الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
به، فلا دلالة في الآية على مطلوب الأصفهاني.
ثم إن كل آية قيل فيها: إنها منسوخة، فإنه يؤولها تأويلا إما بالتخصيص، أو بانتهاء أمد الحكم الشرعي، أو بالتقييد ببعض الأحوال، أو الأشخاص، ونحو ذلك، كما فعل في آيات العدة وآيات القتال وغيرها الآتية.
أنواع النسخ:
للنسخ أحوال تسع أهمها ثلاث:
1 -
نسخ التلاوة والحكم معا: مثل نسخ صحف إبراهيم وموسى والرسل السابقين، ومثل نسخ عدد الرضعات من عشر إلى خمس،
قالت عائشة رضي الله عنها كما في صحيح مسلم وغيره: «كان فيما أنزل عشر رضعات معلومات يحرمن، فنسخن بخمس رضعات، فتوفي رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهن فيما يتلى من القرآن» والقسم الأول منسوخ الحكم والتلاوة، والقسم الثاني وهو الخمس منسوخ التلاوة باقي الحكم عند الشافعية.
2 -
نسخ التلاوة دون الحكم: مثل قول عمر رضي الله عنه: «كان فيما أنزل:
الشيخ والشيخة إذا زنيا، فارجموهما البتة، نكالا من الله ورسوله» ثبت في الصحيح: أن هذا كان قرآنا يتلى، ثم نسخ لفظه، وبقي حكمه.
وأضاف الحنفية أمثلة أخرى من القراءات الشاذة، مثل قراءة ابن مسعود في صوم كفارة اليمين:«فصيام ثلاثة أيام متتابعات» وقراءة ابن عباس: «فأفطر فعدّة من أيام أخر» وقراءة سعد بن أبي وقاص: «وله أخ أو أخت لأم، فلكل واحد منهما السدس» .
3 -
نسخ الحكم دون التلاوة: وهو كثير، مثل نسخ حكم آية الوصية للوالدين والأقربين، ونسخ آية الاعتداد بحول كامل، ونسخ آية الحبس للمرأة في
البيوت، وإيذاء الرجل باللسان في حدّ الزنا، ونسخ آية تقديم الصدقة قبل مناجاة الرسول صلى الله عليه وسلم.
ويجوز بالاتفاق نسخ نص القرآن بالقرآن، والسنة المتواترة بمثلها، وخبر الآحاد بمثله وبالمتواتر.
ويجوز عند الأكثرين نسخ المتواتر بالآحاد أي نسخ القرآن بغير القرآن، والمتواتر بغير المتواتر، ونفى الشافعي وقوعه وقال: لا ينسخ القرآن بالسنة، ولا السنة بالقرآن، واستدل بقوله تعالى:{نَأْتِ بِخَيْرٍ مِنْها أَوْ مِثْلِها} دلت الآية على أن الآتي بالبدل هو الله سبحانه، وهو القرآن، فكان الناسخ للقرآن هو القرآن، لا السنة، وأيضا فإن الله جعل البدل خيرا من المنسوخ أو مثلا له، والسنة ليست خيرا من الكتاب ولا مثلا له، فلا تكون ناسخة له. ثم إن الآية ذيلت ببيان اختصاص ذلك التبديل بمن له القدرة الكاملة، وهو الله تعالى، فكان النسخ من جهته فقط، وهو القرآن، لا السنة. ويؤيد ذلك قوله تعالى:
{وَإِذا بَدَّلْنا آيَةً مَكانَ آيَةٍ} [النحل 101/ 16] حيث أسند التبديل إلى نفسه، وجعله في الآيات.
وأجيب بأن السنة من عند الله كالقرآن، لقوله تعالى:{وَما يَنْطِقُ عَنِ الْهَوى، إِنْ هُوَ إِلاّ وَحْيٌ يُوحى} [النجم 3/ 53 - 4] إلا أن القرآن معجز ومتعبد بتلاوته، والسنة ليست كذلك. والمراد بالخيرية والمثلية هو في الأحكام بحسب مصلحة الناس، لا في اللفظ، فيكون الحكم الناسخ خيرا من الحكم المنسوخ لاشتماله على تحقيق مصالح العباد، وقد تأتي السنة بما هو أنفع للمكلف، مما يدل على أن هذه الآية ليست دالة على أن القرآن لا ينسخ بالسنة.
وقد وقع نسخ القرآن بالسنة في آية الوصية
بالحديث المتواتر: «لا وصية لوارث» .