المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

رواه الترمذي، وأبوداود، والدارمي، وليس عند النسائي: فإنه أعظم للأجر. ‌ ‌{الفصل - مرعاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح - جـ ٢

[عبيد الله الرحماني المباركفوري]

فهرس الكتاب

-

- ‌(3) كتاب الطهارة

- ‌{الفصل الأول}

- ‌{الفصل الثاني}

- ‌{الفصل الثالث}

- ‌(1) باب ما يوجب الوضوء

- ‌{الفصل الأول}

- ‌{الفصل الثاني}

- ‌{الفصل الثالث}

- ‌(2) باب آداب الخلاء

- ‌{الفصل الأول}

- ‌{الفصل الثاني}

- ‌{الفصل الثالث}

- ‌(3) باب السواك

- ‌{الفصل الأول}

- ‌{الفصل الثاني}

- ‌{الفصل الثالث}

- ‌(4) باب سنن الوضوء

- ‌{الفصل الأول}

- ‌{الفصل الثاني}

- ‌{الفصل الثالث}

- ‌(5) باب الغسل

- ‌{الفصل الأول}

- ‌{الفصل الثاني}

- ‌{الفصل الثالث}

- ‌(6) باب مخالطة الجنب وما يباح له

- ‌{الفصل الأول}

- ‌{الفصل الثاني}

- ‌{الفصل الثالث}

- ‌(7) باب أحكام المياه

- ‌{الفصل الأول}

- ‌{الفصل الثاني}

- ‌{الفصل الثالث}

- ‌(8) باب تطهير النجاسات

- ‌{الفصل الأول}

- ‌{الفصل الثاني}

- ‌{الفصل الثالث}

- ‌(9) باب المسح على الخفين

- ‌{الفصل الأول}

- ‌{الفصل الثاني}

- ‌{الفصل الثالث}

- ‌(10) باب التيمم

- ‌{الفصل الأول}

- ‌{الفصل الثاني}

- ‌{الفصل الثالث}

- ‌(11) باب الغسل المسنون

- ‌{الفصل الأول}

- ‌{الفصل الثاني}

- ‌{الفصل الثالث}

- ‌(12) باب الحيض

- ‌{الفصل الأول}

- ‌{الفصل الثاني}

- ‌{الفصل الثالث}

- ‌(13) (باب المستحاضة)

- ‌{الفصل الأول}

- ‌{الفصل الثاني}

- ‌{الفصل الثالث}

-

- ‌(4) كتاب الصلاة

- ‌{الفصل الأول}

- ‌{الفصل الثاني}

- ‌{الفصل الثالث}

- ‌(1) باب المواقيت

- ‌{الفصل الأول}

- ‌{الفصل الثاني}

- ‌{الفصل الثالث}

- ‌(2) باب تعجيل الصلاة

- ‌{الفصل الأول}

- ‌{الفصل الثاني}

- ‌{الفصل الثالث}

- ‌(3) باب فضائل الصلاة

- ‌{الفصل الأول}

- ‌{الفصل الثاني}

- ‌{الفصل الثالث}

- ‌(4) باب الأذان

- ‌{الفصل الأول}

- ‌{الفصل الثاني}

- ‌{الفصل الثالث}

- ‌(5) باب فضل الأذان وإجابة المؤذن

- ‌{الفصل الأول}

- ‌{الفصل الثاني}

- ‌{الفصل الثالث}

- ‌(6) باب

- ‌{الفصل الأول}

- ‌{الفصل الثالث}

- ‌(7) باب المساجد ومواضع الصلاة

- ‌{الفصل الأول}

- ‌{الفصل الثاني}

- ‌{الفصل الثالث}

- ‌(8) باب الستر

- ‌{الفصل الأول}

- ‌{الفصل الثاني}

- ‌{الفصل الثالث}

- ‌(9) باب السترة

- ‌{الفصل الأول}

- ‌{الفصل الثاني}

- ‌{الفصل الثالث}

الفصل: رواه الترمذي، وأبوداود، والدارمي، وليس عند النسائي: فإنه أعظم للأجر. ‌ ‌{الفصل

رواه الترمذي، وأبوداود، والدارمي، وليس عند النسائي: فإنه أعظم للأجر.

{الفصل الثالث}

617-

(29) عن رافع بن خديج، قال:((كنا نصلي العصر مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم تنحر الجزور فتقسم عشر قسم، ثم تطبخ، فنأكل لحماً نضيجاً قبل مغيب الشمس))

ــ

الموافق لأدلة التغليس لفظ أصبحوا، وتلك أدلة كثيرة، ولا دليل على الإسفار إلا هذا الحديث بلفظ "أسفروا" والأصل عدم التعارض، فالظاهر أن الأصل لفظ "أصبحوا" الموافق لباقي الأدلة لا لفظ "أسفروا" المعارض، وإنما جاء لفظ "أسفروا" من تصرف الرواة، لكن قد يقال "أسفروا" هو الظاهر لا "أصبحوا"؛ لأنه لو كان "أصبحوا" صحيحاً لكان مقتضى قوله "أعظم للأجر" أنه بلا إصباح تجوز الصلاة وفيها أجر دون أجر، ويمكن الجواب بأن معنى "أصبحوا" تيقنوا بالإصباح بحيث لا يبقى فيه أدنى وهم، ولو كان ذلك الوهم غير مناف للجواز، وذلك لأنه إذا قوى الظن بطلوع الفجر يجوز الصلاة ويثاب عليها، لكن التأخير حتى يتبين وينكشف بحيث لا يبقى وهم ضعيف فيه أولى وأحسن، فأجره أكثر، وعلى هذا المعنى حمل الإسفار إن صح توفيقاً بين الأدلة – انتهى كلام السندي. قلت: أحسن الأجوبة وأسلمها وأولاها ما قاله الإمام ابن القيم بأن المراد الإسفار دواماً لا ابتداء، والله أعلم. (رواه الترمذي) وقال حديث حسن صحيح. (وأبوداود) وسكت عليه هو والمنذري. (والدارمي) وأخرجه أيضاً الطيالسي وأحمد (ج3: ص465، وج4: ص140، 142، 143) وابن ماجه والبيهقي وابن حبان والطبراني والطحاوي في معاني الآثار، قال الحافظ في الفتح: رواه أصحاب السنن، وصححه غير واحد.

617-

قوله: (الجزور) بفتح الجيم، قال الطيبي: هو البعير ذكراً كان أو أنثى إلا أن اللفظ مؤنثة، يقال: هذه الجزور وإن أردت ذكراً – انتهى. وقال النووي: الجزور-بفتح الجيم- لا يكون إلا من إلإبل، وقال المجد في القاموس: الجزور البعير، أو خاص بالناقة المجزورة، الجمع جزائر، وجزر، وجزرات. (فتقسم عشر قسم) بكسر القاف وفتح السين، جمع قسمة. (ثم تطبخ) بالتأنيث، وفي بعض النسخ "نطبخ" بالنون، وكذا وقع في صحيح مسلم، وهو من باب نصر ومنع. (لحماً نضيجاً) أي مشوياً، وقال الجزري: النضيج المطبوخ، فعيل بمعنى مفعول. (قبل مغيب الشمس) قال الطيبي: في تخصيص القسم بالعشر، والطبخ بالنضج، وعطف تنحر على نصلي إشعار بإمتداد الزمان، وأن الصلاة واقعة أول الوقت. قلت: الحديث يدل على مشروعية المبادرة بصلاة العصر وتعجيلها، فإن نحر الجزور ثم قسمتها ثم طبخها ثم أكلها نضجاً، ثم الفراغ من ذلك قبل غروب الشمس من أعظم المشعرات بالتبكير بصلاة العصر، فهو من حجيج

ص: 323

متفق عليه.

618-

(30) وعن عبد الله بن عمر، قال:((مكثنا ذات ليلة ننتظر رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاة العشاء الآخرة، فخرج إلينا حين ذهب ثلث الليل أو بعده، فلا ندري: أشيء شغله في أهله أو غير ذلك؟ فقال حين خرج: إنكم لتنتظرون صلاة ما ينتظرها أهل دين غيركم، ولولا أن يثقل على أمتي لصليت بهم هذه الساعة. ثم أمر المؤذن، فأقام الصلاة وصلى)) رواه مسلم.

ــ

الجمهور، وهو يرد ما قاله أبوحنيفة من أن أول وقت العصر مصير ظل الشيء مثليه، وقد خالفه الناس في ذلك، ومن جملة المخالفين له أصحابه، وقد تقدم البسط في ذلك. (متفق عليه) أخرجه البخاري في كتاب الشركة، وهو من الأحاديث المذكورة في غير مظنتها، وأخرجه مسلم في الصلاة، واللفظ له، وفي الباب عن أنس عند مسلم.

618-

قوله: (مكثنا) بفتح الكاف وضمها، أي لبثنا في المسجد. (ذات ليلة) أي ليلة من الليالي (صلاة العشاء) ظرف لننتظر أي ننتظر رسول الله صلى الله عليه وسلم وقت صلاة العشاء. (الآخرة) بالجر على النعت، ولعل تأنيثها باعتبار مرادف العشاء، وهو العتمة، وجوز النصب على أنها صفة الصلاة أو بتقدير أعني. (حين ذهب) أي مضى. (أو بعده) عطف على حين ذهب وأو للشك من الراوي. (أشيء شغله) أي عن تقديمها المعتاد. (أو غير ذلك) بأن قصد بتأخيرها إحياء طائفة كثيرة من أول الليل بالسهر في العبادة التي هي انتظار الصلاة. وغير بالرفع عطف على شيء، وبالجر عطف على أهله، قاله القاري. (فقال حين خرج) من الحجرة الشريفة. (ما ينتظرها أهل دين غيركم) ؛ لأنها صلاة مخصوصة بهذه الأمة كما في حديث معاذ بن جبل المتقدم، أي فانتظاركم لها شرف مخصوص بكم فلا تكرهوه. قال القاري: غيركم بالرفع على البدل، وبالنصب على الاستثناء، والأول هو المختار، أي انتظار هذه الصلاة من بين سائر الصلوات من خصوصياتكم التي خصكم الله بها، فكلما زدتم يكون الأجر أكمل مع أن الوقت زمان يقتضي الاستراحة، فالمثوبة على قدر المشقة-انتهى. (ولولا أن يثقل) بصيغة التذكير أي التأخير أو هذا الفعل، وفي سنن أبي داود: تثقل، بالتأنيث أي الصلاة هذه الساعة. (لصليت بهم) أي دائماً. (هذه الساعة) قال الطيبي: أي لزمت على صلاتها في مثل هذه الساعة. وفي الحديث أنه يستحب للإمام والعالم إذا تأخر عن أصحابه، أو جرى منه ما يظن أنه يشق عليهم أن يعتذر إليهم ويقول: لكم في هذا مصلحة من جهة كذا، أو كان لي عذر، أو نحو هذا. وفيه أيضاً التصريح بأن ترك التأخير إنما هو للمشقة والثقل على الأمة. واختلفوا هل الأفضل تقديمها أم تأخيرها ويأتي أيضاح القول الحق فيه في شرح حديث أبي سعيد الآتي. (رواه مسلم) وأخرجه أيضاً أبوداود والنسائي.

ص: 324

619-

(31) وعن جابر بن سمرة، قال: ((كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي الصلوات نحوا من صلاتكم،

وكان يؤخر العتمة بعد صلاتكم شيئاً، وكان يخفف الصلاة)) رواه مسلم.

620-

(32) وعن أبي سعيد، قال:((صلينا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاة العتمة، فلم يخرج حتى مضى نحو من شطر الليل، فقال: خذوا مقاعدكم، فأخذنا مقاعدنا، فقال: إن الناس قد صلوا وأخذوا مضاجعهم، وإنكم لن تزالوا في صلاة ما انتظرتم الصلاة، ولولا ضعف الضعيف وسقم السقيم، لأخرت هذه الصلاة إلى شطر الليل)

ــ

619-

قوله: (نحواً) أي قريباً. (من صلاتكم) أي في هذه الأوقات المعتادة لكم. (وكان يؤخر العتمة) أي العشاء، وإطلاق العتمة على العشاء لبيان الجواز وأن النهي للتنزيه لا للتحريم، أو للتعريف؛ لأنها أشهر عندهم. (بعد صلاتكم) في وقتكم المعتاد. (شيئاً) أي يسيراً أو كثيراً. (وكان يخفف الصلاة) وفي صحيح مسلم: وكان يخفف في الصلاة. أي بزيادة "في" قال ابن حجر: أي إذا كان إماماً، وذلك أغلبي أيضاً لما يأتي أنه عليه الصلاة والسلام طول بهم حيث قرأ الأعراف في ركعتي المغرب-انتهى. والحديث يدل على استحباب مطلق التأخير للعشاء، وهو مقيد بنصف الليل أو ثلثه. (رواه مسلم) وأخرجه أيضاً أحمد والنسائي مختصراً بلفظ: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يؤخر العشاء الآخرة.

620-

قوله: (صلينا) أي أردنا أن نصلي جماعة. (نحو) أي قريب. (من شطر الليل) أي نصفه. (فقال) أي فخرج فقال: (خذوا) أي الزموا. (فأخذنا مقاعدنا) أي ما تفرقنا عن أماكننا. (إن الناس) أي غير أهل مسجد النبي صلى الله عليه وسلم. (قد صلوا) بفتح اللام. (وأخذوا مضاجعهم) أي مكانهم للنوم يعني وناموا. (لن تزالوا) وفي بعض نسخ أبي داود: لم تزالوا. (في صلاة) أي حكماً وثواباً، والتنكير للتعميم لئلا يتوهم خصوص الحكم بصلاة العشاء، أي أى صلاة انتظرتموها فأنتم فيها مادمتم تنتظرونها. (ولولا ضعف الضعيف) الخ. هو بضم أو فتح فسكون، والسقم بضم فسكون أو بفتحتين، ومقتضى الموافقة أن يختار فيهما الضم مع السكون، ثم السقم هو المرض، والضعف أعم فقد يكون بدونه، أي لولا مخافة المشقة عليهما. زاد أحمد في روايته: وحاجة ذي الحاجة. (لأخرت) أي دائما. (هذه الصلاة) أي العشاء. (إلى شطر الليل) أي نصفه أو قريباً منه وهو الثلث. والحديث فيه تصريح بأفضلية التأخير لولا ضعف الضعيف، وسقم السقيم، وحاجة ذي الحاجة، وهو من حجج من قال: بأن التأخير أفضل، قال الحافظ في الفتح بعد ذكر حديث أبي سعيد هذا وحديث أبي هريرة المتقدم بلفظ "لولا أن أشق على أمتي لأمرتهم أن يؤخروا العشاء إلى ثلث الليل أو نصفه" ما نصه: فعلى هذا من وجد به قوة على تأخيرها، ولم يغلبه النوم، ولم يشق على أحد من المأمورين، فالتأخير في حقه أفضل، وقد قرر النووي ذلك في شرح مسلم، وهو اختيار كثير من أهل الحديث من الشافعية وغيرهم، والله أعلم. ونقل انب المنذر عن الليث وإسحاق: أن

ص: 325

رواه أبوداود والنسائي.

621-

(33) وعن أم سلمة، قالت: ((كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أشد تعجيلا للظهر منكم، وأنتم أشد

تعجيلاً للعصر منه)) رواه أحمد، والترمذي.

ــ

المستحب تأخير العشاء إلى قبل الثلث، وقال الطحاوي: يستحب إلى الثلث، وبه قال مالك وأحمد وأكثر الصحابة والتابعين، وهو قول الشافعي في الجديد، وقال في القديم التعجيل أفضل، وكذا قال في الإملاء، وصححه النووي، وجماعة، وقالوا: إنه مما يفتى به في القديم، وتعقب بأنه ذكره في الإملاء وهو من كتبه الجديدة والمختار من حيث الدليل أفضلية التأخير، ومن حيث النظر التفضيل، والله أعلم-انتهى كلام الحافظ. (رواه أبوداود) وسكت عليه هو والمنذري. (والنسائي) وأخرجه أيضاً أحمد وابن ماجه وابن خزيمة في صحيحه، وغيرهم، واللفظ المذكور لأبي داود. وقال الشوكاني: وإسناده صحيح.

621-

قوله: (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أشد تعجيلاً للظهر منكم) فيه دليل على استحباب تعجيل الظهر، ونحوه ما روى الترمذي عن عائشة: ما رأيت أحداً أشد تعجيلا للظهر من رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولا من أبي بكر، ولا من عمر. قال ابن قدامة في المغنى: لا نعلم في استحباب لتعجيل الظهر في غير الحر والغيم خلافاً-انتهى. (وأنتم أشد تعجيلا للعصر منه) قال الطيبي: ولعل هذا للإنكار عليهم بالمخالفة. قال القاري: الظاهر أن الخطاب لغير الأصحاب، قال: وفي الجملة يدل الحديث على استحباب تأخير العصر كما هو مذهبنا. قلت: وكذا استدل به العيني في البناية شرح الهداية على أفضلية تأخير العصر. وقد أجاب عن هذا الاستدلال الشيخ عبد الحي اللكنوي فقال: ولا يخفى على الماهر ما في الاستناد بهذا الحديث، فإنه إنما يدل على كون التعجيل في الظهر أشد من التعجيل في العصر، لا على استحباب التأخير. وقال شيخنا في شرح الترمذي بعد نقل كلام القاري: ليس فيه دلالة على استحباب تأخير العصر، نعم فيه أن الذين خاطبتهم أم سلمة كانوا أشد تعجيلاً للعصر منه صلى الله عليه وسلم، وهذا لايدل على أنه صلى الله عليه وسلم كان يؤخر العصر، حتى يستدل به على استحباب التأخير. وقال صاحب العرف الشذى ما لفظه: حديث الباب ظاهره مبهم والتأخير ههنا إضافي، وإطلاق الألفاظ الإضافية ليست بفاصلة-انتهى. ثم قال بعد هذا الاعتراف: نعم يخرج شيء لنا-انتهى. قال شيخنا: لا يخرج لكم شيء من هذا الحديث أيها الأحناف، كيف وظاهره مبهم، والتأخير فيه إضافي، وأطلق فيه اللفظ الإضافي، وهو ليس بفاصل، وقد ثبت بأحاديث كثيرة صحيحة صريحة استحباب التعجيل، وترك الأحاديث الصحيحة الصريحة في أفضلية التعجيل، والتشبث بمثل هذا الحديث ليس إلا من أثر التقليد، والله يهدي من يشاء إلى صراط مستقيم. (رواه أحمد) (ج6: ص289، 310) . (والترمذي) قال العلامة أحمد محمد شاكر في تعليقه على الترمذي: لم أجده في شيء من الكتب الستة وغيرها إلا في الترمذي ومسند أحمد.

ص: 326

622-

(34) وعن أنس، قال:((كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا كان الحر أبرد بالصلاة وإذا كان البرد عجل)) رواه النسائي.

623-

(35) وعن عبادة الصامت، قال: قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إنها ستكون عليكم بعدي أمراء يشغلهم أشياء عن الصلاة لوقتها حتى يذهب وقتها، فصلوا الصلاة لوقتها. فقال رجل: يا رسول الله صلى الله عليه وسلم! أصلي معهم؟ قال: نعم)) رواه أبوداود.

ــ

622-

قوله: (أبرد) من الإبراد وهو الدخول في البرد، والباء للتعدية أي أدخلها في البرد، وأخرها عن شدة الحر في أول الزوال، وكان حد التأخير غالباً أن يظهر الفئ للجدر. (بالصلاة) أي بصلاة الظهر، ففي رواية الإسماعيلي والبيهقي: كان إذا كان الشتاء بكر بالظهر، وإذا كان الصيف أبرد بها. والحديث فيه دليل على استحباب تأخير الظهر عن أول وقته في الحر، وقد تقدم الكلام فيه. واختلفوا في مشروعية الإبراد بالجمعة، وليس عند القائلين بالإبراد بالجمعة نص، إنما هو بالقياس على الظهر. (رواه النسائي) قال المجد بن تيمية في المنتقى: وللبخاري نحوه يعني حديث أنس الذي أخرجه البخاري في "باب إذا اشتد الحر يوم الجمعة" لفظ: كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا اشتد البرد بكر بالصلاة، وإذا اشتد الحر أبرد بالصلاة. وسيأتي في باب الخطبة والصلاة من أبواب الجمعة.

623-

قوله: (إنها) الضمير للقصة ويفسرها ما بعدها. (يشغلهم) بفتح الياء والغين المعجمة، ويجوز أن يكون بضم الياء وكسر الغين، وفي سنن أبي داود بالتاء بدل التحتية، أي يمنعهم. (أشياء) أي أمور. (عن الصلاة) أي عن أداء جنس الصلاة. (حتى يذهب وقتها) أي وقتها مطلقاً، فإنهم كانوا يخرجونها عن جميع وقتها كما تقدم. وقيل وقتها المستحب المختار. (فصلوا) أي إذا كان كذلك فصلوا أنتم أي في بيوتكم كما في حديث ابن مسعود عند ابن ماجه. (الصلاة لوقتها) أي ولو منفردين لكن على وجه لا يترتب عليه فتنة ومفسدة. (أصلي) بحذف حرف الاستفهام. (معهم) أي مع الإمام والجماعة إذا أدركتها معهم. (قال: نعم) ؛ لأنها زيادة خير ودفع شر، زاد أحمد وكذا أبوداود "إن شئت" بعد قوله نعم. ولا أدري لِم لم يذكرها المصنف، وفي لفظ لأحمد: واجعلوا صلاتكم معهم تطوعاً. والحديث فيه دليل على وجوب تأدية الصلاة لوقتها وترك ما عليه أمراء الجور من التأخير، وعلى استحباب الصلاة معهم؛ لأن الترك من دواعي الفرقة، وعدم الوجوب لقوله في هذا الحديث: إن شئت، وقوله: تطوعاً، وفيه دليل على أن المعادة نافلة، وأن إمامة الفاسق تجوز، وسيأتي الكلام عليه. (رواه أبوداود) وسكت عليه هو والمنذري، وأخرجه أيضاً أحمد (ج5: ص314، 315) وابن ماجه، قال الشوكاني: الحديث رجال إسناده في سنن أبي داود ثقات. قلت: الحديث حسن أو صحيح، ويشهد له حديث

ص: 327

624-

(36) وعن قبيصة بن وقاص، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((يكون عليكم أمرآء من بعدي يؤخرون الصلاة، فهي لكم، وهي عليهم؛ فصلوا معهم ما صلوا القبلة)) رواه أبوداود.

625-

(37) وعن عبيد الله بن عدي بن الخيار: ((أنه دخل على عثمان وهو محصور، فقال: إنك إمام عامة،

ــ

أبي ذر المقدم، وحديث ابن مسعود عند ابن ماجه، وحديث قبيصة الآتي وغير ذلك من الأحاديث التي ذكرها الهيثمي في مجمع الزوائد (ج1: ص324، 325) .

624-

قوله: (وعن قبيصة) بفتح أوله وكسر الموحدة. (بن وقاص) بفتح الواو وتشديد القاف السلمي، ويقال: الليثي وهو أصح، صحابي نزل البصرة، له هذا الحديث فقط، لا يعرف له غير هذا الحديث الواحد، ذكره في الصحابة البخاري، وابن أبي خيثمة، وأبوعلي بن السكن، وأبوزرعة الرازي، وغيرهم. (يؤخرون الصلاة) أي عن وقتها. (فهي لكم وهي عليهم) أي الصلاة المؤخرة عن الوقت نافعة لكم؛ لأن تأخيركم للضرورة تبعاً لهم ومضرة عليهم؛ لأنهم يقدرون على عدم التأخير وإنما شغلهم أمور الدنيا عن أمر العقبى. وقال الطيبي: أي إذا صليتم أول وقتها ثم صليتم معهم تكون منفعة صلاتكم لكم، ومضرة الصلاة ووبالها عليهم لما أخروها، كما في الفصل الأول في الحديث الثالث عشر. (فصلوا) بضم اللام. (معهم) أي مع الأمراء. (ما صلوا) بفتح اللام. (القبلة) أي ماداموا مصلين متوجهين إلى القبلة، وهي الكعبة الحرام، يعني ما داموا مسلمين صلوا معهم الصلاة وإن أخروها عن أوقاتها. (رواه أبوداود) وسكت عنه هو والمنذري.

625-

قوله: (وعن عبيد الله) بالتصغير. (بن عدي) بفتح العين وكسر الدال وتشديد الياء. (بن الخيار) بكسر الخاء معجمة وتخفيف الياء التحتية، ابن عدي بن نوفل بن عبد مناف القرشي النوفلي المدني، يقال: قتل أبوه ببدر كافراً، ولد عبيد الله في زمن النبي صلى الله عليه وسلم، وذكره ابن حبان في الصحابة، وقال: له رؤية، ثم ذكره في ثقات التابعين. وذكره الحافظ في الإصابة في القسم الثاني من حرف العين، وقال في التقريب: كان هو في الفتح مميزاً فعد في الصحابة لذلك، وعده العجلي وغيره في ثقات التابعين، مات في خلافة الوليد بن عبد الملك، وقيل سنة (90) . قال ابن إسحاق: حدثني الزهري، عن عطاء بن يزيد، عن عبيد الله بن عدي بن الخيار. وكان من فقهاء قريش وعلمائهم، وقد أدرك أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم متوافرين. (أنه دخل على عثمان) قيل: كان عثمان من أقارب عبيد الله بن عدي. (وهو محصور) أي محبوس في داره، ممنوع عن أموره، حصره أهل الفتنة من قبل اختلاط فسقة، اجتمعوا عليه من مصر وغيرها لإرادة خلعه أو قتله، لما زعموا من أمره بقتل محمد بن أبي بكر وغير ذلك مما هو بريء منه. (إمام عامة) أي جماعة، يعني أنت أمير المؤمنين

ص: 328

ونزل بك ما ترى، ويصلي لنا إمام فتنة، ونتحرج، فقال: الصلاة أحسن ما يعمل الناس، فإذا أحسن الناس فأحسن معهم، وإذا أساؤا فاجتنب إساءتهم)) رواه البخاري.

ــ

وخليفة المسلمين وإمامهم لإجماع أهل الشورى وغيرهم على إمامته. وفي رواية الإسماعيلي: وأنت الإمام، أي الإمام الأعظم. (ونزل بك ما ترى) أي من الحصار وخروج الخوارج عليك. (ويصلي لنا) أي يؤمنا. (إمام فتنة) أي رئيسها عبد الرحمن بن عديس البلوي أحد رؤوس المصريين الذين جلبوا على عثمان أهل مصر وحصروه في داره، أو هو كنانة بن بشر أحد رؤوسهم أيضاً، قال الحافظ وهو المراد هنا. (ونتحرج) وفي رواية عند الإسماعيلي وأبي نعيم: وإنا لنتحرج من الصلاة معه، والتحرج التأثم أي نخاف الوقوع في الإثم بمتابعته، وأصل الحرج الضيق ثم استعمل للإثم؛ لأنه يضيق على صاحبه. (الصلاة أحسن ما يعمل الناس) الصلاة مبتدأ وقوله: أحسن مضاف إلى ما بعده خبره، أى الصلاة أفضل أعمال المسلمين. (فإذا أحسن الناس فأحسن معهم) ظاهره أنه أذن ورخص له في الصلاة معهم، كأنه يقول: لا يضرك كونه مفتوناً بفسق، بل إذا أحسن فوافقه على إحسانه واترك ما افتتن به. قال الطيبي: وفيه دليل على جواز الصلاة خلف الفرقة الباغية وكل فاجر-انتهى. (وإذا أساءوا فاجتنب إساءتهم) من قول أو فعل أو اعتقاد. لا صلاة التي هي أحسن أنواع الإحسان معهم، وفيه التحذير من الفتنة والدخول فيها، ومن جميع ما ينكر من قول أو فعل أو اعتقاد، وفي هذا الأثر الحض على شهود الجماعة ولاسيما في زمن الفتنة لئلا يزداد تفرق الكلمة، وفيه أن الصلاة خلف من تكره الصلاة خلفه أولى من تعطيل الجماعة. واعلم أنهم اختلفوا في صحة إمامة الفاسق بجارحة واعتقاد، والراجح عندي أنه يجوز الإئتمام بالفاسق إذا لم يكن فسقه بجوارحه أو اعتقاده من الأمور التي يكفر بها صاحبها، لما لم يصح شيء في المنع عن الإئتمام بهم، وقد ورد ما يدل على صحة إمامته عند أبي داود وغيره، وهو وإن كان ضعيفاً لكنه قد تأيد بما كان عليه السلف الصالح من الصلاة خلف الأمراء المشتهرين بظلم العباد والإفساد في البلاد، وبما هو الأصل والأصيل، وهو أن من صحت صلاته لنفسه صحت لغيره، فلا نتنقل عن هذا الأصل إلى غيره إلا لدليل ناهض، نعم يجب أن يجعل المصلون إمام صلاتهم من خيارهم عند القدرة، كما أخرجه الدارقطني عن ابن عباس مرفوعاً: اجعلوا أئمتكم خياركم، فإنهم وفدكم فيما بينكم وبين ربكم، وفي إسناده سلام بن سليمان المدائني وهو ضعيف، وأخرج الحاكم في ترجمة مرثد الغنوي عنه صلى الله عليه وسلم: إن سركم أن تقبل صلاتكم فليؤمكم خياركم، فإنهم وفدكم فيما بينكم وبين ربكم. ولكن ليس محل النزاع إلا أنه لا يصح أن يكون الفاسق ومن في حكمه إماماً، لا في أن الأولى أن يكون الإمام من الخيار، فإن ذلك لا خلاف فيه، وسيأتي بسط الكلام في هذه المسألة في باب الإمامة إن شاء الله تعالى. (رواه البخاري) في باب إمامة المفتون والمبتدع، قال: وقال لنا محمد بن يوسف: حدثنا الأوزاعي قال: حدثنا الزهري، عن حميد بن عبد الرحمن، عن عبيد الله بن عدي بن الخيار، الخ. وإنما عبر بصيغة "قال لنا" ولم يقل حدثنا أو أخبرنا مع متصل من حيث اللفظ والمعنى؛ لأن المتن

ص: 329