الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
{يُؤْمِنُونَ} الإيمان: هو التصديق الجازم المقترن بإذعان النفس وقبولها، ويدل عليه العمل. و {بِالْغَيْبِ} ما غاب عن الإنسان من حساب وجزاء وجنة ونار وغيرها. {وَيُقِيمُونَ الصَّلاةَ} الإتيان بها مستكملة شروطها وأركانها.
{يُوقِنُونَ} اليقين: هو الاعتقاد الذي لا يقبل الشك، وهو حقيقة العلم.
التفسير والبيان
معنى البسملة إعلان بأن جميع ما في السورة من الله تعالى، لا من إنسان، أنزلها برحمته لهداية الناس إلى ما فيه الخير والسعادة في الدنيا والآخرة. وهي لا شك آية من القرآن بإجماع الصحابة الذين حرصوا عند جمع المصحف ألا يكتبوا فيه أي شيء من غير القرآن.
وقد استفتح الله هذه السورة بالحروف المقطعة، تنبيها لوصف القرآن وإشارة إلى إعجازه، وتحديا دائما على الإتيان بأقصر سورة من مثله، وإثباتا قاطعا إلى أنه كلام الله الذي لا يضارعه شيء من كلام البشر، فكأن الله يقول للعرب الذين نزل القرآن بلغتهم: كيف تعجزون عن الإتيان بمثله، مع أنه كلام عربي، مركب من الحروف الهجائية التي ينطق بها كل عربي، ومع ذلك عجزتم عن مجاراته. هذا هو رأي المحققين من العلماء الذين قالوا: إنما ذكرت هذه الحروف في أوائل السور التي ذكرت فيها، بيانا لإعجاز القرآن، وأن الخلق عاجزون عن معارضته بمثله، هذا مع أنه مركب من هذه الحروف المقطعة التي يتخاطبون بها
(1)
.
قال الزمخشري: ولم ترد كلها مجموعة في أول القرآن، وإنما كررت ليكون
(1)
تفسير ابن كثير: 38/ 1
أبلغ في التحدي والتبكيت، كما كررت قصص كثيرة، وكرر التحدي بالصريح في أماكن
(1)
.
ومما يدل على كون {الم} مكونة من الحروف المقطعة:
قول النّبي صلى الله عليه وسلم:
«من قرأ حرفا من كتاب الله تعالى فله حسنة، والحسنة بعشر أمثالها، لا أقول:
الم حرف، لكن ألف حرف، ولام حرف، وميم حرف»
(2)
.
ثم وصف الله تعالى القرآن بأوصاف ثلاثة:
الأول-أنه الكتاب الكامل في كل ما اشتمل عليه من معان ومقاصد وقصص وعبر وتشريعات غير قابلة للنقض.
والثاني-أنه لا شك في كونه حقا من عند الله، لمن أمعن النظر وأصغى بقلبه.
والثالث-أنه مصدر هداية وإرشاد للمؤمنين المتقين، الذين يتقون عذاب الله، بامتثال أوامره واجتناب نواهيه، فهم المنتفعون به.
ثم أبان الله تعالى أربع صفات للمتقين الذين ينتفعون بالقرآن، وهم الذين يؤمنون ويصدقون بالغيبيات التي أخبر عنها القرآن من البعث والحساب والصراط والجنة والنار وغيرها، فلا يقفون عند مجرد الماديات والمحسوسات التي يدركها العقل إدراكا قريبا، وإنما يدركون أيضا ما وراء المادة من عوالم أخرى كالروح والجن والملائكة، وعلى رأسها وجود الله ووحدانيته.
ثم يؤدون الصلاة على الوجه الأكمل بشروطها وأركانها وآدابها وخشوعها،
(1)
تفسير الكشاف: 79/ 1
(2)
رواه الترمذي عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه.