قال: والأحاديث التي وضعتها في كتاب السنن أكثرها مشاهير، وهي عند كل من كتب شيئًا من الحديث إلا أن تمييزها لا يقدر عليه كل الناس. ثم قال: ولعل قدر الذي في كتابي أربعة آلاف وثمانمائة حديث، ونحو ستمائة حديث من المراسيل.

وختم رسالته بقوله: ولم أصنف في كتب السنن إلا الأحكام، ولم أصنف في كتب الزهد وفوائد الأعمال وغيرها.

هذا هو أهم ما ورد في رسالة أبي داود السجستاني إلى أهل مكة، وما ورد في غيرها مما

1 نقلًا عن كتاب رسالة أبي داود السجستاني وصفًا لتأليفه كتاب السنن رواية أبي الحسين بن جميع عن محمد بن عبد العزيز الهاشمي عنه قدمها وعلق عليها محمد زاهد الكوثري طبع مطبعة الأنوار بالقاهرة سنة 1369هـ.

2 أوردنا مثل هذا القول في تقديمنا لهذا الكتاب نقلًا عن الذهبي عن ابن داسة.

ص: 156

يستعان به على تعرف هذا الكتاب ومزيته، والقارئ في رسالة أبي داود لأهل مكة يجدها مشتملة على كثير من الركة والإبهام في الأسلوب، ولهذا اكتفينا بنقل ما ينفع ويفيد منها.

هذا: وإن الممارس لهذا الكتاب، والمتتبع لما فيه من مزايا وصفات، تتجلى له فيه ظواهر واضحة عديدة أهمها ما يأتي:

1-

أنه يعنى بإيراد الروايات المتعددة للفظ الواحد في الحديث من غير أن يكرر الحديث كله -كما هو صنيع البخاري في تكرار الحديث الواحد من أجل الاختلاف في كلمة في الحديث أو عبارة فيه.

وذلك مثل قوله في حديث ابن عمر: "الذي تفوته صلاة العصر فكأنما وتر أهله وماله" قال أبو داود: وقال عبيد الله بن عمر: أتر، واختلف على أيوب فيه، وقال الزهري عن سالم عن أبيه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: وتر1.

ومن ذلك أيضًا قوله في حديث أنس بن مالك رضي الله عنه كان موضع المسجد حائطًا لبني النجار فيه حرث ونخل

إلخ، وحدثنا عبد الوارث بنحوه، وكان عبد الوارث يقوله: فيه خرب2.

ومن ذلك قوله في حديث أبي هريرة في قوله صلى الله عليه وسلم: "من قام رمضان إيمانًا واحتسابًا" قال أبو داود: وكذا رواه عقيل ويونس وأبو أويس: "من قام رمضان" وروى عقيل: "من صام رمضان وقامه"3.

2-

أنه يقوي الحديث بمتابعته بغيره مع تحديد الفرق بينهما دقة في عرض السنة، ومن ذلك حديث عائشة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال في لغو اليمين:"إنه كلام الرجل في بيته كلا والله، وبلى والله". قال أبو داود: روى هذا الحديث داود بن الفرات عن إبراهيم الصائغ موقوفًا على عائشة، وكذا رواه الزهري وعبد الملك بن أبي سليمان ومالك بن مغول، وكلهم عن عطاء عن عائشة موقوفًا4.

3-

أنه ينقل اختلاف العلماء في وصل بعض الأحاديث أو قطعها. وذلك كما جاء في حديث عائشة رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "لا نذر في معصية وكفارته كفارة يمين" قال أبو داود: وسمعت أحمد بن حنبل يقول: أفسدوا علينا هذا الحديث، قيل له: وصح إفساده عندك؟ هل رواه غير ابن أبي أويس؟ قال: أيوب كان أمثل منه -يعني أيوب بن سليمان بن بلال- وقد رواه أيوب، قال أبو داود: سمعت أحمد بن شبويه يقول: قال ابن المبارك -يعني في هذا الحديث: حدث أبو سلمة، فدل ذلك على أن الزهري لم يسمعه من أبي سلمة، قال أحمد بن محمد المرودي: إنما الحديث حديث علي بن المبارك

1 سنن أبي داود ج1 ص68.

2 سنن أبي داود ج1 ص75.

3 سنن أبي داود ج1 ص216.

4 سنن أبي داود ج2 ص75.

ص: 157

عن يحيى بن أبي كثير عن محمد بن الزبير عن أبيه عن عمران بن حصين عن النبي صلى الله عليه وسلم، أراد أن سليمان بن أرقم وهم فيه، وحمله عنه الزهري، وأرسله عن أبي سلمة عن عائشة رضي الله عنه1.

4-

أنه ينبه على ما في الحديث من وهن إن كان ذلك فيه، كما عرف من وصف كتابه وأشرنا إلى ذلك في حديثنا عنه.

ومن ذلك قوله في حديث يحيى بن أيوب أنه قال: يا رسول الله أمسح على الخفين؟ الحديث قال أبو داود: رواه ابن أبي مريم المصري عن يحيى بن أيوب عن عبد الرحمن بن رزين عن محمد بن يزيد بن أبي زياد عن عبادة بن أنس عن أبي بن عمارة قال فيه: حتى بلغ سبعًا قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "نعم وما بدا لك" قال أبو داود: وقد اختلف في إسناده وليس بالقوي2.

ومن ذلك قوله في حديث المغيرة بن شعبة قال: "وضأت النبي صلى الله عليه وسلم في غزوة تبوك فمسح أعلى الخفين وأسفله" قال أبو داود: وبلغني أنه لم يسمع ثور هذا الحديث من رجاء3 وهو طعن منه في الحديث بالانقطاع وعدم القبول.

ومن ذلك قوله في حديث أبي سعيد: "أن النبي صلى الله عليه وسلم مر بغلام وهو يسلخ شاة" الحديث، قال أبو داود: وقال عن هلال بن ميمون الرملي رواه عبد الواحد بن زياد وأبو معاوية عن هلال عن عطاء عن النبي صلى الله عليه وسلم مرسلًا لم يذكر أبا سعيد4.

ومن ذلك أيضًا -مع بيان السبب- قوله في حديث أبي هريرة قال: "خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم فإذا الناس في رمضان يصلون" الحديث. قال أبو داود: ليس هذا الحديث بالقوي، مسلم بن خالد ضعيف5، ومن ذلك أيضًا قوله في حديث على الذي رواه عنه ميمون بن أبي شبيب: "أنه فرق بين جارية وولدها فنهاه النبي صلى الله عليه وسلم

" الحديث، قال أبو داود: ميمون لم يدرك عليا، قتل بالجماجم، والجماجم سنة ثلاث وثلاثين6.

ومن ذلك قوله في حديث ابن عباس: "نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن معاقرة الأعراب" قال أبو داود: غندر أوقفه عن ابن عباس7.

5-

أنه ينبه على اختلاف رواة الحديث بالزيادة أو النقص فيه.

ومن ذلك قوله في حديث عمرو بن أمية الضمري قال: "كنا مع النبي صلى الله عليه وسلم في بعض أسفاره

إلى أن قال: ثم أمر بلالا فأذن" وفي رواية أخرى عن ذي مخبر ابن أخي النجاشي في هذا الخبر قال: فأذن وهو غير عجل8.

1 سنن أبي داود ج2 ص78.

2 سنن أبي داود ج1 ص25.

3 سنن أبي داود ج1 ص26.

4 سنن أبي داود ج1 ص29.

5 سنن أبي داود ج1 ص217.

6 سنن أبي داود ج1 ص422.

7 سنن أبي داود ج1 ص6.

8 سنن أبي داود ج1 ص73.

ص: 158

ومن ذلك أيضًا إيراده حديث عائشة: "أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يصلي صلاة العشاء في جماعة

" الحديث، ثم إشارته إلى رواية أخرى يقول عنها: إن الراوي لم يذكر: "يسوي بينهن في القراءة والركوع والسجود"1.

ومن ذلك حديث أبي هريرة: "أن رجلًا أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: إني أرى الليلة" فذكر الحديث، ثم قال: إن الزهري رواه عن عبيد الله عن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم بهذا لم يذكر القسم، زاد فيه "ولم يخبره"2.

ومن ذلك حديث عبد الرحمن بن أبي بكر قال: "نزل بنا أضياف لنا" وذكر الحديث ثم أورد رواية أخرى بهذا الحديث نحوه وقال: زاد عن سالم في حديثه: "ولم يبلغني كفارة"3.

6-

أنه يحدد من وقع منه الشك من شيوخه -إن كان.

ومن ذلك حديث أبي بن كعب: "أنه وجد صرة فيها مائة دينار" قال أبو داود في آخره: "وقال: لا أدري أثلاثًا قال عرفها أو مرة واحدة؟ " ثم ذكر الحديث برواية شعبة بمعناه قال: "عرفها حولا، وقال: ثلاث مرات، وقال: لا أدري أقال له ذلك في سنة أو في ثلاث سنين؟ 4".

7-

أنه يتحرى الدقة والأمانة في إيراد السند على حقيقته بكل وجه يصل إليه، أو الإشارة إلى ما فيه من غموض أو شك تبرئة للذمة.

ومن ذلك ما جاء في حديث يعلى بن أمية عن أبيه: "أن رجلًا أتى النبي صلى الله عليه وسلم وهو بالجعرانة

" وذكر الحديث، ثم أورده برواية أخرى عن صفوان بن يعلى عن أبيه، ثم قال بهذه القصة قال فيه: قال النبي صلى الله عليه وسلم: "اخلع جبتك" فخلعها من رأسه، وساق الحديث. ثم أورد سندًا آخر إلى يعلى بن منبه عن أبيه بهذا الخبر قال فيه: "فأمره رسول الله صلى الله عليه وسلم أن ينزعها ويغتسل مرتين أو ثلاثًا

" وساق الحديث، ثم أورده برواية رابعة: "أن رجلًا أتى النبي صلى الله عليه وسلم بالجعرانة وقد أحرم بعمرة وعليه جبة وهو مصفر لحيته ورأسه

" وساق هذا الحديث5.

وفي هذا الحديث نفسه يذكر اختلاف اللفظ في قوله: وعليه أثر خلوف، أو قال: أثر صفرة.

ومن ذلك حديث نبيه بن وهب برواية أحمد بن حنبل قال: اشتكى عمر بن عبيد الله بن معمر عينيه، فأرسل إلى أبان بن عثمان

إلى أن قال: اضمدهما بالصبر، فإني سمعت عثمان يحدث ذلك عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم ذكر رواية أخرى عن نبيه بن وهب بهذا الحديث برواية عثمان بن أبي شيبة6.

1 سنن أبي داود ج2 ص212.

2 سنن أبي داود ج2 ص76.

3 سنن أبي داود ج2 ص76.

4 سنن أبي داود ج1 ص269.

5 سنن أبي داود ج1 ص287 وما بعدها.

6 سنن أبي داود ج1 ص290.

ص: 159

ومن ذلك حديثه عن أبي بكرة: "أن النبي صلى الله عليه وسلم خطب في حجته" الحديث، ثم أورده برواية أخرى عن النبي صلى الله عليه وسلم بمعناه، قال أبو داود: سماه ابن عون -أي في سند آخر- فقال: عبد الرحمن بن أبي بكرة عن أبي بكرة في هذا الحديث، وبيان ذلك أن ابن أبي بكرة ورد في السند الأول بكنيته دون اسمه، ولكنه في السند الأخير ذكر باسمه وكنيته1.

ومن ذلك قوله في حديث كثير بن كثير بن المطلب بن أبي وداعة عن بعض أهلي عن جده: "أنه رأى النبي صلى الله عليه وسلم يصلي" الحديث ثم قال أبو داود: قال سفيان: كان ابن جريج أخبرنا عنه أخبرنا ابن كثير عن أبيه قال: فسألته فقال: ليس من أبي سمعته، ولكن عن بعض أهلي عن جدي2.

ومن ذلك قوله في حديث عبد الرحمن بن سعيد المخزومي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال يوم فتح مكة: "

" وساق الحديث، قال أبو داود: لم أفهم إسناده من أبي العلاء كما أحب3 ومعنى ذلك عدم اعتداده بهذا السند.

ومن ذلك أيضًا قوله في حديث عائشة رضي الله عنها: "أن النبي صلى الله عليه وسلم كان لا يصلي في ملاحفنا" قال حماد: وسمعت سعيد بن أبي صدقة قال: سألت محمدًا عنه فلم يحدثني، وقال: سمعته منذ زمان ولا أدري ممن سمعته، ولا أدري أسمعته من ثبت أم لا؟ فسلوا عنه4.

ومن ذلك تعقيبه على التماس ليلة القدر، قال أبو داود: لا أدري أخفي علي شيء منه أم لا؟ 5.

8-

أنه يعقب على بعض الأحاديث بوصف بعض الرجال أو نسبته أو تسميته زيادة في تحقيقه وتحديده، سواء أكان الموصوف أو المنسوب أو المسمى من رجال السند أم لم يكن.

ومن ذلك قوله في حديث عبد الله بن حوالة الأزدي قال: "بعثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم لنغنم

" وساق الحديث ثم قال: عبد الله بن حوالة حمصي6.

ومن ذلك قوله تعقيبًا على حديث عمر بن الخطاب: "لما كان يوم بدر" الحديث: اسم أبي نوح قراد، والصحيح عبد الرحمن بن غزوان7.

ومن ذلك قوله في حديث أنس بن مالك: "أن رسول الله صلى الله عليه وسلم دخل مكة عام الفتح

" الحديث إلى أن قال: "جاءه رجل فقال ابن خطل متعلق بأستار الكعبة" قال أبو داود: ابن خطل اسمه عبد الله، وكان أبو برزة قتله8.

9-

وأنه يشير إلى اختلاف الرواة في فهم الحديث عند وجود هذا الاختلاف.

ومن ذلك قوله في حديث أبي موسى: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:

"إني والله -إن شاء الله-

1 سنن أبي داود: ج1 ص306.

2 سنن أبي داود: ج1 ص315.

3 سنن أبي داود: ج1 ص420.

4 سنن أبي داود: ج1 ص61.

5 سنن أبي داود: ج1 ص219.

6 سنن أبي داود: ج1 ص397.

7 سنن أبي داود: ج1 ص421.

8 سنن أبي داود: ج1 ص420.

ص: 160

لا أحلف على يمين

" الحديق قال أبو داود: وسمعت أحمد يرخص فيها الكفارة قبل الحنث، ونقل عن ابن سمرة أنه قال: كفر عن يمينك ثم ائت الذي هو خير، قال أبو داود: أحاديث أبي موسى الأشعري وعدي بن حاتم وأبي هريرة في هذا الحديث روي عن كل واحد منهم في بعض الرواية الحنث قبل الكفارة، وفي بعض الرواية الكفارة قبل الحنث1.

10-

أنه يبين رأيه في تحقيق راوي الحديث، ومن هو الأولى في الأخذ عنه.

ومن ذلك قوله في حديث صفوان بن عمرة: "أتيت النبي صلى الله عليه وسلم قبل أن يهاجر بهذا الحديث -يريد الحديث الذي سبق- قال أبو داود: رواه قيس كما قال سفيان، والقول قول سفيان، ثم قال: حدثنا ابن أبي رزمة، سمعت أبي يقول: قال رجل لشعبة: خالفك سفيان. قال: دمغتني، وبلغني عن يحيى بن معين قال: كل من خالف سفيان فالقول قول سفيان، وحدثنا أحمد بن حنبل ثنا وكيع عن شعبة قال: كان سفيان أحفظ مني2.

11-

أنه -أحيانًا- يفسر الغريب من لفظ الحديث.

ومن ذلك قوله في حديث المسجد النبوي -تفسيرًا لكلمة القصة التي وردت في الحديث- قال أبو داود: القصة الجص3.

12-

أنه يروي المدرج مع بيان من أدرجه.

ومن ذلك قوله في حديث بناء المساجد بعد قول النبي صلى الله عليه وسلم: "ما أمرت بتشييد المساجد" قال ابن عباس: لتزخرفنها كما زخرفت اليهود والنصارى4.

13-

أنه يروي بعض الآثار الموقوفة أو المقطوعة في سننه.

ومن ذلك أنه أورد أثرًا بسنده إلى عطاء، أنه كره الوضوء باللبن والنبيذ -بعد أن ذكر أحاديث الوضوء بالنبيذ- وقال: إن التيمم أعجب إلي منه، وأورد بعده كذلك أثرًا بسنده إلى أبي خلدة، قال: سألت أبا العالية عن رجل أصابته جنابة وليس عنده ماء وعنده نبيذ أيغتسل به؟ قال: لا5.

وهذا المسلك في رواية الآثار الموقوفة أو المقطوعة لا يقع منه إلا على ندرة، بخلاف صاحب الموطأ الذي شرحنا مسلكه فيما سبق.

14-

أنه يكثر من عدد الأبواب مهما قلت أحاديثها إلى درجة ألا يكون في الباب إلا حديث واحد معدود الكلمات.

وذلك مثل باب النهي عن البول في الجحر، ولم يذكر في هذا الباب إلا حديث:"أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى أن يبال في الجحر"6.

1 سنن أبي داود: ج2 ص77.

2 سنن أبي داود: ج2 ص84.

3 سنن أبي داود: ج1 ص74.

4 سنن أبي داود: ج1 ص74

5 سنن أبي داود: ج1 ص14.

6 سنن أبي داود: ج1 ص6.

ص: 161

ومن ذلك باب كراهية الكلام عند الحاجة، حيث لم يذكر فيه إلا حديثًا واحدًا وهو قوله صلى الله عليه وسلم:"لا يخرج الرجلان يضربان الغائط كاشفين عن عورتهما يتحدثان"1.

ومن ذلك: باب في الرجل يذكر الله على غير طهر، لم يذكر فيه أبو داود إلا حديثًا واحدًا لعائشة:"كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يذكر الله على كل أحيانه"2.

ومن ذلك باب الخاتم يكون فيه ذكر الله، لم يذكر فيه إلا حديثًا واحدًا، على أنه حكم بأنه حديث منكر3.

ومن ذلك أيضًا باب البول قائمًا، لم يذكر فيه إلا حديثًا واحدًا.

ومن ذلك باب الرجل يبول بالليل في الإناء ثم يضعه عنده، لم يذكر فيه إلا حديثًا واحدًا أقصر من عنوانه.

وباب ما جاء في أكل معاقرة الأعراب لم يذكر فيه إلا حديثًا واحدًا4.

وباب ما جاء في ذبيحة المتردية لم يذكر فيه إلا حديثًا واحدًا.

وكذلك باب المبالغة في الذبح5.

وبعد هذا فإن فيما أوردناه من شهادات الحفاظ والعلماء لسنن أبي داود والتنويه بشأنها ما يدل على أنه كتاب جدير بالعناية بأمره، والاستمساك بحبله، واعتباره كنزًا من كنوز المعرفة والعلم بالسنة المحمدية، ولا سيما فيما يتعلق بالأحكام الشرعية، ولهذا عده بعض العلماء والأئمة الكتاب الثالث في الرتبة بعد الصحيحين، وإن كنا نتجه إلى أنه أولها رتبة فيما يختص بجمع أحاديث الأحكام وتقريبها وتهذيبها، والأمانة في عرضها بأسانيدها ومتونها.

ولا يفوتنا أن ننوه بهذا الكتاب من زاوية أن مؤلفه ممن عاشوا في عصور الرواية التي تنتهي بنهاية المائة الثالثة للهجرة، وأنه من الأئمة ذوي الحق في التعديل والتجريح، والتصحيح والتضعيف، ولهذا اختص كتابه من بين سائر مدونات الأحكام بطابع الرواية عند إيراد كل حديث، وبيان الطرق التي أوصلته إليه في كل منها، وبيان المقبول منها والمردود، إما بالنص عليه أو بالسكوت الذي جعله علامة على صلاحية الحديث كما بينا ذلك.

وما اشتهر من أن الكتاب في أحاديث الأحكام، لا ينافي ما وقع في آخره من أحاديث يتعلق بعضها بالعقائد، وبعضها بالترغيب والترهيب والآداب، فإنه رحمه الله لم يرد أن يخلي كتابه من هذه الفوائد بعد أن استفرغ وسعه في رواية أحاديث الأحكام، وإن كانت هذه الأبواب أيضًا يمكن ردها إلى الأحكام، باعتبار ما فيها من إلزام للمكلفين، أو ترغيب وترهيب للمؤمنين.

1 سنن أبي داود: ج1 ص4.

2 سنن أبي داود: ج1 ص4.

3 سنن أبي داود: ج1 ص4.

4 سنن أبي داود: ج1 ص6.

5 سنن أبي داود: ج1 ص7.

ص: 162

وقد اتجهت عناية الفحول من علماء الأمة إلى الاهتمام بهذا الكتاب، فقد عمل له الإمام العظيم الحافظ أبو سليمان حمد الخطابي المتوفى سنة 388هـ شرحًا ممتازًا أفرغ فيه كثيرًا مما في جعبته من المعارف الإسلامية، ولا سيما في الأحكام الشرعية، كما هذبه الحافظ المنذري المتوفى سنة 656هـ وحذف أسانيده وعوض عنها ذكر من خرج الحديث من أئمة الرواية غير مؤلفه، كما هذبه العلامة الحافظ ابن قيم الجوزية المتوفى سنة 751هـ تهذيبًا عظيمًا، بدأه بالتنويه به وقال: إنه من الإسلام بالموضع الذي خصه الله به بحيث صار حكمًا بين أهل الإسلام، وفصلًا في موارد النزاع والخصام، وأثنى على تهذيب الإمام المنذري له، وبين أنه إمامه في التهذيب الذي قام به.

قال صاحب كشف الظنون: إن الإمام المنذري سمى هذا التهذيب "المجتبى" وقد ألف السيوطي عليه شرحًا سماه "زهر الربى على المجتبى"1.

وممن ذكرهم صاحب كشف الظنون من شارحي السنن؛ العلامة ابن قيم الجوزية في شرح مختصر السنن، والحافظ جلال الدين السيوطي المتوفى سنة 911هـ، وقال: إن له شرحًا سماه "مرقاة الصعود إلى سنن أبي داود" وإن لابن الملقن شرحًا لزوائده على الصحيحين في مجلدين، وولي الدين العراقي، والشيخ شهاب الدين أحمد بن الحسين الرملي المتوفى سنة 844، والشيخ قطب الدين أبو بكر بن أحمد بن دعين اليمني المتوفى سنة 752هـ في أربع مجلدات كبار في آخر عمره، وشرحها أبو زرعة أحمد عبد الرحيم العراقي سنة 826هـ وكتب منه سبع مجلدات إلى أثناء سجود السهو، والحافظ علاء الدين مغلطاي المتوفى سنة 762هـ ولم يكمله. وشرحها شهاب الدين أبو مخمد بن محمد بن إبراهيم المقدسي من أصحاب المزي المتوفى سنة 765هـ سماه "انتحاء السنن واقتفاء السنن". وشرح قطعة منها العلامة بدر الدين محمود بن أحمد العيني الحنفي المتوفى سنة 855هـ2.

ولقد تأثر الإمام الحافظ ابن حجر في كتابه بلوغ المرام بمسلك أبي داود في كتابه السنن، حيث ختمه بكتاب في الأدب وما يتصل به، سماه كتاب الجامع، وسنين ذلك -بإذن الله- عند الكلام على كتاب بلوغ المرام.

وقد شرح كتاب السنن أيضًا من العلماء المعاصرين شرحًا ضافيًا فضيلة العالم العامل الشيخ محمود خطاب السبكي، غير أن الله اختاره لجواره قبل أن يتمه، فأكمله خليفته وابنه العالم الجليل الشيخ أمين خطاب مع أعوان له من فحول العلماء من رجال السنة.

رحم الله الجميع، ونفع بهم وبما قدموه للأمة الإسلامية من أثر صالح ومجهود كريم.

1 كشف الظنون ج1 ص1004.

2 كشف الظنون: ج2 ص1005 وما بعدها.

ص: 163