المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

رواه مسلم. ‌ ‌{الفصل الثاني} 648- (3) عن ابن عمر، قال: ((كان الأذان - مرعاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح - جـ ٢

[عبيد الله الرحماني المباركفوري]

فهرس الكتاب

-

- ‌(3) كتاب الطهارة

- ‌{الفصل الأول}

- ‌{الفصل الثاني}

- ‌{الفصل الثالث}

- ‌(1) باب ما يوجب الوضوء

- ‌{الفصل الأول}

- ‌{الفصل الثاني}

- ‌{الفصل الثالث}

- ‌(2) باب آداب الخلاء

- ‌{الفصل الأول}

- ‌{الفصل الثاني}

- ‌{الفصل الثالث}

- ‌(3) باب السواك

- ‌{الفصل الأول}

- ‌{الفصل الثاني}

- ‌{الفصل الثالث}

- ‌(4) باب سنن الوضوء

- ‌{الفصل الأول}

- ‌{الفصل الثاني}

- ‌{الفصل الثالث}

- ‌(5) باب الغسل

- ‌{الفصل الأول}

- ‌{الفصل الثاني}

- ‌{الفصل الثالث}

- ‌(6) باب مخالطة الجنب وما يباح له

- ‌{الفصل الأول}

- ‌{الفصل الثاني}

- ‌{الفصل الثالث}

- ‌(7) باب أحكام المياه

- ‌{الفصل الأول}

- ‌{الفصل الثاني}

- ‌{الفصل الثالث}

- ‌(8) باب تطهير النجاسات

- ‌{الفصل الأول}

- ‌{الفصل الثاني}

- ‌{الفصل الثالث}

- ‌(9) باب المسح على الخفين

- ‌{الفصل الأول}

- ‌{الفصل الثاني}

- ‌{الفصل الثالث}

- ‌(10) باب التيمم

- ‌{الفصل الأول}

- ‌{الفصل الثاني}

- ‌{الفصل الثالث}

- ‌(11) باب الغسل المسنون

- ‌{الفصل الأول}

- ‌{الفصل الثاني}

- ‌{الفصل الثالث}

- ‌(12) باب الحيض

- ‌{الفصل الأول}

- ‌{الفصل الثاني}

- ‌{الفصل الثالث}

- ‌(13) (باب المستحاضة)

- ‌{الفصل الأول}

- ‌{الفصل الثاني}

- ‌{الفصل الثالث}

-

- ‌(4) كتاب الصلاة

- ‌{الفصل الأول}

- ‌{الفصل الثاني}

- ‌{الفصل الثالث}

- ‌(1) باب المواقيت

- ‌{الفصل الأول}

- ‌{الفصل الثاني}

- ‌{الفصل الثالث}

- ‌(2) باب تعجيل الصلاة

- ‌{الفصل الأول}

- ‌{الفصل الثاني}

- ‌{الفصل الثالث}

- ‌(3) باب فضائل الصلاة

- ‌{الفصل الأول}

- ‌{الفصل الثاني}

- ‌{الفصل الثالث}

- ‌(4) باب الأذان

- ‌{الفصل الأول}

- ‌{الفصل الثاني}

- ‌{الفصل الثالث}

- ‌(5) باب فضل الأذان وإجابة المؤذن

- ‌{الفصل الأول}

- ‌{الفصل الثاني}

- ‌{الفصل الثالث}

- ‌(6) باب

- ‌{الفصل الأول}

- ‌{الفصل الثالث}

- ‌(7) باب المساجد ومواضع الصلاة

- ‌{الفصل الأول}

- ‌{الفصل الثاني}

- ‌{الفصل الثالث}

- ‌(8) باب الستر

- ‌{الفصل الأول}

- ‌{الفصل الثاني}

- ‌{الفصل الثالث}

- ‌(9) باب السترة

- ‌{الفصل الأول}

- ‌{الفصل الثاني}

- ‌{الفصل الثالث}

الفصل: رواه مسلم. ‌ ‌{الفصل الثاني} 648- (3) عن ابن عمر، قال: ((كان الأذان

رواه مسلم.

{الفصل الثاني}

648-

(3) عن ابن عمر، قال: ((كان الأذان على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم مرتين مرتين، والإقامة مرة

مرة،

ــ

أسرعوا إلى ما هو سبب الخلاص من العذاب، والفوز بالثواب، والبقاء في دار القرار وهو الصلاة في المسجد. (رواه مسلم) فيه نظر؛ لأن نص الحديث في صحيح مسلم هكذا: عن أبي محذورة أن النبي صلى الله عليه وسلم علمه هذا الأذان: الله أكبر، الله أكبر. أشهد أن لا إله إلا الله، أشهد أن لا إله إلاالله. أشهد أن محمداً رسول الله، أشهد أن محمداً رسول الله. ثم يعود فيقول، أي بالغيبة فيهما: أشهد أن لا إله إلا الله، مرتين. أشهد أن محمداً رسول الله، مرتين. حي على الصلاة، مرتين. حي على الفلاح، مرتين. زاد إسحاق-أى شيخ مسلم راوي الحديث- الله أكبر الله أكبر. لاإله إلا الله. قال النووي: هكذا وقع في هذا الحديث في صحيح مسلم في أكثر الأصول في أوله الله أكبر الله أكبر. مرتين فقط. ووقع في غير مسلم: الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، أربع مرات. قال عياض: ووقع في بعض طرق الفارسي في صحيح مسلم أربع مرات-انتهى. قلت: وأخرجه أيضاً بتربيع التكبير الشافعي وأبوداود والنسائي وابن ماجه وابن حبان. وقال ابن القطان: الصحيح في هذا تربيع التكبير، وبه يصح كون الأذان تسع عشر كلمة، كما في الرواية الآتية مضموماً إلى تربيع التكبير الترجيع. قال الحافظ حاكياً عن ابن القطان: وقد وقع في بعض روايات مسلم بتربيع التكبير، وهي التي ينبغي أن تعد في الصحيح-انتهى. وقد رواه أبونعيم في المستخرج، والبيهقي بتربيع التكبير، وقال بعده: أخرجه مسلم عن إسحاق، وكذلك أخرجه أبوعوانة في مستخرجه من طريق ابن المديني عن معاذ. واعلم أن ما ذكره البغوي ههنا في المصابيح هو لفظ أبي داود، والنسائي، وابن ماجه، كما لا يخفى، وصنيعه هذا مخالف لما اشترط على نفسه من أنه يورد في الصحاح ما أخرجه الشيخان أو أحدهما. وأما اللفظ الذي ذكره صاحب المشكاة فليس هو لمسلم كما عرفت ولا لأبي داود والنسائي وابن ماجه.

648-

قوله: (كان الأذان) أي ألفاظه من الجمل. (علىعهد رسول الله صلى الله عليه وسلم) أي في عهده، عدى بعلى لمعنى الظهور، قاله الطيبي. (مرتين مرتين، والإقامة مرة مرة) أي كانت كلمات الأذان مكررة، والإقامة مفردة نظرا إلى الغالب. وقال القاري: خص التكبير عن التكرير في أول الأذان فإنه أربع لما تقدم، وخص التهليل عنه في آخره فإنه وتر بالاتفاق. وهذا الحديث بظاهره يدل على نفي الترجيع-انتهى. قلت: الترجيع وإن كان غير مذكور في هذا الحديث لكنه ثبت بحديث أبي محذورة، وهو حديث صحيح مشتمل على زيادة غير منافية فيجب قبولها، ولو صرح ابن عمر بالنفي لكان حديث أبي محذورة أخرى بالقبول؛ لأن المثبت مقدم على النافي، وخص التكبير عن الإفراد في أول الإقامة وآخرها

ص: 348

غير أنه كان يقول: قد قامت الصلاة، قد قامت الصلاة)) رواه أبوداود، والنسائي، والدارمي.

649-

(4) وعن أبي محذورة، ((أن النبي صلى الله عليه وسلم علمه الأذان تسع عشرة كلمة، والإقامة سبع عشرة كلمة)) رواه أحمد والترمذي وأبوداود والنسائي والدارمي وابن ماجه.

650-

(5) وعنه، قال: ((قلت: يارسول الله صلى الله عليه وسلم! علمني سنة الأذان، قال: فمسح مقدم رأسه.

ــ

لحديث عبد الله بن زيد عند أبي داود وغيره. (غير أنه) أي المؤذن. (كان يقول) أي في الإقامة. (قد قامت الصلاة) أي مرتين. والمعنى قاربت قيامها. وقال في النهاية: أي قام أهلها، أو حان قيام أهلها. وقيل: عبر بالماضي إعلاماً بأن فعلها القريب الوقوع كالمحقق حتى يتهيأ له ويبادر إليه. كذا في المرقاة. (رواه أبوداود) وسكت عليه هو والمنذري. (والنسائي والدارمي) وأخرجه أيضاً الشافعي، وأحمد، وأبوعوانة، وابن خزيمة، والدارقطني، وابن حبان، والحاكم، وفي إسناده أبوجعفر المؤذن. قال ابن حبان: اسمه محمد بن مسلم بن مهران. قال شعة: لا يحفظ لأبي جعفر غير هذا الحديث. وقال الحافظ في التقريب: أبوجعفر المؤذن مقبول. وقال ابن معين والدارقطني: ليس به بأس، وقد صرح اليعمري في شرح الترمذي أن حديث ابن عمر إسناده صحيح.

649-

قوله: (الأذان تسع عشرة كلمة) ؛ لأن التكبير في أوله أربع، والترجيع في الشهادتين يصير كل واحدة منهما أربعة ألفاظ، والحيعلتين أربع كلمات، والتكبير كلمتان، وكلمة التوحيد في آخره، وهذا نص صريح في سنية الترجيع في الأذان. (والإقامة) بالنصب عطفاً على الأذان أي وعلمه الإقامة. (سبع عشرة كلمة) بتربيع التكبير في أول الإقامة وترك الترجيع وزيادة قد قامت الصلاة مرتين، وباقي ألفاظها كالأذان، فتكون الإقامة ذلك المقدار. قال السندي: هذا العدد لا يستقيم إلا على تربيع التكبير في أول الأذان، والترجيع والتثنية في الإقامة، وقد ثبت عدم الترجيع في أذان بلال وإفراد إقامته، فالوجه جواز الكل. (رواه أحمد) (ج3: ص409) و (ج6: ص401) بذكر ألفاظ الأذان والإقامة تفصيلاً. (والترمذي) مختصراً، وقال: حديث حسن صحيح. (وأبوداود) بذكر الأذان والإقامة مفسراً، وسكت عليه هو والمنذري. (والنسائي والدارمي) كلاهما مختصراً إلا أن النسائي قال: ثم عدها أبومحذورة تسع عشرة كلمة وسبع عشرة كلمة. (وابن ماجه) مطولاً، وأخرجه أيضاً الطيالسي، وابن الجارود، والدارقطني، والحاكم، والبيهقي، وتكلم عليه بأوجه من التضعيف ردها ابن دقيق العيد في الإمام، وصحح الحديث. وأخرجه أيضاً الطبراني، وإن شئت الوقوف على كلام ابن دقيق فارجع إلى نصب الراية (ج1: ص268، 269) .

650-

قوله: (سنة الأذان) أي طريقته في الشرع. (قال) أي الراوي. (فمسح) أي رسول الله صلى الله عليه وسلم. (رأسه) أي

ص: 349

قال: تقول: الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، ترفع بها صوتك. ثم تقول: أشهد أن لا إله إلا الله، أشهد أن لا إله إلا الله. أشهد أن محمداً رسول الله، أشهد أن محمداً رسول الله. تخفض بها صوتك. ثم ترفع صوتك بالشهادة: أشهد أن لا إله إلا الله، أشهد أن لا إله إلا الله. أشهد أن محمداً رسول الله، أشهد أن محمداً رسول الله. حي على الصلاة، حي على الصلاة. حي على الفلاح، حي على الفلاح. فإن كان صلاة الصبح،

ــ

رأس أبي محذورة ليحصل له بركة يده الموصلة إلى الدماغ وغيره فيحفظ ما يلقى إليه ويملى عليه. (قال: تقول) بتقدير أن أي الأذان قولك. وقيل: أطلق الفعل وأريد به الحدث على مجاز ذكر الكل وإرادة البعض، أو خبر معناه الأمر أي قل. (الله أكبر) قال ابن حجر: يسن للمؤذن الوقف على كل كلمة من هذه الأربعة، وكذا ما بعدها؛ لأنه روي موقوفاً. وإن وصل على خلاف السنة، فالذي عليه الأكثرون ضم الراء، واختار المبرد فتحها، ووجهه أن الفتح أخف، وهو مستلزم تفخيم لام الجلالة كما حقق في الم الله. كذا في المرقاة. (ترفع بها صوتك) جملة حالية أو استئنافية مبينة. (تخفض بها صوتك، ثم ترفع صوتك بالشهادة) الخ. قال الزيلعي في نصب الراية (ج1: ص263) بعد ذكره: وهو لفظ ابن حبان في صحيحه، واختصره الترمذي ولفظه: عن أبي محذورة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أقعده وألقى عليه الأذان حرفاً حرفاً. قال بشر: فقلت له: أعد على، فوصف الأذان بالترجيع-انتهى. وطوله النسائي وابن ماجه وأوله: خرجت في نفر، فلما كنا ببعض الطريق أذن مؤذن رسول الله صلى الله عليه وسلم، إلى أن قال: ثم قال لي: ارجع فامدد من صوتك أشهد أن لا إله إلا الله، الحديث. قال صاحب الهداية اعتذار عن العمل بحديث أبي محذورة: إن ما رواه كان تعليماً، فظنه ترجيعاً. وقال الطحاوي في شرح الآثار (ص79) : يحتمل أن الترجيع إنما كان لأن أبا محذورة لم يمد بذلك صوته، فقال له عليه السلام: ارجع فامدد من صوتك، وقال ابن الجوزي في التحقيق: إن أبا محذورة كان كافراً قبل أن يسلم، فلما أسلم ولقنه النبي صلى الله عليه وسلم الأذان أعاد عليه الشهادة وكررها لتثبت عنده ويحفظها، ويكرر على أصحابه المشركين، فإنهم كانوا ينفرون منها خلاف نفورهم من غيرها، فلما كررها عليه ظنها من الأذان، فعده تسع عشرة كلمة-انتهى. وقد ذكر الزيلعي في نصب الراية هذه الأقوال الثلاثة، وقال: هذه الأقوال متقاربة في المعنى، ثم ردها فقال: ويردها لفظ أبي داود: قلت: يارسول الله صلى الله عليه وسلم علمني سنة الأذان، وفيه، ثم تقول: أشهد أن لا إله إلا الله، أشهد أن محمداً رسول الله، تخفض بها صوتك ثم ترفع صوتك بها، فجعله من سنة الأذان، وهو كذلك في صحيح ابن حبان، ومسند أحمد (ج3: ص408) –انتهى. وكذلك رد هذه الأقوال الثلاثة الحافظ في الدراية، ولردها وجوه أخرى لا تخفى على المتأمل المنصف غير المتعسف. (فإن كان) أي الوقت أو

ص: 350

قلت: الصلاة خير من النوم، الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلا الله)) رواه أبوداود.

651-

(6) وعن بلال، قال: قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((لا تثوبن في شيء من الصلوات إلا في صلاة

الفجر))

ــ

ما يؤذن لها (صلاة الصبح) بالنصب أي وقته، وقيل بالرفع فكان تامة. (قلت) أي في أذانها. (الصلاة خير من النوم) أي لذتها خير من لذته عند أرباب الذوق وأصحاب الشوق، ويمكن أن يكون من باب "العسل أحلى من الخل" قاله القاري. (رواه أبوداود) وسكت عليه هو والمنذري. وقال القاري: قال النووي: حسن، نقله ميرك. وقال ابن الهمام: إسناده صحيح- انتهى. قلت: في سنده الحارث بن عبيد أبوقدامة، قال الحافظ في التقريب: صدوق يخطئ. وقال الذهبي في الميزان: قال الفلاس: رأيت ابن مهدي يحدث عن أبي قدامة، وقال: ما رأيت إلا خيراً، وفيه أيضاً محمد بن عبد الملك بن أبي محذورة الجمحي المكي المؤذن، وقد وثقه ابن حبان. وقال الحافظ في التقريب: مقبول. فالحديث إن لم يكن صحيحاً فلا ينحط عن درجة الحسن، وأخرجه أيضاً أحمد (ج3: ص408) وابن حبان وغيرهما.

651-

قوله: (وعن بلال) هو بل بن رباح التيمي مولاهم المؤذن أبوعبد الله، ويقال أبوعبد الرحمن، وقيل غير ذلك في كنيته، وهو ابن حمامة، وهي أمه، أسلم قديماً. وعذب في الله، وشهد بدراً والمشاهد كلها، وسكن دمشق آخراً. قال أنس: بلال سابق الحبشة، وقال عمر: أبوبكر سيدنا، وأعتق سيدنا، أذن للنبي صلى الله عليه وسلم ولم يؤذن لأحد بعده إلا مرة في قدمة قدمها المدينة، وقيل: إنه لم يتمها من كثرة الضجيج، له أربعة وأربعون حديثاً، اتفق على حديث، وانفرد البخاري بحديثين، ومسلم بحديث، مات بالشام سنة (17) أو (18) أو (20) وله بضع وستون سنة، ولا عقب له. (لا تثوبن) من التثويب، وهو لغة العود إلى الإعلام بعد الإعلام، ويطلق على الإقامة كما في حديث: حتى إذا ثوب أدبر، حتى إذا فرغ أقبل حتى يخطر بين المرء ونفسه، وعلى قول المؤذن في أذان الفجر "الصلاة خير من النوم". وكل من هذين تثويب قديم ثابت من وقته صلى الله عليه وسلم إلى يومنا هذا. وقد أحدث الناس تثويباً ثالثاً بين الأذان والإقامة، قاله في فتح الودود، قلت: والمراد في حديث بلال هذا هو قول المؤذن في أذان الفجر "الصلاة خير من النوم"، قال الجزري: هو قوله: الصلاة خير من النوم. قال: والأصل في التثويب أن يجيء الرجل مستصرخاً فيلوح بثوبه ليرى ويشتهر فكان ذلك كالدعاء فسمى الدعاء تثويباً لذلك، وكل داع مثوب. وقيل: إنما سمى تثويباً من ثاب يثوب إذا رجع، فهو رجوع إلى الأمر بالمبادرة إلى الصلاة، فإن المؤذن إذا قال: حي على الصلاة، فقد دعاهم إليها، وإذا قال بعدها "الصلاة خير من النوم" فقد رجع إلى كلام معناه المبادرة إليها-انتهى كلام الجزري. (في شيء من الصلوات إلا في صلاة الفجر) الحديث يدل على مشروعية قول المؤذن في أذان الفجر "الصلاة خير من النوم"، وأنه مخصوص بالفجر، ومحل هذا القول هو بعد قوله: حي على الفلاح، كما تقدم في حديث أبي محذورة. ويدل عليه أيضاً حديث أنس عند ابن خزيمة في صحيحه.

ص: 351

رواه الترمذي. وابن ماجه. وقال الترمذي: أبوإسرائيل الراوي ليس هو بذاك القوي عند أهل الحديث.

652-

(7) وعن جابر: ((أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لبلال: إذا أذنت فترسل، وإذا أقمت فاحدر،

ــ

والدارقطني والبيهقي، قال البيهقي: إسناده صحيح، وصححه ابن السكن، وحديث ابن عمر عند السراج، والطبراني، والبيهقي، وسنده حسن كما صرح به الحافظ. وخص به الفجر لكونه وقت نوم وراحة وغفلة. وأما الأوقات الأخرى فهي على غير ذلك. روى أبوداود عن مجاهد، قال: كنت مع ابن عمر، فثوب رجل في الظهر والعصر، قال: أخرج بنا فإن هذه بدعة. قال ابن الهمام: وأما التثويب بين الأذان والإقامة فلم يكن على عهده عليه السلام. (رواه الترمذي وابن ماجه) واللفظ للترمذي، ولفظ ابن ماجه عن بلال قال: أمرني رسول الله صلى الله عليه وسلم أن أثوب في الفجر، ونهاني أن أثوب في العشاء. وأخرجه أيضاً أحمد (ج6: ص14-15) والبيهقي (ج1: ص424) كلهم من طريق أبي إسرائيل، عن الحكم، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى، عن بلال. قال الترمذي: أبوإسرائيل لم يسمع هذا الحديث من الحكم بن عتيبة، قال: إنما رواه عن الحسن بن عمارة، عن الحكم-انتهى. والحسن بن عمارة متروك الحديث. وقال البيهقي: عبد الرحمن بن أبي ليلى لم يلق بلالاً. والحديث وإن كان ضعيف الإسناد لكنه تأيد بأحاديث أبي محذورة وأنس، وابن عمر وغيرهم. (أبو إسرائيل الراوي) اسمه إسماعيل بن أبي إسحاق خليفة الملائي. (ليس هو بذاك القوي عند أهل الحديث) الظاهر أن ضعفه أكثره من سوء حفظه، قال أبوحاتم: حسن الحديث، جيد اللقاء، وله أغاليط، لا يحتج بحديثه، ويكتب حديثه، وهو سيء الحفظ، وقال ابن المبارك: لقد من الله على المسلمين بسوء حفظ أبي إسرائيل. وقال العقيلي: في حديثه وهم واضطراب، له ومع ذلك مذهب سوء. وقال الحافظ في التقريب: إسماعيل بن خليفة العبسي أبوإسرائيل الملائي الكوفي معروف بكنيته، وقيل: اسمه عبد العزيز، صدوق، وسيء الحفظ، نسب إلى الغلو في التشيع، مات سنة (69) وله أكثر من. (80) سنة.

652-

قوله: (إذا أذنت فترسل) أي تأن، وترفق، وتمهل، ورتل ألفاظه، ولا تعجل، ولا تسرع في سردها، يقال: ترسل في كلامه ومشيه إذا لم يعجل. وفيه دليل على شرعية الترسل في الأذان؛ لأن المراد منه الإعلام للبعيد، وهو مع الترسل أكثر إبلاغاً. قال ابن العربي: السنة في الأذان الترسل والترفق؛ لأنه يكون لإسماع جميع المصلين وعنده يحصل الإعلام. (وإذا أقمت فاحدر) بضم الدال من باب نصر أي أسرع في التلفظ بكلمات الإقامة. وفيه دليل على شرعية الحدر والإسراع في الإقامة؛ لأن المراد منها إعلام الحاضرين، فكان الإسراع بها أنسب فيفرغ منه بسرعة،

ص: 352

واجعل بين أذانك وإقامتك قدر ما يفرغ الآكل من أكله. والشارب من شربه، والمعتصر إذا دخل لقضاء حاجته، ولا تقوموا حتى تروني)) رواه الترمذي. وقال: لا نعرفه إلا من حديث عبد المنعم، وهو إسناد مجهول.

653-

(8) وعن زياد بن الحارث الصدائي قال: ((أمرني رسول الله صلى الله عليه وسلم:

ــ

فيأتي بالمقصود وهو الصلاة. (واجعل بين أذانك وإقامتك) أي زماناً يسيراً بحيث يكون. (قدر ما يفرغ الآكل من أكله) الخ. يعني تمهل وقتا يقدر فيه فراغ الآكل من أكله الخ، فإن الأذان نداء لغير الحاضرين ليحضروا الصلاة، فلا بد من تقدير وقت يتسع للذاهب للصلاة وحضورها وإلا لضاعت فائدة النداء، وقد ترجم البخاري: باب كم بين الأذان والإقامة، ولعله أشار بذلك إلى هذا الحديث، وسنده ضعيف كما سيأتي، فكأنه أشار إلى أن التقدير بذاك لم يثبت، وقال ابن بطال: لا حد لذلك غير تمكن دخول الوقت واجتماع المصلين. (والمعتصر) هو من يؤذيه بول أو غائط. (إذا دخل) أي الخلاء. (لقضاء الحاجة) يفرغ الذي يحتاج إلى الغائط ويعصر بطنه وفرجه. (ولا تقوموا) أي للصلاة. (حتى تروني) أي قد خرجت من الحجرة الشريفة، وسيأتي توضيح هذا في شرح أبي قتادة عند الشيخين: إذا أقيمت الصلاة فلا تقوموا حتى تروني قد خرجت. (رواه الترمذي) وأخرجه أيضاً الحاكم، والبيهقي، وابن عدي. (وقال) أي الترمذي:(لا نعرفه إلا من حديث عبد المنعم) عن يحيى بن مسلم البكاء، عن الحسن وعطاء، عن جابر، وعبد المنعم هذا هو ابن نعيم الأسواري صاحب السقا، وهو ضعيف، قال البخاري وأبوحاتم: منكر الحديث. وقال الحافظ: متروك. وليس له في الكتب الستة إلا هذا الحديث عند الترمذي وحده. وشيخه يحيى بن مسلم البكاء-بفتح الباء وتشديد الكاف-ضعيف أيضاً، ضعفه أبوداود، وابن حبان، والدارقطني. وقال أحمد والنسائي: ليس بثقة. ومدار هذا الحديث عليه. وقد رواه عنه راوٍ آخر ضعيف، فرواه الحاكم في المستدرك (ج1: ص204) من طريق عمرو بن فائد الأسواري: ثنا يحيى بن مسلم، عن الحسن وعطاء، عن جابر فذكره، وقال: هذا حديث ليس في إسناده مطعون فيه غير عمرو بن فائد والباقون شيوخ البصرة، وهذه سنة غريبة، لا أعرف لها إسناداً غير هذا، ولم يخرجاه، وتعقبه الذهبي، وقال: عمرو بن فائد قال الدارقطني: متروك. وقال الحاكم في التلخيص (ص74) : لم يقع إلا في روايته هو. ولم يقع في رواية الباقين لكن عندهم فيه عبد المنعم وهو كافٍ في تضعيف الحديث-انتهى. وقال في الفتح (ج3: ص347) : وله شاهد من حديث أبي هريرة، ومن حديث سليمان أخرجهما أبوالشيخ، ومن حديث أبيّ بن كعب أخرجه عبد الله بن أحمد في زيادات المسند، وكلها واهية-انتهى. (وهو) أي إسناده. (إسناد مجهول) ؛ لأن فيه يحيى بن مسلم البكاء، وهو مجهول كما في التقريب.

653-

قوله: (وعن زياد) بكسر زاي وخفة مثناة تحت. (بن الحارث الصدائي) بضم صاد وخفة دال مهملة

ص: 353

أن أذن في صلاة الفجر فأذنت فأراد بلال أن يقيم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن أخا صداء قد أذن، ومن أذن فهو يقيم)) رواه الترمذي وأبوداود وابن ماجه.

ــ

فألف فهمزة، نسبة إلى صداء ممدوداً، وهو حي من اليمن، وزياد هذا صحابي قدم على النبي صلى الله عليه وسلم، وأذن له في سفره، له حديث. (أن أذن) أن مفسرة لما في أمر من معنى القول. (أن أخا صداء) أي صاحب صداء، وهو زياد بن الحارث، قيل له ذلك؛ لأنه كان من نسل صداء وولده، كما يقال لمن كان من العرب: يا أخا العرب، ولمن كان من تميم: يا أخا تميم. (ومن أذن فهو يقيم) أي فهو أحق بالإقامة، فلا يقيم غيره إلا لداع إلى ذلك كما في إقامة عبد الله بن زيد رائي الأذان. وفيه دليل على أن الإقامة حق لمن أذن، فيكره أن يقيم غيره، قال الترمذي: والعمل على هذا عند أكثر أهل العلم أن من أذن فهو يقيم، وعضد حديث زيادة هذا حديث ابن عمر بلفظ:"فهلا يا بلال! فإنما يقيم من أذن"، أخرجه ابن شاهين، والطبراني، والعقيلي، وأبوالشيخ، والخطيب، وإن كان قد ضعفه أبوحاتم، وابن حبان. وقال أبوحنيفة ومالك: لا يكره إقامة غير المؤذن، فلا فرق بين إقامة المؤذن وإقامة غيره، والأمر متسع. قال ابن الملك: وحديث زياد محمول على ما إذا لحقه الوحشة بإقامة غيره. واستدل لهما بحديث عبد الله بن زيد عند أبي داود أنه قال للنبي صلى الله عليه وسلم لما أمره أن يلقي الأذان على بلال: أنا رأيته يعني الأذان في المنام، وأنا كنت أريده، قال: فأقم أنت. وفي سنده محمد بن عمرو الواقفي، وهو ضعيف، ضعفه القطان، وابن نمير، ويحيى بن معين. وذكر البيهقي: أن في إسناده ومتنه اختلافاً. وقال الحازمي: في إسناده مقال، قلت: الأخذ بحديث الصدائي أولى؛ لأنه أقوم إسناداً من حديث عبد الله بن زيد كما ستعرف، ولأن حديث عبد الله بن زيد كان في أول ما شرع الأذان، وذلك في السنة الأولى، وحديث الصدائي كان بعده بلا شك، والأخذ بآخر الأمرين أولى، ولأن لحديث الصدائي شاهداً من حديث ابن عمر وإن كان ضعيفاً، وقد تقدم ذكره، ولأن قوله صلى الله عليه وسلم في حديث الصدائي: من أذن فهو يقيم، قانون كلي. وأما حديث عبد الله بن زيد ففيه بيان واقعة جزئية يحتمل أنه صلى الله عليه وسلم أراد بقوله لعبد الله بن زيد "فأقم أنت" تطييب قلبه؛ لأنه رأى الأذان في المنام، ويحتمل أن يكون لبيان الجواز. (رواه الترمذي، وأبوداود، وابن ماجه) واللفظ للترمذي، وأخرجه أيضاً أحمد (ج4: ص169) والبيهقي (ج1: ص399) والحديث في سنده عبد الرحمن بن زياد بن أنعم الإفريقي. قال السندي في حاشية ابن ماجه: والإفريقي في إسناد الحديث وإن ضعفه يحيى بن سعيد القطان وأحمد، لكن قوى أمره محمد بن إسماعيل البخاري، فقال: هو مقارب الحديث. وقال الترمذي: والعمل على هذا عند أكثر أهل العلم أن من أذن فهو يقيم، وتلقيهم الحديث بالقبول مما يقوي الحديث أيضاً فالحديث صالح، فلذلك سكت عليه أبوداود-انتهى. قلت: وسكت عليه المنذري أيضاً. وقال ميرك: ضعفه الترمذي لأجل الإفريقي، وحسنه الحازمي وقواه العقيلي وابن الجوزي-انتهى. وقال الشوكاني في السيل الجرار: حديث "من أذن فهو يقيم" لم يتكلم عليه إلا بأن في إسناده عبد الرحمن بن زياد الإفريقي، وقد وثقه جماعة، ولم يقدح

ص: 354