المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌{الفصل الثاني} 521- (3) عن أبي بكرة، عن النبي صلى الله - مرعاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح - جـ ٢

[عبيد الله الرحماني المباركفوري]

فهرس الكتاب

-

- ‌(3) كتاب الطهارة

- ‌{الفصل الأول}

- ‌{الفصل الثاني}

- ‌{الفصل الثالث}

- ‌(1) باب ما يوجب الوضوء

- ‌{الفصل الأول}

- ‌{الفصل الثاني}

- ‌{الفصل الثالث}

- ‌(2) باب آداب الخلاء

- ‌{الفصل الأول}

- ‌{الفصل الثاني}

- ‌{الفصل الثالث}

- ‌(3) باب السواك

- ‌{الفصل الأول}

- ‌{الفصل الثاني}

- ‌{الفصل الثالث}

- ‌(4) باب سنن الوضوء

- ‌{الفصل الأول}

- ‌{الفصل الثاني}

- ‌{الفصل الثالث}

- ‌(5) باب الغسل

- ‌{الفصل الأول}

- ‌{الفصل الثاني}

- ‌{الفصل الثالث}

- ‌(6) باب مخالطة الجنب وما يباح له

- ‌{الفصل الأول}

- ‌{الفصل الثاني}

- ‌{الفصل الثالث}

- ‌(7) باب أحكام المياه

- ‌{الفصل الأول}

- ‌{الفصل الثاني}

- ‌{الفصل الثالث}

- ‌(8) باب تطهير النجاسات

- ‌{الفصل الأول}

- ‌{الفصل الثاني}

- ‌{الفصل الثالث}

- ‌(9) باب المسح على الخفين

- ‌{الفصل الأول}

- ‌{الفصل الثاني}

- ‌{الفصل الثالث}

- ‌(10) باب التيمم

- ‌{الفصل الأول}

- ‌{الفصل الثاني}

- ‌{الفصل الثالث}

- ‌(11) باب الغسل المسنون

- ‌{الفصل الأول}

- ‌{الفصل الثاني}

- ‌{الفصل الثالث}

- ‌(12) باب الحيض

- ‌{الفصل الأول}

- ‌{الفصل الثاني}

- ‌{الفصل الثالث}

- ‌(13) (باب المستحاضة)

- ‌{الفصل الأول}

- ‌{الفصل الثاني}

- ‌{الفصل الثالث}

-

- ‌(4) كتاب الصلاة

- ‌{الفصل الأول}

- ‌{الفصل الثاني}

- ‌{الفصل الثالث}

- ‌(1) باب المواقيت

- ‌{الفصل الأول}

- ‌{الفصل الثاني}

- ‌{الفصل الثالث}

- ‌(2) باب تعجيل الصلاة

- ‌{الفصل الأول}

- ‌{الفصل الثاني}

- ‌{الفصل الثالث}

- ‌(3) باب فضائل الصلاة

- ‌{الفصل الأول}

- ‌{الفصل الثاني}

- ‌{الفصل الثالث}

- ‌(4) باب الأذان

- ‌{الفصل الأول}

- ‌{الفصل الثاني}

- ‌{الفصل الثالث}

- ‌(5) باب فضل الأذان وإجابة المؤذن

- ‌{الفصل الأول}

- ‌{الفصل الثاني}

- ‌{الفصل الثالث}

- ‌(6) باب

- ‌{الفصل الأول}

- ‌{الفصل الثالث}

- ‌(7) باب المساجد ومواضع الصلاة

- ‌{الفصل الأول}

- ‌{الفصل الثاني}

- ‌{الفصل الثالث}

- ‌(8) باب الستر

- ‌{الفصل الأول}

- ‌{الفصل الثاني}

- ‌{الفصل الثالث}

- ‌(9) باب السترة

- ‌{الفصل الأول}

- ‌{الفصل الثاني}

- ‌{الفصل الثالث}

الفصل: ‌ ‌{الفصل الثاني} 521- (3) عن أبي بكرة، عن النبي صلى الله

{الفصل الثاني}

521-

(3) عن أبي بكرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم:((أنه رخص للمسافر ثلاثة أيام ولياليهن، وللمقيم يوماً وليلة، إذا تطهر فلبس خفيه أن يمسح عليهما)) . رواه الأثرم في سننه، وابن خزيمة،

ــ

والبخاري فيهما، وفي الجهاد، والمغازي، واللباس، وليس في روايته ذكر المسح على الناصية والعمامة، وصلاة عبد الرحمن بن عوف بالناس.

521-

قوله: (عن أبي بكرة) بسكون الكاف وبالتاء، هو نفيع - بضم النون وفتح الفاء وسكون الياء - ابن الحارث ابن كلدة - بفتحتين - ابن عمرو الثقفي. وقيل: اسمه مسروح، بمهملات. قيل: تدلى من حصن الطائف إلى النبي صلى الله عليه وسلم ببكرة وأسلم، فكناه النبي صلى الله عليه وسلم بأبي بكرة وأعتقه، فهو من مواليه. كان من خيار الصحابة، ونزل البصرة، وكان ممن اعتزل يوم الجمل وصفين، ولم يقاتل مع واحد من الفريقين. له مائة واثنان وثلاثون حديثاً، اتفقا على ثمانية، وانفرد البخاري بخمسة، ومسلم بآخر. روى عنه أولاده عبد الرحمن وعبيد الله ومسلم وغيرهم. مات سنة (51) أو (52) . (رخص للمسافر) أي: في المسح على الخفين. (إذا تطهر) أي: كل من المسافر والمقيم إذا تطهر من الحدث الأصغر. (فلبس خفيه) أي: لبس خفيه بعد تمام الطهارة، قاله ابن الملك. قال القاري: ولا يشترط التعقيب، فالفاء لمجرد البعدية. وقال الأمير اليماني: ليس المراد من الفاء التعقيب بل مجرد العطف لأنه معلوم أنه ليس شرطاً في المسح. وفي رواية ابن ماجه: إذا توضأ ولبس خفيه. قال السندي: ظاهره أنه يلبس خفيه بعد الوضوء. (أن يمسح عليهما) هذا الحديث مثل حديث علي رضي الله عنه في إفادة مقدار المدة للمسافر والمقيم، ومثل حديث أنس وصفوان في شرطية الطهارة أي: الوضوء وقت اللبس، وفيه إبانة أن المسح رخصة لتسمية الصحابي له بذلك. (رواه الأثرم) بفتح الهمزة وسكون المثلثة وفتح الراء، هو أبوبكر أحمد بن محمد بن هانئ الإسكافي الطائي، ويقال: الكلبي، صاحب الإمام أحمد بن حنبل، سمع عفان بن مسلم، وأبا الوليد الطيالسي والقعنبي وأبا نعيم ومسدداً وطبقتهم، وصنف التصانيف. حدث عنه النسائي في السنن، وموسى بن هارون، وابن صاعد، وآخرون، وله كتاب في علل الحديث ومسائل أحمد بن حنبل، وكان من أفراد الحفاظ. قال أبوبكر الخلال: كان جليل القدر، حافظاً. وقال الخطيب في تاريخه (ج5:ص110) : كان الأثرم ممن يعد في الحفاظ والأذكياء. وقال الذهبي في التذكرة: كان له تيقظ عجيب. قال ابن معين: كان أحد أبويه جنياً. وقال إبراهيم الأصبهاني: الأثرم أحفظ من أبي زرعة الرازي وأتقن. قال الذهبي: أظنه مات بعد الستين ومائتين. وله كتاب نفيس في السنن يدل على إمامته وسعة حفظه. وقال الخطيب: كان الأثرم من أهل إسكاف بني جنيد، وبه مات (وابن خزيمة) بضم الخاء المعجمة فزأي بعدها تحتية مثناة فتاء تأنيث، هو الحافظ الكبير، إمام الأئمة، شيخ الإسلام أبوبكر محمد بن إسحق بن خزيمة السلمي النيسابوري، ولد سنة (223) وعنى بهذا الشأن في الحداثة، انتهت إليه الإمامة والحفظ في عصره بخراسان، حدث عنه الشيخان خارج صحيحهما. قال: الذهبي: كان هذا الإمام فريد عصره. قال أبوحاتم

ص: 215

والدارقطني. وقال الخطابي: هو صحيح الإسناد، هكذا في المنتقى.

522-

(4) وعن صفوان بن عسال، قال:((كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يأمر إذا كنا سفراً أن لا ننزع خفافنا ثلاثة أيام ولياليهن إلا من جنابة، ولكن من غائط وبول ونوم)) .

ــ

محمد بن حبان التميمي: ما رأيت على وجه الأرض من يحسن صناعة السنن، ويحفظ ألفاظها الصحاح وزياداتها حتى كأن السنن بين عينيه إلا محمد بن إسحق بن خزيمة فقط. وقال الدارقطني: كان ابن خزيمة إماماً ثبتاً معدوم النظير، وفضائله كثيرة استوعب الحاكم سيرته وأحواله، وقد ذكر شيئاً منها الذهبي في التذكرة (ج2:ص287-296) توفي سنة (311) وهو في تسع وثمانين سنة. (والدارقطني. وقال الخطابي) بفتح الخاء المعجمة وتشديد الطاء المهملة نسبة إلى الخطاب، وهو أبوسليمان أحمد بن محمد بن إبراهيم بن الخطاب البستي، صاحب معالم السنن في شرح أبي داود، وإعلام السنن في شرح صحيح البخاري، توفي سنة (388) . (هو صحيح الإسناد هكذا في المنتقى) من الأخبار في الأحكام، كتاب مشهور شرحه الشوكاني، وسمى شرحه نيل الأوطار. وهو لمجد الدين أبي البركات عبد السلام بن عبد الله بن أبي القاسم المعروف بابن تيمية الحنبلي المتوفي سنة (652) وهو جد شيخ ابن القيم تقي الدين أبي العباس أحمد بن عبد الحليم بن عبد السلام بن عبد الله بن أبي القاسم بن تيمية الحراني المتوفى سنة (728) وارجع لترجمتهما، وكشف أحوال "المنتقى" إلى "إتحاف النبلاء" وأوائل "نيل الأوطار" و"مقدمة تحفة الأحوذي" والحديث أخرجه أيضاً الشافعي وابن أبي شيبة وابن حبان وابن الجارود والبيهقي، والترمذي في العلل المفرد، وصححه أيضاً الشافعي وابن خزيمة.

522-

قوله: (وعن صفوان) بفتح الصاد وسكون الفاء. (بن عسال) بفتح العين. (يأمرنا) ظاهره وجوب المسح، ولكن الإجماع صرفه عن ظاهره، فبقى للإباحة والندب. وقد اختلف العلماء هل الأفضل المسح على الخفين أو نزعهما وغسل القدمين؟ فذهب جماعات من الصحابة، والعلماء بعدهم إلى أن الغسل أفضل لكونه الأصل. قال النووي: صرح أصحابنا بأن الغسل أفضل بشرط أن لا يترك المسح رغبة عن السنة، كما قالوا في تفضيل القصر على الإتمام. قلت: ويؤيدهم قول أبي بكرة في الحديث السابق: رخص. وذهب جماعة من التابعين إلى أن المسح أفضل لحديث صفوان هذا، ولأجل من طعن فيه من أهل البدع من الخوارج والروافض، وإحياء ما طعن المخالفون فيه أفضل من تركه. (إذا كنا سفراً) بسكون الفاء جمع سافر، كصحب جمع صاحب أي مسافرين. (أن لا ننزع خفافنا) يعني يأمرنا أن نمسح عليهما، والخفاف بكسر الخاء جمع الخف. (إلا من جنابة) أي: فنزعهما ولو قبل مرور الثلاث، وهو استثناء مفرغ تقديره: أن لا ننزع خفافنا من حديث من الأحداث إلا من جنابة، فإنه لا يجوز للمغتسل أن يمسح على الخف، بل يجب عليه النزع، وغسل الرجلين كسائر الأعضاء. (ولكن) عطف على مقدر يدل عليه "إلا من جنابة" وقوله:(من غائط) متعلق بمحذوف تقديره أمرنا أن ننزع خفافنا من جنابة، ولكن لا ننزعهن من غائط. (وبول ونوم) أي: لأجل هذه الأحداث إلا إذا مرت المدة

ص: 216

رواه الترمذي والنسائي.

523-

(5) وعن المغيرة بن شعبة، قال:((وضأت النبي صلى الله عليه وسلم في غزوة تبوك، فمسح أعلى الخف وأسفله)) . رواه أبوداود، والترمذي، وابن ماجه. وقال الترمذي: هذا حديث معلول. وسألت أبا زرعة

ــ

المقدرة. وقال الخطابي في معالم السنن (ج1:ص62) : كلمة لكن موضوعة للاستدراك، وذلك لأنه تقدمه نفي واستثناء، وهو قوله: كان يأمرنا أن لا ننزع خفافنا ثلاثة أيام وليالهن إلا من جنابة. ثم قال: لكن من بول وغائط ونوم. فاستدركه بـ "لكن" ليعلم أن الرخصة إنما جاءت في هذا النوع من الأحداث دون الجنابة، فإن المسافر الماسح على خفه إذا أجنب كان عليه نزع الخف وغسل الرجل مع سائر البدن، وهذا كما تقول: ما جاءني زيد لكن عمرو، وما رأيت زيداً لكن خالداً - انتهي. والحديث فيه دليل على اختصاص المسح على الخفين بالوضوء دون الغسل، وهو مجمع عليه. (رواه الترمذي والنسائي) وأخرجه أيضاً الشافعي وأحمد وابن ماجه وابن خزيمة وابن حبان والدارقطني والبيهقي، والخطابي في معالم السنن. قال الترمذي عن البخاري: إنه حديث حسن، بل قال البخاري: ليس في التوقيت شيء أصح من حديث صفوان بن عسال المرادي. ذكره في سبل السلام (ج1:ص86) وصححه الترمذي، وابن خزيمة والخطابي.

523-

قوله: (وضأت النبي صلى الله عليه وسلم) أي: سكبت الوضوء على يديه. وقيل: حصلت وضوءه. (فمسح أعلى الخف وأسفله) فيه بيان محل المسح على الخف وأنه أعلاه وأسفله، لكن الحديث فيه كلام كما ستعرف. ولم أقف في المسح على ظاهر الخف وباطنه على حديث مرفوع صحيح خال عن الكلام، وقد ثبت عن علي والمغيرة مرفوعاً بإسناد جيد مسح الخفين على ظاهرهما فقط، كما سيأتي، فالراجح أن محل المسح هو أعلى الخف دون أسفله. (رواه أبوداود والترمذي وابن ماجه) وأخرجه أيضاً أحمد وابن الجارود والدارقطني والبيهقي كلهم من طريق الوليد بن مسلم عن ثور بن يزيد، عن رجاء بن حيوة عن كاتب المغيرة، عن المغيرة. وفي رواية ابن ماجه: عن وراد كاتب المغيرة، عن المغيرة. (وقال الترمذي: هذا حديث معلول) هذا لحن على طريق أهل اللغة لأنه من عله بالشراب إذا سقاه مرة بعد أخرى. ويقال له: المعلل، أيضاً. والأجود فيه أن يقال: معل بلام واحدة لأنه مفعول أعل قياساً، وأما معلل فمفعول علل وهو لغة بمعنى ألهاه بالشيء وشغله. والحديث المعلل أو المعل ما اطلع فيه على علة غامضة خفية تقدح في صحته مع ظهور السلامة، يتنبه لها الحذاق المهرة من أهل هذا الشأن، كإرسال في الموصول، ووقف في المرفوع، ونحو ذلك. وحديث المغيرة هذا قد بين الترمذي علته بقوله: لم يسنده أي: لم يروه متصلاً عن ثور بن يزيد غير الوليد بن مسلم (وسألت أبازرعة) هو

ص: 217

ومحمداً يعني البخاري، عن هذا الحديث، فقالا: ليس بصحيح، وكذا ضعفه أبوداود.

ــ

عبيد الله بن عبد الكريم بن يزيد بن فروخ أبوزرعة الرازي القرشي مولاهم، إمام حافظ ثقة مشهور، عن خلق كثير وعنه مسلم والترمذي والنسائي وابن ماجه وأبو حاتم وآخرون. قال الخطيب: كان إماماً ربانياً حافظاً مكثراً. وقال الذهبي: سمع خلقاً كثيراً بالحرمين، والعراق، والشام، والجزيرة، وخراسان، ومصر. وكان من أفراد الدهر حفظاً، وذكاءً، وديناً، وإخلاصاً، وعلماً، وعملاً. وقال ابن حبان في الثقات: كان أحد أئمة الدنيا في الحديث مع الدين والورع، والمواظبة على الحفظ والمذاكرة، وترك الدنيا وما فيه الناس. مات في آخر يوم من سنة (264) وله أربعون ستون سنة. وقد بسط ترجمته الذهبي في التذكرة (ج2:ص136-138) والحافظ في تهذيب التهذيب (ج7:ص30-33) والشيخ في مقدمة شرح الترمذي (ص229) . (ومحمداً يعني البخاري عن هذا الحديث، فقالا ليس بصحيح) لأن ابن المبارك روى هذا عن ثور عن رجاء، قال: حدثت عن كاتب المغيرة مرسلاً عن النبي صلى الله عليه وسلم، ولم يذكر فيه المغيرة. (وكذا ضعفه أبوداود) قال: بلغني أنه لم يسمع ثور هذا الحديث من رجاء، وهذا خلاف ما علل به أبوزرعة والبخاري، أن رجاء لم يسمعه من كاتب المغيرة. قلت: وضعفه أيضاً الشافعي وأحمد وأبوحاتم وموسى بن هارون والدارقطني، وغيرهم. واعلم أنه أعل هذا الحديث بخمس علل: الأولى: تدليس الوليد بن مسلم، وهي مدفوعة بأن الوليد قال: حدثنا ثور، كما في رواية ابن ماجه، وفي رواية الترمذي أخبرني ثور، فلا تدليس. والثانية: أن ثوراً لم يسمعه من رجاء، فإنه قال: حدثت عن رجاء، كما ذكره الأثرم عن أحمد. وأجيب عنها بأن الدارقطني والبيهقي، روياه من طريق داود بن رشيد، وهو ثقة، ثنا الوليد بن مسلم عن ثور بن يزيد: ثنا رجاء بن حيوة. فقد صرح ثور في هذه الرواية بالسماع من رجاء، فزالت العلة. قال الحافظ: لكن رواه أحمد بن عبيد الصفار في مسنده عن أحمد بن يحيى، عن الحلواني، عن داود بن رشيد، فقال عن رجاء، ولم يقل: حدثنا رجاء، فهذا اختلاف على داود يمنع القول بصحة وصلة مع ما تقدم في كلام الأئمة - انتهى. الثالثة: الإرسال، فقد رواه ابن المبارك عن ثور مرسلاً لم يذكر المغيرة، وأجيب عنها بأن الوليد بن مسلم ثقة، فإن خالفه ابن المبارك في هذه الرواية فإنما زاد أحدهما من الآخر، وزيادة الثقة مقبولة، ولم يتفرد الوليد بذكر المغيرة بل تابعه على ذلك إبراهيم بن أبي حبيبة عند الشافعي في الأم ومحمد بن عيسى بن سميع على ما ذكره الدارقطني في العلل، فقد روياه عن ثور مثل الوليد بن مسلم. والرابعة: أن رجاء لم يسمعه عن كاتب المغيرة، فإنه قال: حدثت عن كاتب المغيرة. كما تقدم. والخامسة: جهالة كاتب المغيرة وهي مدفوعة بما في رواية ابن ماجه من تصريح اسمه بأنه وراد. قلت: الظاهر أن حديث المغيرة هذا ضعيف، فإن العلة الرابعة عقيمة عن الجواب، وهي مؤثرة وحدها في صحة الحديث. وأما ما ذكر من متابعة إبراهيم بن أبي حبيبة، ومحمد بن عيسى بن سميع لثور ففيه أن ابن أبي حبيبة هذا قد ضعفه عامة المحدثين، ووثقة تلميذه الشافعي فقط، ومحمد بن عيسى وإن كان صدوقاً لكنه يخطئ ويدلس.

ص: 218

524-

(6) وعنه، أنه قال:((رأيت النبي صلى الله عليه وسلم يمسح على الخفين على ظاهرهما)) . رواه الترمذي، وأبوداود.

525-

(7) وعنه، قال:((توضأ النبي صلى الله عليه وسلم، ومسح على الجوربين والنعلين)) . رواه أحمد، والترمذي، وابوداود، وابن ماجه.

ــ

524-

قوله: (على ظاهرهما) أي: على أعلاهما، فيه دليل على أن محل المسح أعلى الخفين وظاهرهما، لا غير. (رواه الترمذي) وقال: حديث حسن. (وأبوداود) وسكت عنه. ونقل المنذري تحسين الترمذي وأقره. وقال: الحافظ في التلخيص: إسناده صحيح. والحديث أخرجه أيضاً البخاري في التاريخ الأوسط والطيالسي والبيهقي. وفي الباب أيضاً عن عمر بن الخطاب عند ابن أبي شيبة والبيهقي، قاله الشوكاني.

525-

قوله: (ومسح على الجوربين) تثنية جورب، وهو لفافة الرجل، وقيل: غشاء للقدم من صوف أو شعر أو كرباس، أو جلد، ثخيناً كان أو رقيقاً إلى نحو الساق. (والنعلين) أي: مع النعلين، تثنية النعل، وهو ما وقيت به القدم من الأرض كالنعلة، قاله في القاموس. وقال الجزري: النعل مؤنثة، وهي التي تلبس في المشى، تسمى الآن تاسومة – انتهى. والمعنى النعلين لبسهما فوق الجوربين، فمسح على الجوربين والنعلين معاً، وكان قاصداً بمسحه ذلك إلى جوربيه لا إلى نعليه، فكان مسحه على الجوربين هو الذي تطهر به، ومسحه على النعلين فضل. هذا حاصل ما قاله الخطابي والطحاوي وابن القيم والطيبي وقيل في معناه غير ذلك، والصواب ما قال: هؤلاء الأئمة. وفي الحديث دليل على جواز مسح الجورب من أي: شيء كان ثخيناً أو رقيقاً، لأنه ورد في الحديث مطلقاً غير مقيد بوصف التجليد، أو التنعيل، أو الصفافة والثخونة من كرباس، أو صوف، أو شعر أو جلد، لكن الحديث قد تكلم فيه الأئمة كما سيأتي. وفي الباب عن أبي موسى أخرجه ابن ماجه والطحاوي والبيهقي وهو ضعيف، وعن بلال أخرجه الطبراني وغيره، وفيه أيضاً ضعف، نعم قد صح المسح على الجوربين عن كثير من الصحابة، ذكر أسماءهم أبوداود في سننه. وقد أشبع شيخنا الكلام على هذه المسألة في شرح الترمذي (ج1:ص100-104) وابن حزم في المحلي (ج2:ص84-87) فارجع إليهما. والراجح عندي أن الجوربين إذا كان ثخينين بحيث يستمسكان على القدمين بلا شد ويمكن المشي فيهما يجوز المسح عليهما لأنهما في معنى الخفين، وإن لم يكونا كذلك ففي جواز المسح عليهما عندي تأمل، عملاً بقوله: دع ما يريبك إلى ما لا يريبك. ومن اطمئن قلبه بعد إمعان النظر في المسألة بإطلاق القول في المسح عليهما فهو وشأنه. (رواه أحمد والترمذي وأبوداود وابن ماجه) وأخرجه أيضاً البيهقي، وابن حبان في صحيحه، كلهم من حديث أبي قيس، عن هزيل بن شرجيل عن المغيرة. والحديث قد صححه الترمذي، وضعفه كثير من الأئمة مثل سفيان الثوري، وعبد الرحمن بن مهدى وأحمد

ص: 219