الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
طبقات الحفاظ:
للحافظ جلال الدين السيوطي المتوفى سنة 911هـ:
وهذا كتاب من كتب التاريخ الخاص برجال الحديث، وهو -كما يبدو من اسمه- مختص بالحفاظ منهم، ألفه الإمام السيوطي على ترتيب الطبقات، وأورد فيه أربعًا وعشرين طبقة، أولها: طبقة الصحابة رضوان الله عليهم، وفيها ثلاثة وعشرون صحابيًّا وبدأها بأبي بكر الصديق، ولم يترجم لواحد منهم، وثانيها: طبقة كبار التابعين، وأورد فيها أربعين تابعيًّا كبيرًا وترجم لهم، وثالثهما: الطبقة الوسطى من التابعين، وفيها ثلاثون منهم وترجم لهم، ورابعها: طبقة صغار التابعين وذكر منهم خمسة وخمسين وترجم لهم أيضًا، ثم سار في عد الطبقات واحدة تلو الأخرى مترجمًا لرجالها حتى انتهى من الطبقة الرابعة والعشرين التي ختمها بالحافظ ابن حجر المتوفى سنة اثنتين وخمسين وثمانمائة.
ولم يحدثنا السيوطي في مقدمة كتابه عنه أكثر مما جاء بهذه المقدمة -بعد حمد الله وذكرالشهادتين والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم حيث قال:
أما بعد: فهذا كتاب "طبقات الحافظ" ومعدلي حملة العلم النبوي، ومن يرجع إلى اجتهادهم في التوثيق والتجريح، والتضعيف والتصحيح لخصتها من "طبقات" إمام الحفاظ أبي عبد الله الذهبي، وذيلت عليه من جاء بعده.
والله أسأل الإعانة، وبه العصمة والاستعانة.
بهذه الكلمات القصار قدم لنا السيوطي كتابه: طبقات الحفاظ، لم يبين فيها منهجه وطريقته ولم يزد على أن كتابه هذا تلخيص لكتاب الذهبي، وتذييل عليه بذكر من جاء بعد الذهبي من الحفاظ إلى ابن حجر العسقلاني كما رأينا في الكتاب.
فإذا رجعنا إلى كتاب الذهبي المسمى "تذكرة الحفاظ" وجدناه يقدم كتابه التذكرة أيضًا بكلمات قصار تقرب منها كلمات السيوطي في الألفاظ، وتشبهًا في المعاني، فهو يقول بعد حمد الله والصلاة والسلام على رسوله صلى الله عليه وسلم.
هذه تذكرة بأسماء معدلي حملة العلم النبوي، ومن يرجع إلى اجتهادهم في التوثيق والتضعيف، والتصحيح والتزييف، وبالله أعتصم، وعليه أعتمد، وإليه أنيب.
غير أنه بمقارنة الكتابين فيما احتويا من مادة، وفي تقسيم هذه المادة وتنويعها لاحظنا على كتاب:"طبقات الحفاظ" ما نورد أهمه فيما يأتي:
1-
إن السيوطي في إيراده للطبقة الأولى في الكتاب قد نبع أصله للذهبي في عددها وأعيانها وترتيب أعلامها إلا في وضع سعد بن أبي وقاص، فقد جعله في ترتيب الأسماء خامسها بعد
أن كان ترتيبه في التذكرة تاسعها، ولكنه خالف أصله بذكر أسماء الصحابة مجردين دون ترجمة أصلًا، بل إنه لم يكلف نفسه عناء تجاوز اسم الشهرة للصحابي إلى ما هو قريب منه يذكر الجد والنسبة، أما الأصل فقد ذكر اسم كل صحابي في هذه الطبقة، كما ذكر اسم أبيه وجده ونسبته، ثم وصفه وأورد شهادات النبي صلى الله عليه وسلم وبعض الصحابة له، وبعض ما رواه من حديث، وصورة من أخلاقه، وأرخ وفاته، وذكر عمره عند الوفاة، ثم أردف أسماء هذه الطبقة الأولى بطائفة من رجال الصحابة عنون لها بقوله: ومن نبلاء الصحابة الذين حديثهم في الصحاح، وأورد أسماء تسعة وستين صحابيا، ثم ذكر عنوانًا آخر قال فيه: ومن النساء، ذكر تحته تسع عشرة صحابية من بينهن أربعة من أمهات المؤمنين. رضوان الله عليهن كما أن من بينهن السيدة فاطمة الزهراء ابنة رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وقد أغفل السيوطي كل هذا، كما أغفل تلخيص الترجمة لكل واحد من هؤلاء الذين ذكرهم، واكتفى بسرد أسماء الشهرة فقط لأعلام الصحابة الثلاث والعشرين، وكأنما لم يكن تلخيصه لهذه الطبقة اختصارًا كما هو المعهود في المختصرات، وإنما كان تلخيصه لها اختزالًا، بل حذفًا لما ورد فيها من مادة علمية جديرة بالتنويه.
2-
وفي الطبقة الثانية أورد -تبعًا للأصل- أسماء من ذكروا فيها على ترتيبه، غير أنه أغفل منها كعب الأحبار، وهو العلم الثالث والثلاثون، والربيع بن خيثم وهو العلم الحادي والأربعون، وترجم لكل من أعلامها بما يقتصر على ذكر الاسم والأب والجد والنسبة إلى القبيلة وإلى الموطن، وشهادات الحفاظ له -إن وجدت- وزمن مولده ووفاته.
3-
وفي الطبقة الثالثة لخص الأصل فيما ورد فيه من أعلام ذكرها على ترتيب أصله إلا في اليسير في ختام هذه الطبقة، حيث قدم ذكر عبد الله بن بريدة بن الحصيب عن موضعه في ترتيب الأصل، وأورده قبل وهب بن منبه وعبد الله بن أبي مليكة، وهو في الأصل مذكور بعدهما.
4-
وفي الطبقة الرابعة أغفل ذكر أعلام ثمانية وردت في الأصل وهي ما يأتي: سعيد بن أبي سعيد، والعلاء بن عبد الرحمن، وسعد بن إبراهيم الزهري، ويزيد بن الهاد، وعوف الأعرابي، وسهيل بن أبي صالح، وأشعث الحمراني، وعبد الملك بن أبي سليمان العزرمي الكوفي.
وأضاف أعلامًا خمسة لم ترد في الأصل وهي:
حماد بن أبي سليمان، وعطاء بن السائب بن مالك الثقفي، وعطاء بن أبي مسلم الخراساني، ويزيد بن أبي زياد الهاشمي، وعبد الله بن أبي سليمان الأموي.
وخالف ترتيب أعلام الأصل في مواضع.
5-
وفي الطبقة الخامسة أغفل من الأصل هذه الأعلام السبعة:
حبيب بن الشهيد الأزدي، يحيى بن سعد الحمصي، حنظلة بن أبي سفيان، روح بن القاسم الحافظ، هشام بن سعد، جبيرة بن أسماء، جعفر بن سليمان.
وخالف ترتيب الأصل في مواضع أيضًا.
6-
وفي الطبقة السادسة أغفل ذكر حميد بن عبد الرحمن بن حميد الحافظ الكوفي، وأضاف إلى الأصل جعفر بن سليمان الضبعي.
ولم يلتزم ترتيب الأصل في بعض الأعلام.
ثم سار في بقية الكتاب على هذا النسق يترك أعلامًا من الأصل، ويضيف أخرى إليه، مما جعل مخرج الكتاب يقول في مقدمته1:
على أنني بعد أن قارنت ما في طبقات الحفاظ للسيوطي بما في طبقات الحفاظ2 للذهبي رأيت أن السيوطي لم يتقيد تمامًا بما ذكره الذهبي في طبقاته، فقد وجدت عند السيوطي من الآراء والنقول ما ليس مذكورًا عند الذهبي، وهذا الأمر يدل على أن السيوطي كان يختار ويؤلف، ولا يلخص فقط، ومن هنا يمكن أن نستنتج أنه لا غنى للباحثين عن كل من الكتابين، وأن لكل منهما سماته ومزاياه.
وثمة مظهر آخر في طبقات السيوطي، هو أنه ذيل فيها على طبقات الذهبي بالحفاظ الذي تلوا عصر الذهبي إلى طبقة الحافظ ابن حجر.
وفي الكتاب اثنان وتسعون ومائة وألف علم من أعلام الحافظ، حشدهم السيوطي في هذا المؤلف، ورتبهم على طبقات أجيالهم، وترجم لهم بما سنح له من أحواله فيما عدا الطبقة الأولى من الصحابة.
ويقع الكتاب في ثمان وأربعين وخمسمائة صفحة تستوعب مادته، وسبعين ومائة صفحة تستوعب فهارسه ومراجع تحقيقه، كل ذلك في مجلد واحد مطبوع في القاهرة سنة 1393هـ.
1 طبقات الحفاظ ص8.
2 وهو المعروف بتذكرة الحفاظ للذهبي.