الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وليضعهما بين رجليه. وفي رواية: أو ليصل فيهما)) . رواه أبوداود، وروى ابن ماجه معناه.
{الفصل الثالث}
774-
(15) عن أبي سعيد الخدري، قال: ((دخلت على النبي صلى الله عليه وسلم، فرأيته يصلي على حصير يسجد
عليه قال: ورأيته يصلي في ثوب واحد متوشحاً به)) . رواه مسلم.
ــ
عن يساره (وليضعهما بين رجليه) إذا كان عن يساره أحد. والمراد الفرجة التي بين رجليه (وفي رواية) أي: زيادة لا بدلا أي: إذا صلى أحدكم فخلع نعليه فلا يؤذ بهما أحداً (بأن يضعهما عن يمينه أو قدامه) ليجعلهما (في الفرجة التي) بين رجليه (أو ليصل فيهما) أي: إن كان طاهرين. وإنما لم يقل "أو خلفه" لئلا يقع قدام غيره، أو لئلا يذهب خشوعه لاحتمال أن يسرق (رواه أبوداود) وسكت عليه. وقال العراقي: هذا حديث صحيح الإسناد-انتهى. وفي سنده عبد الرحمن بن قيس عن يوسف بن ماهك. قال المنذري: يشبه أن يكون الزعفراني البصري، كنيته أبومعاوية، لا يحتج به-انتهى. قلت: عبد الرحمن بن قيس هذا هو العتكي أبوروح البصري لا الزعفراني، ذكره ابن حبان في الثقات، له هذا الحديث الواحد عند أبي داود. قال الحافظ في تهذيب التهذيب (ج6:ص257) : وأخرجه ابن خزيمة وابن حبان في صحيحهما وقال المنذري في مختصره: يشبه أن يكون الزعفراني فواهي الحديث-انتهى. وفي الباب عن أبي بكرة عند الطبراني في الكبير. قال الهيثمي في مجمع الزوائد: وفيه زياد الجصاص ضعفه ابن معين وابن المديني وغيرهما. وذكره ابن حبان في الثقات (وروى ابن ماجه) في آخر الصلاة (معناه) وفي سنده عبد الله بن سعيد بن أبي سعيد. قال في الزوائد: متفق على تضعيفه-انتهى. ولفظه "الزم نعليك قدميك" فإن خلعتهما فاجعلهما بين رجليك، ولا تجعلهما عن يمينك، ولا عن يمين صاحبك، ولا ورائك فتؤذي من خلفك.
774-
قوله: (يصلي على حصير) فيه دليل على جواز الصلاة على شيء يحول بينه وبين الأرض من ثوب، وحصير وصوف وشعر وغير ذلك، وسواء نبت من الأرض أم لا. قال القاضي: الصلاة على الأرض أفضل إلا لحاجة، حر أو برد أو نحوهما، لأن الصلاة سرها التواضع والخضوع، والأرض أقرب إلى التواضع (يسجد عليه) بدل بعض من يصلي (متوشحاً به) أي: مخالفا بين طرفيه. قال ابن السكيت: التوشح أن يأخذ طرف الثوب الذي ألقاه على منكبه الأيمن من تحت يده اليسرى ويأخذ طرفه الذي ألقاه على الأيسر من تحت يده اليمنى، ثم يعقدهما على صدره فيكون بمنزلة الإزار والرداء (رواه مسلم) وأخرجه أيضاً ابن ماجه.
775-
(16) وعن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده، قال:((رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي حافياً ومنتعلاً)) رواه أبوداود.
776-
(17) وعن محمد بن المنكدر، قال:((صلى جابر في إزار قد عقده من قبل قفاه. وثيابه موضوعة على المشجب. فقال له قائل: تصلي في إزار واحد؟ إنما صنعت ذلك ليراني أحمق مثلك وأينا كان له ثوبان على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم؟))
ــ
775-
قوله: (حافياً) أي: بلا نعال تارة (ومنتعلاً) أي: أخرى، من الانتعال. وفي بعض النسخ "متنعلاً" من التنعل، أي: لابساً نعليه في رجليه (رواه أبوداود) وسكت عليه هو والمنذري، وأخرجه أيضاً ابن ماجه.
776-
قوله: (وعن محمد بن المنكدر) هو محمد بن المنكدر بن عبد الله بن الهدير-بالتصغير- التيمي المدني، أحد الأئمة الأعلام الحفاظ. سمع عن جابر، وأنس، وابن الزبير، وعمه ربيعة وغيرهم، وأكثر عن جابر. روى عنه جماعة، منهم الثوري ومالك والزهري وجعفر الصادق وهشام بن عروة. وهو من مشاهير التابعين وجلتهم، جمع بين العلم والزهد والعبادة والدين المتين والصدق والعفة. قال إسحاق بن راهويه عن ابن عيينة: كان من معادن الصدق، ويجتمع إليه الصالحون، ولم يدرك أحد أجدر أن يقبل الناس منه إذا قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولا يسأل عمن هو، من ابن المنكدر، يعني لتحريه. وقال إبراهيم بن المنذر: كان غاية في الحفظ والإتقان والزهد، حجة. مات سنة (130) وقيل:(131) وقد بلغ (76) سنة (من قبل قفاه) بكسر القاف وفتح الموحدة أي: من جهة قفاه (وثيابه) الواو للحال (موضوعة على المشجب) بكسر الميم وسكون الشين المعجمة وفتح الجيم بعدها موحدة، هو ثلاث عيدان تضم وتعقد رؤسها ويفرج بين قوائمها، توضع عليها الثياب، وقد تعلق عليها الأسقية لتبريد الماء، قال ابن سيدة: المشجب والشجاب خشبات ثلاث يعلق عليها الراعي دلوه وسقاءه. ويقال في المثل: "فلان كالمشجب من حيث قصدته وجدته" والجملة اسمية حالية (فقال له قائل) هو عبادة بن الوليد بن عبادة بن الصامت كما في مسلم (تصلي في إزار واحد) همزة الإنكار محذوفة (إنما صنعت ذلك) أي: الذي فعله من صلاته، وإزاره معقود على قفاه، وثيابه موضوعة على المشجب (ليراني أحمق) بالرفع غير منصرف من الحمق – بضم الحاء وسكون الميم – وهو قلة العقل. والمراد بالأحمق هنا الجاهل. وحقيقة الحمق وضع الشيء في غير موضعه مع العلم بقبحة، قاله في النهاية. وإنما أغلظ له في الخطاب زجرا عن الإنكار على العلماء، وليحثه على البحث عن الأمور الشرعية (مثلك) أي: فيعلم أنه جائز، أو فينكر على بجهله، فأظهر له جوازه ليقتدي بي الجاهل ابتداء. ومثلك – بالرفع – صفة أحمق لأنها وإن أضيفت إلى المعرفة لا تتعرف لتوغلها في الإبهام إلا إذا أضيفت لما اشتهر بالمماثلة وههنا ليس كذلك، ولذا وقعت صفة لنكرة وهي أحمق (وأينا كان له ثوبان) استفهام
رواه البخاري.
777-
(18) وعن أبي بن كعب، قال:((الصلاة في الثوب الواحد سنة. كنا نفعله مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا يعاب علينا. فقال ابن مسعود: إنما كان ذاك إذا كان في الثياب قلة؛ فأما إذا وسع الله، فالصلاة في الثوبين أزكى)) رواه أحمد.
ــ
يفيد النهى، وغرضه أن الفعل كان مقررا (على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم) وحينئذٍ فلا ينكر. والمعنى: كان أكثرنا في عهده صلى الله عليه وسلم لا يملك إلا الثوب الواحد، ومع ذلك فلم يكلف تحصيل ثوب ثان ليصلي فيه، فدل على الجواز. والحديث فيه دليل على جواز الصلاة في الثوب الواحد لمن يقدر على أكثر منه، وهو قول عامة الفقهاء. وروى عن ابن عمر خلاف ذلك، وكذا عن ابن مسعود، فروى ابن أبي شيبة عنه "لا يصلين في ثوب وإن كان أوسع مما بين السماء والأرض" قال في الفائق: أجمعوا على أن الصلاة في ثوبين أفضل، فلو أوجبناه لعجز من لا يقدر عليهما، وفي ذلك حرج. وأما صلاة النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه في ثوب واحد، ففي وقت كان لعدم ثوب آخر، وفي وقت كان مع وجوده لبيان الجواز، نقله الطيبي. وأخرج البخاري من طريق سعيد بن المسبب، عن أبي هريرة أن سائلا سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الصلاة في ثوب واحد، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أو لكلكم ثوبان؟ قال الخطابي: لفظه إستخبار ومعناه الإخبار عما هم عليه من قلة الثياب، ووقع في ضمنه الفتوى من طريق الفحوى. كأنه يقول: إذا علمتم أن ستر العورة فرض، والصلاة لازمة، وليس لكل أحد منكم ثوبان فيكف لم تعلموا أن الصلاة في الثوب الواحد جائزة؟ أي: مع مراعاة ستر العورة به (رواه البخاري) قال العيني: هذا الطريق انفرد به البخاري.
777-
قوله: (سنة) أي: جائز بالسنة وإن كانت في الثوبين أفضل، كما يأتي عن ابن مسعود، فلا تنافي بينهما، قاله القاري (كنا نفعله) أي: ما ذكر من الصلاة في الثوب الواحد (مع رسول الله صلى الله عليه وسلم) أي: مع فعله، أو حال كوننا معه. ويؤيد الثاني قوله (ولا يعاب علينا) أي: وما نهانا. فيكون تقريرا نبويا، فثبت جوازه بالسنة، إذ عدم الإنكار دليل الجواز لا دليل الندب (إنما كان ذاك) أي: المذكور من الصلاة في الثواب الواحد من غير كراهة (إذا كان) وفي المسند "إذ كان"(في الثياب قلة) أي: في وقت كون الثياب قليلة (فأما إذا) وفي المسند "إذ"(وسع الله) بتكثير الثياب، شرطية جزاؤها (فالصلاة في الثوبين) أي: الإزار والرداء، أو القميص والإزار (أزكى) أي: أولى. وقال الطيبي: أي: أطهر، أو أفضل، لأن الزكاة النمو الحاصل عن بركة الله تعالى، أو طهارة النفس عن الخصال الذميمة، وكلا المعنيين محتمل في الحديث، وقيل: أزكى بمعنى أنمى، أي: أكثر ثوابا، أو بمعنى أطهر، لأنه أبعد من الخصلة الذميمة التي هي أداء الصلاة على وجه الكراهة (رواه أحمد) فيه نظر لأنه لم يروه أحمد، بل هو مما رواه ابنه عبد الله زائدا على أبيه