الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المناسبة:
لمّا بيّن الله الآيات، ذكر من بينت على يديه، فأقبل عليه وخاطبه صلى الله عليه وسلم ليعلم أنه هو صاحب الآيات، وبعد إثبات الوحدانية أردفه بإثبات النبوة.
التفسير والبيان:
هذه الآية (119) إيناس للنبي صلى الله عليه وسلم لئلا يضيق صدره، فهي تقرر له أنه أرسله للناس رسولا يبشر المؤمنين وينذر الكافرين، ويسعد الناس بالعقيدة المطابقة للواقع، وبالشرائع والأحكام التي تسعد الناس قاطبة، ويبشر من أطاعه بالجنة، وينذر من عصاه بالنار، وأن مهمته تبليغ الرسالة دون شيء بعدها، فلا حرج عليه إن أصروا على الكفر والعناد:{ما عَلَيْكَ مِنْ حِسابِهِمْ مِنْ شَيْءٍ} [الأنعام 52/ 6]{فَلا تَذْهَبْ نَفْسُكَ عَلَيْهِمْ حَسَراتٍ} [فاطر 8/ 35]{فَلَعَلَّكَ باخِعٌ نَفْسَكَ عَلى آثارِهِمْ إِنْ لَمْ يُؤْمِنُوا بِهذَا الْحَدِيثِ أَسَفاً} [الكهف 6/ 18].
ولا تسأل عن أصحاب النار، فلا يضرنك تكذيبهم لك، ولا تأس عليهم ولا تحزن، فأنت لم تبعث مكرها ولا جبارا، فتكون مقصرا إن لم يؤمنوا، بل بعثت معلما ومبلغا وهاديا بالحكمة والموعظة الحسنة، كما قال تعالى:{لَيْسَ عَلَيْكَ هُداهُمْ، وَلكِنَّ اللهَ يَهْدِي مَنْ يَشاءُ} [البقرة 272/ 2].
وكان النّبي صلى الله عليه وسلم يرجو أن يؤمن أهل الكتاب برسالته، لموافقتهم له في أصل الدين، من توحيد الله، وتقويم الاعوجاجات والتقاليد الفاسدة، فعز عليه إعراضهم عن إجابة دعوته، ولسان حالهم يقول: يا محمد مهما تأتنا من بينة، ومهما فعلت لإرضائنا، فلن نرضى حتى تتبع ملتنا.
والملة: هي الطريقة المشروعة للعباد، والكفر كله ملة واحدة، وتسمى دينا، لأن العباد انقادوا لمن سنها. وتسمى شريعة، لأنها مورد إلى ثواب الله ورحمته.