الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وردّ بأن المعنى أنها تنظر إليه بإقبالها عليه، وليست تبصر شيئا.
(وَلَقَدْ عَلِمُوا لَمَنِ اشْتَرَاهُ مَا لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ خَلَاقٍ وَلَبِئْسَ مَا شَرَوْا بِهِ أَنْفُسَهُمْ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ (102) .
فإنه وصفهم أولاً بالعلم على سبيل التوكيد القَسَمِي، تم نفاه آخراً عنهم لعدم جريهم على موجب العلم، قاله السكاكي.
الرابع: المجاز.
قالوا: يصح نفيه بخلاف الحقيقة.
وأشكل على ذلك: (وَمَا رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ رَمَى) .
فإن المنفي فيه الحقيقة.
وأجيب بأن المراد بالرمي هنا المرتَّب عليه، وهو وصوله إلى الكفار، فالوارد
عليه النفي هنا مجاز لا حقيقة، والتقدير: وما رميت خلقاً إذ رميت كسباً.
أو ما رميت انتهاء إذ رميت ابتداءً.
الخامس: نفي الاستطاعة قد يراد به نفي القدرة والإمكان، وقد يراد به
نفي الامتناع، وقد يراد به الوقوع بمشقَّة وكلفة.
من الأول: (فلا يستطيعون تَوْصِيَةً) .
(فلا يستطيعون ردَّها) .
(فَمَا اسْطَاعُوا أَنْ يَظْهَرُوهُ وَمَا اسْتَطَاعُوا لَهُ نَقْبًا (97) .
ومن الثاني: (هَلْ يَسْتَطِيعُ رَبُّكَ) .
على القراءتين، أي هل يفعل، أو هل تجيبنا إلى أن نسأل، فقد علموا أنَ الله قادر على الإنزال، وأن عيسى قادر على السؤال.
ومن الثالث: (إنك لن تَسْتَطِيع مَعِي صَبْرا) .
قاعدة
نفى العام يدل على نفي الخاص، وثبوتُه لا يدل على ثبوته، وثبوث الخاص
يدل على ثبوت العام، ونفيه لايدل على نفيه.
ولا شك أن زيادة المفهوم من اللفظ توجب الالتذاذ به، فلذلك كان نفي العام أحسنَ من نفي الخاص، وإثبات الخاص أحسن من إثبات العام.
فالأول كقوله:
(فلمّا أضاءَتْ ما حَوْلَهُ ذهب اللَّهُ بِنورِهم)، ولم يقل بضوئهم بعد قوله: أضاءت، لأن النور أعم من الضوء، إذ يقال على القليل والكثير، وإنما يقال الضوء على النور الكثير.
ولذلك قال: (هُوَ الَّذِي جَعَلَ الشَّمْسَ ضِيَاءً وَالْقَمَرَ نُورًا) .
ففي الضوء دلالةٌ على النور، فهو أخص منه، فعدمه يوجب عدم الضوء
بخلاف العكس.
والقصدُ إزالة النور منه أصلاً، ولذلك قال عَقِبَه:(وتركهم في ظلمات لا يُبْصِرون) .
ومنه: (لَيْسَ بِي ضَلَالَةٌ) ، ولم يقل ضلال، كما قالوا:(إِنَّا لَنَرَاكَ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ (60) .
لأنها أعم منه، فكان أبلغ في نفي الضلال.
وعبَّر عن هذا بأن نَفْيَ الواحد يلزم منه نفي الجنس ألبتَّة، وبأن نفي
الأدنى يلزم منه نفي الأعلى.
والثاني كقوله: (وجَنَّةٍ عَرْضها السماوات والأرضُ) .
- ولم يقل طولها، لأن العرض أخصّ، إذ كلّ ما له عَرْض فله طول ولا ينعكس.
ونظير هذه القاعدة أن نفي المبالغة في الفعل لا يستلزم نفي أصل الفعل.
وقد أشكل على هذا آيتان: قوله تعالى: (وما رَبُّكَ بظلَاّمٍ للعَبِيد) .
وقوله: (وما كان ربك نَسِيًّا) . م
وأجيب عن الآية الأولى بأجوبة:
أحدها: أن ظلاّماً، وإن كان لِلْكثرة، جيء به في مقابلة العبيد الذي هو
جَمْع كثرة، ويرشّحه أنه تعالى قال:(عَلَّامُ الْغُيُوبِ) ، فقابل صيغة فعَّال
بالجمع.
وقال في آية أخرى: (عَالِم الغَيْبِ) - فقابل صيغة فاعل الدال على
أصل الفعل بالواحد.
الثاني: أنه نفَى الظلم الكثير، فينتفي القليلُ ضرورة، لأن الذي يظلم إنما يظلم لانتفاعه بالظلم، فإذا ترك الكثير مع زيادة نَفْعه فلأن يترك القليل أولى.
الثالث: أنه على النسبة، أي بذي ظلم.
حكاه ابنُ مالك عن المحققين.