الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وادرؤا ما استطعتم، فإنما هو شيطان)) رواه أبوداود.
{الفصل الثالث}
792-
(15) عن عائشة، قالت:((كنت أنام بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم ورجلاي في قبلته. فإذا سجد غمزني، فقبضت رجلي، وإذا قام بسطتهما. قال: والبيوت يومئذ ليس فيها مصابيح)) . متفق عليه.
ــ
عليه. وقيل: المراد لا يقطعها شيء من فعل غير المصلى، وفيه أن غير المصلى مثل المصلى إذا فعل معه ما أبطل عليه استقبال القبلة أو ما نقض عليه الوضوء كإخراج الدم عند القائل بنقض الوضوء به، أو مس المرأة عند القائل به، أو ما حصل به نجاسة ثوبه عند القائل ببطلان الصلاة به، لكان ذلك الفعل من غير المصلى قاطعا للصلاة على المصلى (وادرؤا) أي: ادفعوا المار (فإنما هو) أي: المار (شيطان) قد تقدم أن الراجح أن أحاديث القطع بالمرأة، والحمار، والكلب منسوخة بهذا الحديث وقد سبق تقرير ذلك فتذكر (رواه أبوداود) وسكت عنه، وضعفه ابن حزم في المحلي (ج4:ص13) كما تقدم وتضعيفه مردود عليه. وقال المنذري: في إسناده مجالد بن سعيد بن عمير الهمداني، وقد تكلم فيه غير واحد. وأخرج له مسلم حديثاً مقرونا بجماعة من أصحاب الشعبي-انتهى. قلت: قال يعقوب بن سفيان والبخاري: هو صدوق.
793-
قوله: (ورجلاي) الواو للحال (في قبلته) أي: في موضع سجوده (فإذا سجد) أي: أراد السجود (غمزني) الغمز هو العصر والكبس باليد، وغمزني جواب إذا. وفيه إشارة إلى أن مس المرأة غير ناقض الوضوء، والأفضل عدم الحائل (فقبضت) عطفا على قوله غمزني (رجلي) بفتح اللام وتشديد الياء. قال الحافظ: كذا بالتثنية للأكثر وكذا في قوله "بسطتهما" وللمستملي والحموى "رجلي" بكسر اللام بالإفراد. وكذا بسطتها (قالت) أي: عائشة معتذرة عن نومها على هذه الهيئة (والبيوت يومئذ) أي: حينئذٍ أو وقتئذ (ليس فيها مصابيح) أي: إذ لو كانت لقبضت رجليها عند إرادته السجود ولما أحوجته للغمز. والمعنى: ما كنت أدرى وقت سجوده لعدم المصابيح، وإلا لما احتاج صلى الله عليه وسلم إلى الغمز كل مرة، بل أنا ضممت رجلي إلى وقت السجود. وفي الحديث أن العمل اليسير في الصلاة غير قادح. وفيه جواز الصلاة إلى النائم من غير كراهة. وذهب مالك وغيره إلى كراهة الصلاة إلى النائم خشية ما يبدو منه مما يلهى المصلى عن صلاته. واستدلوا بحديث ابن عباس عند أبي داود وابن ماجه بلفظ "لا تصلوا خلف النائم والمتحدث" وقد قال أبوداود: طرقه كلها واهية. وفي الباب عن أبي هريرة عند الطبراني، وعن ابن عمر عند ابن عدي، وهما واهيان. والحديث قد استدل به على أن المرأة لا تقطع الصلاة، وأنه ناسخ لأحاديث القطع، وقد قدمنا ما في هذا الاستدلال من الكلام والنظر فتذكر (متفق عليه) وأخرجه أيضاً أبوداود في الصلاة، والنسائي في الطهارة.
793-
(16) وعن أبي هريرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((لو يعلم أحدكم ما له في أن يمر بين يدى أخيه معترضا في الصلاة، كان لأن يقيم مائة عام خير له من الخطوة التي خطا)) . رواه ابن ماجه.
794-
(17) وعن كعب الأحبار،
ــ
793-
قوله: (ماله) أي: من الإثم فحذف البيان ليدل الإبهام على ما لا يقادر قدره من الإثم، قاله الطيبي (في أن يمر) أي: بسبب مروه (بين يدى أخيه) ذكر لمزيد التلطف بالمار حتى ينكف عن مروره، إذ من شأن الأخ أن لا يؤذى أخاه بنوع من أنواع الأذى وإن قل (معترضاً) أي: حال كون المار معترضاً محل سجود (في الصلاة) حال من أخيه (كان لأن يقيم مائة عام خير له) بالرفع، قال الطيبي: اسم كان ضمير عائد إلى "أحدكم" أو ضمير الشأن، والجملة خبر كان، واللام لام الابتداء المقارنة بالمبتدأ المؤكدة لمضمون الجملة، أو التي يتلقى بها القسم وهو أقرب، وقيل: اللام هي الداخلة على جواب "لو" أخرت عن محلها-وهو كان- إلى خبرها- وهو إقامة مائة عام- ولهذا التقدير المقتضي لكونه أو غل في التعريف كان الأصل أنه الاسم و"خير" هو الخبر، لكنهما عكساً إبهاما على السامع ليظهر جودة فهمه وذكائه. وقد جرى على الأصل في الأمرين في الخبر الذي عقب هذا، فأدخل اللام على كان، وجعل المصدر المسبوك من أن والفعل هو الاسم و"خيرا" هو الخبر وتجوز زيادة كان هنا، كذا في المرقاة (من الخطوة التي خطا) وفي ابن ماجه "خطاها" بزيادة ضمير المؤنث المنصوب، والخطوة-بالضم وتفتح- ما بين القدمين وبالفتح المرة (رواه ابن ماجه) من طريق عبيد الله بن عبد الرحمن بن عبد الله بن موهب، عن عمه، عن أبي هريرة، قال في الزوائد: في إسناد مقال لأن عم عبيد الله بن عبد الرحمن، اسمه عبيد الله بن عبد الله بن موهب. قال أحمد ابن حنبل: أحاديثه مناكير، ولكن ابن حبان خص ضعف أحاديثه بما إذا روى عنه ابنه-انتهى. قلت: عبيد الله بن عبد الله هذا قال فيه أحمد: لا يعرف، وذكره ابن حبان في الثقات. وقال: روى عنه ابنه يحيى، ويحيى لا شيء، وأبوه ثقة. وإنما وقعت المناكير في حديثه من قبل ابنه. وقال الشافعي: لا نعرفه. وقال ابن القطان الفاسي: مجهول الحال -انتهى. وقال الحافظ في التقريب: مقبول. وأما عبيد الله بن عبد الرحمن بن عبد الله فضعفه ابن عيينة وابن معين في رواية الدوري. وقال النسائي: ليس بالقوي، ووثقه العجلي وابن معين في رواية إسحاق بن منصور. وقال أبوحاتم: صالح. وقال ابن عدي: حسن الحديث. وذكره ابن حبان في الثقات، كذا في تهذيب التهذيب (ج7:ص29) فالظاهر أن الحديث لا ينحط عن درجة الحسن. وأخرجه أيضاً أحمد، وابن حبان، وابن خزيمة في صحيحهما.
794-
قوله: (كعب الأحبار) بالإضافة جمع حبر-بالفتح، وبكسر- وهو العالم. قال في القاموس: كعب الحبر وبكسر، ولا تقل الأحبار-انتهى. قال الزرقاني: قول المجد "لا تقل الأحبار" فيه نظر، فقد اثبته غير واحد، ويكفي قول مثل أبي هريرة إذ قال: كعب الأحبار-انتهى. وقال الطيبي: الأحبار جمع حبر-بالفتح والكسر والإضافة-
قال: لو يعلم المسار بين يدي المصلى ما عليه؛ لكان أن يخسف به خيراً له من أن يمر بين يديه. وفي رواية: أهون عليه)) . رواه مالك
795-
(18) وعن ابن عباس، رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إذا صلى أحدكم إلى غير السترة، فإنه يقطع صلاته الحمار، والخنزير، واليهودي، والمجوسي، والمرأة. وتجزئ عنه إذا مروا بين يديه على قذفة بحجر)) رواه أبوداود.
ــ
كما في زيد الخيل-انتهى (قال) يحتمل أن يكون أخذه من الكتب السابقة لأنه خبرها، قاله الزرقاني (لكان أن يخسف) بصيغة المجهول (به) أي: بالمار في الأرض (خيراً له) بالنصب، قال الطيبي: المذكور في الحديثين ليس جواب "لو" بل هو دال على ما هو جوابها والتقدير"لو يعلم المار ما عليه من الإثم لأقام مائة عام، وكانت الإقامة خيراً له" وفي الثاني "لو يعلم ماذا عليه من الإثم لتمنى الخسف، وكان الخسف خيراً له"(وفي رواية) أي: لمالك هذا هو الظاهر، لكن الموجود في نسخ الموطأ الموجودة الحاضرة هو "خيرا له" لا قوله "أهون عليه" والظاهر أن المصنف نسب الرواية الثانية للمؤطا تبعا للجزري حيث قال بعد ذكر الرواية الأولى: وفي رواية "أهون عليه" أخرجه في الموطأ (أهون عليه) أي: على المصلى، لأن عذاب الآخرة أشد وأصعب وأبقى من عذاب الدنيا (رواه مالك) أي: في مؤطاه عن زيد بن أسلم، عن عطاء بن يسار "أن كعب الأحبار" الخ.
795-
قوله: (إلى غير السترة) كذا في نسخ المشكاة، وفي أبي داود "إلى غير سترة" أي: بغير اللام (الحمار) وفي أبي داود "الكلب والحمار" أي: بزيادة الكلب قبل الحمار. والظاهر أن سقوط لفظ الكلب من النساخ (وتجزئ) بالهمزة من الإجزاء، وبالتأنيث في أكثر النسخ، أي: تجزئ الصلاة بلا سترة على المصلى، قاله القاري. وفي بعض النسخ "يجزئ" بالياء، وكذا وقع في أبي داود، أي: يكفي عن المصلى أي: في عدم قطع الصلاة (إذا مروا) أي: وإن لم يكن سترة (بين يديه على قذفه) بالفتح أي: رمية (بحجر) أي: لو مروا على بعد هذا المقدار بين يدي المصلى لا يقطع مرورهم صلاته. والحديث دليل على أن قطع الصلاة بالمرور بين يدي المصلي ليس بمخصوص بالكلب، والحمار، والمرأة وأن ذكر هذه الثلاثة في حديثي أي: ذر وأبي هريرة ليس لاختصاص حكم القطع بها، لكن ذكر اليهودي، والمجوسي، والخنزير في هذا الحديث منكر كما سيأتي (رواه أبوداود) عن محمد بن إسماعيل بن أبي سمينة البصري، عن معاذ بن هشام، عن هشام، الخ. قال أبوداود: في نفسي من هذا الحديث شيء كنت أذاكر به إبراهيم وغيره لم أر أحداً جاء به عن هشام، ولا يعرفه، ولم أر أحداً يحدث به عن هشام، وأحسب الوهم من ابن أبي سمية، والمنكر فيه ذكر المجوسي، وفيه"على قذفة بحجر" وذكر الخنزير، وفيه نكارة. قال أبوداود: ولم أسمع هذا الحديث إلا من محمد بن
إسماعيل، وأحسبه وهم، لأنه كان يحدثنا من حفظه-انتهى. وقال الحافظ في تهذيب التهذيب (ج9:ص60) في ترجمة محمد بن إسماعيل: توقف أبوداود في صحة حديث أخرجه عنه، عن معاذ بن هشام، عن ابيه عن يحيى ابن كثير، عن عكرمة، عن ابن عباس: يقطع الصلاة الكلب-الحديث. قال أبوداود: لم أسمعه إلا منه. وذاكرت به فلم يعرف - انتهى. قلت: في نسبة الوهم إلى محمد بن إسماعيل بن أبي سمينة نظر فإنه ثقة. وقد أخرج الطحاوي هذا الحديث فقال: حدثنا ابن أبي داود، قال: ثنا المقدمي، قال: ثنا معاذ بن هشام، ثنا أبي، عن يحيى، عن عكرمة، عن ابن عباس قال: أحسبه قد أسنده إلى النبي صلى الله عليه وسلم قال: يقطع الصلاة المرأة الحائض، والكلب، والحمار، واليهودي، والنصراني، والخنزير. ويكفيك إذا كانوا منك قدر رمية لم يقطعوا عليك صلاتك. فهذا الحديث هو ما رواه أبودود. وليس فيه محمد بن إسماعيل بن أبي سمينة البصري.
بعون الله وحسن توفيقه تم الجزء الثاني من مشكاة المصابيح مع شرحه مرعاة المفاتيح، ويليه الجز الثالث إن شاء الله تعالى، وأوله "باب صفة الصلاة"