المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

متفق عليه. ‌ ‌{الفصل الثاني} 668- (10) عن أبي هريرة، قال: قال رسول - مرعاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح - جـ ٢

[عبيد الله الرحماني المباركفوري]

فهرس الكتاب

-

- ‌(3) كتاب الطهارة

- ‌{الفصل الأول}

- ‌{الفصل الثاني}

- ‌{الفصل الثالث}

- ‌(1) باب ما يوجب الوضوء

- ‌{الفصل الأول}

- ‌{الفصل الثاني}

- ‌{الفصل الثالث}

- ‌(2) باب آداب الخلاء

- ‌{الفصل الأول}

- ‌{الفصل الثاني}

- ‌{الفصل الثالث}

- ‌(3) باب السواك

- ‌{الفصل الأول}

- ‌{الفصل الثاني}

- ‌{الفصل الثالث}

- ‌(4) باب سنن الوضوء

- ‌{الفصل الأول}

- ‌{الفصل الثاني}

- ‌{الفصل الثالث}

- ‌(5) باب الغسل

- ‌{الفصل الأول}

- ‌{الفصل الثاني}

- ‌{الفصل الثالث}

- ‌(6) باب مخالطة الجنب وما يباح له

- ‌{الفصل الأول}

- ‌{الفصل الثاني}

- ‌{الفصل الثالث}

- ‌(7) باب أحكام المياه

- ‌{الفصل الأول}

- ‌{الفصل الثاني}

- ‌{الفصل الثالث}

- ‌(8) باب تطهير النجاسات

- ‌{الفصل الأول}

- ‌{الفصل الثاني}

- ‌{الفصل الثالث}

- ‌(9) باب المسح على الخفين

- ‌{الفصل الأول}

- ‌{الفصل الثاني}

- ‌{الفصل الثالث}

- ‌(10) باب التيمم

- ‌{الفصل الأول}

- ‌{الفصل الثاني}

- ‌{الفصل الثالث}

- ‌(11) باب الغسل المسنون

- ‌{الفصل الأول}

- ‌{الفصل الثاني}

- ‌{الفصل الثالث}

- ‌(12) باب الحيض

- ‌{الفصل الأول}

- ‌{الفصل الثاني}

- ‌{الفصل الثالث}

- ‌(13) (باب المستحاضة)

- ‌{الفصل الأول}

- ‌{الفصل الثاني}

- ‌{الفصل الثالث}

-

- ‌(4) كتاب الصلاة

- ‌{الفصل الأول}

- ‌{الفصل الثاني}

- ‌{الفصل الثالث}

- ‌(1) باب المواقيت

- ‌{الفصل الأول}

- ‌{الفصل الثاني}

- ‌{الفصل الثالث}

- ‌(2) باب تعجيل الصلاة

- ‌{الفصل الأول}

- ‌{الفصل الثاني}

- ‌{الفصل الثالث}

- ‌(3) باب فضائل الصلاة

- ‌{الفصل الأول}

- ‌{الفصل الثاني}

- ‌{الفصل الثالث}

- ‌(4) باب الأذان

- ‌{الفصل الأول}

- ‌{الفصل الثاني}

- ‌{الفصل الثالث}

- ‌(5) باب فضل الأذان وإجابة المؤذن

- ‌{الفصل الأول}

- ‌{الفصل الثاني}

- ‌{الفصل الثالث}

- ‌(6) باب

- ‌{الفصل الأول}

- ‌{الفصل الثالث}

- ‌(7) باب المساجد ومواضع الصلاة

- ‌{الفصل الأول}

- ‌{الفصل الثاني}

- ‌{الفصل الثالث}

- ‌(8) باب الستر

- ‌{الفصل الأول}

- ‌{الفصل الثاني}

- ‌{الفصل الثالث}

- ‌(9) باب السترة

- ‌{الفصل الأول}

- ‌{الفصل الثاني}

- ‌{الفصل الثالث}

الفصل: متفق عليه. ‌ ‌{الفصل الثاني} 668- (10) عن أبي هريرة، قال: قال رسول

متفق عليه.

{الفصل الثاني}

668-

(10) عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((الإمام ضامن، والمؤذن مؤتمن. اللهم أرشد

الأئمة واغفر للمؤذنين))

ــ

صلوا قبل المغرب ركعتين، ثم قال عند الثالثة: لمن شاء، خاف أن يحسبها الناس سنة. قال العلامة أحمد بن علي المقريزي في مختصر قيام الليل: هذا إسناده صحيح على شرط مسلم، وقد صح في ابن حبان حديث: أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى ركعتين قبل المغرب- انتهى. وقد روى محمد بن نصر عن جماعة من الصحابة والتابعين: أنهم كانوا يصلون الركعتين، فهذه الأحاديث الصحيحة الصريحة وآثار الصحابة والتابعين تدل على استحباب الركعتين بعد أذان المغرب وقبل صلاته، وهو الحق. وترد على الحنفية والمالكية ومن وافقهم. وارجع لتفصيل الكلام في ذلك إلى شرح الترمذي لشيخنا الأجل المباركفورى. (متفق عليه) وأخرجه أيضاً أحمد وأبوداود والنسائي وابن ماجه وغيرهم.

668-

قوله: (الإمام ضامن) قال الجزري: أراد بالضمان ههنا الحفظ والرعاية لا ضمان الغرامة؛ لأنه يحفظ على القوم صلاتهم. وقيل: إن صلاة المقتدين في عهدته، وصحتها مقرونة بصحة صلاته، فهو كالمتكفل لهم صحة صلاتهم- انتهى. وقال الخطابي في المعالم (ج1: ص156) : قال أهل اللغة: الضامن في كلام العرب معناه الراعي، والضمان معناه الرعاية، والإمام ضامن بمعنى أنه يحفظ الصلاة وعدد الركعات على القوم، وقيل: معناه ضامن الدعاء يعمهم به، ولا يختص بذلك دونهم، وليس الضمان الذي يوجب الغرامة من هذا في شيء، وقد تأوله قوم على معنى أنه يتحمل القراءة عنهم في بعض الأحوال، وكذلك يتحمل القيام أيضاً إذا أدركه المأموم راكعاً، وهذا التأويل الأخير الذي ذكره الخطابي بعيد من اللفظ والسياق كما لا يخفى. وأبعد منه حمله على معنى أن الإمام متكفل لصحة صلاة المقتدين، فإن الضمان في كلام العرب هو الرعاية والحفظ، والمراد أن الإمام يحفظ أفعال الصلاة وعدد الركعات على القوم، فلا دليل فيه على ما ذهب إليه الحنفية من عدم جواز صلاة المفترض خلف المتنفل. (والمؤذن مؤتمن) أي أمين في الأوقات يعتمد الناس على صوته في الصلاة والصيام وغيرهما. وقيل: أمين على حرم الناس؛ لأنه يشرف على المواضع العالية. قال الجزري: مؤتمن القوم الذي يثقون إليه ويتخذونه أميناً حافظاً. يقال: ائتمن الرجل فهو مؤتمن، يعني أن المؤذن أمين الناس على صلاتهم وصيامهم-انتهى. ولابن ماجه من حديث ابن عمر مرفوعاً: خصلتان معلقتان في أعناق المؤذنين للمسلمين: صلاتهم وصيامهم. (اللهم أرشد الأئمة) للعلم بما تكفلوه والقيام به والخروج عن عهدته. (واغفر للمؤذنين) أي ما عسى يكون لهم تفريط في الأمانة التي حملوها من جهة تقديم على الوقت أو تأخير عنه سهواً. والحديث يستدل به على فضل الأذان على

ص: 369

رواه أحمد وأبوداود والترمذي والشافعي.

ــ

الإمامة؛ لأن حال الأمين أفضل من حال الضمين، ورد بذلك بأن هذا الأمين يتكفل الوقت فحسب، وهذا الضامن يتكفل أركان الصلاة ويتعهد للسفارة بينهم وبين ربهم في الدعاء، فأين أحدهما من الآخر؟ وكيف لا والإمام خليفة رسول الله صلى الله عليه وسلم، والمؤذن خليفة بلال. وأيضاً الإرشاد الدلالة الموصولة في البغية، والغفران مسبوق بالذنوب. قال الطيبي. (رواه أحمد وأبوداود والترمذي والشافعي) في الأم، ولعل تأخير الإمام الشافعي عن المخرجين المذكورين مع أنه أجل منهم رواية ودراية باعتبار صحة أسانيد كتبهم واشتهارها، وقبول العامة لها. أما ترى أن البخاري ومسلماً يتقدمان عليه بل على أستاذه الإمام مالك، وما ذلك إلا لقوة صحة كتابيها، وتلقي الأمة لهما بالقبول. وقال ابن حجر: إنما أخره عنهم مع أنهم من جملة تلامذته أو تلاميذه ليفيد أن له رواية أخرى. ولذا قال: وفي أخرى الخ. كذا في المرقاة. والحديث أخرجه أيضاً أبوداود الطيالسي في مسنده، وابن حبان في صحيحه كلهم عن الأعمش، عن أبي صالح، عن أبي هريرة. وروي أيضاً عن محمد بن أبي صالح، عن أبيه أبي صالح، عن عائشة، واختلفوا في صحة الحديث، فرجع أبوزرعة، والعقيلي، والدارقطني طريق أبي صالح عن أبي هريرة على طريق أبي صالح عن عائشةِ. ورجح البخاري عكسه، وذكر عن علي بن المديني أنه لم يثبت واحداً منهما. أما حديث أبي هريرة فللانقطاع بين الأعمش وأبي صالح؛ لأنه يقول: نبئت عن أبي صالح، عن أبي هريرة كما في رواية لأحمد وأبي داود. وفي رواية لأحمد عن الأعمش، عن رجل، عن أبي صالح، عن أبي هريرة. وأما حديث عائشة فللاختلاف في محمد بن أبي صالح، فأنكر بعضهم وجوده كابن عدي، فقد نقل في التهذيب عنه: أنه قال: ليس في ولد أبي صالح من اسمه محمد، وأثبته بعضهم كأبي داود وأبي زرعة الدمشقي. ولأنه تفرد نافع بن سليمان بذكر عائشة، وخالف الثقات في ذلك، وهو ليس بقوي، وصحح حديث أبي هريرة وعائشة جميعاً ابن حبان، وقال: قد سمع أبوصالح هذين الخبرين من عائشة وأبي هريرة جميعاً، وهذا هو الصواب عندي، ويجاب عن الانقطاع بين الأعمش وأبي صالح بأن ابن نمير قد قال: عن الأعمش، عن أبي صالح، ولا أراني إلا قد سمعته منه. وقال إبراهيم بن حميد الرواسي: قال الأعمش: وقد سمعته من أبي صالح، وقال هشيم عن الأعمش: حدثنا أبوصالح، عن أبي هريرة، ذكر ذلك الدارقطني، فبينت هذه الطرق أن الأعمش سمعه عن غير أبي صالح. ثم سمعه منه، أو يقال: إنه سمعه من أبي صالح، ثم وقع في نفسه الشك في سماعه، فكان تارة يرويه عن أبي صالح، وتارة يرويه عن رجل عنه، وتارة يقول نبئت عن أبي صالح، ولا أراني إلا قد سمعته منه كما في رواية لأحمد وأبي داود. والطرق التي ذكرها الدارقطني تكفي في ترجيح سماع الأعمش إياه، وإن شك فيه بعد ذلك، قال اليعمري: الكل صحيح، والحديث متصل، وبجاب عن الكلام في حديث عائشة بأن الراجح أن محمد بن أبي صالح كان موجوداً، فقد نقل في التهذيب أنه روى عنه هشيم أيضاً، فلم ينفرد نافع بن سليمان بالرواية عنه، ولعله كان غير مشهور في الرواة، فلذلك خفي أمره على بعض العلماء. وقد نقل في التهذيب: أن ابن حبان ذكره في الثقات، وقال: يخطئ، ونقل فيه

ص: 370

وفي أخرى له بلفظ المصابيح.

669-

(11) وعن ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((من أذن سبع سنين محتسباً؛ كتب له براءة

من النار)) رواه الترمذي وأبوداود، وابن ماجه.

ــ

وفي التلخيص: أن ابن جبان أخرج حديثه هذا في صحيحه، ووقوع الخطأ من الراوي في بعض رواياته لا يمنع إصابته فيما لم يخالفه فيه غيره، وأولى أن يصيب فيما وافق غيره فيه، ونافع بن سليمان وثقه ابن معين، وقال أبوحاتم: صدوق يحدث عن الضعفاء مثل بقية. وقد روى أيضاً هذا الحديث من طريق عبد العزيز بن محمد الدراوردي، عن سهيل بن أبي صالح، عن أبيه، عن أبي هريرة. أخرجه أحمد، وابن حبان، ومن طريق زهير بن معاوية، عن أبي إسحاق، عن أبي صالح، عن أبي هريرة أخرجه أحمد، وهذان إسنادان صحيحان لا مطعن فيهما. وقد ثبت بهما أن الحديث رواه أبوصالح يقيناً، فلو شك الأعمش في سماعه منه لم يكن ذلك بضاره شيئاً. كذا حققه العلامة الشيخ أحمد محمد شاكر في تعليقه على الترمذي، وهو تحقيق جيد نفيس حقيق بالقبول، وقد بسط الحافظ الكلام في طرق هذا الحديث في التلخيص فارجع إليه إن شئت. هذا، وفي الباب عن أبي أمامة عند أحمد، وابن عمر عند أبي العباس السراج، وصححه الضياء في المختارة وسهل بن سعد عند ابن ماجه، والحاكم، وواثله، وأبي محذورة عند الطبراني في الكبير. (وفي أخرى له) أي في رواية أخرى للشافعي (بلفظ المصابيح) وهو: الأئمة ضمناء، والمؤذنون أمناء، فأرشد الله الأئمة، وغفر للمؤذنين. قال ابن الملك: الضمناء جمع ضمين، والأمناء جمع أمين، وقال الطيبي: دعاء أخرجه في صورة الخبر مبالغة، وعبر بالماضي ثقة بالاستجابة، كأنه استجيب فيه، ويخبر عنه موجوداً.

669-

قوله (سبع سنين) العلم بتعيين هذه المدة موكول إلى الشارع (محتسباً) أي طالباً للثواب لا للأجرة (براءة من النار) أي خلاص منها، وهذا يستلزم الدخول في الجنة ابتداء، ومغفرة الذنوب كلها صغائرها وكبارها، بل المتقدمة والمتأخرة، ويحتمل أن يكون مقيداً بالموت على الإيمان، أو يكون بشارة بذلك، قاله السندي. وقال المناوي: لأن مداومته على النطق بالشهادتين والدعاء إلى الله تعالى هذه المدة الطويلة من غير باعث دنيوي صير نفسه كأنها معجونة بالتوحيد، والنار لا سلطان لها على من صار كذلك. وأخذ منه أنه يندب للمؤذن على أن لا يأخذ على أذانه أجراً-انتهى.. (رواه الترمذي) وفي سنده جابر بن يزيد الجعفي وهو ضعيف جداً. قال الترمذي وجابر بن يزيد ضعفوه، تركه يحيى بن سعيد وعبد الرحمن بن مهدي، وقال ابن سعد في الطبقات (ج6: ص240) : كان ضعيفاً في رأيه وحديثه. قال ابن عيينة: كنت معه في بيت فتكلم بكلام ينقض البيت أو كاد ينقض أو نحو هذا. وقال أبوحنيفة: ما لقيت فيمن لقيت أكذب من جابر الجعفي، ما أتيته بشيء من رأيي إلا جاءني فيه بأثر. كذا في نصب الراية، وتهذيب التهذيب، وكذبه أيضاً ابن معين وغيره. (وأبوداود) كذا في بعض النسخ، وفيه نظر، فإن الحديث ليس في سنن أبي داود، قال الحافظ في تهذيب

ص: 371

670-

(12) وعن عقبة بن عامر، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((يعجب ربك من راعى غنم في رأس

شظية للجبل يؤذن بالصلاة ويصلي، فيقول الله عزوجل: أنظروا إلى عبدي هذا، يؤذن ويقيم

الصلاة، يخاف مني،

ــ

التهذيب (ج2: ص48) : روى له أبوداود حديثاً واحداً في السهو في الصلاة من حديث مغيرة بن شعبة، وقال عقبة: ليس في كتابي عن جابر الجعفي غيره.

670-

قوله: (يعجب ربك) قال النووي: التعجب على الله محال إذ لا يخفى عليه أسباب الأشياء، والتعجب إنما يكون مما خفي سببه، فالمعنى: عظم ذلك عنده وكبر. وقيل: معناه الرضا، أي يرضى ربك منه، وبثيب عليه. والخطاب إما للراوي أو لواحد من الصحابة غيره، أو عام لكل من يتأتى منه السماع، كذا في المرقاة. وقيل: العجب روعة تعترى الإنسان عند استعظام الشيء، والله تعالى منزه عن الروعة، فيحمل على الاستعظام من غير ورعة. وقال الإمام ابن تيمية في بعض رسائله بعد ذكر الأحاديث التي فيها نسبة العجب إلى الله تعالى: أن قول القائل: التعجب استعظام للمتعجب منه، فيقال نعم، وقد يكون مقروناً بجهل بسبب المستعجب منه، وقد يكون لما خرج عن نظائره، والله تعالى بكل شيء عليم، فلا يجوز عليه أن لا يعلم سبب ما يعجب منه، بل يتعجب منه لخروجه عن نظائره تعظيماً له، والله تعالى يعظم ما هو عظيم إما لعظمه أو لعظمته، فإنه واصف بعض الخير بأنه عظيم، ووصف بعض الشر بأنه عظيم، فقال:{رب العرش العظيم} [23: 86] وقال: {لقد آتيناك سبعاً من المثاني والقرآن العظيم} [15: 87] وقال: (لآتيناهم من لدنا أجراً عظيماً} [4: 67] وقال: {سبحانك هذا بهتان عظيم} [24: 16] وقال: {إن الشرك لظلم عظيم} [31: 13] . وقول القائل: إن هذه انفعالات نفسانية، فيقال: كل ما سوى الله مخلوق منفعل، ونحن ذواتنا منفعلة، فكونها انفعالات فينا لغيرنا نعجز عن دفعها لا يوجب أن يكون الله منفعلاً لها، عاجزاً عن دفعها، فإن كل ما يجري في الوجود فإنه بمشيئته وقدرته، لا يكون إلا ما يشاء، ولا يشاء إلا ما يكون له الملك وله الحمد. (من راعي الغنم) اختار العزلة من الناس. (في رأس شظية للجبل) بفتح الشين وكسر الظاء المعجمتين وتشديد التحتانية، قطعة مرتفعة في رأس الجبل. (يؤذن بالصلاة) وفائدة تأذنيه إعلام الملائكة والجن بدخول الوقت، فإن لهم صلاة أيضاً. وشهادة الأشياء على توحيده، ومتابعة سنته، والتشبه بالمسلمين في جماعتهم. وقيل: إذا أذن وأقام تصلي الملائكة معه، ويحصل له ثواب الجماعة. (فيقول الله) أي لملائكته. (أنظروا إلى عبدي هذا) تعجيب للملائكة من ذلك الأمر بعد التعجب لمزيد التفخيم، وكذا تسميته بالعبد وإضافته إلى نفسه، والإشارة بهذا تعظيم على تعظيم. (ويقيم الصلاة) منصوب بنزع الخافض أي للصلاة تنازع فيه الفعلان. وقال ابن الملك: أي يحافظها ويداوم عليها. (يخاف مني) أي يفعل ذلك خوفاً مني لا يراه أحد قاله ابن حجر. وقال الطيبي: الأظهر أنه جملة مستأنفة، وإن احتمل الحال فهو كالبيان لعلة عبوديته واعتزاله التام عن الناس

ص: 372

قد غفرت لعبدي، وأدخلته الجنة)) رواه أبوداود والنسائي.

671-

(13) وعن ابن عمر، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((ثلاثة على كثبان المسك يوم القيامة: عبد أدى حق الله وحق مولاه، ورجل أمّ قوماً وهم به راضون، ورجل ينادي بالصلوات الخمس كل يوم وليلة)) رواه الترمذي، وقال: هذا حديث غريب.

ــ

حق اعتزال ولذا آثر الشظية بالرعي فيها. وفي الحديث دليل على شرعية الأذان واستحبابها للمنفرد وإن كان بحيث لا يسمعه أحد فيكون صالحاً لرد قول من قال: أن شرعية الأذان تختص بالجماعة، وفيه أيضاً أن الأذان من أسباب المغفرة للذنوب. (وأدخلته الجنة) أي حكمت به، أو سأدخله الجنة. (رواه أبوداود) في باب الأذان في السفر. (والنسائي) وأخرجه أيضاً أحمد، وسعيد بن منصور، والطبراني، والبيهقي، وقد سكت عنه أبوداود. وقال المنذري: رجال إسناده ثقات.

671-

قوله: (ثلاثة) أي أشخاص. (على كثبان المسك) الكثبان بضم الكاف جمع كثيب، وهو ما ارتفع من الرمل كالتل الصغير، قال الطيبي: عبر عن الثواب بكثبان المسك لرفعته وظهور فوحه، وروح الناس من رائحته. لتناسب حال هؤلاء الثلاثة فإن أعمالهم متجاوزة إلى الغير-انتهى. والأولى الحمل على الحقيقة بل هو المتعين. (يوم القيامة) وفي الترمذي: أراه قال: يوم القيامة. أي أظنه. قال شيخنا: الظاهر أن الضمير المنصوب راجع إلى ابن عمر، وقائله هو زاذان الراوي عنه. والمعنى: إني أظن أن ابن عمر قال بعد لفظ على كثبان المسك: لفظ يوم القيامة-انتهى. وزاد في رواية للترمذي: يغبطهم الأولون والآخرون. (عبد) أي ظن ذكر أو أنثى. (أدى حق الله وحق مولاه) أي قام بالحقين معاً فلم يشغله أحدهما من الآخر. (وهم به راضون) لعلمه، وورعه، وصحة قراءته، فبرضاهم يكون ثواب الإمام أكثر، ولأن إجماعهم على الرضا به دليل على صلاح حاله، والعبرة رضا أكثرهم من أهل الدين. (ورجل ينادي) أي يؤذن محتسباً. (كل يوم وليلة) وفي الترمذي في كل يوم وليلة. قال ابن الملك: وإنما أثيبوا بذلك؛ لأنهم صبروا أنفسهم في الدنيا على كرب الطاعة، فروحهم الله في عرضات القيامة بأنفاس عطرة على تلال مرتفعة من المسك إكراما لهم بين الناس لعظم شأنهم وشرف أعمالهم. (رواه الترمذي) في البر والصلة، وفي أواخر صفة الجنة. (وقال: هذا حديث غريب) وفي نسخ الترمذي الموجودة عندنا: هذا حديث حسن غريب، وفي سنده أبواليقظان عثمان بن عمير البجلي الكوفي الأعمى، ضعيف واختلط، وكان يدلس ويغلو في التشيع، كذا في التقريب. وقال المنذري في الترغيب بعد ذكر هذا الحديث: رواه أحمد، والترمذي من رواية سفيان، عن أبي اليقظان، عن زاذان، عنه، وقال: حديث حسن غريب. قال المنذري، وأبواليقظان واه، وقد روى عنه الثقات. ورواه الطبراني في الأوسط والصغير بإسناد لا بأس به، ثم ذكر لفظه: ورواه الطبراني في الكبير أيضاً.

ص: 373

672-

(14) وعن أبي هريرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((المؤذن يغفر له مدى صوته، ويشهد له كل رطب ويابس. وشاهد الصلاة يكتب له خمس وعشرون صلاة، ويكفر عنه ما بينهما)) رواه أحمد وأبوداود، وابن ماجه. وروى النسائي إلى قوله:((كل رطب ويابس)) وقال: ((وله مثل أجر من صلى)) .

ــ

672-

قوله: (يغفر له مدى صوته) بفتح الميم والدال، أي نهايته، وهو منصوب على الظرفية، قال الخطابي: مدى الشيء غايته، والمعنى أنه يستكمل مغفرة الله تعالى إذا استوفى وسعه في رفع الصوت فيبلغ الغاية من المغفرة إذا بلغ الغاية من الصوت، قال المنذري: ويشهد لهذا القول رواية من قال "يغفر له مد صوته" بتشديد الدال، أي بقدر مده صوته. قال الخطابي: وفيه وجه آخر وهو أنه كلام تمثيل وتشبيه، يريد أن المكان الذي ينتهي إليه الصوت لو يقدر أن يكون ما بين أقصاه وبين مقامه الذي هو فيه ذنوب تملأ تلك المسافة غفرها الله-انتهى. وقيل: معناه يغفر له من الذنوب ما فعله في زمان مقدر بهذه المسافة. (ويشهد له كل رطب ويابس) مما يبلغه صوته. وتحمل شهادتهما على الحقيقة لقدرته تعالى على إنطاقهما. (وشاهد الصلاة) عطف على قوله: المؤذن يغفر له. أي والذي يحضر لصلاة الجماعة. (يكتب له خمس وعشرون) أي ثواب خمس وعشرين صلاة. (ويكفر عنه) أي عن الشاهد. (ما بينهما) أي ما بين الأذان والصلاة، أو ما بين الأذانين، أو ما بين الصلاتين، والحديث يدل على استحباب مد الصوت بالأذان لكونه سبباً للمغفرة، وشهادة الموجودات، ولأنه أمر المجئ إلى الصلاة، فكل ما كان أدعى لإسماع المأمورين بذلك كان أولى. (رواه أحمد، وأبوداود، وابن ماجه) وأخرجه أيضاً ابن حبان وابن خزيمة، وفي سنده أبويحيى الراوي له عن أبي هريرة. قال المنذري: أبويحيى هذا لم ينسب فيعرف حاله، وقال ابن القطان: لا يعرف أصلاً، وقال الثوري: إنه مجهول، وذكره ابن حبان في الثقات، وزعم أنه سمعان الأسلمي، وقال ابن عبد البر: أبويحيى المكي اسمه سمعان، سمع من أبي هريرة، روى عنه بعض المدنيين في الأذان. كذا في تهذيب التهذيب (ج12: ص279) وقال في التقريب: أبويحيى المكي يقال هو سمعان الأسلمي مقبول. (وقال) أي النسائي في روايته. (وله) أي للمؤذن. (مثل أجر من صلى) أي بأذانه، وفيه نظر؛ لأن هذه الزيادة ليست في رواية أبي هريرة، وقد روى أحمد والنسائي من حديث البراء بن عازب بإسناد جيد بلفظ: المؤذن يغفر له بمد صوته، ويصدقه من سمعه من رطب ويابس، وله مثل أجر من صلى معه، أي إن كان إماماً، أومع إمامه إن كان مقتدياً بإمام آخر لحكم الدلالة، لكن هذا يقضي أن يخص بمن حضر بأذانه، والأقرب العموم تخصيصاً للمؤذن بهذا الفضل وفضل الله أوسع. قاله السندي.

ص: 374

673-

(15) وعن عثمان بن أبي العاص، قال: قلت يارسول الله صلى الله عليه وسلم! ((اجعلني إمام قومي. قال: أنت إمامهم، واقتد بأضعفهم، واتخذ مؤذناً لا يأخذ على أذانه أجراً)) رواه أحمد وأبوداود والنسائي.

674-

(16) وعن أم سلمة رضي الله عنها، قالت: ((علمني رسول الله صلى الله عليه وسلم أن أقول عند أذان المغرب: اللهم هذا

ــ

673-

قوله: (واقتد بأضعفهم) بمرض أو زمانة أو نحوهما، أي تابع أضعف المقتدين في تخفيف الصلاة من غير ترك شيء من الأركان، يريد تخفيف القراءة والتسبيحات حتى لا يمل القوم. وقوله: واقتد، عطف على مقدر أي فأمهم واقتد بأضعفهم. وقيل: هو عطف على الخبرية السابقة؛ لأنها بتأويل أمهم، وعدل إلى الاسمية دلالة على الدوام والثبات كأن إمامته ثبتت ويخبر عنها، وقد جعل فيه الإمام مقتدياً، والمعنى كما أن الضعيف يقتدي بصلاتك فاقتد أنت أيضاً بضعفه، واسلك له سبيل التخفيف في القيام والقراءة، بحيث كأنه يقوم ويركع على ما يريد، وأنت كالتابع الذي يركع بركوعه. وقال التوربشتي: ذكر بلفظ الإقتداء تأكيداً للأمر المحثوث عليه؛ لأن من شأن المقتدي أن يتابع المقتدى به ويجتنب خلافه، فعبر عن مراعات القوم بالإقتداء مشاكله لما قبله. قال الأمير اليماني: الحديث يدل على جواز طلب الإمامة في الخير، وقد ورد في أدعية عباد الرحمان الذين وصفهم الله بتلك أنهم يقولون:{واجعلنا للمتقين إماماً} [25: 74] وليس من طلب الرياسة المكروهة، فإن ذلك فيما يتعلق برياسة الدنيا التي لا يعان من طلبها، ولا يستحق أن يعطاها، وأنه يجب على إمام الصلاة أن يلاحظ حال المصلين خلفه، فيجعل أضعفهم كأنه المقتدى به فيخفف لأجله. (واتخذ مؤذناً لا يأخذ على أذانه أجراً) أي أجرة. فيه دليل على أنه يكره أخذ الأجرة على الأذان. قال الخطابي: أخذ المؤذن الأجر على أذانه مكروه في مذاهب أكثر العلماء، وقال مالك: لا بأس به، ويرخص فيه. وقال الأوزاعي: مكروهة ولا بأس بالجعل. وذهب الحنفية إلى تحريم الأجر شرطاً على الأذان والإقامة. واستدل بعضهم على التحريم بهذا الحديث، ولا يخفى أنه لا يدل على التحريم. وقيل: يجوز أخذها على التأذين في محل مخصوص، إذ ليست على الأذان حينئذٍ بل على ملازمة المكان كأجرة الرصد، والقول الراجح عندنا ما ذهب إليه أكثر العلماء. (رواه أحمد وأبوداود والنسائي) أي بتمامه، وأخرج مسلم الفصل الأول فقط، وأخرج ابن ماجه الفصلين في موضعين، وأخرج الترمذي الفصل الأخير وحسنه، وأخرجه الحاكم بتمامه (ج1: ص199، 201) وصححه على شرط مسلم، ووافقه الذهبي.

674-

قوله: (عند أذان المغرب) الظاهر أن يقال هذا بعد جواب الأذان أو في أثنائه، قاله القاري. (هذا) إشارة إلى ما في الذهن، وهو مبهم مفسر بالخبر، قاله الطيبي. وقال القاري: والظاهر أنه إشارة إلى الأذان لقوله:

ص: 375

إقبال ليلك، وإدبار نهارك، وأصوات دعائك، فاغفر لي)) . رواه أبوداود، والبيهقي في الدعوات الكبير.

675-

(17) وعن أبي أمامة، أو بعض أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال:(إن بلالاً أخذ في الإقامة، فلما أن قال: قد قامت الصلاة. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أقامها الله وأدامها. وقال في سائر الإقامة كنحو حديث عمر في الأذان)) رواه أبوداود.

ــ

وأصوات. (إقبال ليلك) أي هذا الأذان أوان إقبال ليلك. (وإدبار نهارك) أي في الأفق. (وأصوات دعائك) أي في الآفاق، جمع داع وهو المؤذن كقضاة جمع قاض. (فاغفرلي) بحق هذا الوقت الشريف والصوت المنيف، وبه يظهر وجه تفريع المغفرة، ومناسبة الحديث للباب، فإنه يدل على أن وقت الأذان زمان استجابة الدعاء قاله القاري. (رواه أبوداود) في الصلاة من طريق المسعودي عن أبي كثير مولى أم سلمة، عن أم سلمة، وسكت عنه. وأخرجه الحاكم من هذا الطريق (ج1: ص199) وصححه، ووافقه الذهبي، وأخرجه الترمذي في الدعوات من طريق حفصة بنت أبي كثير، عن أبيها أبي كثير، عن أم سلمة. وقال: حديث غريب إنما نعرفه من هذا الوجه، وحفصة بنت أبي كثير لا نعرفها ولا أباها-انتهى. ونقل المنذري كلام الترمذي هذا وأقره. وقال الذهبي في الميزان: لا يعرفان. وقال الحافظ في التقريب: أبوكثير مولى أم سلمة مقبول، فالظاهر أن الحديث من طريق أبي داود والحاكم حسن.

675-

قوله: (أخذ) أي شرع. (فلما أن قال: قد قامت الصلاة) قال الطيبي: لما تستدعى فعلاً فالتقدير: فلما انتهى إلى أن قال. واختلف في "قال" أنه متعد أو لازم، فعلى الأول يكون مفعولاً به، وعلى الثاني يكون مصدراً-انتهى. قال القاري: والأظهر أن "لما" ظرفية "وأن" زائدة للتأكيد كما قال تعالى: {فلما أن جاء البشير} [12: 96] كما قال صاحب الكشاف وغيره في قوله تعالى: {ولما جاءت رسلنا لوطا سيء بهم} [11: 77] . (أقامها الله) أي الصلاة يعني ثبتها. (وقال في سائر الإقامة) أي في جميع كلمات الإقامة غير قد قامت الصلاة، أو قال في البقية مثل ما قال المقيم إلا في الحيعلتين فإنه قال فيه: لا حول ولا قوة إلا بالله. (كنحو حديث عمر في الأذان) يريد أنه قال مثل ما قال المؤذن لما مرّ في الحديث الخامس من الفصل الأول من الباب، يعني وافق المؤذن في غير الحيعلتين. وفيه دلالة على استحباب مجاوبة المقيم، وفيه أيضاً أنه يستحب لسامع الإقامة أن يقول عند قول المقيم قد قامت الصلاة: أقامها لله وأدامها. قال المجد ابن تيمية في المنتقى: وفيه دليل على أن السنة أن يكبر الإمام بعد الفراغ من الإقامة-انتهى. وسيأتي الكلام فيه إن شاءالله تعالى. (رواه أبوداود) وسكت عنه، وفي إسناده رجل من أهل الشام مجهول وشهر بن حوشب تكلم فيه غير واحد، ووثقه الإمام أحمد ويحيى بن معين. قاله المنذري.

ص: 376

676-

(18) وعن أنس، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((لا يرد الدعاء بين الأذان والإقامة)) رواه أبوداود، والترمذي.

677-

(19) وعن سهل بن سعد، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((ثنتان لا تردان- أو قلما تردان – الدعاء عند النداء، وعند البأس حين يلحم بعضهم بعضاً. وفي رواية: وتحت المطر)) رواه أبوداود، والدارمي إلا أنه لم يذكر: تحت المطر.

ــ

676-

قوله: (لا يرد الدعاء بين الأذان والإقامة) بل يقبل ويستجاب، يعني فادعوا كما في رواية ابن حبان، وفيه دليل على قبول الدعاء في هذا الوقت، إذ عدم الرد يراد به القبول، ولفظ الدعاء بإطلاقه شامل لكل دعاء، ولا بد من تقييده بما في الأحاديث الأخرى الصحيحة من أنه ما لم يكن دعاء بإثم أو قطيعة رحم، فالدعاء في هذا الوقت مستجاب لكن بعد جمع شروط الدعاء وأركانه وآدابه، فإن تخلف شيء منها فلا يلوم إلا نفسه. وقد ورد تعيين أدعية تقال حال الأذان وبعده، وهو ما بين الأذان والإقامة، منها ما تقدم، ومنها ما سيأتي. وقد عين صلى الله عليه وسلم ما يدعى به أيضاً لما قال: الدعاء بين الأذان والإقامة لا يرد، قالوا: فما نقول يا رسول الله؟ قال: سلوا الله العفو والعافية في الدنيا والآخرة. قال ابن القيم: هو حديث صحيح. وفي المقام أدعية أخرى. (رواه أبوداود والترمذي) من طريق معاوية بن قرة عن أنس، وسكت عنه أبوداود وحسنه الترمذي، وأخرجه أحمد، وابن السني في "عمل اليوم والليلة" وابن حبان وابن خزيمة في صحيحهما من طريق بريد بن أبي مريم عن أنس، ونقل المنذري تحسين الترمذي وأقره، وقال: أخرجه النسائي من حديث بريد بن أبي مريم عن أنس، وهو أجود من حديث معاوية بن قرة.

677-

قوله: (ثنتان) أي دعوتان ثنتان. (أو قلما) فعل ماض من القلة بمعنى النفي: وهو من الأفعال التي لا تصرف. قال السيوطي: إن "قل" ههنا للنفي المحض كما هو أحد استعمالاتها، صرح به ابن مالك في التسهيل وغيره. وقال في المغنى: ما زائدة كافة عن العمل. (عند النداء) أي حين الأذان أو بعده. (وعند البأس) أي الشدة والمحاربة مع الكفار. (حين) بدل من قوله عند البأس أو بيان. (يلحم بعضهم بعضا) بفتح ياء من لحم كسمع أي يقتل بعضهم بعضاً. وقيل: بضم الياء وكسر الحاء من ألحم أي يشتبك الحرب بينهم ويلزم بعضهم بعضاً. والملحمة الحرب وموضع القتال، وجمعه الملاحم. أخذ من اشتباك الناس واختلاطهم فيها كاشتباك لحمة الثوب بالسدي. (وفي رواية) أي بدل قوله وعند اليأس حين يلحم بعضهم بعضاً. (وتحت المطر) أي ودعاء من دعا تحت المطر، أي وهو نازل عليه؛ لأنه وقت نزول الرحمة والبركة. (رواه أبوداود والدارمي) وسكت عنه أبوداود، وقال المنذري: في إسناده موسى بن يعقوب الزمعي، قال النسائي: ليس بالقوي. وقال ابن معين: ثقة. وقال أبوداود السجستاني: صالح، له مشائخ مجهولون-انتهى.

ص: 377