الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
في صفاتٍ تقبل الزيادة والنقصان، وصفات الله منزهة عن ذلك.
واستحسنه الشيخ تقي الدين السبكي.
وقال الزركشي في البرهان: التحقيق أن صيغ المبالغة قسمان:
أحدهما: ما تحصل المبالغة فيه بحسب زيادة الفعل.
والثاني: بحسب تعدد المفعولات.
ولا شك أن تعددها لا يوجب للفعل زيادة، إذ الفعل الواحد قد يقع على جماعة متعددين، وعلى هذا القسم تنزل صفاته تعالى، ويرتفع الإشكال.
ولهذا قال بعضهم - في " حكيم ": معنى المبالغة
فيه تكرار حكمه بالنسبة إلى الشرائع.
وقال في الكشاف: المبالغة في التوّاب للدلالة على كثرة مَن يتوب عليه من
عباده، أو لأنه بليغ في قبول التوبة، نزّل صاحبها منزلة من لم يذنب قط لسعة كرمه.
، قد أورد بعض الفضلاء سؤالاً على قوله:(وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) .
وهو أن قديرًا من صيغ المبالغة، فيستلزم الزيادة على معنى قادر.
والزيادةُ على معنى قادر محال، إذ الإيجاد من وجد لا يمكن فيه التفاضل
باعتبار كل فرد.
وأجيب بأن المبالغة لما تعذَّر حملها على كل فرد وجب صرفها إلى جموع
الأفراد التي دل السياق عليها، فهي بالنسبة إلى كثرة التعلق لا الوصف.
المطابقة
وتسمى الطباق: الجمع بين المتضادين في الجملة، وهو قسمان: حقيقي.
ومجازي.
والثاني: يسمى التكلافؤ، وكل منهما إما لفظي أو معنوي، وإما طباق
إيجاب أو سلب.
فمن أمثلة ذلك: (فليضحَكُوا قليلاً ولْيَبْكُوا كثيرا) .
(وَأَنَّهُ هُوَ أَضْحَكَ وَأَبْكَى (43) وَأَنَّهُ هُوَ أَمَاتَ وَأَحْيَا (44) .
(لِكَيْلَا تَأْسَوْا عَلَى مَا فَاتَكُمْ وَلَا تَفْرَحُوا بِمَا آتَاكُمْ) .
(وَتَحْسَبُهُمْ أَيْقَاظًا وَهُمْ رُقُودٌ) .
ومن أمثلة المجازي: (أَوَمَنْ كَانَ مَيْتًا فَأَحْيَيْنَاهُ) ، أي ضالَا فهديناه.
ومن أمثلة طباق السلب: (تَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِي وَلَا أَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِكَ) .
(فَلَا تَخْشَوُا النَّاسَ وَاخْشَوْنِ) .
ومن أمثلة المعنوي: (إِنْ أَنْتُمْ إِلَّا تَكْذِبُونَ (15) قَالُوا رَبُّنَا يَعْلَمُ إِنَّا إِلَيْكُمْ لَمُرْسَلُونَ (16) .
معناه إن ربنا يعلم إنا لصادقون.
(جعل لكم الأرضَ فِرَاشاَ والسماء بِنَاءً) .
قال أبو علي الفارسي: لما كان البناء رافعاً للمبنيّ قوبل بالفراش الذي هو خلاف البناء.
ومنه نوع يسمى الطباق الخفيّ، كقوله:(مِمَّا خَطِيئَاتِهِمْ أُغْرِقُوا فَأُدْخِلُوا نَارًا) ، لأن الغرق من صفات الماء، فكأنه جمع بين الماء والنار.
قال ابن منقذ: وهي أخفى مطابقة في القرآن.
وقال ابن المعتز: مِنْ أملح الطباق وأخفاه قوله تعالى: (ولكم في القِصَاصِ
حَيَاة) .، لأن معنى القصاص القتل، فصار القتل سبب الحياة.
ومنه نوع يسمى ترصيع الكلام، وهو اقتران الشيء بما يجتمع معه في قَدْر
مشترك، كقوله:(إِنَّ لَكَ أَلَّا تَجُوعَ فِيهَا وَلَا تَعْرَى (118) وَأَنَّكَ لَا تَظْمَأُ فِيهَا وَلَا تَضْحَى (119) .
جاء بالجوع مع العري، وبابه أن يكون مع الظمأ، وبالضحَى مع الظمأ، وبابه أن يكون مع العري، لكن الجوع والعري اشتركا في الخلو، فالجوع خُلوّ البطن من الطعام.
والعري خلو الظاهر من اللباس.
والضحى والظمأ اشتركا في الاحتراق، فالظمأ احتراق الباطن من العطش.
والضَّحى احتراق الظاهر من حر الشمس.
ومنه نوع يسمى المقابلة، وهو أن يُذكر لفظان فأكثر ثم أضدادها على
الترتيب.
قال ابن أبي الإصبع: والفرق بين الطباق والمقابلة من وجهين:
أحدهما: أن الطباق لا يكون إلا في ضدين فقط.
والمقابلة لا تكون إلا بما زاد على الضدين من الأربعة إلى العشرة.
والثاني: أن الطباق لا يكون إلا بالأضداد، والمقابلة بالأضداد وبغيرها.
قال السكاكي: ومن خواص المقابلة أنه إذا شرط في الأول أمرا شرط في
الثاني ضده، كقوله تعالى:(فأمّا مَنْ أعطى واتَّقَى وصدَّق بالحسنى) .
قابل بين الإعطاء والبخْل، والاتقاء والاستغناء، والتصديق والتكذيب، واليسرى والعسرى، ولا جعل التيسير في الأول مشتركاً
بين الإعطاء والاتقاء والتصديق جعل ضده - وهو التعسير - مشتركاً بين
أضدادها.
وقال بعضهم: المقابلة إما لواحد بواحد، وذلك قليل جدّا، كقوله تعالى:
(لا تأخذه سِنَة ولا نَوْم) .
أو اثنين باثنين كقوله تعالى: (فلْيَضحَكُوا قليلاً ولْيَبْكُوا كثيراً) .
أو ثلاثة بثلاثة كقوله: (يَأْمُرُهُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ) .
(واشْكُروا لي ولا تَكْفرون) .
أو أربعة بأربعة كقوله: (فَأَمَّا مَنْ أَعْطَى وَاتَّقَى (5) وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَى (6) فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرَى (7) وَأَمَّا مَنْ بَخِلَ وَاسْتَغْنَى (8) وَكَذَّبَ بِالْحُسْنَى (9) فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْعُسْرَى (10) .
أو خمسة بخمسة كقوله: (إِنَّ اللَّهَ لَا يَسْتَحْيِي أَنْ يَضْرِبَ مَثَلًا مَا بَعُوضَةً فَمَا فَوْقَهَا) .
قابل بين بعوضة، فما فوقها.
وبين فأمَّا الذين آمَنُوا والذين كفروا.
وبين يضل ويهدي، وبين ينقضون وميثاقه، وبين يقطعون وأن يوصل.
أو ستة بستة، كقوله تعالى:(زيًنَ للناس حبَّ الشهواتِ من النساء والبنين) .
الآيات، ثم قال:(قل أونبّئكم بِخَيْر مِنْ ذلكم) .
قابل الجنّات، والأنهار، والخلد، والأزواج، والتطهير، والرضوان، بإزاء النساء، والبنين، والذهب، والفضة، والخيل المسوَّمة، والأنعام، والحرث.
وقسّم آخر المقابلة ثلاثة أنواع: نظيري، ونقيضي، وخلافي، مثال الأول