المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

صلى العصر، ثم دعا بالأزواد، فلم يؤت إلا بالسويق، فأمر - مرعاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح - جـ ٢

[عبيد الله الرحماني المباركفوري]

فهرس الكتاب

-

- ‌(3) كتاب الطهارة

- ‌{الفصل الأول}

- ‌{الفصل الثاني}

- ‌{الفصل الثالث}

- ‌(1) باب ما يوجب الوضوء

- ‌{الفصل الأول}

- ‌{الفصل الثاني}

- ‌{الفصل الثالث}

- ‌(2) باب آداب الخلاء

- ‌{الفصل الأول}

- ‌{الفصل الثاني}

- ‌{الفصل الثالث}

- ‌(3) باب السواك

- ‌{الفصل الأول}

- ‌{الفصل الثاني}

- ‌{الفصل الثالث}

- ‌(4) باب سنن الوضوء

- ‌{الفصل الأول}

- ‌{الفصل الثاني}

- ‌{الفصل الثالث}

- ‌(5) باب الغسل

- ‌{الفصل الأول}

- ‌{الفصل الثاني}

- ‌{الفصل الثالث}

- ‌(6) باب مخالطة الجنب وما يباح له

- ‌{الفصل الأول}

- ‌{الفصل الثاني}

- ‌{الفصل الثالث}

- ‌(7) باب أحكام المياه

- ‌{الفصل الأول}

- ‌{الفصل الثاني}

- ‌{الفصل الثالث}

- ‌(8) باب تطهير النجاسات

- ‌{الفصل الأول}

- ‌{الفصل الثاني}

- ‌{الفصل الثالث}

- ‌(9) باب المسح على الخفين

- ‌{الفصل الأول}

- ‌{الفصل الثاني}

- ‌{الفصل الثالث}

- ‌(10) باب التيمم

- ‌{الفصل الأول}

- ‌{الفصل الثاني}

- ‌{الفصل الثالث}

- ‌(11) باب الغسل المسنون

- ‌{الفصل الأول}

- ‌{الفصل الثاني}

- ‌{الفصل الثالث}

- ‌(12) باب الحيض

- ‌{الفصل الأول}

- ‌{الفصل الثاني}

- ‌{الفصل الثالث}

- ‌(13) (باب المستحاضة)

- ‌{الفصل الأول}

- ‌{الفصل الثاني}

- ‌{الفصل الثالث}

-

- ‌(4) كتاب الصلاة

- ‌{الفصل الأول}

- ‌{الفصل الثاني}

- ‌{الفصل الثالث}

- ‌(1) باب المواقيت

- ‌{الفصل الأول}

- ‌{الفصل الثاني}

- ‌{الفصل الثالث}

- ‌(2) باب تعجيل الصلاة

- ‌{الفصل الأول}

- ‌{الفصل الثاني}

- ‌{الفصل الثالث}

- ‌(3) باب فضائل الصلاة

- ‌{الفصل الأول}

- ‌{الفصل الثاني}

- ‌{الفصل الثالث}

- ‌(4) باب الأذان

- ‌{الفصل الأول}

- ‌{الفصل الثاني}

- ‌{الفصل الثالث}

- ‌(5) باب فضل الأذان وإجابة المؤذن

- ‌{الفصل الأول}

- ‌{الفصل الثاني}

- ‌{الفصل الثالث}

- ‌(6) باب

- ‌{الفصل الأول}

- ‌{الفصل الثالث}

- ‌(7) باب المساجد ومواضع الصلاة

- ‌{الفصل الأول}

- ‌{الفصل الثاني}

- ‌{الفصل الثالث}

- ‌(8) باب الستر

- ‌{الفصل الأول}

- ‌{الفصل الثاني}

- ‌{الفصل الثالث}

- ‌(9) باب السترة

- ‌{الفصل الأول}

- ‌{الفصل الثاني}

- ‌{الفصل الثالث}

الفصل: صلى العصر، ثم دعا بالأزواد، فلم يؤت إلا بالسويق، فأمر

صلى العصر، ثم دعا بالأزواد، فلم يؤت إلا بالسويق، فأمر به فثري، فأكل رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأكلنا، ثم قام إلى المغرب، فمضمض ومضمضنا، ثم صلى ولم يتوضأ)) رواه البخاري.

{الفصل الثاني}

311-

(11) عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((لا وضوء إلا من صوت أو ريح)) رواه أحمد، والترمذي.

312-

(12) وعن علي، قال: سألت النبي صلى الله عليه وسلم من المذي، فقال:((من المذي الوضوء، ومن المني الغسل)) رواه الترمذي.

ــ

موضع قريب من خيبر، قيل: على بريد منها (ثم دعا بالأزواد) ليصيب من الأزواد من لا زاد عنده، والأزواد جمع زاد. فيه أن حمل الزاد في السفر لا يقدح في التوكل. وأخذ المهلب من الحديث أنه يجوز للإمام أن يأخذ المحتكرين بإخراج الطعام عند قلته ليبيعوه من أهل الحاجة. (فلم يؤت إلا بالسويق) وهو ما يحرش من الشعير والحنطة وغيرهما. (فأمر به) أي بالسويق. (فثرى) أي بل بالماء، بضم الثاء وتشديد الراء، ويجوز تخفيفها. (فمضمض) فيه أنه يستحب المضمضة وإن لم يكن له دسومة لاحتباس بقاياه بين الأسنان. (ثم صلى ولم يتوضأ) أي من أكل السويق وإن كان مما مسته النار، ففيه دليل على أن أكل ما مسته النار ليس بناقص للوضوء، وأنه لا يجب الوضوء لكل صلاة ما لم يحدث. (رواه البخاري) في الطهارة، وفي الجهاد، وفي المغازى، وفي الأطعمة، وأخرجه أيضاً مالك في المؤطا في ترك الوضوء مما مست النار، والنسائي وابن ماجه في الطهارة.

311-

قوله: (لا وضوء إلا من صوت) الخ أي لا وضوء واجب إلا من سماع صوت، أو وجدان رائحة ريح خرجت منه، يعنى من حدث متيقن لا مشكوك، فلا إشكال في الحصر؛ لأن المقصود نفي جنس الشك وإثبات اليقين. (رواه أحمد والترمذي) وقال: حسن صحيح، وأخرجه أيضاً ابن ماجه.

312-

قوله: (من المذي) وفي بعض النسخ عن المذي، أي سألته عن حكم المذي. (من المذي الوضوء) أي واجب وفيه دليل على أن خروج المذي لا يوجب الغسل، وإنما يوجب الوضوء. (ومن المني الغسل) هذا من زيادة الإفادة، ونوع من جواب أسلوب الحكيم، على حد "أنتوضأ من ماء البحر، فقال هو الطهور ماءه والحل ميتته". (رواه الترمذي) وقال حسن صحيح، وأخرجه أيضاً أحمد، وابن ماجه كلهم من طريق يزيد بن أبي زياد، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى، عن علي، ويزيد هذا وثقه أحمد بن صالح المصرى، ويعقوب بن سفيان، وقال شعبة: ما أبالي إذا كتبت عن يزيد بن أبي زياد

ص: 28

313-

(13) وعنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((مفتاح الصلاة الطهور، وتحريمها التكبير، وتحليلها التسليم)) رواه أبوداود، والترمذي، والدارمي.

ــ

أن لا أكتب عن أحد، وضعفه الأكثرون من قبل أنه لما كبر ساء حفظه، وتغير واختلط، وصار يتلقن، فوقعت المناكير في حديثه، وجاء بالعجائب، فسماع من سمع منه قبل التغير صحيح، والظاهر أن الترمذي إنما صحح حديث يزيد هذا لأنه لم يخالف فيه أحداً، بل روى غيره كروايته، فقد روى أحمد وأبوداود والنسائي، والطيالسي من طريق ركين بن الربيع عن حصين بن قبيصة، وأحمد أيضاً من طريق جواب التيمي عن يزيد بن شريك التيمي، ومن طريق إسرائيل عن أبي إسحاق، عن هانئ بن هانئ كلهم عن علي بنحوه. وقد صحح الترمذي حديث يزيد هذا في مواضع أخرى أيضاً، ولعل ذلك بمشاركة الأمور الخارجة عن نفس السند من اشتهار المتون ونحو ذلك.

313-

قوله: (مفتاح الصلاة الطهور) بضم الطاء، أي التطهر بالماء أو التراب، وهذا للقادر على الطهورين، وأما فاقدهما فسيأتي حكمه. (وتحريمها التكبير) الخ أي تحريم ما حرم الله فيها من الكلام والأفعال، وتحليل ما حل خارجها من الكلام والأفعال، فالإضافة لأدنى ملابسة، وليست إضافة إلى القبول. (1) لفساد المعنى، والمراد بالتحريم والتحليل، المحرم والمحلل، على إطلاق المصدر بمعنى الفاعل مجازاً، ثم اعتبار التكبير والتسليم محرماً ومحللاً مجاز، وإلا فالمحرم والمحلل هو الله تعالى. ويمكن أن يكون التحريم بمعنى الإحرام، أي الدخول في حرمتها، ولابد من تقدير مضاف، أي آلة الدخول في حرمتها التكبير، وكذا التحليل بمعنى الخروج عن حرمتها، والمعنى أن آلة الخروج عن حرمتها التسليم. والحديث كما يدل على أن باب الصلاة مسدود ليس للعبد فتحه إلا بطهور، كذلك يدل على أن الدخول في حرمتها لا يكون إلا بالتكبير، والخروج لا يكون إلا بالتسليم، وهو مذهب الجمهور. وارجع لتفصيل الاختلاف في مسألتي التكبير والتسليم مع الدلائل إلى شرح الترمذي لشيخنا العلامة المباكفورى، والمغني لابن قدامة المقدسي. (رواه أبوداود والترمذي) الخ. وأخرجه أيضاً الشافعي وأحمد والبزار وابن ماجه، وصححه الحاكم وابن السكن، كلهم من حديث عبد الله بن محمد بن عقيل، عن ابن الحنفية عن علي. وابن عقيل، هذا قد تكلم فيه بعضهم، والراجح أن حديثه في مرتبة الحسن، كما صرح به الذهبي في الميزان، فحديث علي هذا من طريق ابن عقيل، حسن صالح للاحتجاج، وقد سكت عنه أبوداود. وقال الترمذي: هذا أصح شيء في هذا الباب وأحسن، ونقل المنذري قول الترمذي وأقره. وقال النووي في الخلاصة: هو حديث حسن انتهى. وفي الباب عن جابر، وهو أول أحاديث الفصل الثالث من كتاب الطهارة. وعن أبي سعيد أخرجه الترمذي في الصلاة، وابن ماجه في الطهارة، وفيه أبوسفيان طريف السعدي، وهو ضعيف. وفي الباب أيضاً عن عبد الله بن زيد، وابن عباس، وغيرهما، ذكر أحاديثهم الحافظ في التلخيص، والزيلعي في نصب الراية.

(1)

كذا في حاشية ابن ماجه للسندهي من الطبعتين العلمية والتازية وليحرر.

ص: 29

314-

(14) ورواه ابن ماجه عنه، وعن أبي سعيد.

315-

(15) وعن علي بن طلق، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إذا فسا أحدكم فليتوضأ، ولا تأتوا النساء في أعجازهن)) رواه الترمذي، وأبوداود.

316-

(16) وعن معاوية بن أبي سفيان، ((أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:

ــ

315-

قوله: (وعن علي بن طلق) بفتح الطاء وسكون اللام وبالقاف، هو علي بن طلق بن المنذر بن قيس الحنفي السحيمي اليمامي، صحابي، له ثلاثة أحاديث، قاله الخزرجي. وقال الحافظ في التهذيب: روى عن النبي صلى الله عليه وسلم في الوضوء من الريح وغير ذلك، وعلي بن طلق هذا، هو والد طلق بن علي. (إذا فسا أحدكم) أي خرج من دبره الريح بلا صوت يسمع، سواء تعمد خروجه أو لم يتعمد. (فليتوضأ) هذا لفظ الترمذي، ورواه أبوداود بلفظ "إذا فسا أحدكم في الصلاة فلينصرف، فليتوضأ، وليعد الصلاة"، وقد ذكره المصنف بهذا اللفظ من حديث طلق بن علي في باب ما لا يجوز من العمل في الصلاة. ويأتي هناك بسط الكلام في معناه. واللفظ المذكور هنا يدل على أن خروج الريح من الدبر ناقص للوضوء. (ولا تأتوا النساء) أي لا تجامعوهن. (في أعجازهن) جمع عجز بفتح العين وضم الجيم، أي أدبارهن، ووجه المناسبة بين الجملتين أنه لما ذكر الفساء الذي يخرج من الدبر ويزيل الطهارة والتقرب إلى الله، ذكر ما هو أغلظ منه في رفع الطهارة زجراً وتشديداً. (رواه الترمذي) في الرضاع من أبواب النكاح من طريقين، حسن إحداهما ولم يحكم على الطريق الأخرى بشيء. (وأبوداود) في الطهارة والصلاة، وسكت عنه، ونقل المنذري تحسين الترمذي وأقره، وأخرجه أيضاً أحمد (ج1: ص86) والنسائي في السنن الكبرى، والدارقطني. واعلم أنهم اختلفوا في أن هذا الحديث من رواية علي بن طلق، أو طلق بن علي، أو علي بن أبي طالب، أو طلق بن يزيد؟ وأن علي بن طلق، وطلق بن علي رجلان من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم أو اسم لذات واحدة؟ والظاهر أن علي بن طلق وطلق بن علي رجلان، وأن هذا الحديث من رواية علي بن طلق، وليس من رواية طلق بن علي، ولا علي بن أبي طالب، ولا طلق بن يزيد، ونبسط الكلام في ذلك إن شاء الله في باب ما لا يجوز من العمل في الصلاة.

316-

قوله: (وعن معاوية بن أبي سفيان) قد تقدم ترجمة معاوية، وأما والده أبوسفيان فهو صخر بن حرب بن أمية بن عبد شمس بن عبد مناف الأموي القرشي، صحابي شهير، ولد قبل الفيل بعشر سنين، كان من أشراف قريش في الجاهلية، وكان رئيس المشركين يوم أحد، ورئيس الأحزاب يوم الخندق، أسلم زمن الفتح، ولقي النبي صلى الله عليه وسلم بالطريق قبل دخول مكة، وشهد حنيناً والطائف، وأعطاه النبي صلى الله عليه وسلم من غنائم حنين مائة بعير وأربعين أوقية فيمن أعطاه من المؤلفة قلوبهم. وفقئت عينه يوم الطائف، فلم يزل أعور إلى يوم اليرموك، فأصاب عينه حجر فعميت. له أحاديث

ص: 30

إنما العينان وكاء السه، فإذا نامت العين استطلق الوكاء)) رواه الدارمي.

317-

(17) وعن علي، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((وكاء السه العينان، فمن نام فليتوضأ)) رواه أبوداود.

318-

(18) وقال الشيخ الإمام محي السنة، رحمه الله: هذا في غير القاعد، لما صح عن أنس

ــ

وعند البخاري ومسلم وأبي داود والترمذي والنسائي حديث هرقل، توفي سنة (32) وقيل:(34) . (إنما العينان) أي اليقظة، وكنى بالعين عن اليقطة؛ لأن النائم لا عين له تبصر. (وكاء السه) بفتح السين تخفيف الهاء، حلقة الدبر، أو هو من أسماء الدبر، وهو من الإست، وأسله ستة كفرس، وجمعه أستاه، فحذفت الهاء وعوضت الهمزة، فإذا ردت هاءه وحذفت تاءه حذفت الهمزة نحو سه، والوكاء بكسر الواو والمد: ما يشد به رأس القربة ونحوها، جعل اليقظة للإست كالوكاء للقربة، كما أن القربة ما دامت مربوطة بالوكاء باختيار صاحبها كذلك الإست مادام محفوظاً بالعين، أي اليقظة باختيار الصاحب، والمعنى أن اليقظة وكاء الدبر، أي الحافظة لما فيه من الخروج؛ لأنه ما دام مستيقظاً أحس بما يخرج منه، فإذا نام زال الضبط. فإن قيل: النوم ليس بحدث وأنتم أوجبتم الوضوء باحتمال خروج ريح، والأصل عدمه، فلا يجب الوضوء بالشك. قلنا: النائم غير متمكن يخرج منه الريح غالباً، فأقام الشارع هذا مقام اليقين، كما أقام شهادة الشاهدين التي تفيد الظن مقام اليقين في شغل الذمة. (فإذا نامت العين) أي جنسها. (استطلق الوكاء) أي انحل. (رواه الدارمي) وأخرجه أيضاً أحمد وأبويعلى والطبراني في الكبير، والدارقطني والبيهقي كلهم من حديث أبي بكر بن أبي مريم، عن عطية بن قيس، عن معاوية. وأعل بوجهين، أحدهما الكلام في أبي بكر بن أبي مريم، فقد ضعفه أحمد وأبوحاتم وأبوزرعة، وقال الهيثمي: هو ضعيف لاختلاطه. وقال الحافظ: ضعيف، وكان قد سرق بيته فاختلط. والثاني أن مروان بن جناح رواه عن عطية بن قيس، عن معاوية موقوفاً. هكذا رواه ابن عدى، وقال: مروان أثبت من أبي بكر بن أبي مريم.

317-

قوله: (وكاء السه العينان) يعنى إذا تيقظ الإنسان أمسك ما في بطنه، فإذا نام زال اختياره، واسترخت مفاصله، فلعله يخرج منه ما ينقص طهره. وحديث على هذا، وحديث معاوية المتقدم، يدلان على أن نقص الطهارة بالنوم ليس لنفسه، بل لأنه مظنة خروج ما ينتقض الطهر به، ولذلك خص عنه نوم ممكن المقعد من الأرض. (رواه أبوداود) وسكت عنه، وأخرجه أيضاً ابن ماجه، والدارقطني، وهو عند الجميع من رواية بقية بن الوليد عن الوضين بن عطاء. وبقية صدوق، كثير التدليس. والوضين، قال الجوزجاني: واهٍ، وأنكر عليه هذا الحديث، وقال الحافظ: صدوق، سيء الحفظ، ووثقه عبد الرحمن بن إبراهيم وابن معين وأحمد، وقال ابن عدى: لم أر بحديثه بأساً. وقد حسن حديث علي هذا المنذري وابن الصلاح والنووي. وقال أحمد: حديث علي أثبت من حديث معاوية. وقد ضعف الحديثين أبوحاتم، وقال الحافظ في بلوغ المرام: في كلا الإسنادين ضعف.

318-

قوله: (هذا) أي هذا الحكم. (في غير القائد) من النائمين يعنى فيمن نام مضطجعاً أو مستلقياً على قفاه،

ص: 31

قال: كان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ينتظرون العشاء حتى تخفق رؤوسهم، ثم يصلون ولا يتوضؤون)) رواه أبوداود والترمذي، إلا أنه ذكر فيه "ينامون" بدل "ينتظرون العشاء حتى تخفق رؤسهم".

319-

(19) وعن ابن عباس رضي الله عنهما، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إن الوضوء على من نام مضطجعاً، فإنه إذا اضطجع استرخت

ــ

فأما من نام قاعداً ممكناً مقعده من الأرض ثم استيقظ ومقعده ممكن كما كان، فلا يبطل وضوؤه وهو قال الشافعي في الجديد. (ينتظرون العشاء) أي صلاتها بالجماعة فينامون جالسين. (حتى تخفق) أي تميل وتتحرك. (رؤسهم) من النوم من الخفوق وهو الاضطراب، وقيل المعنى: حتى تسقط أذقانهم على صدورهم. وتخفق بفتح التاء وكسر الفاء من ضرب. (ثم يصلون) بذلك الوضوء. (ولايتوضؤون) وضوءاً جديداً. (رواه أبوداود والترمذى) وقال حديث حسن صحيح. وأخرجه أيضاً الشافعي في الأمام، وأحمد، وصححه الدارقطني والنووي، وأصله في مسلم كما سيأتي. (إلا أنه) أي الترمذي. (ذكر فيه) أي في حديثه. (ينامون) أي قاعدين، ورواية الترمذي هذه موافقة لرواية مسلم، وكأن المصنف ذهل عن رواية مسلم حيث لم يتعرض لها. وحديث أنس هذا قد نزله أكثر الناس كالبغوي على نوم الجالس. ودفع هذا التأويل بأن في رواية أنس عند البزار وأبي يعلى "يضعون جنوبهم". قال الهيثمي: رجالهما رجال الصحيح، لكن رواه أحمد بن حنبل عن يحيى القطان بسنده، والترمذي عن بندار عنه بدون هذه الزيادة، وقيل: يحمل على النوم الخفيف، فإن وضع الجنب لا يستلزم النوم الكثير المستغرق، وكذا الغطيط والإيقاظ، فإنه قد يغط من هو في مبادئ نومه قبل إستغرافه، وكذا الإيقاظ قد يكون لمن هو في مبادئ النوم، فينبه لئلا يستغرقه. وبالجملة حديث أنس هذا يدل على أن يسير النوم لا ينقض الوضوء.

319-

قوله: (إن الوضوء) أي وجوبه. (على من نام مضطجعاً) كذا في جميع النسخ للمشكاة بلفظ "إن الوضوء" الخ. وكذا وقع في المصابيح، ورواه الترمذي بلفظ "إن الوضوء لا يجب إلا على من نام مضطجعاً"، وأبوداود بلفظ "إنما الوضوء على من نام مضطجعاً"، وفي كلتا الروايتين القصر على أنه لا ينقض الوضوء إلا نوم المضطجع لا غير ولو إستغرقه النوم، بخلاف اللفظ الذي ذكره المصنف عن المصابيح، فإنه لا يدل على القصر، فالجمع بين حديث ابن عباس هذا على ما رواه الترمذي وأبوداود، وبين حديث أنس عند البزار وأبي يعلى وغيرهما بلفظ "يضعون جنوبهم" إن ثبتت هذه الزيادة: أن حديث ابن عباس خرج على الأغلب، فإن الأغلب على من أراد النوم الاضطجاع، فلا معارضة. وقال. الزرقاني: هذا ونحوه محمول عند مالك على ما إذا كان النوم ثقيلاً-انتهى. (فإنه إذا اضطجع استرخت) أي فترت

ص: 32

مفاصله)) رواه الترمذي وأبوداود.

ــ

وضعفت ولانت. (مفاصله) جمع مفصل، وهو رؤس العظام والعروق، يعنى أن الاضطجاع سبب لاسترخاء المفاصل فلا يخلو عن خروج شيء من الريح عادة، أي هو من عادة النائم المضطجع، والثابت بالعادة كالمتيقن به. واعلم أنه اختلف الناس في انتقاض الوضوء بالنوم على أقوال ثمانية، ذكرها النووي في شرح مسلم، وتبعه غيره، وهذه الأقوال ترجع إلى ثلاثة: الأول أن النوم ينقض الوضوء مطلقاً على كل حال قليلة وكثيرة. والثاني أنه لا ينقض مطلقاً. والثالث الفرق بين قليل النوم وكثيرة، وهو قول فقهاء الأمصار، والصحابة الكبار، والتابعين، وهو قول الأئمة الأربعة، وهذا هو الحق، فالنوم ليس بحدث أي ليس بناقض للوضوء بنفسه، بل لأنه سبب لاسترخاء المفاصل الداعي للخروج عادة. ثم اختلف هؤلاء في بيان قدر القليل والكثير، وتحديد النوم المعتبر في نقض الوضوء، وتعيين المقدار الذي يكون سبباً لاسترخاء المفاصل، ولا يبقى فيه الشعور والإحساس ويغلب فيه العقل، على أقوال كثيرة ليس هذا محل بسطها، إن شئت الوقوف عليها فارجع إلى شرح مسلم للنووي، وشرح الترمذي لابن العربي، والمغني لابن قدمة المقدسي. والراجح عندي: أن النوم المستغرق الذي لا يبقى معه إدارك ناقض سواء كان من المضطجع والمستلقي أو غيرهما، فالاستغراق والغلبة على العقل هو الملاك عندي، فإذا حصل ذلك انتقض الوضوء على أي هيئة كان النائم، ولا يقصر الحكم على هيئة الاضطجاع كما يدل عليه حديث ابن عباس، فإنه ضعيف، ولا ينتقض الوضوء بنوم المضطجع إن كان النوم غير مستغرق. (رواه الترمذي وأبوداود) كلاهما من طريق يزيد بن عبد الرحمن أبي خالد الدالاني، عن قتادة، عن أبي العالية، عن ابن عباس، ولم يحكم الترمذي عليه بشيء من الصحة والضعف إلا قوله "إن سعيد بن أبي عروبة رواه عن قتادة، عن أبي العالية، عن ابن عباس قوله " ولم يذكر فيه أبالعالية، ولم يرفعه، وهو حديث ضعيف، ضعفه الترمذي في العلل المفرد، والبخاري وأحمد بن حنبل والدارقطني والمنذري والبيهقي وأبوداود والبغوي وغيرهم. قال أبوداود: قوله "الوضوء على من نام مضطجعاً" هو حديث منكر، لم يروه إلا يزيد أبوخالد الدالاني عن قتادة. وروى أوله جماعة عن ابن عباس، لم يذكروا شيئاً من هذا، وقال يعني ابن عباس، أو الراوي عنه: وكان النبي صلى الله عليه وسلم محفوظاً. وقالت عائشة: قال النبي صلى الله عليه وسلم تنام عيناي ولا ينام قلبي. وقال شعبة: إنما سمع قتادة عن أبي العالية أربعة أحاديث، يعنى وليس منها حديث يزيد أبي خالد الدالاني فيكون منطقعاً. قال أبوداود: وذكرت حديث يزيد الدالاني لأحمد بن حنبل فانتهرني استعظاماً له، فقال: ما ليزيد الدالاني يدخل على أصحاب قتادة ولم يعبأ بالحديث؟ وقال البيهقي: تفرد بهذا الحديث على هذا الوجه يزيد بن عبد الرحمن أبوخالد الدالاني. قال الترمذي يعنى في العلل المفرد: سألت البخاري عن هذا الحديث فقال: هذا لا شيء. ورواه ابن أبي عروبة، عن قتادة، عن ابن عباس قوله، ولم يذكر فيه أبا العالية، ولا أعرف لأبي خالد الدالاني سماعاً من قتادة، وقال المنذري: قال أبوالقاسم البغوي: يقال إن قتادة لم يسمع هذا الحديث من أبي العالية. وقال الدارقطني: تفرد به يزيد الدالاني عن قتادة ولا يصح. وذكر ابن حبان أن يزيد الدالاني كان كثير الخطأ، فاحش الوهم، يخالف الثقات في

ص: 33

320-

(20) وعن بسرة، قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إذا مس أحدكم ذكره، فليتوضأ)) رواه مالك وأحمد وأبوداود والترمذي والنسائي وابن ماجه والدارمي.

ــ

الرواية حتى إذا سمعها المبتدئ في هذه الصناعة علم أنها معلولة أو مقلوبة، لا يجوز الاحتجاج بها إذا وافق الثقات فيكف إذا انفرد عنهم بالمعضلات. وذكر أبوأحمد الكرابيسى الدالاني بهذا فقال: لا يتابع في بعض أحاديثه. وسئل أبوحاتم الرازي عن الدالاني هذا فقال: صدوق ثقة. وقال أحمد بن حنبل: يزيد لا بأس به. وقال ابن معين والنسائي: ليس به بأس. وقال البيهقي: فأما هذا الحديث فإنه أنكره على أبي خالد الدالاني جميع الحفاظ، وأنكر سماعه من قتادة أحمد بن حنبل، والبخاري وغيرهما. ولعل الشافعي وقف على علة هذا الأثر حتى رجع عنه في الجديد، هذا آخر كلامه. ولو فرض استقامة حال الدالاني، كان فيما تقدم من الانقطاع في إسناده ومخالفه الثقات ما يعضد قول من ضعفه من الأئمة –انتهى كلام المنذري. والحديث الذي أشار إليه أبوداود في كلامه أنه رواه جماعة عن ابن عباس ولم يذكروا فيه شيئاً مما انفرد به الدالاني، هو ما رواه أحمد ومسلم وأبوداود عن ابن عباس، قال: بت عند خالتي ميمونة فقام النبي صلى الله عليه وسلم من الليل، وفيه "ثم اضطجع فنام حتى نفخ، وكان إذا نام نفخ، فأتاه بلال فآذانه بالصلاة فقام فصلى ولم يتوضأ" وهذا هو الصحيح، وكون حديث يزيد أبي خالد الدالاني ضعيفاً هو الراجح عندي، ولا ينجبر ضعفه بما له من الطرق والشواهد، وإن جنح إليه العلامة الشوكاني، وعليك أن ترجع للوقوف على تفصيل الكلام في حديث ابن عباس هذا إلى عون المعبود (ج1: ص80) والتلخيص الحبير.

320-

وقوله. (وعن بسرة) بضم الموحدة وسكون المهملة، ابنة صفوان بن نوفل بن أسد بن عبد العزى القرشية الأسدية صحابية، لها سابقة وهجرة قديمة، عاشت إلى ولاية معاوية، لها أحد عشر حديثاً، روى عنها عبد الله بن عمرو بن العاص، وعروة، وأم كلثوم بنت عقبة بن أبي معيط ولها صحبة، ومروان، وحميد بن عبد الرحمن بن عوف، وسعيد بن المسبب، قال مصعب: كانت من المبايعات، وكانت أخت عقبة بن أبي معيط لأمه. (إذا مس أحدكم) أي بيده من غير حائل لما سيأتي من حديث أبي هريرة. (فليتوضأ) أي وضوءه للصلاة كما في حديث ابن عمر عند الدارقطني، وحديث بسرة عند ابن حبان. والحديث فيه أن مس الرجل ذكره بيده ناقض للوضوء، والمراد مسه من غير حائل ببطن الكف كان أو بظهره، وهو أي انتقاض الوضوء بمس الذكر قول جماعة من الصحابة والتابعين، ومن أئمة المذاهب أحمد والشافعي، وهو المشهور من مذهب مالك، وكذلك مس المرأة فرجها، لما روى أحمد والبيهقي من حديث عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده مرفوعاً "أيما رجل مس فرجه فليتوضأ، وأيما امرأة مست فرجها فلتتوضأ". قال الترمذي في العلل عن البخاري: هو عندي صحيح. وهو صريح في عدم الفرق بين الرجل والمرأة. (رواه مالك) الخ. وأخرجه أيضاً الشافعي في الأم، وابن خزيمة وابن حبان وابن الجارود والحاكم والبيهقي، وصححه أحمد والبخاري وابن معين والترمذي،

ص: 34

321-

(21) وعن طلق بن علي، قال: ((سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن مس الرجل ذكره بعد ما يتوضأ. قال: وهل هو إلا بضعة منه.

ــ

وسكت عنه أبوداود، ونقل المنذري تحسين الترمذي وأقره، وصححه أيضاً الدارقطني وابن خزيمة وابن حبان وابن السكن والحاكم والبيهقي وابن عبد البر وأبوحامد بن الشرقي والحازمي والنووي والحافظ وآخرون، وضعفه الطحاوى وحده، وهو مندفع كما سيأتي، ولم يثبت عن ابن معين تضعيفه، قاله ابن الجوزى.

321-

قوله: (وعن طلق بن علي) بن طلق بن عمرو، ويقال: ابن علي بن المنذر بن قيس بن عمرو الحنفي السحيمي اليمامي، يكنى أبا علي. وفد على النبي صلى الله عليه وسلم:، وعمل معه في بناء المسجد، وروى عنه، وله أربعة عشر حديثاً، روى عنه ابنه قيس، وابنته خالدة، وعبد الله بن بدر، وعبد الرحمن بن علي شيبان. (هل هو إلا بضعة) بفتح الموحدة، أي قطعة لحم، وقد تكسر الباء أيضاً في هذا المعنى كما في النهاية واللسان. (منه) أي من الرجل، وفي بعض النسخ "منك" وكذا وقع في رواية النسائي، يعني فهو كمس بقية أعضائه فلا ينتقض الوضوء بمسه. والحديث دليل على ما هو الأصل من عدم نقض مس الذكر للوضوء، وإليه ذهبت الحنفية، وأجابوا عن حديث بسرة بأجوبة تزيد على عشرة، كلها واهية مردودة، ذكر خمسة منها شيخنا في شرح الترمذي مع الرد عليها، وهاك بقيتها. قالوا: حديث بسرة من رواية عروة، عن مروان، وهو مطعون في عدالته لفسقه، أو عن حرسيه، وهو مجهول. وأجيب عنه بما قال عروة: كان مروان لا يتهم في الحديث، وقد روى عنه سهل بن سعد الصحابي، واعتمد مالك على حديثه، واحتج به البخاري في صحيحه، فهو من رجال الموطأ والبخاري، وقد أخذ عروة منه هذا الحديث قبل أن يبدو منه ما بدا من الفسق والخلاف على ابن الزبير، قال ابن حزم: لا نعلم لمروان شيئاً يجرح به قبل خروجه على ابن الزبير، وعروة لم يلقه إلا قبل خروجه على أخيه، وأيضاً قد ثبت أن عروة سمعه من بسرة من غير واسطة، كما جزم به ابن خزيمة وابن حبان والحاكم وغيرهم من أئمة الحديث، وارجع للتفصيل إلى التلخيص (ج1: 45) والمستدرك للحاكم (ج1: ص137) وتعليق الترمذي للشيخ أحمد محمد شاكر. وعدم إخراج الشيخين حديث بسرة في صحيحهما لا يدل على أنه لم يثبت عندهما سماع عروة من بسرة، فكم من حديث صحيح متصل على شرطهما لم يخرجاه في صحيحهما ولم يرد ابن المديني على يحيى بن معين قوله في مناظرته "ثم لم يقنع ذلك عروة حتى أتى بسرة فسألها وشافهته بالحديث"، وأقره عليه أحمد وصوبه، فدل ذلك على أن سماع عروة من بسرة ثابت عند هؤلاء الأئمة الثلاثة ولذا صح أحمد وابن معين حديث بسرة، وقالوا: حديث بسرة مضطرب الإسناد، فرواه بعضهم عن عروة عن مروان عن بسرة، وبعضهم عن عروة عن بسرة، من غير واسطة مروان. وفيه أن هذا الإختلاف ليست علة يضعف بها الحديث؛ لأن الحديث سمعه عروة أولاً من مروان عن بسرة، ثم أتى بسرة فشافهته بالحديث وسمعه منها من غير واسطة، وكان الرواة يسمعونه منه ويرويه عنهم غيرهم، فتارة يجعلونه عن عروة عن مروان عن بسرة، وتارة يجعلونه عن عروة عن بسرة، وهذا كما

ص: 35

ترى ليس باختلاف يقدح في صحة الحديث وقالوا: إن هشام بن عروة الراوي له عن أبيه لم يسمعه من أبيه كما تدل عليه رواية الطبراني وفيه أن رواية أحمد والترمذي والحاكم صريحة في أن هشاماً سمعه من أبيه، ثم لو صحت هذه العلة ما أثرت؛ لأن غير هشام من الثقات رواه سماعاً من عروة، وهو عبد الله بن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم، وأبوه أبوبكر، كما تدل عليه رواية مالك وأحمد وابن الجارود. وقالوا: الحديث يروى عن امرأة، والحكم متعلق بالرجال فكيف تختص بروايته النساء وفيه أنه لم يختص النساء بروايته كما سيأتي. وقالوا: المسألة التي تعم بها البلوى لا يعتبر فيها خبر واحد لا سيما مثل هذا الخبر. وفيه أن هذه القاعدة التي اخترعها الحنفية لرد الأحاديث الصحيحة باطلة، قد أبطلها الشوكاني في إرشاد الفحول (ص49) وابن حزم في الإحكام في أصول الأحكام (ج2: ص20،12) وابن قدامة في جنة المناظر (ج1:ص327) فارجع إلى تلك الكتب. ولو سلمت هذه القاعدة، فالحديث ليس من أخبار الآحاد، بل هو أشهر من حديث الوضوء بالنبيذ، رواه سبعة عشر من الصحابة. وقالوا: على تسليم صحته لا حجة فيه؛ لأنه متروك الظاهر عند الكل إجماعاً، فإن المس لغة مطلق فما قيدوه من القيود بالشهوة، أو بباطن اليد، أو بعدم الحائل، أونحو ذلك، تقييدات لإطلاق الحديث، وصريح في أنهم أيضاً لا يقولون بالحديث. وفيه أن المراد بالمس، المس باليد، سواء كان بباطنها أو بظهرها، لكن من غير حائل، يدل على ذلك حديث أبي هريرة الآتي، والروايات يفسر بعضها بعضا، فقد قلنا بأحاديث الباب، وعملنا بها وأما القيود الأخرى مما ذكرها فقهاء الشافعية وغيرهم، فلا نلتفت إليها؛ لأنها لا أثر لها في الأحاديث وقالوا: اضطرب القائلون بانتقاض الوضوء في مصداق حديث بسرة على أقوال كثيرة، وفروع مختلفة، تبلغ إلى قريب من أربعين، بسطها ابن العربي في شرح الترمذي، واختلافهم في مصداق الرواية الواحدة يورث الشبهة في الاحتجاج بها، فإنه يدل على أنه لم يتحقق عندهم، ولم يتعين محمل الحديث، فلو صح الحديث وثبت ترجحه على حديث طلق فمجمل أيضاً، لم يظهر مراده عند القائلين به، ولا خلاف بين القائلين بعدم النقض. وفيه أن معنى الحديث بين، ومصداقه ظاهر، ومحمله متعين، لكن عند المنصف الذي يحب السنة وصاحبها، وأما المتعسف الذي يتحيل لرد الأحاديث الصحيحة والسنن الثابتة فهو يتشبث بمثل هذه الأعذار الواهية الباطلة أبداً، ولا عبرة عندنا باختلاف الشافعية والمالكية وغيرهم في بيان معنى الحديث، والتفريع عليه بآرائهم وعقولهم، وبالجملة، الحديث ليس بمجمل بل هو بين المعنى. وقالوا: يحتمل أن يكون مس الذكر كناية عن الاستطابة بعد البول؛ لأنه غالباً يرادف خروج الحدث، فعبر به عنه، ومثل هذا من الكنايات كثير فيما يستقبح التصريح بذكره. وفيه أن هذا الاحتمال بعيد جداً، بل هو باطل، يرده حديث أبي هريرة الذي ذكره المصنف، وأيضاً لم يخطر هذا الاحتمال ببال أحد من الصحابة والتابعين وغيرهم من السلف، ولم يقل به أحد منهم، بل حمله جميعهم على ظاهر معناه الذي يتبادر إليه الذهن. وقالوا: هو مقيد بما إذا خرج منه شيء. وفيه أنه لا دليل على هذا التقيد فهو مردود على قائله وقالوا: مفعول المس محذوف، تركه استهجاناً بذكره، والمعنى "من مس ذكره بفرج امرأته فليتوضأ" إقامة للداعي والسبب مقام المدعو والمسبب، فإن التقاء الختانين داع إلى خروج شيء، ونفسه يتغيب عن البصر، فأدير الأمر على المس احتياطاً وتيسيراً. وفيه أنه تحريف معنوي للحديث، يرده حديث أبي هريرة الآتي بلفظ" أفضى بيده".

ص: 36

رواه أبوداود والترمذي والنسائي، وروى ابن ماجه نحوه.

322-

(22) وقال الشيخ الإمام محي السنة: هذا منسوخ؛ لأن أبا هريرة أسلم بعد قدوم طلق، وقد روى أبوهريرة عن الرسول صلى الله عليه وسلم قال: ((إذا أفضى أحدكم بيده إلى ذكره ليس بينه وبيتها شىء

ــ

قال بعضهم: هو رواية بالمعنى على ما فهم الراوي من معنى حديث بسرة. وفيه أن دعوى كون رواية أبي هريرة هذه بالمعنى تمشية للمذهب يمجها العقل والسمع، فإنه يرتفع بذلك الأمان والوثوق بالروايات، قال هذا البعض: ويمكن أن يأول حديث أبي هريرة بأن المعنى أوصل ذكره بيده إلى فرج امرأته، فإن الإفضاء يستدعي مفعولاً، واليد ليست إلا آلة. وهذا كما ترى أضحوكة لا حاجة إلى ردها؛ لأنها أظهر في تحريف الحديث من كل ما قالوا في تأويل حديث بسرة. وقالوا: الأمر في حديث بسرة محمول على الاستحباب، قال بعضهم: هذا يغنينا عن ارتكاب تكلف. وفيه أن الأصل في الأمر الوجوب، وأيضاً يرده حديث أبي هريرة عند أحمد بلفظ "من أفضى بيده إلى ذكره ليس دونه ستر فقد وجب عليه الوضوء"، ويرده أيضاً حديث عائشة عند الدارقطني"ويل للذين يمسون فروجهم ولا يتوضئون" فإن دعاء الشر لا يكون إلا بترك واجب. (رواه أبوداود والترمذي والنسائي) أي بهذا اللفظ المذكور، وأخرجه أيضاً أحمد، والدارقطني وابن الجارود والبيهقي وصححه عمرو بن علي الفلاس وعلى بن المديني والطحاوي وابن حبان والطبراني وابن حزم، وضعفه الشافعي وأبوحاتم وأبوزرعة والدارقطني والبيهقي وابن الجوزي. والراجح أن حديث طلق هذا لا ينحط عن مرتبة الحسن، وحديث بسرة أصح وأثبت وأرجح من حديثه؛ لأن حديث طلق لم يحتج الشيخان بأحد من رواته، وحديث بسرة قد احتجا بجميع رواته، وأرجح أيضاً لكثرة طرقه وصحتها، ولكثرة من صححه من الأئمة كما تقدم، ولكثرة شواهده، فقد روى نحوه ثمانية عشر صحابياً، ومنهم طلق بن على راوى حديث عدم النقض، ذكر تخريج أحاديثهم الحافظ في التلخيص (ج1: ص46، 45) ؛ ولأن بسرة حدثت به في دار المهاجرين والأنصار وهم متوافرون، ولم يدفعه أحد، بل علمنا أن بعضهم صار إليه، ولرجحانه على حديث طلق وجوه أخرى لا تخفى على من له خبرة بوجوه الترجيح، وإطلاع على طرق حديث بسرة وحديث طلق. (وروى ابن ماجه نحوه) أي بمعناه وهو "أنه سئل رسول صلى الله عليه وسلم عن مس الذكر، فقال: ليس فيه وضوء إنما هو منك"

322-

قوله: (هذا) أي ما رواه طلق بن علي (منسوخ) وكذا ادعى النسخ ابن حبان، والطبراني، وابن العربي، والحازمي، وآخرون (لأن أبا هريرة أسلم) عام خيبر في السنة السابعة (بعد قدوم طلق) من اليمن، وذل في السنة الأولى من الهجرة حينما كان النبي صلى الله عليه وسلم يبنى المسجد، فكان خبر أبي هريرة بعد خبر طلق لسبع سنين. (إذا أفضى) أي أوصل (أحدكم بيده) الباء للتعدية (ليس بينه وبينها) أي بين ذكره وبين يده (شيء) أي حائل من الثياب أو غيرها

ص: 37

فليتوضأ)) رواه الشافعي والدارقطني.

323-

(23) ورواه النسائي عن بسرة، إلا أنه لم يذكر ((ليس بينه وبينها شيء)) .

324-

(24) وعن عائشة، قالت:((كان النبي صلى الله عليه وسلم يقبل بعض أزواجه ثم يصلي ولا يتوضأ)) .

ــ

(فليتوضأ) أي وضوءه للصلاة (رواه الشافعي والدارقطني) وأخرجه أيضاً البزار كلهم من طريق يزيد بن عبد الملك، وقد ضعفه أكثر الناس، ووثقه ابن سعد، وابن معين في رواية، وأخرجه أحمد وابن حبان في صحيحه والحاكم والبيهقي والطبراني في الصغير من طريق نافع بن أبي نعيم، وفيه "فقد وجب عليه الوضوء" بدل قوله "فليتوضأ". قال ابن حبان: هذا حديث صحيح سنده، عدول نقلته، وصححه الحاكم وابن عبد البر، وقال ابن السكن: هو أجود ما روي في هذا الباب.

323-

قوله: (ورواه النسائي عن بسرة) أي وهي متأخرة الإسلام وفيه أن الأمر بالعكس فإنها قديم هجرتها وصحبتها، كما قال الحازمي وغيره، ولو سلم ذلك لم يكن دليلاً كتأخر إسلام أبي هريرة وصحبته على نسخ حديث طلق. قال الشوكاني في النيل: وأيدت دعوى النسخ بتأخر إسلام بسرة وتقدم إسلام طلق، ولكن هذا غير دليل على النسخ عند المحققين من أئمة الأصول- انتهى. وقال ابن حزم في المحلى (ج1: ص239) : هذا أي حديث طلق خبر صحيح إلا أنهم لا حجة لهم فيه لوجوه: أحدها أن هذا الخبر موافق لما كان الناس عليه قبل ورود الأمر بالوضوء من مس الفرج، هذا لا شك فيه، فإذا هو كذلك فحكمه منسوخ يقيناً حين أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بالوضوء من مس الفرج، ولا يحل ترك ما تيقن أنه ناسخ، والأخذ بما تيقن منه أنه منسوخ. وثانيها أن كلامه عليه السلام "هل هو إلا بضعة منك" دليل بين على أنه كان الأمر بالوضوء منه؛ لأنه لو كان بعده لم يقل عليه السلام هذا الكلام، بل كان يبين أن الأمر بذلك قد نسخ، وقوله هذا يدل على أنه لم يكن سلف فيه حكم أصلاً، وأنه كسائر الأعضاء-انتهى. وعندنا: القول بترجيح حديث بسرة أحسن من القول بالنسخ والتضعيف، وقد تقدمت وجوه ترجيح حديثها على حديث طلق.

324-

قوله: (ولا يتوضأ) فيه دليل عل أن القبلة وهي أقوى من اللمس المجرد ولا تخلوا عادة من مس بشهوة، لا تنقض الوضوء، وهذا هو الأصل، والحديث مقرر للأصل، وهو القول المعول عليه الراجح عندنا، ويدل عليه أيضاً ما أخرجه الشيخان وغيرهما عن عائشة قالت: كنت أنام بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم ورجلاًي في قبلته، فإذا سجد غمزني، فقبضت رجلي-الحديث. واعتذار الحافظ في الفتح عن حديثها هذا، بأنه يحتمل أنه بحائل، أو أنه خاص به، تكلف ومخالفة للظاهر؛ لأن الخصوصية لا تثبت إلا بدليل، واحتمال الحائل لا يفكر فيه إلا مقلد متعصب لإمامه. وما رواه النسائي عنها قالت: إن كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ليصلي، وإني لمعترضة بين يديه اعتراض الجنازة، حتى إذا أراد أن يوتر مسني برجله. قال الحافظ في التلخيص: إسناده صحيح. وقال الزيلعي في نصب الراية: إسناده على شرط الصحيح. وما رواه مسلم والترمذي عنها، قالت: فقدت رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلة من الفراش فالتمسته، فوضعت يدي على باطن قدميه

ص: 38

رواه أبوداود والترمذي والنسائي وابن ماجه. وقال الترمذي: لا يصح عند أصحابنا بحال إسناد عروة عن عائشة رضي الله عنها،

ــ

وهو في المسجد وهما منصوبتان-الحديث. وفي الباب أحاديث أخرى ذكرها الزيلعي في نصب الراية، وهذه الأحاديث تدل على أن المراد بالملامسة من قوله تعالى في سورة المائدة:{أو لامستم النساء فلم تجدوا ماء} [5: 6] الجماع دون غيره من معاني اللمس، وبه فسر ابن عباس وعلي رضي الله عنهما، ورجحه ابن جرير في تفسيره حيث قال: هو أولى القولين في ذلك بالصواب، لصحة الخبر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: أنه قبّل بعض نسائه ثم صلى ولم يتوضأ. وارجع لتفصيل الكلام في الآية إلى أحكام القرآن لأبي بكر الرازي الجصاص. (رواه أبوداود) الخ. وأخرجه أيضاً أحمد (ج2: ص21، 22) والدارقطني (ص50، 51) والطبراني في التفسير (ج5: ص67) وضعفه الثوري ويحيى القطان وابن معين والبخاري والبيهقي والدارقطني، ومال أبوداود، وابن عبد البر إلى تصحيحه كما سيأتي. (وقال الترمذي) بعد إخراجه من طريق وكيع، عن الأعمش، عن حبيب بن أبي ثابت، عن عروة، عن عائشة (لا يصح عند أصحابنا) أي من أهل الحديث، قاله أبوالطيب السندي، والشيخ سراج أحمد السرهندي في شرحيهما لجامع الترمذي. (بحال) بالتنوين، وقوله "إسناده عروة" بالرفع على أنه فاعل لقوله "لا يصح"، وقوله "وإسناده إبراهيم" عطف على قوله "إسناد عروة" يعني لا يصح سند حديث عروة عن عائشة هذا؛ لأنه من رواية حبيب بن أبي ثابت عن عروة، وحبيب لم يسمع من عروة فهو منقطع. وكذا لا يصح سند حديث إبراهيم التيمي عن عائشة؛ لأنه أيضاً منقطع، إبراهيم لم يسمع عن عائشة بالاتفاق، وقيل: بترك التنوين في "حال" على أنه مضاف إلى "إسناد عروة" والباء للسببية، وفاعل "لا يصح"هو الضمير فيه، يرجع إلى ما يعود عليه الضمير المنصوب في قوله "رواه"، وهو حديث عائشة، والمعنى: لا يصح حديث عائشة هذا لحال إسناده، فإنه روي من طريقين: الأول طريق حبيب، عن عروة، عن عائشة. والثاني طريق أبي روق، عن إبراهيم التيمي، عن عائشة، وكلاهما منقطع، وهذا على أن يكون المراد بعروة، عروة بن الزبير، وإن كان المراد به عروة المزني فسبب عدم صحته هي جهالة عروة المزني. قال الترمذي في جامعه بعد إخراجه حديث عائشة، من طريق حبيب، عن عروة، عن عائشة، ما نصه: وإنما ترك أصحابنا حديث عائشة عن النبي صلى الله عليه وسلم في هذا؛ لأنه لا يصح عندهم لحال الإسناد، قال: وسمعت محمد بن إسماعيل يضعف هذا الحديث، وقال: حبيب بن أبي ثابت لم يسمع من عروة، وقد روي عن إبراهيم التيمي، عن عائشة: أن النبي صلى الله عليه وسلم قبلها ولم يتوضأ. وهذا لا يصح أيضاً، ولا نعرف لإبراهيم التيمي سماعاً من عائشة-انتهى. (إسناد عروة عن عائشة) لم ينسب الترمذي عروة في حديثه، ونسبه أحمد وابن ماجه في روايتهما، فقالا: عن حبيب بن أبي ثابت، عن عروة بن الزبير. وجزم الثوري أنه عروة المزني، وهو مجهول، وبذلك ضعف الحديث، وتبعه وقلده في ذلك يحيى بن سعيد القطان وابن معين والدارقطني والبيهقي وآخرون. ويظهر من كلام الترمذي أنه مال إلى كونه عروة بن الزبير، وهو الصحيح عندنا، لرواية أحمد وابن ماجه هذه. ولأن المطلق يحمل على ما هو المشهور المتعارف،

ص: 39

وأيضاً إسناد التيمي عنها. وقال أبوداود: هذا مرسل، وإبراهيم التيمي لم يسمع من عائشة.

ــ

وليس هو إلا عروة بن الزبير. ولأن قول عروة "من هي إلا أنت" في رواية أبي داود والترمذي ظاهر في أنه ابن الزبير؛ لأن المزنى لا يجسر أن يقول ذلك الكلام لعائشة. ولأن هشاماً وافق حبيب بن أبي ثابت، فرواه عن أبيه عروة بن الزبير عن عائشة، عند الدارقطني، وهذه قرينة ظاهرة على أنه ابن الزبير في رواية حبيب. وأما سند أبي داود الذي قال فيه: عن عروة المزني. فإنه من رواية عبد الرحمن بن مغراء عن ناس مجاهيل، وابن مغراء ليس بشيء في روايته عن الأعمش. وأما ما حكاه أبوداود عن الثوري أنه قال: ما حدثنا حبيب بن أبي ثابت إلا عن عروة المزني، يعني لم يحدثهم عن عروة بن الزبير بشيء، فلم يسنده أبوداود، وأيضاً قال الثوري هذا القول من غير دليل يؤيده، وقد خالفه أبوداود، وأثبت صحة رواية حبيب عن عروة، حيث قال عقبة: وقد روى حمزة الزيات، عن حبيب، عن عروة بن الزبير حديثاً صحيحاً. يشير بذلك إلى ما رواه الترمذي في الدعوات (ج2: ص205) وقال: هذا حديث حسن غريب، وسمعت محمد بن إسماعيل يقول: حبيب بن أبي ثابت لم يسمع من عروة بن الزبير شيئاً-انتهى. وهذا يدل أولاً على أن عروة في هذا الإسناد، هو عروة بن الزبير كما صرح بذلك في رواية أحمد وابن ماجه، خلافاً لمن زعم أنه عروة المزني، وثانياً على أنه يرى صحة رواية حبيب عن عروة، وأما قول البخاري: إن حبيباً لم يسمع من عروة، فمبني على شرطه المعروف في الرواية، وهو شرط شديد، خالفه فيه أكثر أهل العلم، وقال ابن عبد البر: صحح هذا الحديث الكوفييون، وثبتوه لرواية الثقات من أئمة الحديث له، وحبيب لا ينكر لقاءه عروة، ولروايته عمن هو أكبر من عروة وأقدم موتاً. وقال في موضع آخر: لا شك أنه أدرك عروة، كذا في نصب الراية (ج1: ص72) . ومن هذا كله ظهر أن أبا داود وابن عبد البر قد صححا سماع حبيب من عروة بن الزبير، ولم يلتفتا إلى كون حبيب مدلساً. وحاصل ما علل به المضعفون طريق حبيب عن عروة عن عائشة: أن عروة المذكور هنا إن كان هو المزني، كما قاله البيهقي وغيره، فهو مجهول، وإن كان هو ابن الزبير، وهو ما يدل عليه كلام الترمذي، وبه صرح أحمد وابن ماجه في روايتهما، فالحديث منقطع، لكون حبيب بن أبي ثابت لم يدركه، فيكون ضعيفاً لأنقطاعه، وقد عرفت ما فيه. ومع كل هذا، فإن حبيبا لم ينفرد برواية هذا الحديث، وقد تابعه عليه هشام بن عروة عن أبيه عروة بن الزبير عند الدارقطني (ج1: ص50) وتكلم الدارقطني فيه بلا حجة بينه ودليل ظاهر. وقد جاء الحديث بأسانيد أخرى عند أحمد وابن ماجه والبزار والدارقطني والطبري، بعضها حسن جيد، وبعضها يقارب الحسن، ينجبر بها ضعف الانقطاع في حديث حبيب، عن عروة، عن عائشة، لو سلم. وانظر هذه الروايات في نصب الراية (ج1: ص75، 72) . (وأيضاً إسناد إبراهيم التيمي عنها) بين الترمذي سببه بقوله: ولا نعرف لإبراهيم التيمي سماعاً من عائشة-انتهى. وحديث إبراهيم التيمي هذا، رواه أحمد وأبوداود والنسائي والدارقطني، كلهم من طريق الثوري، عن أبي روق، عن إبراهيم التيمي، عن عائشة (قال أبوداود: هذا مرسل) أي منقطع (وإبراهيم التيمي لم يسمع من عائشة)

ص: 40