الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
رواه أبوداود، والترمذي.
{الفصل الثالث}
586-
(4) عن ابن شهاب: أن عمر بن عبد العزيز أخر العصر شيئاً،
ــ
وآخر آن الفراغ في اليوم الثاني (رواه أبوداود) وسكت عنه هو والمنذري (والترمذي) وقال: حديث حسن، وفي بعض النسخ حديث حسن صحيح، وصححه أيضاً ابن عبد البر، وابن العربي في شرح الترمذي (ج1:ص251، 250) وقال: رواة حديث ابن عباس هذا كلهم ثقات مشاهير، لاسيما وأصل الحديث صحيح في صلاة جبريل بالنبي صلى الله عليه وسلم، وإنما هذه الرواية تفسير مجمل، وإيضاح مشكل. وقال ابن عبد البر في التمهيد: وقد تكلم بعض الناس في حديث ابن عباس هذا بكلام لا وجه له، ورواته كلهم مشهورون بالعلم. وارجع لتفصيل الكلام عليه إلى التلخيص (ص64) والنيل (ج1:ص289) ونصب الراية (ج1:ص116) والحديث أخرجه أيضاً الشافعي وأحمد، وابن الجارود وابن خزيمة وابن حبان في صحيحهما والدارقطني والحاكم، وفي الباب عن جابر عند أحمد والترمذي والنسائي والحاكم وأبي هريرة عند النسائي والدارقطني، وأبي سعيد عند أحمد والطبراني في الكبير.
586-
قوله: (عن ابن شهاب) هو محمد بن مسلم بن عبيد الله بن عبد الله بن شهاب بن عبد الله بن الحارث بن زهرة بن كلاب القرشي الزهري المدني، وكنيته أبوبكر، التابعي الفقيه الحافظ متفق على جلالته وإتقانه. مات في رمضان سنة (124) روى عن ابن عمر، وسهل بن سعد، وأنس بن مالك، ومحمود بن الربيع، وسعيد بن المسيب، وأبي أمامة بن سهل، وطبقتهم من صغار الصحابة، وكبار التابعين، وروى عنه الأوزاعي، والليث، ومالك، وابن عيينة، وغيرهم. قال أبوداود: حديثه ألفان ومائتان، النصف فيها مسند. قال عمر بن عبد العزيز: لم يبق أحد أعلم بسنة ماضية من الزهري. وقال مالك: بقى ابن شهاب وما له في الدنيا نظير، وفضائله كثيرة، بسط ترجمته الحافظ في التهذيب (ج9:ص445-451) والذهبي في التذكرة (ج1:ص96-100) وابن خلكان في تاريخه (ج1:ص452، 451)(أن عمر بن عبد العزيز) بن مروان الأموي، أحد الخلفاء الراشدين، وفي رواية عبد الرزاق عن معمر عن ابن شهاب، قال: كنا مع عمر بن عبد العزيز، فذكره، وفي رواية شعيب عن الزهري سمعت عروة يحدث عمر بن عبد العزيز الحديث (أخر العصر) وهو يومئذ أمير المدينة في زمان الوليد بن عبد الملك، وكان ذلك زمان يؤخر فيه الصلاة بنو أمية (شيئًا) أي: تأخيرا يسيراً، أو شيئاً قليلاً من الزمان، يعني أخر شيئاً حتى خرج الوقت المستحب لا أنه أخرها حتى غربت الشمس، وفي رواية للبخاري: أخر الصلاة يوماً، وفي رواية عبد الرزاق: مرة، وظاهر السياقين أنه فعل ذلك يوماً ما لا أن ذلك كان عادة له، وإن كان أهل بيته معروفين بذلك، وفي رواية أبي داود: وكان قاعداً على المنبر فأخر
فقال: له عروة: أما إن جبرئيل قد نزل فصلى أمام رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال له عمر: اعلم ما تقول يا عروة! فقال: سمعت بشير بن أبي مسعود، يقول: سمعت أبا مسعود، يقول: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: نزل جبرئيل فأمنى، فصليت معه، ثم صليت معه، ثم صليت معه، ثم صليت معه، ثم صليت معه،
ــ
العصر شيئاً، وفيها إشارة إلى سبب تأخيره وهو اشتغاله بشيء من مصالح المسلمين (فقال له عروة) أي: ابن الزبير (أما) بالتخفيف حرف استفتاح بمنزلة ألا (قد نزل) صبيحة ليلة الإسراء (فصلى أمام رسول الله صلى الله عليه وسلم) قال السيوطي: لا إشكال في فتح همزة "أمام" بل في كسرها لأن إضافة أمام معرفة والموضع موضع الحال فيوجب جعله نكرة بالتأويل كغيره من المعارف الواقعة أحوالاً كأرسلها العراك، وقال السندهي: بكسر الهمزة، وهو حال لكون إضافته لفظيه نظراً إلى المعنى، أو بفتح الهمزة، وهو ظرف، والمعنى يميل إلى الأول، قلت: ويؤيده قوله في الحديث: فأمنى، ومقصود عروة بذلك أن أمر الأوقات عظيم قد نزل لتحديدها جبرئيل، فعلمها النبي صلى الله عليه وسلم بالفعل، فلا ينبغي التقصير في مثله (اعلم) أم رمن العلم أي: كن حافظاً ضابطاً له، ولا تقله عن غفلة، أو من الإعلام أي: بين لي حاله وإسنادك فيه (ما تقول يا عروة) الظاهر أنه استبعاد لإخبار عروة بنزول جبرئيل بدون الإسناد، فكأنه غلط عليه بذلك مع عظيم جلالته إشارة إلى مزيد الاحتياط في الرواية لئلا يقع في محظور الكذب على رسول الله صلى الله عليه وسلم وإن لم يتعمد، وزاد في رواية للبخاري وغيره: أو أن جبرئيل هو الذي قام لرسول الله صلى الله عليه وسلم وقت الصلاة (فقال) أي: عروة (سمعت بشير بن أبي مسعود) عقبة بن عمرو الأنصاري، ذكره ابن مندة في الصحابة، وجزم ابن عبد البر بأنه ولد على عهد النبي صلى الله عليه وسلم، وجزم البخاري، والعجلى، ومسلم، وأبوحاتم الرازي بأنه تابعي، وذكره ابن حبان في الثقات في التابعين، وذكره الحافظ في القسم الثاني من حرف الباء في ذكر من له رؤية من الإصابة (ج1:ص168) (سمعت أبا مسعود) تقدم ذكره (يقول: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: نزل جبرئيل فأمنى، فصليت معه، ثم صليت معه، ثم صليت معه، ثم صليت معه، ثم صليت معه) قال: الطيبي: معنى إيراد عروة الحديث أنى كيف لا أدرى ما أقول وأنا صحبت وسمعت ممن صحب وسمع ممن صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وسمع منه هذا الحديث، فعرفت كيفية الصلاة وأوقاتها وأركانها – انتهى. قال القرطبي: قول عروة: أن جبرئيل نزل، ليس فيه حجة واضحة على عمر بن عبد العزيز، إذ لم يبين له الأوقات، قال: وغاية ما يتوهم عليه أنه نبهه وذكره بما كان يعرفه من تفاصيل الأوقات، قال: وفيه بعد لإنكار عمر على عروة حيث قال: له: اعلم ما تحدث يا عروة. قال: وظاهر هذا الإنكار أنه لم يكن عنده علم من إمامة جبرئيل. قال الحافظ في الفتح: لا يلزم من كونه لم يكن عنده علم منها أن لا يكون عنده علم بتفاصيل الأوقات المذكورة من جهة العمل المستمر،
يحسب بأصابعه خمس صلوات)) متفق عليه.
587-
(5) وعن عمر بن الخطاب، رضي الله عنه، أنه كتب إلى عماله أن أهم أموركم عندي الصلاة، من حفظها وحافظ عليها حفظ دينه، ومن ضيعها فهو لما سواها أضيع.
ــ
لكن لم يكن يعرف أن أصله بتبيين جبرئيل بالفعل، فلهذا استثبت فيه، وكان يرى أن لا مفاضلة بين أجزاء الوقت الواحد. قال: وورد في هذه القصة بيان أبي مسعود للأوقات، وفي ذلك ما يرفع الأشكال، ويوضح توجيه احتجاج عروة به، فروى أبوداود والدارقطني وابن خزيمة والطبراني، عن أسامة زيد، عن الزهري هذا الحديث، وزاد في آخره: قال أبومسعود: فرأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي الظهر حين تزول الشمس، فذكر الحديث، ويعضد رواية أسامة ويزيد عليها أن البيان من فعل جبرئيل، ما رواه الباغندي في مسند عمر بن عبد العزيز والبيهقي في السنن الكبرى من طريق يحيى بن سعيد الأنصاري، عن أبي بكر بن حزم، عن عروة، فرجع الحديث إلى عروة ووضح أن له أصلا وأن في رواية مالك ومن تابعه اختصارا، وبذلك جزم ابن عبد البر- انتهى كلام الحافظ بتلخيص وزيادة يسيرة. قلت: رواية الطبراني ذكرها الهيثمي في مجمع الزوائد (ج1:ص306، 305) وقال بعد إيرادها: في الصحيح أصله من غير بيان لأول الوقت وآخره، وفي رواية الطبراني هذه (وكذا في رواية الدارقطني) أيوب بن عتبة، ضعفه ابن المديني، ومسلم، وجماعة، ووثقه عمرو بن علي في رواية، وكذلك يحيى بن معين في رواية وضعفه في روايات، والأكثر على تضعيفه انتهى (يحسب) بضم السين مع التحتانية من الحساب، والظاهر أن فاعله النبي صلى الله عليه وسلم أي: يقول ذلك حال كونه يحسب تلك المرات بعقد أصابعه (بأصابعه خمس صلوات) كل واحدة منها مرتين تحديداً لأوائل الأوقات وأواخرها، وهو بالنصب مفعول يحسب أو صليت (متفق عليه) أخرجه البخاري في مواقيت الصلاة وبدء الخلق والمغازي، ومسلم في الصلاة، وأخرجه أيضاً مالك وأحمد وأبوداود والنسائي وابن ماجه وغيرهم.
587-
قوله: (عماله) جمع عامل أي: أمراءه (أن) بفتح الهمزة وكسرها (أهم أموركم) وفي المؤطا أهم أمركم أي: بالإفراد (عندي) أي: في اعتقادي (من حفظها) بأن أدى بشرائطها وأركانها (وحافظ عليها) أي: سارع إلى فعلها في وقتها، أو داوم عليها، أو لم يبطلها بالرياء والسمعة (حفظ دينه) أي: حفظ معظم دينه وعماده كقوله: الحج عرفة، أو حفظ بقية أمور دينه، فإن المواظبة عليها يستدل بها على صلاح المرء. وقال الطيبي: المحافظة على الصلاة أن لا يسهو عنها ويؤديها في أوقاتها ويتم أركانها وركوعها وسجودها ويؤكد نفسه بالاهتمام بها والتكرير بمعنى الاستقامة والدوام (ومن ضيعها) أي: ذالصلاة بأن أخرها أو ترك بعض ما يجب فيها فضلاً عن تركها رأساً (فهو لما سواها) من بقية أمور الدين (أضيع) أي: أكثر تضييعاً وهو أفعل التفضيل من التضييع على ما روى عن سببويه، ويحتمل أن يكون اللام بمعنى في يعني أنه
ثم كتب أن صلوا الظهر أن كان الفيء ذراعاً، إلى أن يكون ظل أحدكم مثله، والعصر والشمس مرتفعة بيضاء قدر ما يسير الراكب فرسخين أو ثلاثة قبل مغيب الشمس، والمغرب إذا غابت الشمس، والعشاء إذا غاب الشفق إلى ثلث الليل، فمن نام فلا نامت عينه، فمن نام فلا نامت عينه، فمن نام فلا نامت عينه، والصبح والنجوم بادية مشتبكة))
ــ
ضائع في تركه الصلاة وأنه أضيع في غيره، والمعنى أنه إذا علم أنه مضيع للصلاة ظن به التضييع لسائر العبادات التي تخفى، أو يقال: إنه إذا ضيع الصلاة فقد ضيع سائر العبادات وإن عملها، لما روى: أن أول ما ينظر فيه من عمل العبد الصلاة، فإن قبلت منه نظر فيما بقي من عمله، وإن لم تقبل منه لم ينظر في شيء من عمله، قاله الباجي (ثم كتب) أي: عمر إليهم بعد التنبيه المذكور (أن) أي: بأن (صلوا الظهر أن كان الفئ ذراعاً) أن مصدرية والوقت مقدر أي: وقت كون الفئ قدر ذراع، وهو مختص بمحل يكون كذلك، فإن مقدار الفئ يختلف باختلاف الأمكنة والأزمنة. وفيه دليل على تعجيل صلاة الظهر (إلى أن يكون) أي: يستمر وقتها إلى أن يصير (ظل أحكم مثله) أي: سوى فئ الزوال (والعصر) بالنصب عطف على الظهر (والشمس مرتفعة) الجملة حالية (قدر ما يسير الراكب) ظرف لقوله: مرتفعة، أي: ارتفاعها قدر أن يسير الراكب (فرسخين) للبطئ (أو ثلاثة) أي: ثلاثة فراسخ للسريع، وقيل فرسخين في الشتاء، وثلاثة في القيظ، فأو للتنويع، وقيل للشك من الراوي. ووقع في كتاب عمر إلى أبي موسى الأشعري عند مالك: ثلاثة فراسخ. على سبيل الجزم. والفرسخ ثلاثة أميال، واختلفوا في تحديد الميل. وفيه دليل على أن وقت العصر يدخل قبل أن يصير ظل الشيء مثليه، لأن هذا السير لا يمكن إلا إذا صلى العصر قبل المثلين بل على المثل متصلا (قبل مغيب الشمس) وفي المؤطا: قبل غروب الشمس (إذا غاب الشفق) الأحمر (إلى ثلث الليل) أي: ويستمر إلى ثلث الليل (فمن نام) أي: قبل العشاء كما في رواية البزار، ورويت هذه الجملة في مسند البزار عن عائشة مرفوعا، قاله السيوطي (فلا نامت عينه) دعاء بنفي الاستراحة على من ينام عن صلاة العشاء، لأنه صلى الله عليه وسلم كان يكره النوم قبلها، وكرره ثلاثاً زيادة في التغليظ والتنفير عنه، وفيه كراهة النوم قبل العشاء، ولا يختص ذلك بالعشاء بل يدخل في معناها بقية الصلوات. قال: ابن حجر: هو محمول عندنا على تفصيل، وهو أنه تارة ينام قبل الوقت، وتارة بعد دخوله، ففي الثاني إن علم أو ظن أن نومه يستغرق الوقت لم يجز له النوم إلا أن وثق من غيره أنه يوقظه بحيث يدرك الصلاة كاملة في الوقت، وكذا في الأول عند جماعات من أصحابنا. وقال: آخرون لا حرمة فيه مطلقاً لأنه قبل الوقت لم يكلف بها بعد- انتهى (بادية) أي: ظاهرة من البدو وهو الظهور (مشتبكة) قال الجزري: اشتبكت النجوم أي: ظهرت واختلط بعضها ببعض لكثرة ما