الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
التي هي مواعظ وتفصيل، والزبور الذي هو تمحيد وتمجيد، والإنجيل الذي هو مواعظ وتذكير، لا معجزة في واحد منها تشهد لمن أنزل إليه بالتصديق.
والكتاب الذي أنزل على نبينا محمد صلى الله عليه وسلم يحوي معاني ذلك كله، ويزيد عليه كثيرا من المعاني التي سائر الكتب، غيره منها خال. ومن أشرف تلك المعاني التي فضل بها كتابنا سائر الكتب: نظمه العجيب، ووصفه الغريب، وتأليفه البديع الذي عجزت عن نظم مثل أصغر سورة منه الخطباء، وكلّت عن وصف شكل بعضه البلغاء، وتحيرت في تأليفه الشعراء، وتبلدت قصورا عن أن تأتي بمثله لديه أفهام الفهماء، فلم يجدوا له إلا التسليم والإقرار بأنه من عند الله الواحد القهار، مع ما يحوي مع ذلك من المعاني التي هي ترغيب وترهيب، وأمر وزجر، وقصص وجدل ومثل، وما أشبه ذلك من المعاني التي لم تجتمع في كتاب أنزل إلى الأرض من السماء.
ومظاهر الإعجاز أو أوجه الإعجاز كثيرة:
منها ما يخص العرب في روعة بيانه وبلاغة أسلوبه وجزالة ألفاظه أو نظمه، سواء في اختيار الكلمة القرآنية أو الجملة والتركيب ونظم الكلام، ومنها ما يشمل العرب وغيرهم من عقلاء الناس بالإخبار عن المغيبات في المستقبل، وعن الماضي البعيد من عهد آدم عليه السلام إلى مبعث محمد صلى الله عليه وسلم، وبالتشريع المحكم الشامل لكل شؤون الحياة العامة والخاصة. وأكتفي هنا بإيجاز مظاهر الإعجاز وهي عشرة كما ذكر القرطبي
(1)
:
أ-النظم البديع المخالف لكل نظم معهود في لسان العرب وفي غيره، لأن نظمه ليس من نظم الشعر في شيء.
(1)
تفسير القرطبي: 73/ 1 - 75، وانظر دلائل الإعجاز في علم المعاني، للإمام عبد القاهر الجرجاني: ص 294 وما بعدها، إعجاز القرآن للباقلاني: ص 33 - 47، إعجاز القرآن للرافعي: ص 238 - 290، تفسير المنار: 198/ 1 - 215
2 -
الأسلوب المخالف لجميع أساليب العرب.
3 -
الجزالة التي لا تصح من مخلوق بحال، وتأمل ذلك في سورة {ق، وَالْقُرْآنِ الْمَجِيدِ} وقوله سبحانه: {وَالْأَرْضُ جَمِيعاً قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيامَةِ} إلى آخر سورة الزمر، وكذلك قوله سبحانه:{وَلا تَحْسَبَنَّ اللهَ غافِلاً عَمّا يَعْمَلُ الظّالِمُونَ} إلى آخر سورة [إبراهيم 42/ 14].
4 -
التصرف في لسان العرب على وجه لا يستقل به عربي، حتى يقع منهم الاتفاق من جميعهم على إصابته في وضع كل كلمة وحرف موضعه.
5 -
الإخبار عن الأمور التي تقدمت في أول الدنيا إلى وقت نزوله على قلب النّبي الأمي صلى الله عليه وسلم، فأخبر بما كان من قصص الأنبياء مع أممها، والقرون الخالية في دهرها، وذكر ما سأله أهل الكتاب عنه، وتحدوه به من قصة أهل الكهف، وشأن موسى والخضر عليهما السلام، وحال ذي القرنين، فجاءهم النبي صلى الله عليه وسلم-وهو أمي من أمة أمية، ليس لها بذلك علم، بما عرفوا من الكتب السالفة، فتحققوا صدقه.
6 -
الوفاء بالوعد، المدرك بالحس في العيان، في كل ما وعد الله سبحانه، وينقسم: إلى أخباره المطلقة، كوعده بنصر رسوله عليه السلام، وإخراج الذين أخرجوه من وطنه. وإلى وعد مقيد بشرطه، كقوله:{وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللهِ فَهُوَ حَسْبُهُ} [الطلاق 3/ 65] و {وَمَنْ يُؤْمِنْ بِاللهِ يَهْدِ قَلْبَهُ} [التغابن 11/ 64] و {وَمَنْ يَتَّقِ اللهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجاً} [الطلاق 2/ 65] و {إِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ عِشْرُونَ صابِرُونَ يَغْلِبُوا مِائَتَيْنِ} [الأنفال 65/ 8] وشبه ذلك.
7 -
الإخبار عن المغيبات في المستقبل التي لا يطلع عليها إلا بالوحي، ولا يقدر عليه البشر، ولا سبيل لهم إليه، من ذلك ما وعد الله تعالى نبيه عليه السلام أنه سيظهر دينه على الأديان، بقوله عز وجل: {هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ
بِالْهُدى وَدِينِ الْحَقِّ، لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ، وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ} [التوبة 33/ 9]، ففعل ذلك. ومنه قوله تعالى:{قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا: سَتُغْلَبُونَ وَتُحْشَرُونَ إِلى جَهَنَّمَ، وَبِئْسَ الْمِهادُ} [آل عمران 12/ 3]. ومنه قوله تعالى: {الم. غُلِبَتِ الرُّومُ فِي أَدْنَى الْأَرْضِ، وَهُمْ مِنْ بَعْدِ غَلَبِهِمْ، سَيَغْلِبُونَ. فِي بِضْعِ سِنِينَ} [الروم 1/ 30 - 3].
فهذه كلها أخبار عن الغيوب التي لا يقف عليها إلا رب العالمين، أو من أوقفه عليها رب العالمين، وقد عجز الزمان عن إبطال شيء منها، سواء في الخلق والإيجاد أم في بيان أخبار الأمم، أم في وضع التشريع السوي لكل الأمم، أم في توضيح كثير من المسائل العلمية والتاريخية، مثل {وَأَرْسَلْنَا الرِّياحَ لَواقِحَ} [الحجر 22/ 15] وآية {أَنَّ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ كانَتا رَتْقاً} [الأنبياء 30/ 21]، وآية {وَمِنْ كُلِّ شَيْءٍ خَلَقْنا زَوْجَيْنِ} [الذاريات 49/ 51] وآية {وَالْأَرْضَ مَدَدْناها وَأَلْقَيْنا فِيها رَواسِيَ} [الحجر 19/ 15] وآية إثبات كروية الأرض:{يُكَوِّرُ اللَّيْلَ عَلَى النَّهارِ وَيُكَوِّرُ النَّهارَ عَلَى اللَّيْلِ} [الزمر 5/ 39] والتكوير: اللف على الجسم المستدير. واختلاف مطالع الشمس في آية {وَالشَّمْسُ تَجْرِي لِمُسْتَقَرٍّ لَها} إلى قوله {وَكُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ} [يس 38/ 36 - 40].
8 -
ما تضمنه القرآن من العلم الذي هو قوام جميع الأنام، في الحلال والحرام، وفي سائر الأحكام، فهو يشتمل على العلوم الإلهية، وأصول العقائد الدينية وأحكام العبادات، وقوانين الفضائل والآداب، وقواعد التشريع السياسي والمدني والاجتماعي الموافقة لكل زمان ومكان.
9 -
الحكم البالغة التي لم تجر العادة بأن تصدر في كثرتها وشرفها من آدمي.
10 -
التناسب في جميع ما تضمنه القرآن ظاهرا وباطنا، من غير اختلاف،