الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
كقراءة عائشة وحَفْصة: (والصلاةِ الوسْطى صلاة العَصْر) . البقرة: 238.
وقراءة ابن مسعود: (فاقطعوا أيْمانَهُمَا) . المائدة: 38.
وقراءة جابر: (فإنَّ الله مِنْ بعد إكراههن لهنَّ غفور رحيم) النور: 23.
قال: فهذه الحروفُ وما شاكلها قد صارت مفسِّرة للقرآن، وقد كان
يروى مثلُ هذا من التابعين في التفسير فيستحسن، فكيف إذا روي عن كبار
الصحابة، ثم صار في نفس القراءة! فهو الآن أكثر من التفسير، وأقوى، فأدنى ما يستتبط من هذه الحروف معرفةُ صحة التأويل.
وقد اعتنيت في كتابي " أسرار التنزيل " ببيان كل قراءة أفادت معنى زائداً
على القراءة المشهورة.
الرابع: اختلف في العمل بالقراءة الشاذة، فنقل إمام الحرمين في البرهان عن
ظاهر مذهب الشافعي أنه لا يجوز، وتبعه أبو نصر القشيرى، وجزم به ابن
الحاجب، لأنه نقله على أنه قرآن ولم يثبت.
وذكر القاضيان: أبو الطيب والحسين، والرّويَاني، والرافعي - العمل بها تنزيلأ لها منزلةَ خبر الآحاد.
وصححه ابن السبكي في جمع الجوامع وشرح المختصر.
وقد احتج الأصحاب على قطع يمين السارق بقراءة ابن مسعود، وعليه أبو
حنيفة أيضاً، واحتج على وجوب التتابع في صوم كفارة اليمين بقراءته:
" متتابعات "، ولم يحتجّ بها أصحابنا لثبوت نسخها كما تقدم.
*******
الوجه الحادي عشر من وجوه إعجازة (تقديم بعض ألفاظه وتأخيرها في مواضع)
إما لكون السياق في كل موضع يقتضي ما وقع، كما تقدمت الإشارة إليه.
وإما لقصد البداءة والختم به للاعتناء بشأنه.
كما في قوله: (يَوْمَ تَبْيَضُّ وُجُوهٌ) .
وإما لقصد التفنن في الفصاحة وإخراج الكلام على عدة أساليب، كما في
قوله: (وَادْخُلُوا الْبَابَ سُجَّدًا وَقُولُوا حِطَّةٌ) . البقرة: 58.
وقوله: (وَقُولُوا حِطَّةٌ وَادْخُلُوا الْبَابَ سُجَّدًا) . الأعراف: 161.
وقوله: (إنَّا أنزلنا التوراةَ فيها هُدًى ونُور) . المائدة: 44.
وقال في الأنعام: (قل مَنْ أنزل الكتابَ الذي جاءَ بهِ موسى نُوراً وهُدًى للناس) الأنعام: 91.
وهو قسمان:
الأول: ما أشكل معناه بحسب الظاهر، فلما عرف أنه من باب التأخير
والتقديم اتّضح، وهو جدير أن يُفرد بالتصنيف.
وقد تعرّض السلف لذلك في آيات، فأخرج ابن أبي حاتم عن قتادة في قوله:
(فَلَا تُعْجِبْكَ أَمْوَالُهُمْ وَلَا أَوْلَادُهُمْ إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ بِهَا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا)
- قال: هذا من تقاديم الكلام، يقول: لا تعجبك أموالهم ولا
أولادهم في الحياة الدنيا إنما يريد الله ليعذبهم بها في الآخرة.
وأخرج عنه أيضاً في قوله: (وَلَوْلَا كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِنْ رَبِّكَ لَكَانَ لِزَامًا وَأَجَلٌ مُسَمًّى (129) .
- قال: هذا من تقاديم الكلام، يقول: لولا كلمة وأجل مسمى لكان لزاما.
وأخرج عن قتادة في قوله: (إِنِّي مُتَوَفِّيكَ وَرَافِعُكَ إِلَيَّ) .
قال: هذا من المقدم والمؤخر، أي رافعك إليّ ومتوفّيك.
وأخرج عن عكرمة في قوله: (لهم عذابٌ شديد بما نَسوا يَوْمَ الحساب) .
قال: هذا من التقديم والتأخير، يقول: لهم يوم القيامة عذاب شديد بما نسوا.
وأخرج ابن جرير عن ابن زيد في قوله: (وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ لَاتَّبَعْتُمُ الشَّيْطَانَ إِلَّا قَلِيلًا (83) .
قال: هذه الآية مقدمة ومؤخرة، إنما هي أذاعوا به إلا قليلاً منهم، ولولا فضل الله عليكم ورحمته لم ينج قليل ولا كثير.
وأخرج عن ابن عباس في قوله: (فَقَالُوا أَرِنَا اللَّهَ جَهْرَةً)
قال: إنهم إذا رأوا الله نفسه رأوه، إنما قالوا جهرة أرنا الله.
قال: هو مقدم ومؤخر.
قال ابن جرير: يعني أن سؤالهم كان جهرة.
ومن ذلك: (وَإِذْ قَتَلْتُمْ نَفْسًا فَادَّارَأْتُمْ فِيهَا) .
قال البغوي: هذا أول القصة وإن كان مؤخراً في التلاوة.
وقال الواحدي: كان الاختلاف في القاتل قبل ذَبْح البقرة، وإنما أخّر في
الكلام لأنه لما قال تعالى: (إن الله يأمركم)
…
الآية عَلِم المخاطبون أن البقرة لا تُذبح إلا للدلالة على قاتل خَفِيَتْ عَيْنُه عنهم، فلما استقر علم هذا في نفوسهم أتبع بقوله:(وَإِذْ قَتَلْتُمْ نَفْسًا فَادَّارَأْتُمْ فِيهَا) فسألتم موسى فقال: إن اللهَ يأمركم أن تَذْبَحُوا بقرةً.
ومنه: (أفرأيْتَ من اتَخَذَ إلهَهُ هَوَاهُ) الجاثية: 23.
والأصل هواه إلهَه، لأن من اتخذ إلهَهُ هواه غير مذموم، فقدم المفعول الثاني للعناية به.
وقوله: (أخرج المرْعَى فجعله غُثَاءً أحْوَى) ، على تفسير الأحوى بالأخضر، وجعله نعتاً للمرعى، أي أخرجه أحوى فجعله غُثاء.
وأخَره رعاية للفاصلة.
وقوله: (وَغَرَابِيبُ سُودٌ) .
والأصل سود غرابيب، لأن الغربيب الشديد السّوَاد.
وقوله: (فَضَحِكَتْ فَبَشَّرْنَاها) .
أي بشرناها فضحكت.
وقوله: (وَلَقَدْ هَمَّتْ بِهِ وَهَمَّ بِهَا لَوْلَا أَنْ رَأَى بُرْهَانَ رَبِّهِ) .
قيل: المعنى على التقديم والتأخير، أي لولا أن رأى برهان ربه لهمّ بها.
وعلى هذا فالهمّ منفيّ عنه.
الثاني: ما ليس كذلك.
وقد ألف فيه العلامة شمس الدين بن الصائغ كتابه
" المقدمة في سر الألفاظ المقدمة "، قال فيه: الحكمة الشائعة الذائعة في ذلك
الاهتمام، كما قال سيبويه في كتابه، كأنهم يقدمون الذي بيانه أهم، وهُمْ ببيانه أعنى.
قال: هذه الحكمة إجمالية.
وأما أسباب التقديم وأسراره فقد ظهر لي منها في الكتاب العزيز عشرة أنواع:
الأول: التبرك، كتقديم اسم الله في الأمور ذوات الشأن.
ومنه قوله: (شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ وَالْمَلَائِكَةُ وَأُولُو الْعِلْمِ قَائِمًا بِالْقِسْطِ) .
وقوله: (وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ) .
الثاني: التعظيم، كقوله:(وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَالرَّسُولَ) .
(إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ) .
(وَاللَّهُ وَرَسُولُهُ أَحَقُّ أَنْ يُرْضُوهُ) .
الثالث: التشريف، كتقديم الذَّكَرِ على الأنثى في نحو: (إنَّ المسلمين
والمسلمات) .
والحر في قوله: (الْحُرُّ بِالْحُرِّ وَالْعَبْدُ بِالْعَبْدِ وَالْأُنْثَى بِالْأُنْثَى) .
والحي في قوله: (يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ) .
(وَمَا يَسْتَوِي الْأَحْيَاءُ وَلَا الْأَمْوَاتُ) .
والخيل في قوله: (وَالْخَيْلَ وَالْبِغَالَ وَالْحَمِيرَ لِتَرْكَبُوهَا) .
والسمع في قوله: (وعلى سمعهم وعلى أبصارهم) .
(إنَّ السَمْعَ والبَصَر والفُؤاد) .
وقوله: (إِنْ أَخَذَ اللَّهُ سَمْعَكُمْ وَأَبْصَارَكُمْ) .
حكى ابن عطية - عن النقَّاش أنه استدل بها على تفضيل السمع على البصر، ولذا وقع في سمعه تعالى:(سميع بصير) ، بتقديم السمع.
ومن ذلك تقديمه صلى الله عليه وسلم على نوح ومن معه في قوله: (وَإِذْ أَخَذْنَا مِنَ النَّبِيِّينَ مِيثَاقَهُمْ وَمِنْكَ وَمِنْ نُوحٍ) .
وتقديم الرسول في قوله: (مِنْ رَسُولٍ وَلَا نَبِيٍّ) الحج: 52.
وتقديم المهاجرين في قوله: (وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ) .
وتقديم الإنس على الجن حيث ذُكرا في القرآن.
وتقديم النبيين على الصديقين، والشهداء على الصالحين في آية النساء.
وتقديم إسماعيل على إسحاق، لأنه أشرف بكون النبي صلى الله عليه وسلم من ولده وأسنّ.
وتقديم موسى على هارون لاصطفائه بالكلام، وقدم هارون عليه في
سورة طه رعاية للفاصلة، وتقديم جبريل على ميكائيل في آية البقرة، لأنه أفضل.
وتقديم العاقل على غيره في قوله: (يُسَبِّح له مَنْ في السّماواتِ والأرضِ والطيْرُ صَافّاتٍ) .
وقوله: (متاعاً لكم ولأنعامكم) .
وأما تقديم الأنعام في قوله: (تأكلُ منه أنعامُهم وأنفسُهم)
، فلأنه تقدم ذكر الزرع، فناسب تقديم الأنعام، بخلاف آية عبس فإنه
تقدم فيها: فلينظر الإنسان إلى طعامه، فناسب تقديم لكم.
وتقديم المؤمنين على الكفار في كل موضع.
وأصحاب اليمين على أصحاب الشمال.
والسماء على الأرض، والشمس على القمر حيث وقع إلا في قوله:(خَلَقَ اللَّهُ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ طِبَاقًا (15) وَجَعَلَ الْقَمَرَ فِيهِنَّ نُورًا وَجَعَلَ الشَّمْسَ سِرَاجًا (16) .
فقيل: لمراعاة الفاصلة، وقيل: لأن انتفاع أهل السماوات العائد عليهن الضمير به أكثر.
وقال ابن الأنباري: يقال إن القمر وجهه يضيء لأهل السماوات وظهره
لأهل الأرض، ولهذا قال تعالى: فيهن، لما كان أكثر نوره يضيء إلى أهل السماء.
ومنه تقديم الغيب على الشهادة في قوله: (عالِم الغَيْبِ والشهَادةِ)
، لأن علمه أشرف.
وأما قوله: (يَعْلَمُ السِّرَّ وَأَخْفَى (7) . فأخر فيه رعاية للفاصلة.
الرابع: المناسبة، وهي إما مناسبة المتقدم لسياق الكلام، كقوله: (ولكُم
فيهَا جَمَال حِينَ تُرِيحُونَ وحين تسرحون) ، فإن الجَمَال بالجِمال
وإن كان ثابتاً حالتي السراح والإراحة إلا أنها حالة إراحتها، وهو مجيئها من
المرعى آخر النهار، يكون الجمال بها أفخر، إذ هي فيه بطان، وحالة سراحها للرعي أول النهار يكون الجمال بها دون الأول، إذ هي فيه خماص.
ونظيره قوله: (وَالَّذِينَ إِذَا أَنْفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا) .
قدم نفي السرف، لأن السرف في الإنفاق.
وقوله: (يُرِيكُمُ الْبَرْقَ خَوْفًا وَطَمَعًا) ، لأن الصواعق تقع مع أول برقة، ولا يحصل المطر إلا بعد توالي البرقات.
وقوله: (وَجَعَلْنَاهَا وَابْنَهَا آيَةً لِلْعَالَمِينَ (91) .
قدمها على الابن لما كان السياق في ذكرها في قوله: (والتي أحصنَتْ فَرْجَها) .
ولذلك قدم الابن في قوله: (وَجَعَلْنَا ابْنَ مَرْيَمَ وَأُمَّهُ آيَةً) .
وحسّنه تقديم موسى في الآية قبله.
ومنه قوله: (وَكُلًّا آتَيْنَا حُكْمًا وَعِلْمًا) .
قدم الحكم - وإن كان العلم سابقاً عليه، لأن السياق فيه، لقوله في أول الآية:(إذ يَحْكُمَانِ في الحَرْثِ) .
وأما مناسبة لفظ هو من التقدم أو التأخر، كقوله:(هُوَ الْأَوَّلُ وَالْآخِرُ) .
(وَلَقَدْ عَلِمْنَا الْمُسْتَقْدِمِينَ مِنْكُمْ وَلَقَدْ عَلِمْنَا الْمُسْتَأْخِرِينَ (24) .
(لِمَنْ شَاءَ مِنْكُمْ أَنْ يَتَقَدَّمَ أَوْ يَتَأَخَّرَ (37) .
(بِمَا قَدَّمَ وَأَخَّرَ (13) . ا
(ثُلَّةٌ مِنَ الْأَوَّلِينَ (39) وَثُلَّةٌ مِنَ الْآخِرِينَ (40) .
(لِلَّهِ الْأَمْرُ مِنْ قَبْلُ وَمِنْ بَعْدُ) .
(له الحَمْدُ في الأولى والآخرة) .
وأما قوله: (فَلِلَّهِ الْآخِرَةُ وَالْأُولَى (25) - فلمراعاة الفاصلة.
وكذا قوله: (جَمَعْنَاكُمْ وَالْأَوَّلِينَ) .
الخامس: الحث عليه والحضّ على القيام به حذراً من التهاون به، كتقديم
الوصية على الدَّين في قوله: (مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِي بِهَا أَوْ دَيْنٍ) .
مع أن الدين مقدم عليها شرعاً.
السادس: السبق، وهو إما في الزمان باعتبار الإيجاد، كتقديم الليل على
النهار، والظلمات على النور، وآدم على نوح، ونوح على إبراهيم،
وإبراهيم كل موسى، وهو على عيسى، وداود على سليمان، والملائكة على البشر في قوله:(اللَّهُ يَصْطَفِي مِنَ الْمَلَائِكَةِ رُسُلًا وَمِنَ النَّاسِ) .
وعاد على ثمود.
والأزواج على الذرية في قوله: (قُلْ لِأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ) .
والسنة على النوم في قوله: (لَا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلَا نَوْمٌ) .
أو باعتبار الإنزال، كقوله:(صُحُفِ إبراهيم وموسى) .
(وَأَنْزَلَ التَّوْرَاةَ وَالْإِنْجِيلَ (3) مِنْ قَبْلُ هُدًى لِلنَّاسِ وَأَنْزَلَ الْفُرْقَانَ) .
أو باعتبار الوجوب والتكليف، نحو:(ارْكَعُوا وَاسْجُدُوا) .
(فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ) .
(إنّ الصّفَا والمرْوَةَ مِن شعائر الله) .
ولهذا قال صلى الله عليه وسلم: نبدأ بما بدأ الله به.
أو بالذات، نحو:(مَثْنَى وثُلاث ورْباع) .
(مِنْ نَجْوَى ثَلَاثَةٍ إِلَّا هُوَ رَابِعُهُمْ وَلَا خَمْسَةٍ إِلَّا هُوَ سَادِسُهُمْ) .
وكذا جميع الأعداد، كلّ مرتبة هي متقدمة على ما فوقها بالذات.
وأما قوله: (أنْ تَقُومُوا للهِ مَثْنَى وفُرَادى) - فللحثّ على الجماعة والاجتماع على الخير.
السابع: السببية، كتقديم العزيز على الحكيم، لأنه عزَّ فحكم.
والعليم عليه، لأن الإحكام والإتقان ناشيء عن العلم.
وأما تقديم الحكيم عليه في سورة الأنعام، فلأنه مقام تشريع الأحكام.
ومنه تقديم العبادة على الاستعانة في سورة الفاتحة، لأنها سبب حصول
الإعانة.
وكذا قوله: (يحب التوَّابين ويُحِبُّ المتَطَهِّرِين) ، لأن التوبة سبب للطهارة.
(وَيْلٌ لِكُلِّ أَفَّاكٍ أَثِيمٍ (7) ، لأن الإفْكَ سبب الإثم.
(يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ) ، - لأن البصر داعية إلى الفرج.
الثامن - الكثرة، كقوله:(فَمِنْكُمْ كَافِرٌ وَمِنْكُمْ مُؤْمِنٌ) ، لأن الكفار أكثر.
(فَمِنْهُمْ ظَالِمٌ لِنَفْسِهِ) . - قدم الظالم لكثرته
ثم المقتصد، ثم السابق.
قيل: ولهذا قدم السارق على السارقة، لأن السرقة في الذكور أكثر.
والزانية على الزاني. لأن الزفنى فيهن أكثر.
ومنه تقديم الرحمة على العذاب حيث وقع في القرآن غالبا، ولهذا ورد: إن
رحمتي غلبت غضي.
وقوله: (إِنَّ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ وَأَوْلَادِكُمْ عَدُوًّا لَكُمْ) .
قال ابن الحاجب في أماليه: إنما قدم الأزواج، لأن المقصود الإخبار أن فيهم
أعداء، ووقوع ذلك في الأزواج أكثر منه في الأولاد، وكان أقعد في المعنى
المراد فقدّم، ولذلك قدمت الأموال في قوله:(إِنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلَادُكُمْ فِتْنَةٌ) .
لأن الأموال لا تكاد تفارقها الفتنة.
(إِنَّ الْإِنْسَانَ لَيَطْغَى (6) أَنْ رَآهُ اسْتَغْنَى (7) .
وليست الأولاد في استلزام الفتنة مثلها، فكان تقديمها أولى.
التاسع - الترقّي من الأدنى إلى الأعلى، كقوله:(أَلَهُمْ أَرْجُلٌ يَمْشُونَ بِهَا أَمْ لَهُمْ أَيْدٍ يَبْطِشُونَ) .
بدأ بالأدنى لغرض الترقي، لأن اليد أشرفُ من الرجل، والعين أشرف من اليد، والسمع أشرف من البصر.
ومن هذا النوع تأخير الأبلغ، وقد خُرِّج عليه تقديم الرحمن على الرحيم.
والرؤوف على الرحيم، والرسول على النبي في قوله:(وكان رسولاً نبيّاً) .
وذكر لذلك نكت أشهرها مراعاة الفاصلة.
العاشر - التدلّي من الأعلى إلى الأدنى.
وخُزج عليه: (لا يُغَادِرُ صغيرةً ولا كبيرةً) . الكهف: 49.
(لا تَأخذُه سِنَةٌ ولا نومٌ) .
(لَنْ يَسْتَنْكِفَ الْمَسِيحُ أَنْ يَكُونَ عَبْدًا لِلَّهِ وَلَا الْمَلَائِكَةُ) .
هذا ما ذكره ابن الصائغ، وزاد غيره أسبابا أخر، منها كونه أدل على القدرة