الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المطالب المعالية بزوائد المسانيد الثمانية
…
المطالب العالية بزوائد المسانيد الثمانية:
للحافظ ابن حجر العسقلاني المتوفى سنة 852هـ:
ومؤلف هذا الكتاب هو الإمام الحافظ أحمد بن علي العسقلاني المصري المعروف بابن حجر المتوفى سنة اثنتين وخمسين وثمانمائة، وقد سبقت ترجمته عند دراسة كتابه بلوغ المرام.
وقد تحدث عن فكرة جمعه لهذا الكتاب في مقدمته: بأنه رأى جمع جميع ما وقف عليه من الحديث النبوي في كتاب واحد ليسهل الكشف منه، ثم عدل إلى جمع الأحاديث الزائدة في كتب المسانيد على الكتب المشهورة -وقصد بالمشهورة الأصول الستة ومسند أحمد، وبالمسندات ما رتب على مسانيد الصحابة- وأنه وقع له منها ثمانية كاملة، وهي مسند أبي داود الطيالسي، ومسند الحميدي، ومسند ابن أبي عمر العدني، ومسدد، وأحمد بن منيع، وأبو بكر بن أبي شيبة، وعبد بن حميد، والحارث بن أبي أسامة.
ثم ذكر أنه وقع له من المسانيد أشياء كاملة، كمسند البزار وأبي يعلى والطبراني، ولكنه رأى شيخه الهيثمي قد جمع ما فيها وفي مسند أحمد في كتاب مفرد محذوف الأسانيد فلم ير أن يزاحمه عليها، لكنه تتبع ما فاته من مسند أبي يعلى لكون الهيثمي اقتصر في كتابه على الرواية المختصرة.
كما ذكر أنه وقع له عدة من المسانيد غير مكملة، كمسند إسحاق بن راهويه فوقف منه على قدر النصف فتتبع ما فيه، فصار ما تتبعه من الزوائد من عشرة دواوين، وقد سبقت لنا دراسة لهذه المسانيد قبل الحديث عن مجمع الزوائد.
كما أنه أشار إلى أنه وقف على قطع من عدة مسانيد أخرى فلم يكتب منها شيئًا رجاء إضافتها عند التبييض.
وقد وجدناه أضاف إلى المسانيد الثمانية في تخريجاته عدة مراجع أخرى: كالفاكهي والبيهقي وعبد الرزاق، وأحمد في الزهد، وزوائد عبد الله بن أحمد، والبزار مفردًا أو مضمومًا إلى غيره من الثمانية، وابن حبان، وابن أبي أسامة، وابن شيرويه.
فمما نقله عن مسند الفاكهي الحديث رقم 1223 و1224، وعن مسند البيهقي الحديث رقم 747، وعن مسند عبد الرزاق الحديث رقم 752، 2548، وعند أحمد في الزهد الحديث رقم 2494، 2495، 2676، وعن ابن حبان الحديث 275، 2368، وعن ابن أبي أسامة الحديث رقم 2237، وعن مسند البزار مفردًا الحديث رقم 3414 و3489 و3838 و3848 و3849، وعن البزار مضمومًا إلى أبي يعلى الحديث رقم 3496، وعن شيرويه الراوي لمسند إسحاق عنه الحديث رقم 2558.
وفي هذه المناسبة نشير إلى ما قاله الأستاذ الأعظمي -مخرج الكتاب ومحققه والمعلق عليه- في بيان التطوير الذي انتهى إلى تلك المطالب العالية، حيث ذكر أنه لم تنقطع محاولات تجميع السنة على صعيد واحد في مصنفات مستوعبة، بعد أن انتهت عهود الرواية والتدوين الأساسية في جوامع ومصنفات وسنن ومسانيد، ومن ذلك ما قصده الحميدي "المتوفى سنة 219هـ" حين ألف كتابه الجمع بين الصحيحين، وغيره كثير1، إلى أن صنف ابن الأثير2 كتابه جامع الأصول على آثار كتاب سابق لرزين العبدري، وهو يمثل الحلقة الأولى في تجميع كتب السنة على صورة تجريد الأسانيد ومقارنة الروايات3 قال صاحب الرسالة المستطرفة: إن كتاب جامع الأصول على وضع كتاب رزين إلا أن فيه زيادات كثيرة عليه، وقال عنه: إنه اختصره ابن الديبع -وهو أحسن مختصراته- كما اختصره قاضي حماه شرف الدين أبو القاسم هبة الله البرزي الجهني المتوفى سنة 733هـ وسماه تجريد جامع الأصول.
ويقول الأستاذ الأعظمى: ثم تلا ابن الأثير الجزري الحافظ نور الدين الهيثمي في تصنيف كتابه مجمع الزوائد، وهو الذي درسناه قبل كتاب المطالب العالية.
وينبغي أن نشير هنا إلى أن هذه الفترة التي طواها الأستاذ محقق المطالب العالية لم تكن غفلًا ولا خالية من محاولة الجمع كما قد توهمه عبارة الأستاذ المحقق. فقد ظهر فيها كتاب أنوار المصباح في الجمع بين الكتب الستة الصحاح لأبي عبد الله محمد بن عتيق بن علي التجيبي الغرناطي المتوفى في حدود ست وأربعين وستمائة للهجرة، كما ظهر فيها كتاب جامع الجوامع السبعة عن الصحيحين والسنن الأربعة وسنن الدارمي لبعضهم، والجمع بين الأصول الستة ومسانيد أحمد والبزار وأبي يعلى والمعجم الكبير وربما زيد عليها من غيرها، وهو المسند الكبير للحافظ عماد الدين أبي الفداء إسماعيل بن عمر المعروف بابن كثير، المتوفى سنة أربع وسبعين وسبعمائة، سماه جامع المسانيد والسنن الهادي لأقوم سنن، رتبه على حروف المعجم، يذكر كل صحابي له رواية ثم يورد في ترجمته جميع ما وقع له في هذه الكتب وما تيسر من غيرها4.
1 من المصنفات الجامعة المشهورة الجامع في الحديث للإمام عبد الرزاق بن همام الصنعاني المتوفى سنة 211هـ ومن المصنفات العظيمة بين هذه الجوامع كتاب جامع المسانيد للحافظ عبد الرحمن بن علي الشهير بأبي الفرج بن الجوزي في سبع مجلدات ذكره الذهبي في ترجمته ج4 ص132 وأورده صاحب الرسالة المستطرفة في كتب الجوامع ص132 وقال: إنه سماه جامع المسانيد بألخص الأسانيد.
2 هو مبارك بن محمد بن عبد الكريم الشيباني المتوفى سنة 606.
3 ثم جاء الشيخ عبد الرحمن بن علي بن محمد بن يوسف الزبيدي المشهور بالديبع المتوفى سنة 944هـ فهذب ذلك الكتاب وجمع أبوابه على حروف المعجم وسماه تيسير الوصول إلى جامع الأصول "وهو كتاب نافع ومتداول" راجع كشف الظنون ج1 ص537.
4 الرسالة المستطرفة ص131 وما بعدها.
ولا يخلو الأمر -مع عناية علماء المسلمين بالسنة واهتمامهم بها- من أن تكون لهذه الكتب نظائر لمؤلفين من علماء الحديث في الأقطار الإسلامية، ولكن الأستاذ المحقق يريد الربط الإجمالي العام ليكون مدخلًا لموضوع كتاب المطالب العالية وصلته بالجوامع من كتب السنة، فهو لهذا يقول: ثم تلا ابن الأثير الحافظ نور الدين الهيثمي في تصنيف كتابه مجمع الزوائد، مبتغيًا من تأليفه إضافة حلقة أوسع أحاطت بستة كتب أخرى -وذكرها- وقد قدمنا الكلام على ذلك عند دراستنا لذلك المجمع الهيثمي بما اتسع له المقام.
ونحن نتفق مع الأستاذ المحقق في أن كتاب المطالب العالية يدخل في دائرة المحاولات لتجميع السنة النبوية في صعيد واحد، ونرى أن الحافظ ابن حجر -بنقله عن هذه المسانيد- أضاف إلى الكتب المتداولة مع زوائد شيخه الحافظ نور الدين الهيثمي ما يرى باجتهاده أنه يحقق الغرض من تلك المحاولة الكريمة، فإنه أضاف إلى كتب السنة المتداولة ما لم يضفه شيخه إليها.
وقبل أن نتناول هذا الكتاب بالدراسة ينبغي أن نتقدم بتمهيد نبين به الظروف التي أحاطت بإخراج تلك النسخة المطبوعة، والتي لا يمكن البت بأنها -على هذا الوجه- من وضع الإمام الحافظ ابن حجر، ولا يمكن الحكم بأنه صاحب ما وقع فيها من التصرفات، مع إمكان القطع بأن المتن المجرد -وحده- للإمام الحافظ ابن حجر.
وبناء على هذا، فإن دراستنا لهذا الكتاب ستكون بالنسبة لهذه النسخة التي وصلت إلينا مطبوعة دون حكم على المؤلف نفسه بما هو فيه من نقص أو تقصير.
وبيان ذلك -كما استقينا من واقع دراسات الأستاذ المحقق وجولاته بين تلك النسخة المخطوطة التي اختيرت من بينها هذه المطبوعة للنشر أن الأستاذ المحقق أفاد بما خلاصته: أنه بحث عن كتاب المطالب في مكتبات الهند والحجاز، فلم يظفر به إلا في المكتبة السعيدية بحيدر أباد عام ثمان وخمسين وتسعمائة وألف، لكن هذه النسخة كانت عبارة عن النصف الأول من الكتاب
…
إلى أن قال: إنه ظفر نسختين أخريين في المكتبة العلمية بالمدينة المنورة إحداهما المخطوطة المسندة، والثانية المخطوطة المجردة، أما المسندة فقد نسخت ستة عشر ومائة وألف للهجرة، وهي مصورة عن نسخة في إحدى مكتبات تركيا، وذكر أن تصويرها لم يكن واضحًا؛ لأنه اختير تصويرها بحجم أصغر من أصلها مع وجود تصحيفات وتحريفات فيها فجاءت غامضة صعبة القراءة والإفادة، ولكنه تجلد وتصبر حتى أفاد منها في تحقيق الكتاب، وأما المجردة فهي مصورة من إحدى مكتبات تركيا ولكنها أوضح من المسندة، وقد كتبت عام اثني عشر ومائة وألف للهجرة، وذكر المحقق أن القائم بتجريد الكتاب من أسانيده ليس في المخطوطة ما يصح معه الجزم بتعيينه، وغالب الظن أنه كاتب النسخة نفسه، وذكر أن كاتبي النسختين شخصان مختلفان، ثم وازن بين المجردة والمسندة فقال: إنه لا فرق بينهما إلا حذف أسانيد الحديث في المجردة مع الإبقاء على اسم الصحابي فقط دون كلمة "عن" أو غيرها، ولكن
يؤخذ على مجرد النسخة أنه حذف كثيرًا من الكلام الضروري الذي عقب به المؤلف الحافظ ابن حجر على بعض الأحاديث، ويقول المحقق:"إنه استدرك ذلك في الحواشي، كما يؤخذ عليه إضافة كلمة "رفعه" مع التصريح بعبارة "قال" ونحوها وهما لا يجتمعان، وأنه كثيرًا ما يأتي بكلمة رفعه مع الموقوف، ثم بين أن اختيار المخطوطة المجردة كان بإشارة من قسم التراث الإسلامي بالكويت الذي رأى أن نشرها أولى -في هذا الزمن- من نشر المخطوطة المسندة، لا سيما مع الإفادة من خصائص النسخة المسندة، وكأنه يريد بهذه العبارة أن الخصائص المنشودة من النسخة المسندة والتي خلت منها المجردة هي بيان درجات الأحاديث، وقد حاول المحقق أن يستوعبها من مصادرها الثلاثة -وهي هذه النسخة المسندة وزوائد البوصيري وزوائد الهيثمي- على أن المحقق أيضًا ربما لم يصل إلى حكم في هذه المراجع الثلاثة فيرجع إلى رجال الأحاديث في مظانها، وما حكم به في كتب الرجال إذا نشط لذلك، وربما لم ينشط له.
وبعد هذا نستطيع أن ندون رأينا في هذه النسخة التي وصلت إلينا أول ما ظهرت مطبوعة -لأول مرة- وكما نشرها التراث الإسلامي إدارة الشئون الإسلامية بوزارة الأوقاف بالكويت وهي الطبعة الأولى عام سبعين وتسعمائة وألف ميلادية بالمطبعة العصرية بالكويت.
والكتاب يقع في أربع مجلدات جميعها ست وسبعون وسبعمائة وألف صفحة من القطع المتوسط، فيها حديثان وسبعمائة وأربعة آلاف حديث موزعة على المجلدات الأربعة.
وقالت المجردة1 في مقدمتها: إن المصنف رتبه على أبواب الأحكام الفقهية، ثم ذكر بدء الخلق، والإيمان، والعلم، والسنة، والتفسير وأخبار الأنبياء، والمناقب والسيرة النبوية، والمغازي، والخلفاء، والآداب، والأدعية، والزهد، والرقائق، والفتن، والتعبير، والبعث والحشر.
لكن ما في الكتاب لا يتطابق مع ذلك، لا ترتيبًا ولا توصيفًا، فإن هذا الكلام يوهم أن ما عدا هذه الأبواب من الكتاب فقه، وليس كذلك، فإن فيما عداها كثيرًا مما ليس بفقه: كالطب والبر والصلة وفضائل القرآن، كما أنه يوهم أن هذه الأبواب التي ذكرها من أول بدء الخلق إلى آخرها هي أخريات ما ذكر في الكتاب، مع أن كتبًا وأبوابًا منها قد ذكرت قبل ذلك، مثل كتاب الأدب الذي ذكر بعد منتصف الجزء الثاني وقبل بدء الخلق وما بعده، ومثل كتاب الأذكار والدعوات الذي ذكر في الجزء الثالث وقبل بدء الخلق وما بعده، ومثل كتاب فضائل القرآن الذي ورد بعد بدء الخلق، ولم يرد عنه ذكر في المقدمة في غير أبواب الفقه، ومن تتبع التطبيق
1 وإنما عبر لنا بهذا التعبير لأن في تبويب الكتاب اختلافًا معيبًا بين ما في المقدمة وما ورد في الكتاب تطبيقًا عليها، وذلك ما لا يجوز إلصاقه بالمؤلف الحافظ.
وجد اختلافًا يطول شرحه، ولهذا نرى أن نقطع النظر عما ورد في مقدمة المجردة وأن نعرض الكتب والأبواب الرئيسية التي وردت في أجزاء الكتاب:
كتاب الطهارة وتحته أبواب تتعلق بها، كتاب الغسل وتحته أبواب كذلك، كتاب الحيض وتحته أبواب، كتاب الصلاة وتحته أبواب الأذان والإقامة، ثم أبواب مواقيت الصلاة، ثم أبواب صفة الصلاة والمساجد والجماعة، كتاب النوافل وتحته أبواب تتعلق بها، ثم أبواب الجمعة، كتاب الجنائز وتحته أبواب تتعلق بها، كتاب الزكاة وتحته أبواب تتصل بالزكاة، كتاب الصيام وتحته أبواب كذلك، كتاب الحج وتحته أبواب كسوابقه، كتاب البيوع وتحته الأبواب المتصلة بالبيوع، كتاب العتق وليس تحته أبواب، باب الوصايا، كتاب المواريث وتحته أبواب تتعلق بها. وبهذا ينتهي المجلد الأول من الكتاب بناء على التقسيم الذي اختاره الناشر.
وفي أول المجلد الثاني كتاب النكاح والطلاق وتوابعهما، وتحته الأبواب المتعلقة بذلك، ثم باب الإيمان والنذور، ثم كتاب الحدود وتحته أبواب، ثم كتاب القصاص وتحته الأبواب المتعلقة به، ثم كتاب الجهاد وتحته أبواب تتصل به، ثم كتاب الخلافة والإمارة ويندرج تحته أبواب كذلك، ثم كتاب القضاء والشهادات كذلك، ثم كتاب اللباس والزينة كذلك، ثم كتاب الأضحية والعقيقة وتحته أبواب، ثم كتاب الصيد وتحته أبواب، ثم كتاب الأطعمة والأشربة وتحته أبواب، ثم كتاب الأدب وتحته أبواب، ثم كتاب البر والصلة وتحته أبواب ينتهي عند بعضها المجلد الثاني من هذا الكتاب.
ثم يبدأ المجلد الثالث ببقية أبواب البر والصلة، ثم يأتي كتاب تعبير الرؤيا وليس تحته أبواب ثم كتاب الإيمان والتوحيد وتحته أبواب، ثم كتاب العلم وتحته أبواب تتعلق به، ثم كتاب الرقائق والزهد وتحته أبواب كذلك، ثم كتاب الأذكار والدعوات كذلك، ثم كتاب بدء الخلق وما تحته من أبواب، ثم كتاب فضائل القرآن وما تحته من أبواب، ثم كتاب التفسير كذلك، وبه ينتهي المجلد الثالث من الكتاب.
ثم يبدأ المجلد الرابع بكتاب المناقب المتضمن لشمائل النبي صلى الله عليه وسلم ومناقب الصحابة وغيرهم، وفضائل البلدان وتحته أبواب عديدة تتصل بهذه الموضوعات، ثم كتاب السيرة والمغازي وتحت كل منهما أبواب تتصل به، ثم كتاب الفتن وما تحته من أبواب فصل بين بعضها والبعض الآخر بكتاب الفتوح، ثم ينتهي الكتاب بكتاب البعث والحشر وما يتعلق به من أبواب.
هذه هي الموضوعات التي شملها ذلك الكتاب، ذكرناها على وجه الإجمال، لنتبين مدى الاختلاف بين ما وقع في مقدمة المخطوطة المجردة وما في هذه النسخة المطبوعة في التقسيم والترتيب.
وأما أبرز ما ظهر لنا من صفات في عرض الأحاديث والآثار في هذه النسخة، فأول ما يلفت النظر ما نسب إلى الإمام المؤلف من قوله: وشرطي فيه ذكر كل حديث ورد عن صحابي ولم يخرجه الأصول السبعة من حديثه ولو أخرجوه أو بعضهم من حديث غيره، مع التنبيه عليه أحيانًا.
والواقع أن هذا الشرط يخرج كثيرًا مما في هذه النسخة من النوعين الآتيين، وكل منهما كثير في هذا الكتاب:
فأما النوع الأول فهو تلك الأحاديث المرسلة التي لا ذكر فيها للصحابي.
وأما النوع الثاني فهو الآثار المقطوعة التي أضيفت إلى التابعين.
فمن النوع الأول الحديث رقم 1533 وهو قول مجاهد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "غطي عنا قنازعك 1 يا أم أيمن" والحديث رقم 1536 وهو قول سعيد بن المسيب: آمت حفصة من زوجها، وآم عثمان من رقية
…
إلى آخر ما ذكره من تزوج رسول الله صلى الله عليه وسلم من حفصة. والحديث رقم 2793 وهو قول الشعبي: إنه صلى الله عليه وسلم مر على أصحاب الدركلة2 والحديث رقم 2795 وهو قول نصر بن شفي عن النبي صلى الله عليه وسلم: "من ولد له ثلاثة أولاد فلم يسم أحدهم محمدًا فقد جهل" والحديث رقم 3099 وهو قول عروة: توفيت امرأة وكان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يضحكون منها فقال بلال: ويحها قد استراحت
…
الحديث، وهذا النوع كثير في الكتاب لمن تتبعه.
ومن النوع الثاني الأثر رقم 174 وهو عن عكرمة أنه لا يرى بأسًا أن يغتسل الرجل من الجنابة ثم يستدفئ بامرأته، والخبر رقم 2304 وهو أن الحسن كان يقول عند الذبائح: بسم الله والله أكبر اللهم لك ومنك. الخبر والأثر رقم 2477 وهو خبر السرى بن يحيى أنه سمع محمد بن سيرين يقول لغلام أراد أن يحتجم في أول الشهر: لا تحتجم في أول الشهر
…
الخبر، والخبر رقم 2634 عن إبراهيم قال: إذا كانت لك إليه "الكافر" حاجة فابدأه بالسلام، وقال مجاهد: إذا كتبت فاكتب: السلام على من اتبع الهدى، والخبر رقم 4201 وهو عن الأعمش: ليأتين على الناس زمان يخرج الجيش من جيوشهم، وتكملته رقم 4202، والخبر 4238 وهو عن سعيد بن المسيب يقول: وج واد مقدس، وهذا أيضًا كثير في الكتاب لمن تتبعه.
على أنه بعض الأحاديث لا يقتصر على ذكر الصحابي وحده، بل كثيرًا ما يذكر من روى عنه كما في الحديث 4621 لمحمد بن المنكدر أن جابر بن عبد الله حدثه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم
1 القنازع: خصل الشعر.
2 الدركلة: ضرب من لعب الصبيان.
قال
…
الحديث، بل إنه أحيانًا يذكر من روى عمن روى عن الصحابي كما في الحديث رقم 4623 وهو حديث أن هارون العطاردي حدثه1 أن أبا الأشعث حدثه أن ابن عباس حدثه أن الروح الأمين حدثه، ومثل ذلك في حديث 4164، وواضح أن هذا خروج على المألوف فيما نسب إلى المؤلف في المقدمة.
ثانيًا: أكثرت هذه النسخة من إيراد كلمة رفعه "وصفًا للصحابي" مع التصريح بالسماع أو بكلمة قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ونحوها مثل أن النبي صلى الله عليه وسلم قال، وعن النبي صلى الله عليه وسلم قال، وهذا أسلوب مستدرك؛ لأنه لا معنى للجمع بين رفعه وما بعدها على هذا الوجه، وقد نبه إلى ذلك الأستاذ المحقق في تقديمه للكتاب، غير أنه يرد التعبير أحيانًا بأسلوب صحيح ليس فيه هذا الجمع.
ومن ذلك الحديث رقم 1014 أبو سعيد رفعه: "صيام يوم عرفة بمنزلة سنتين" وواضح أن هذا التعبير يدل على أن هذا الكلام من قول رسول الله صلى الله عليه وسلم دون حاجة إلى التصريح بقال أو نحوها، وهو تعبير دارج متعارف بين المحدثين.
وأيضًا الحديث رقم 1146 وهو حديث عبد الله بن عمر رفعه: "لولا ما مسه "الحجر الأسود" من أنجاس الجاهلية ما مسه ذو عاهة إلا شفي" ومنه الحديث رقم 2229 وهو حديث عائشة رفعته: دخل عليَّ النبي صلى الله عليه وسلم يومًا فقال: "إني صنعت اليوم شيئًا
…
" الحديث، ومن ذلك الحديث رقم 2231 وهو حديث أم ولد شيبة رفعته: "رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم
…
" إلخ، وإن كان الاختصار في مثل هذا الحديث والذي قبله لا يظهر لأن كلمة "قالت" تغني عن كلمة "رفعته" وتؤدي مؤداها بالأصالة، ومن ذلك الحديث رقم 2938 وعبارة: أنس رفعه: "مجوس هذه الأمة وإن صاموا وصلوا" يعني القدرية.
وهذا النوع الذي نسب إلى الصحابي أنه صرح فيه بالرفع قلما يرد التعبير فيه سليمًا في هذا الكتاب.
ثالثًا: قلما تذكر النسخة المجردة تقويمًا للحديث وبيانًا لدرجته الحديثية، ونحن ننزه الإمام الحافظ شيخ الإسلام أن يكون هذا التصرف منه، ولكنه اختصار من المجردة، وهو اختصار طغى على تقدير الحديث، ونحن نعلم أن تقدير الحديث أمر له أهميته وخطره في هذا الفن بين رجال الحديث، ولا سيما في كتب الزوائد التي تكثر فيها -تبعًا لأصولها المأخوذة منها- الأحاديث الضعيفة، ويتخللها بعض الأحاديث الموضوعة، فكان لا بد من التنبيه على ذلك.
1 الضمير في حدثه الأولى هذه لا مرجع له، وأما التي بعدها فله مرجع.
ونحن نشكر الأستاذ محقق الكتاب فقد بذل جهد استطاعته في تقدير الأحاديث ونسبتها إلى مصادرها التي نبهت إلى ذلك، وهي في الأعم الأغلب: إتحاف المهرة بزوائد المسانيد العشرة للحافظ البوصيري المتوفى سنة 840هـ، ومجمع الزوائد للحافظ نور الدين الهيثمي المتوفى سنة 807هـ، والنسخة المسندة التي هي الأصل الذي أخذت منه هذه المجردة المبتورة الناقصة.
ومهما يكن فإننا بترديد النظر في هذه المجردة قد وجدنا بها عدة تقريرات للأحاديث يمكن أن نذكر منها على سبيل المثال ما يأتي:
- الحديث رقم 486 وهو حديث أبي الدرداء رفعه: "من مشى في ظلمة الليل إلى المسجد لقي الله بنور يوم القيامة" فيه انقطاع بين مكحول والصحابي، والحديث في المسندة ورد بالسند الذي ذكر فيه مكحول راويا عن الصحابي، وفيه يتجلى الانقطاع.
- الحديث رقم 487 وهو حديث أبي هريرة وابن عباس قالا: جاءنا رسول الله صلى الله عليه وسلم
…
وذكرا حديثًا طويلًاِإلى أن قال صلى الله عليه وسلم: "ومن مشى إلى مسجد من المساجد فله بكل خطوة يخطوها عشر حسنات
…
" الحديث، ثم ورد تقديره في المجردة هكذا: موضوع، ولم يذكر لذلك علة.
- الحديث رقم 489 وهو حديث أنس بن مالك قال: أقيمت الصلاة فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم يمشي وأنا معه، فقارب في الخطا فقال:"إنما فعلت هذا ليكثر عدد خطاي في طلب الصلاة" والتقدير لهذا الحديث: قلت: الضحاك ضعيف الحفظ، والمحفوظ في هذا موقوف على زيد بن ثابت، وقوله المحفوظ يدل على أن الحديث روي من وجه غير محفوظ وهو ما يسمى شاذًّا، والمحدثون يختلفون في قبول الشاذ.
- الحديث رقم 490 وهو حديث أنس قال: خرجت وأنا أريد المسجد فإذا أنا بزيد بن ثابت
…
الحديث، وفي تقديره قالت المجردة: فيه ضعيف، وهذا الوصف أوضحه المعلق بقوله: فيه داود بن المحير وهو ضعيف.
- الحديث رقم 805 وهو حديث جميلة بنت سعد بن الربيع قالت: قتل أبي وعمي يوم أحد فدفنا في قبر واحد الحديث، فقد عقبت المجردة عليه بعبارة: قلت: جابر ضعيف.
على أن الحكم على جابر وهو لم يذكر أمام القارئ قليل الجدوى، إلا أنه على وجه العموم يشعر بضعف الحديث لضعف بعض رجال المسند، لكن العبارة غير محددة.
- الحديث 815 وهو للقاسم بن محمد أن أبا بكر الصديق كان إذا أعطى الرجال عطاءه قال له: هل لك مال؟ فإن قال: نعم. قال: أو زكاته
…
الحديث، وتصويره التقدير هنا:
قلت: إسناده صحيح إلا أنه منقطع بين القاسم وجده الصديق.
وهذا التقدير يبدو غريبًا في مصطلح الحديث؛ لأنه إذا حكم بالانقطاع فلا تتحقق صحة الحديث.
- الحديث رقم 827 وهو حديث طلحة: "أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يعجل صدقة العباس بن عبد المطلب سنتين" والتقدير الوارد في المجردة: قلت: يوسف تالف، لكنه توبع، وقال البزار بعد أن أخرجه من وجه آخر عن الحسن البجلي عن الحكم: الحسن البجلي هذا هو ابن عمارة لا نعلم رواه غيره.
- الحديث رقم 1018 وهو حديث ابن عباس: "نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن صوم يوم عرفة بعرفة" خالفه الحافظ، "وتمامه في الأصل".
وهنا تعليقه تقول قلت: وهو مع ما قبله خالفه الحافظ عن حوشب، وقالوا: عن مهدي عن عكرمة عن أبي هريرة، ومن هذا الوجه أخرجه أبو داود والنسائي وابن ماجه.
ولا نتبين إذا كانت كلمة "قلت" من كلام المحقق، أو هو نقل لما في الأصل تفصيلًا لما أجمل بعبارة "وتمامه في الأصل".
- الحديث رقم 1515 وهو حديث أبي هريرة وابن عباس قالا: خطبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم" فذكرا الحديث، وفيه: "ومن ظلم امرأة مهرها فهو عند الله زان
…
" الحديث، وتقويمه في المجردة: موضوع، ولم يذكر لذلك سببًا.
- الحديث رقم 1585 وما قبله، وهما من حديث جابر وأبي هريرة في الحث على الزواج، ذكرهما ثم قال: هذان حديثان منكران وخالد متهم بالكذب.
- الحديث رقم 1604 وهو حديث ابن رومان: "سئل عمر بن الخطاب عن طعام العرس" الحديث، وتقويمه: هذا إسناد مظلم، ولم يذكر سبب إظلامه، وقد أورد المحقق السبب نقلًا عن البوصيري في التعليق على ذلك.
- الحديث رقم 2958 وهو حديث أبي بكر الصديق قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا يدخلون الجنة القدرية والمرجئة" وتقويمه الوارد: فيه انقطاع، وبين المحقق أصل الحديث نقلًا عن الإتحاف، فقال: "صنفان من أمتي لا يدخلون
…
" إلى آخره.
- الحديث رقم 2994 وهو حديث سهل بن سعد الساعدي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "دون الله سبعون ألف حجاب من نور
…
" الحديث، وتقويمه: فيه ضعف.
- الحديث رقم 4155 وهو حديث رزينة: "أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سبى صفية يوم قريظة والنضير
…
" الحديث، وتقويمه في المجردة هكذا: قلت: حديث منكر عن نسوة مجهولات، والذي في الصحيح عن أنس أنه جعل عتقها صداقها.
ونحن نحمد للمجردة هذا التصحيح لأنه مقاومة لخطأ علمي.
- الحديث رقم 4184 وهو حديث أسد بن حضير رفعه: "خير دور الأنصار" الحديث، وتقويمه: هذا حديث صحيح.
وهذه الأمثلة التي ذكرناها تبين ما وقع على قلة من تقويم الأحاديث في هذه المجردة، وقد سبق لنا أن عدم التقويم ليس من الحافظ ولا ينبغي أن يكون منه، ولا ندري لماذا كان هذا القدر القليل من الأحاديث هو الذي ورد تقويمه دون غيره في هذه المجردة؟
رابعًا: يهمل بيان كثير من الأسماء التي يشترك فيها الصحابة بعضهم مع بعض، أو التابعون كذلك، فلا يدري القارئ أيهما المراد، وأحيانًا يبخل بذكر اسم الأب مما يوقع في اللبس في معرفة الرواة، ولو أن في مقدمة الكتاب اصطلاحًا يبين مثل هذه الأشياء المهمة لما وقع ذلك اللبس، والبيان واجب في عرض العلم، ولا سيما في السنة التي كان من موضوعاتها في علم الدراية بيان المشتبه والمتفق والمختلف وما إلى ذلك، مما يجعل القارئ على بينة من أمره، ولو أن محقق الكتاب فعل ذلك لأدى خدمة جليلة كان لا بد من أدائها.
ونذكر من ذلك على سبيل المثال الحديث رقم 1897 الذي تقول فيه المجردة بشر قال: "أتى رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فجثا على ركبتيه" الحديث، وبشر كثير فأيهم هو الراوي؟
- وكذلك الحديث رقم 2173 الذي تقول فيه المجردة: سعيد "اشترى علي بن أبي طالب قميصين" الحديث، فمن هو سعيد؟.
- وكذلك الحديث رقم 2307 المروي عن الصلت رفعه: "ذبيحة المسلم حلال
…
" الحديث، والصلت كثير في الصحابة وغيرهم، فمن هو الصلت؟
- وكذلك الحديث رقم 4689 الذي تقول المجردة فيه: كعب: "نهر النيل نهر العسل في الجنة" الحديث، فمن هو كعب؟
وإن إهمال مثل هذا عجيب، ولا يمكن الاعتذار عنه؛ لأن لكل حديث مظانه التي يمكن الرجوع إليه فيها، وللأسماء المشتبهة كذلك.
خامسًا: في المجردة أحاديث غريبة المعاني، وهي متفاوتة، فمنها ما هو طريف يبدو في شيء من الجدة لأنه غير متعارف ولا متداول.
ومن ذلك الحديث رقم 97 وهو حديث أبي الجنوب: أنه رأى عليًّا يستقي ماء لوضوئه، فبادره يستقي له، فقال: مه يا أبو الجنوب فإني رأيت عمر يستقي ماء لوضوئه فبادرته أستقي له، فقال: مه يا أبا الحسن فإني رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يستقي ماء لوضوئه فبادرته أستقي له، فقال:"مه يا عمر فإني أكره أن يشركني في طهوري أحد".
والحديث رقم 172 وهو عن حذيفة قال: "قمت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلة من رمضان فقام يغتسل وسترته، ففضلت منه فضالة في الإناء، فقال: "إن شئت فأرقه، وإن شئت فصب عليه"، فقلت: يا رسول الله هذه الفضلة أحب إلي مما أصب عليه، قال: فاغتسلت به وسترني، فقلت: أتسترني؟، فقال: "بلى لأسترنك كما سترتني".
ويبدو أن الحديث مروي بالمعنى، فإن بلى لا تستعمل عربية إلا في النفي.
ومن ذلك أيضًا الحديث رقم 760 عن المطلب قال: "قام ابن عباس يصلي على جنازة فكبر، ثم افتتح أم القرآن رافعًا بها صوته، ثم صلى على النبي صلى الله عليه وسلم فكبر، فأخلص للميت الدعاء، ثم كبر فدعا للمؤمنين والمؤمنات، ثم أقبل على الناس فقال: يا أيها الناس، والله ما رفعت صوتي بالقرآن إلا لتعلموا أنها سنة".
والحديث رقم 2310 وهو حديث أبي سعيد قال: "رأى النبي صلى الله عليه وسلم حمارًا موسومًا بين عينيه فكره ذلك، وقال فيه قولًا شديدًا" ولفظ ابن مسهر زاد: ونهى عن أن يضرب الوجه أو يوسم.
والحديث رقم 2310 وهو عن عائشة قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "كم في بيتك من بركة؟ يعني الشاة".
والحديث رقم 2425 وهو عن أبي عثمان قال: دخل على النبي صلى الله عليه وسلم أعرابي جسيم ذو جثمان عظيم، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم:"متى عهدك بالحمى؟ " قال: لا أعرفها قال: "فالصداع؟ " قال: لا أدري ما هو، قال:"فأصبت في مالك؟ " قال: لا. قال: "فرزئت بولدك؟ " قال: لا، فقال النبي صلى الله عليه وسلم:"إن الله يبغض العفريت النفريت الذي لا يرزأ في ولده ولا يصاف في ماله".
والحديث رقم 2470 وهو حديث العلاء بن زياد: أن امرأة النبي أتت النبي صلى الله عليه وسلم بابن لها وقد سقى1 بطنه، فقالت: يا رسول الله إن ابني لمصاب فما ترى؟ أفأكويه؟ قال: "لا تكويه" فأجمعت ألا تكويه، فضربه بعير فخبطه، ففقأ بطنه فبرأ، فرجعت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم
1 سق بطنه حصل فيه الماء الأصفر.
فقالت: بأبي أنت وأمي يا رسول الله استأذنتك في ابني أن أكويه فنهيتني، فمر به بعير فخبطه أو لبطه1 ففقأ بطنه وبرأ، فقال:"أما لو أذنت لك لزعمت أن النار هي التي شفته".
ومن ذلك الحديث رقم 2704 وهو حديث أبي إسحاق عن بعض أصحابه قال: لعن الله صاحب هذا القبر فإنه كان عدو الله -وابنه يسير مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال له2: بل لعن الله أبا قحافة، فوالله ما كان يقرئ الضيف ولا يقاتل العدو، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"لا تسبوا الأموات فتؤذوا الأحياء".
والحديث رقم 2794 وهو حديث محمد بن عمرو بن حزم: "أن عمر بن الخطاب جمع كل غلام اسمه اسم نبي وأراد أن يغير أسماءهم فشهد آباؤهم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سماهم، وكان محمد بن عمرو بن حزم فيهم".
والحديث رقم 4127 وهو عن سفينة مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "ركبت البحر في سفينة فكسرت بنا، فركبت لوحًا منها فطرحني في أجمة، فلم يرعني إلا به "أي الأسد" فقلت: يا أبا الحارث أنا سفينة مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "فضربني بمنكبه وطأطأ رأسه، وجعل يغمزني بمنكبه ثم مشى معي حتى أقامني على الطريق، ثم ضربني بيده وهمهم ساعة فرأيت أنه يودعني".
ومن ذلك الحديث رقم 4134 وهو حديث عائشة قالت: دخل عليَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنا أبكي فقال: "ما يبكيك؟ " قلت: سبتني فاطمة، قال:"يا فاطمة سببت عائشة؟ " قالت: نعم يا رسول الله، قال:"ألست تحبين من أحب وتبغضين من أبغض؟ " قالت: بلى، قال:"فإني أحب عائشة فأحبيها"، قالت فاطمة: لا نقول لعائشة شيئًا يؤذيها أبدًا".
والحديث رقم 4148 وهو حديث الزبير بن العوام قال: "لما خلف رسول الله صلى الله عليه وسلم نساءه يوم أحد بالمدينة خلفهن في فارع3، وتخلف فيهن حسان بن ثابت، فأقبل رجل من المشركين ليدخل عليهن، فقالت صفية لحسان: دونك الرجل، فجبن حسان وأبى عليها، فتناولت صفية السيف فضربت به المشرك حتى قتلته، فأخبر بذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم، فضرب لصفية بسهم كما يضرب للرجال".
والحديث 4157 وهو حديث صفية بنت حيي قالت: أردفني رسول الله صلى الله عليه وسلم على عجز ناقته، قالت: فجعلت أنعس فيمسني رسول الله صلى الله عليه وسلم بيده: ويقول: "يا هذه، يا بنت حيي، وجعل يقول: يا صفية إني أعتذر إليك مما صنعت بقومك، إنهم قالوا: كذا وكذا وكذا".
1 خبطه: ضربه بشدة، ولبطه: ضربه بقوائمه.
2 القائل هنا هو ابن الرجل الذي لعنه أبو بكر، والضمير في له راجع لأبي بكر.
3 والقارع أطم كان بباب الرحمة.
والحديث 4159 وهو حديث أم ورقة بنت عبد الله بن الحارث، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يزورها ويسميها الشهيدة، وكانت قد جمعت القرآن
…
الحديث، فقام عمر في الناس فقال: إن أم ورقة غمها غلامها وجاريتها فقتلاها، وإنهما هربا، فأتيا بهما فصليا، فقال عمر: صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقول: "انطلقوا نزور الشهيدة".
ومن ذلك الحديث رقم 4164 وهو حديث يحيى بن جعدة عن رجل عن أم مالك الأنصارية قال: "جاءت أم مالك بعكة سمن إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأمر بلالًا فعصرها، ثم دفعها إليها فرجعت فإذا هي مملوءة سمنًا، قالت: فأتيت فقلت: نزل في شيء يا رسول الله؟ قال: "وما ذاك يا أم مالك؟ " قالت: رددت على هديتي. قال: فدعا بلالًا فسأله، فقال: والذي بعثك بالحق لقد عصرتها حتى استحييت، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "هنيئًا لك يا أم مالك، هذه بركة قد عجل الله لك ثوابها".
والحديث رقم 4206 وهو حديث الغفاري أنه سمع أبا هريرة بالمدينة يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأصحابه: "كيف بكم إذا شبعتم من الخبز والزيت؟ فسبحوا وكبروا ساعة" ثم قالوا: متى يا رسول الله؟ قال: "إذا فتحت الأمصار"، ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"كيف بكم إذا اختلفت عليكم الألوان، وغدوتم بثياب ورحتم بأخرى؟ " قالوا: متى ذلك يا رسول الله؟ قال: "إذا فتحت الأمصار وفتحت فارس والروم"، قالوا: فهم خير منا يا رسول الله يدركون الفتوح؟ قال: "بل أنتم خير منهم، وأبناؤكم خير من أبنائهم، وأبناء أبنائكم خير من أبناء أبنائهم، لم يأخذوا بشكر "ثلاثًا" ".
والحديث رقم 4292 وهو حديث عائشة: أنه جاء رجل من المشركين حتى استقبل رسول الله صلى الله عليه وسلم بعورته يبول، فقال أبو بكر: يا رسول الله أليس الرجل يرانا؟ قال: "لو رآنا لم يستقبلنا بعورته -يعني وهما في الغار- ".
ومن ذلك الحديث رقم 4396 وهو عن عامر الشعبي قال: قال المغيرة بن شعبة: إني لآخر الناس عهدًا بالنبي صلى الله عليه وسلم، إنا حفرنا له ولحدنا فلما دفنوه وخرجوا ألقيت الفأس في القبر فقلت: الفأس، الفأس فدخلت فأخذته ومسحت يدي على النبي صلى الله عليه وسلم.
والحديث رقم 4647 وهو حديث عبد الرحمن بن أبي عقيل الثقفي قال: "انطلقت في وفد ثقيف، فأتينا رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأقمنا بالباب وما في الناس أبغض إلينا من رجل نلج عليه، فما خرجنا وفي الناس رجل أحب إلينا من رجل دخلنا عليه، فقال قائل منا: يا رسول الله ألا تسأل ربك ملكًا كملك سليمان بن داود؟ فضحك وقال: "لعل لصاحبكم عند الله أفضل من ملك سليمان، إن الله لم يبعث نبيًّا إلا أعطاه دعوة، فمنهم من اتخذ بها دنيا فأعطي بها، ومنهم من دعا بها على قوم إذا عصوه فأهلكوا بها، وإن الله قد أعطاني دعوة، فاختبأتها لأمتي يوم القيامة".
والحديث رقم 4655 وهو حديث أنس: بينما رسول الله صلى الله عليه وسلم جالس إذ رأيناه ضحك حتى بدت ثناياه، فقال له عمر: ما أضحكك يا رسول الله بأبي أنت وأمي؟ فقال: "رجلان جثيا من أمتي بين يدي رب العزة تبارك وتعالى، فقال أحدهما: يا رب خذ لي مظلمتي من أخي، قال الله عز وجل: أعط أخاك مظلمته، قال: يا رب لم يبق لي من حسناتي شيء، قال الله تعالى للظالم: كيف تصنع ولم يبق من حسناته شيء؟ قال: فليحمل عني أوزاري" قال: ففاضت عينا رسول الله صلى الله عليه وسلم بالبكاء ثم قال: "إن ذلك ليوم عظيم يحتاج الناس فيه إلى أن يحمل عنهم من أوزارهم، فقال الله تعالى للطالب: أرفع بصرك فانظر إلى الجنة، فرفع بصره فقال: أي رب، أرى مدائن من فضة، وقصورا من ذهب مكللة بالؤلؤ، فيقول: لأي نبي هذا؟ لأي صديق هذا؟ لأي شهيد هذا؟ قال: هذا لمن أعطى الثمن، قال: يا رب ومن يملك ذلك؟ قال: أنت تملكه، قال: بماذا يارب، قال: بعفوك عن أخيك، قال: يا رب إني قد عفوت عنه، قال الله تعالى: خذ بيد أخيك فأدخله الجنة"، ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم عند ذلك:"فاتقوا الله وأصلحوا ذات بينكم فإن الله يصلح بين المؤمنين يوم القيام"1.
وقد تكون الغرابة بعرض أمر غير مألوف، ولا متمش مع قواعد الشريعة أو لغة العرب، ولا ما ورد من السنة، وذلك كحديث شريح أنه سأل عائشة: أكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي على الحصير، فإني سمعت في كتاب الله عز وجل:{وَجَعَلْنَا جَهَنَّمَ لِلْكَافِرِينَ حَصِيرًا} 2؟
ففي هذا الحديث اتجاه بالحصير إلى غير معناه المتداول في لغة العرب من أن معناه في مصل هذا "المحبس" كما صرح به علماء التفسر واللغة، وقد أورد الأزهري في تفسير الآية في مادة حصر، فقال: وقال الله عز وجل: {وَجَعَلْنَا جَهَنَّمَ لِلْكَافِرِينَ حَصِيرًا} قال أبو الحسن الأخفش حصيرا أي محبسا ومحصرا، ولذلك يقال للملك حصير لأنه محجوب، ثم قال بعد ذلك: ونقل مثله عن أبي الهيثم، ثم قال: والحصير البساط الصغير من النبات.
وهذا الحديث -وإن نص الهيثمي على أن رجاله موثقون- لا يتفق مع الدين، وأن موضع الصلاة إذا كان طاهرًا لا تمتنع الصلاة عليه، وسياق المناقشة بين الراوي وبين عائشة يوهم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم امتنع من الصلاة على الحصير لهذه الآية حتى يبتعد عن صفات جهنم، مع أنه قد ورد أنه صلى الله عليه وسلم كان يصلي على الحصير، جاء في حديث المغيرة:"أنه صلى الله عليه وسلم كان يصلي على الحصير والفروة المدبوغة" أخرجه أحمد وأبو داود والحاكم بسند صحيح كما في الجامع الصغير3، وجاء في كشف الغمة للإمام الشعراني4 وهو كتاب قد التزم
1 المطالب العالية ج1 ص94.
2 سورة الإسراء آية رقم 7.
3 الجامع الصغير ج2 ص118.
4 كشف الغمة ج1 ص97.
صاحبه تصحيح أحاديثه: "كان النبي صلى الله عليه وسلم يصلي على البساط وعلى الحصير وعلى الفروة المدبوغة، وعلى الخمرة من الخوص وغيره، وربما كانوا ينضحون له الحصير بالماء إذا أسود من طول المكث فيصلي عليه، ورأى عمر رضي الله عنه رجلًا يصلي على الحصير فقال: الحصبان أعفر".
سادسًا: في الكتاب كثير من الأحاديث الموقوفة والمقطوعة، فأما المقطوعة فقد تقدم تصويرها بإيراد جانب منها عند مناقشة الشرط الذي ورد في المجردة من التزام المؤلف بذكر كل حديث ورد عن الصحابي إلى آخره، وأما الموقوفات فمنها:
الحديث رقم 173 وهو عن صفوان بن يعلى عن أبيه قال: "بينما عمر يغتسل إلى بعير وهو محرم وأنا أستر عليه بثوب إذ قال: يا يعلى أصب على رأسي الماء؟ " قلت: أمير المؤمنين أعلم. قال: والله ما أرى الماء يزيد الشعر إلا شعثًا، ثم قال: بسم الله وأفاض على رأسه".
ومن ذلك الحديث رقم 334 وهو حديث محمد بن الحنفية: "أن عليًّا كان لا يرى بأسًا أن يصلى الرجل في الثوب الواحد، وكان يصلي في الثوب الواحد قد خالف بين طرفيه".
وكذلك الحديث رقم 533 وهو حديث ابن عباس قال: "استقبل عمر الناس من القيام فقال: ما بقي من الليل أفضل مما مضى منه".
والحديث رقم 544 وهو حديث الحسن أن عمر قال: "إذا قام أحدكم من الليل فاستعجم عليه القرآن فلينم".
والحديث رقم 545 وهو عن أبي يحيى قال: قال لي ابن عباس: "يا أبا يحيى. ألم ترني نمت الليلة عن الوتر، أتاني ابن مخرمة وآخر معه، فشغلاني عن الوتر، فنمت حتى أصبحت فأيقظتني الجارية، فقلت لها: هل طلعت الشمس؟ فقالت: لا، فركعت ركعتي الفجر ثم قلت: انظري هل تطلعت الشمس؟ قالت: لا، فصليت الفجر.
والحديث 555 وهو حديث حذيفة بن أسيد قال: "رأيت علي بن أبي طالب إذا زالت الشمس صلى أربعًا طوالًا، فسألته فقال: إن أبواب السماء تفتح إذا زالت الشمس، فلا ترتج حتى يصلى الظهر، فأحب أن يرفع لي إلى الله عمل".
والحديث 557 وهو حديث عبد الله بن أبي الهذيل قال: "دعوت رجلًا من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم إلى منزلي، فلما أذن مؤذن المغرب قام فصلى، فسألته عن ذلك فقال: كان أبي بن كعب يصليهما".
والحديث 560 وهو عن إبراهيم: "أن عبد الرحمن بن عوف كان يصلي في بيته بعد المغرب ركعتين".
ومن ذلك أيضًا الحديث 568 وهو حديث إبراهيم قال عمر بن الخطاب: "إن الأكياس الذين يؤثرون أول الليل، والأقوياء الذين يؤثرون آخر الليل".
وكذلك الحديث 2081 وهو حديث مجمع: "أن عليًّا كان يكنس بيت المال ثم يصلي فيه رجلان يشهدان له: لم يحبس فيه المال للمسلمين" قال المحقق: والأظهر عن المسلمين، وفي المسندة: على المسلمين.
سابعًا: يبدر في هذه المجردة إحالة كثير من الأحاديث إلى مواضع غير مواضعها التي ترد فيها لأول المناسبة، كما في كتاب الحج، فقد عقد بابًا لغرض الحج والعمرة قال فيه: حديث مخول البهزي يأتي في الإيمان وفيه وحج واعتمر، ثم باب فساد حج الأقلف، وهذا العنوان بعده جملة يأتي في كتاب الأدب، وهذان العنوانان بين رقم 1053 و1054 بالجزء الأول.
وفي باب عرض المرأة على الرجل الصالح بعد حديث رقم 1564 حديثان محولان على موضعين أحدهما يأتي، والآخر مضى، أما الأول فهو حديث أنس أن امرأة أتت فقالت: يا رسول الله ابنة لي كذا وكذا فذكرت من حسنها وجمالها فقال: "فقد قبلتها
…
" الحديث سيأتي في كتاب كفارات المرض، وأما الثاني، فهو حديث الفضل بن عباس: "أن أعرابيًّا كان معه ابنة حسناء فجعل يعرضها على النبي صلى الله عليه وسلم رجاء أن يتزوجها" الحديث تقدم في أحكام النظر.
وفي باب من قصر في ضرب الحد وزاد فيه بعد حديث رقم 1805 بعد هذا العنوان يقول: حديث حذيفة في باب الإمام العادل وهو يقصد الحاكم رقم 2102 الذي ورد في باب فضل الإمام العادل.
وفي باب درء الحد بالشبهة حديث رقم 1806 وبعده: وسيأتي حديث علي في السرقة.
وفي باب الترغيب في الستر بعد الرقم السابق ورد قوله: فيه حديث عمر في باب الأولياء في أوائل النكاح.
وفي باب الملح بعد الحديث رقم 2367 لم يذكر تحت هذا العنوان إلا جملة تقدم في آداب الأكل.
وفي باب الزجر عن النظر في النجوم بعد حديث رقم 2463 هذه العبارة: حديث علي بن أبي طالب يأتي في العبث1 في قصة أهل النهروان من الخوارج.
1 قال محقق الكتاب تعليقًا: لعل الصواب في الفتن.
وفي باب فضل قريش صدره بقوله: تقدم في أول كتاب الخلافة والإمارة أحاديث من هذا ثم أورد بعد ذلك الحديث 4165.
هذا: وإننا -مع تنويهنا بالمجهود القيم الذي بذل في إخراج هذه المجردة- نرجو أن يعاد النظر في إخراج هذا الكتاب مرة أخرى مع تجريد أدق، لتسلم النسخة من هذه العيوب التي أشرنا إليها، وذلك بالرجوع إلى النسخة المسندة، ومحاولة العثور على ما عسى أن يكون منها من نسخ كاملة أو غير كاملة، ليستعان بها على مقابلتها بهذه المسندة، التي أشار إليها المحقق، وينبغي أن يكون من يتولى تجريد المسندة من أهل هذا الشأن والدراية فيه، بحيث يحافظ كل المحافظة على تخريجات شيخ الإسلام الحافظ ابن حجر، فإن له دقة وبعد نظر نستبعد معهما أن يكون قد أهمل شيئًا من هذه التخريجات، وهو من المبرزين في فن التخريج، وله فيه كتب سارت بذكرها الركبان، ورشف منها كل ظمآن.
وبعد هذه الدراسة للكتابين في أحاديث الزوائد نستطيع أن نعترف بما لكل منهما من فضل في تجميع الأحاديث، بإضافة هذه الزوائد إلى الكتب المتداولة، ليتجه الناس إليها بالدرس، ويتضاعف الانتفاع بالسنة النبوية، وإن كان مجمع الزوائد للهيثمي أحفل بالأحاديث، وأكثر استيعابًا لها، وأجمل عرضًا وأدق تبويبًا، وأسلم من العيوب العديدة التي وقعت في هذه المجردة من البتر والنقص وعدم الوفاء بالشرط.
فمن البارز -كما أشرنا في بيان مسلك هذه المجردة- أنها تبدأ بإيراد الرواة للأحاديث والآثار بأسماء ناقصة لا يتبين المقصود منها، مما يشق على القارئ، ويجعله يقع في لبس شديد لا يدري معه المقصود بهذه الأسماء، ثم إنها لا تبذل العناية اللائقة بتخريج الأحاديث وتعرف مراتبها وهذه ناحية مهمة لطالب الحديث، أما مجمع الزوائد فإنه قد سلم من هذه العيوب، وبذل جهدًا كبيرًا في تعرف الرواة، والتعريف بشأنها، ووقف عند موضع الشك، وترك البحث لمن عسى أن يلهمه الله التوفيق في أمثال هذه المواقف التي يعوزها البحث والتقصي مع توفيق الله ورعايته.