الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
رواه أحمد وأبوداود والترمذي.
{الفصل الثالث}
564-
(6) عن أسماء بنت عميس، قالت ((قلت: يارسول الله! إن فاطمة بنت أبي حبيش أستحيضت منذ كذا وكذا فلم تصل. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: سبحان الله!
ــ
أن المستحاضة ترجع إلى الغالب من عادة النساء. ولا مخالفة بينه وبين الأحاديث القاضية بالرجوع إلى عادة نفسها، كحديث أم حبيبة وغيرها، والقاضية بالرجوع إلى التمييز بصفات الدم كحديث عروة عن فاطمة بنت أبي حبيش، فإنه يحمل هذا الحديث على عدم معرفتها لعادتها، وعدم إمكان التمييز بصفات الدم. وحاصل الكلام في المستحاضة: أنها إن كانت معتادة ترجع إلى عادتها المعروفة، سواء كانت مميزة أو غير مميزة لحديث أم حبيبة عند مسلم وغيره، ففيه: امكثى قدر ما كانت تحبسك حيضتك. وإن كانت غير معتادة وهي مميزة تعمل بالتمييز لحديث: إذا كان دم الحيض فإنه أسود يعرف. وإن كانت مبتدأة غير مميزة لا عادة لها ولا تمييز، أو كانت معتادة لكنها نسيت عادتها، ترجع إلى عادة النساء القرائب. فإن اختلفت عادتهن فالاعتبار بالغالب منهن. فإن لم يوجد غالب، تحيضت ستا أو سبعا كما أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم حمنة بنت جحش. والله أعلم (رواه أحمد) (ج6:ص439، 382، 381) (وأبوداود والترمذي) وأخرجه أيضاً الشافعي في الأم (ج1:ص52، 51) وابن ماجه، والدارقطني (ص79) والحاكم (ج1:ص173، 172) والبيهقي (ج1:ص339، 338) كلهم من طريق عبد الله بن محمد عقيل، عن إبراهيم بن محمد بن طلحة، عن عمران ابن طلحة، عن أمه حمنة. قال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح، وسألت محمدا عن هذا الحديث، فقال: هو حديث حسن. وهكذا قال أحمد بن حنبل: هو حديث صحيح – انتهى. وقال أبوداود: سمعت أحمد يقول: حديث ابن عقيل في نفسي منه شيء. وهذا يخالف ما نقله الترمذي عنه هنا من تصحيحه. وأجيب عنه بأنه يمكن أن يكون قد كان في نفسه من الحديث شيء، ثم ظهرت له صحته. وقيل: لعله يريد أن في نفسه شيئاً من جهة الفقه، والاستنباط، والجمع بينه وبين الأحاديث الأخرى، وإن كان صحيحا ثابتا عنده من جهة الإسناد.
564-
قوله: (عن أسماء بنت عميس) بالمهملتين مصغرا الخثعمية من المهاجرات الأول، وأخت ميمونة بنت الحارث أم المؤمنين لأمها، هاجرت مع زوجها جعفر بن أبي طالب إلى الحبشة، ثم إلى المدينة، ثم تزوجها أبوبكر، ثم علي بن أبي طالب، وولدت لهم. كان عمر يسألها عن تعبير الرؤيا. ولما بلغها قتل محمد بن أبي بكر جلست في مسجدها، وكظمت غيظها حتى شخبت ثديا هادما. لها ستون حديثا انفرد له البخاري بحديث. ماتت بعد علي (منذ كذا وكذا) أي: سبع سنين (فلم تصل) ظنا منها أن الإستحاضة تمنع الصلاة كالحيض (سبحان الله) قاله تعجبا من تركها الصلاة بمجرد ظنها المذكور من غير أن تراجعه
إن هذا من الشيطان. لتجلس في مركن، فإذا رأت صفارة فوق الماء، فلتغتسل للظهر والعصر غسلاً واحداً، وتغتسل للمغرب والعشاء غسلاً واحداً، وتغتسل للفجر غسلاً واحداً، وتوضأ في ما بين ذلك)) رواه أبوداود.
ــ
عليه الصلاة والسلام في ذلك (إن هذا) أي: أمر الإستحاضة، وترك الصلاة بها (من الشيطان) أي: من ركضه وتسويله (لتجلس) أمر (في مركن) أي: فيه ماء وهو بكسر الميم وفتح الكاف، إناء كبير يغسل فيه الثياب (فإذا رأت صفارة) كذا وقع في نسخ المشكاة كلها صفارة بزيادة الألف بعد الفاء، والذي في سنن أبي داود صفرة بغير ألف (فوق الماء) أي: فوق الماء الذي تجلس فيه فإنه تظهر الصفرة فوق الماء فعند ذلك تصب الماء للغسل خارج المركن. وفائدة الجلوس في المركن أن يعلو الدم الماء، فيظهر به تمييز دم الإستحاضة من غيره، فإنه إذا علا الدم الأصفر فوق الماء فهي مستحاضة، وإذا علا الدم الأسود فهو حيض، فهذه هي النكتة في الجلوس في المركن. وأما الغسل فخارج المركن لا فيه في الماء النجس، قاله الأمير اليماني (فلتغتسل للظهر والعصر غسلاً واحداً، وتغتسل) بالجزم عطف على المجزوم (وتغتسل للفجر غسلاً واحداً) جاء بطريق المشاكلة (وتوضأ) بحذف أحد التائين) فيما بين ذلك) أي: فيما بين الظهر والعصر للعصر، وفيما بين المغرب والعشاء للعشاء، لأنها صاحبة عذر، وهي مأمورة بالوضوء لكل صلاة. وهذا الحديث وحدي حمنة المتقدم فيهما الأمر بالاغتسال في اليوم والليلة ثلاث مرات، وقد بين في حديث حمنة أن المراد إذا أخرت الظهر والمغرب، ومفهومه أنه إذا وقتت اغتسلت لكل فريضة. وقد اختلفوا فيه، فروى عن بعض العلماء أنه يجب عليها الاغتسال لكل صلاة. واستدل بما روى أبوداود والبيهقي وغيرهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لها: اغتسلي لكل صلاة. وذهب جمهور العلماء من السلف والخلف إلى أنه لا يجب عليه الاغتسال لشيء من الصلوات، ولا في وقت من الأوقات إلا مرة واحدة في وقت انقطاع حيضها. وقالوا: رواية الأمر بالاغتسال لكل صلاة ضعيفة، غير ثابتة، قد بين البيهقي ومن قبله ضعفها. وقيل: بل هي منسوخة بحديث فاطمة بنت أبي حبيش أنها توضأ لكل صلاة. وقيل: إن حديث تعدد الغسل محمول على الندب والاستحباب. واختاره أحمد، وجنح إليه الشافعي بقرينه عدم أمر فاطمة به، واقتصار على أمرها بالوضوء، فالوضوء هو الواجب. وقيل: محمول على العلاج، والتبريد، وتقليل الدم. قلت: القول الراجح عندي أن أحاديث تعدد الغسل محمولة على الاستحباب. قال ابن قدامة في المغنى: قوله: صلى الله عليه وسلم لفاطمة "توضئ لكل صلاة" يدل على أن الغسل كل يوم بعد الغسل عند انقطاع الحيض، ثم تتوضأ لكل صلاة، وهو أقل المأمور، ويجزئه إن شاءالله-انتهى مختصراً (رواه أبوداود) وسكت عنه. وقال المنذري: حسن.
565-
(7) وقال: روى مجاهد عن ابن عباس: لما اشتد عليها الغسل، أمرها أن تجمع بين الصلاتين.
ــ
565-
قوله: (وقال) أي: أبوداود (روى مجاهد) هو مجاهد بن جبر – بفتح الجيم وسكون الباء- الإمام أبوالحجاج المخزومي مولاهم، المكي المقرئ المفسر الحافظ، مولى السائب بن أبي السائب المخزومي. ولد سنة (21) في خلافة عمر سمع سعداً وعائشة وأبا هريرة وعبد الله بن عمر وابن عباس، ولزمه مدة، وقرأ عليه القرآن. وكان أحد أوعية العلم. روى عنه أنه قال: عرضت القرآن على ابن عباس ثلاث عرضات، أقف عند كل آية أسأله فيم نزلت وكيف كانت؟ قال الذهبي: أجمعت الأمة على إمامة مجاهد، والاحتجاج به. وقال ابن سعد: كان ثقةً فقيهاً عالماً، كثير الحديث، من الطبقة الوسطى من تابعي مكة، وفقهاءها، وقراءها، والمشهورين بها. مات بمكة سنة (102) أو (103) أو (104) وهو ساجد، وقد بلغ (83) سنة (عن ابن عباس) وصل الطحاوى هذا التعليق بسنده عن مجاهد عن ابن عباس (لما اشتد عليها) أي: على المستحاضة التي سألت عنه حكمها، واعتذرت بأن أرضنا أرض باردة (الغسل) أي: لكل صلاة (أمرها) أي: ابن عباس (أن تجمع بين الصلاتين) أي: جمعاً صورياً بغسل واحد.