الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الرابع: أنه أتى بمعنى فاعل لا كثرة فيه.
الخامس: أن أقلَّ القليل لو ورد منه تعالى لكان كثيراً، كما يقال: زَلّة العالم كبيرة.
السادس: أنه أراد ليس بظالم، ليس بظالم، تأكيدا للنفي، فعبّر عن ذلك
بقوله: ليس بظلام.
السابع: أنه أراد جواباً لمن قال: ظلَاّم، والتكرار إذا ورد جواباً لكلامٍ
خاصّ لم يكن له مفهوم.
الثامن: أن صيغة المبالغة وغيرها من صفات الله سواء في الإثبات، فجرى
النفي على ذلك.
التاسع: أنه قصد التعريض بأن ثَمَّ ظلاّماً للعَبِيد مِنْ وُلَاة الْجَوْر.
ويجاب عن الثانية بهذه الأجوبة، وبعاشر - وهو مناسبة رؤوس الآيات.
فائدة
قال صاحب الياقوتة: قال ثعلب والمبرد: العرب إذا جاءت بين الكلامين
بجَحْدَيْن كان الكلام إخباراً، نحو:(وما جعَلْنَاهمْ جَسداً لا يأكلونَ الطَّعَامَ) .
المعنى إنا جعلناهم جسداً يأكلون الطعام.
وإذا كان الجحد في أول الكلام كان جَحْدا حقيقياً، نحو: ما زيد بخارج.
وإذا كان في أول الكلام جَحدان كان أحدهما زائداً، وعليه:(فِيمَا إنْ مكنّاكم فيه) ، في أحد الأقوال.
فصل
من أقسام الإنشاء الاستفهام، وهو طلب الْفَهم، وهو بمعنى الاستخبار.
وقيل الاستخبار ما سيق أولاً ولم يفهم حقَّ الفهم، فإذا سألت عنه ثانياً كان
استفهاماً، حكاه ابن فارس في فقه اللغة.
وأدواته: الهمز ة، وهل، وما، ومَنْ، وأيّ، وكم، وكيف، وأين، وأنّى، ومتى، وأيّان، وستأتي في حروف المعجم.
قال ابن مالك في المصباح: وما عدا الهمزة نائب عنها، ولكونه طلب ارتسام
صورة ما في الخارج في الذهن لزم أن يكون حقيقة من شاكّ مصدق بإمكان
الإعلام، فإن غير الشاكّ إذا استفهم يلزم عليه تحصيلُ الحاصل، وإذا لم يصدق بإمكان الإعلام انتفت عنه فائدة الاستفهام.
قال بعض الأئمة: وما جاء في القرآن على لفظ الاستفهام فإنما يقع في خطاب
الله تعالى على معنى أن المخاطَبَ عنده علم ذلك الإثبات أو النفي حاصل.
وقد تُستعمل صيغة الاستفهام في غيره مجازاً.
وألّف في ذلك العلامة شمس الدين بن الصائغ كتاباً سماه " روض الأفهام في أقسام الاستفهام ".
قال فيه: قد توسّعَتِ العرب فأخرجت الاستفهام عن حقيقته لمعان أو أشْرَبَتْة تلك المعاني.
ولا يختص التجوُّز في ذلك بالهمزة خلافاً للصفّار.
الأول: الإنكار، والمعنى فيه على النفي، وما بعده منفي، ولذلك تصحبه
" إلا "، كقوله:(فَهَلْ يُهْلَكُ إِلَّا الْقَوْمُ الْفَاسِقُونَ (35) .
(وَهَلْ نُجَازِي إِلَّا الْكَفُورَ (17) .
وعطف عليه المنفي كقوله: (فمَنْ يَهْدِي مَنْ أَضلَّ اللَّهُ وما لهم مِنْ ناصِرين) ، أي لا يهدي.
ومنه: (أَنؤْمِن لك واتّبعك الأرْذَلون) .
(أنُؤْمِنُ لِبَشَرَيْن مِثلنا) .
أي لا نؤمن.
(أمْ لَهُ البناتُ ولكمُ البَنُون) .
(أَلَكُمُ الذَّكَرُ وَلَهُ الْأُنْثَى (21) .
أي لا يكون هذا.
(أَشَهِدُوا خَلْقَهُمْ) ، أي ما شهدوا ذلك.
وكثيراً ما يصحبه التكذيب، وهو في الماضي بمعنى لم يكن، وفي المستقبل
بمعنى لا يكون، نحو:(أَفَأَصْفَاكُمْ رَبُّكُمْ بِالْبَنِينَ) .
أي لم يفعل ذلك.
(أَنُلْزِمُكُمُوهَا وَأَنْتُمْ لَهَا كَارِهُونَ (28) .
أي لا يكون هذا الإلزام.
الثاني: التوبيخ، وجعله بعضهم من قبيل الإنكار، إلا أن الأول إنكار
إبطال، وهذا الإنكار توبيخ.
والمعنى أن ما بعده واقع جدير بأن يُنفى، فالنفي
هنا قصديّ، والإثبات قصدي، عكس ما تقدم.
ويعبر عن ذلك بالتقريع أيضاً، نحو:(أفعصَيْتَ أمْرِي) .
(أتَعْبُدونَ ما تنْحِتُون) .
(أتَدْغونَ بَعْلاً وتَذَرُون أحسنَ الخالقين) .
وأكثر ما يقع التوبيخ في أمر ثابت وبِّخَ على فعله، كما يقع على ترك فعل
ينبغي أن يقع، كقوله:(أوَلمْ نعَمِّرْكم ما يَتَذكّر فيه مَنْ تَذَكَّر) .
(أَلَمْ تَكُنْ أَرْضُ اللَّهِ وَاسِعَةً فَتُهَاجِرُوا فِيهَا) .
الثالث: التقرير، وهو حمل المخاطب على الإقرار والاعتراف بأمر قد استقر
عنده.
قال ابن جني: ولا يستعمل ذلك بهل، كما يستعمل بغيرها من أدوات
الاستفهام.
وقال الكندي: ذهب كثير من العلماء في قوله: (قَالَ هَلْ يَسْمَعُونَكُمْ إِذْ تَدْعُونَ (72) أَوْ يَنْفَعُونَكُمْ)
إلى أنَّ (هل) تشارك الهمزة في معنى التقرير والتوبيخ، إلا أني رأيت أبا عليٍّ أنكر ذلك، وهو معذور، فإن ذلك من قبيل الإنكار.
ونقل أبو حيان عن سيبويه أن استفهام التقرير لا يكون بهل، إنما يستعمل في
الهمزة.
ثم نقل عن بعضهم أن (هل) تأتي تقريراً كما في قوله: (هَلْ فِي ذَلِكَ قَسَمٌ لِذِي حِجْرٍ (5) .
والكلام مع التقرير موجب، ولذلك يعطف عليه صريح الموجب، ويعطف على صريح الموجب.
فالأول: كقوله تعالى: (أَلَمْ نَشْرَحْ لَكَ صَدْرَكَ (1) وَوَضَعْنَا عَنْكَ وِزْرَكَ (2) .
(أَلَمْ يَجِدْكَ يَتِيمًا فَآوَى (6) وَوَجَدَكَ ضَالًّا فَهَدَى (7) .
(أَلَمْ يَجْعَلْ كَيْدَهُمْ فِي تَضْلِيلٍ (2) وَأَرْسَلَ عَلَيْهِمْ طَيْرًا أَبَابِيلَ (3) .
والثاني: (أَكَذَّبْتُمْ بِآيَاتِي وَلَمْ تُحِيطُوا بِهَا عِلْمًا)، على ما قرره الجرجاني من جعلها مثل:(وَجَحَدُوا بِهَا وَاسْتَيْقَنَتْهَا أَنْفُسُهُمْ ظُلْمًا وَعُلُوًّا) .
وحقيقة استفهام التقرير أنه استفهام إنكار.
والإنكار تفْيٌ، وقد دخل على النفي، ونفي النفي إثبات.
ومن أمثلته: (ألَيْسَ الله بكافٍ عَبْدَه) .
(أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ) .
وجعل منه الزمخشري: (ألم تعلم أنَّ اللهَ على كل شيء قدير) .
الرابع: التعجب أو التعجيب، نحو:(كيف تَكْفرونَ باللَّهِ) .
(مَا لِيَ لَا أَرَى الْهُدْهُدَ) .
وقد اجتمع هذا القِسْم وسابقاه في قوله: (أَتَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ وَتَنْسَوْنَ أَنْفُسَكُمْ) .
قال الزمخشري: الهمزة للتقرير مع التوبيخ والتعجيب من حالهم.
ويحتمل التعجبَ والاستفهام الحقيقي: (ما وَلَاّهم عن قِبْلَتِهمْ) .
الخامس: العتاب، كقوله:(أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَنْ تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللَّهِ) .
قال ابن مسعود: ما كان بين إسلامهم وبين أن عوتبوا بهذه الآية إلا أربع سنين. أخرجه الحاكم.
ومن ألطف ما عاتب الله به خَيْرَ خلقه بقوله: (عَفَا اللَّهُ عَنْكَ لِمَ أَذِنْتَ لَهُمْ) ، ولم يتأدّب الزمخشريُّ بأدب الله في هذه الآية على عادته في سوء أدبه.
السادس: التذكير.
وفيه نوع اختصار، كقوله:(أَلَمْ أَعْهَدْ إِلَيْكُمْ يَا بَنِي آدَمَ أَنْ لَا تَعْبُدُوا الشَّيْطَانَ) .
(ألم أَقلْ لكم إني أعلم غَيْبَ السماواتِ والأرضِ) .
(هل علمْتم ما فعلْتم بيوسف وأخيه) .
السابع: الافتخار، نحو:(أَلَيْسَ لِي مُلْكُ مِصْرَ) .
الثامن: التفخيم، نحو:(مَالِ هَذَا الْكِتَابِ لَا يُغَادِرُ صَغِيرَةً وَلَا كَبِيرَةً إِلَّا أَحْصَاهَا) .
التاسع: التهويل والتخويف، نحو:(الحاقّة ما الحاقة) .
(القارعةُ ما القارِعة) .
العاشر: عكسه، وهو التسهيل والتخفيف، نحو:(وماذَا عليهم لو آمَنُوا) .
الحادي عشر: التهديد والوعيد، نحو:(ألم نُهْلِكِ الأوّلين) .
الثاني عشر: التكثير، نحو:(فكأيِّن مِنْ قَرْيةٍ أهلكناها) .
الثالث عشر: التسوية، وهو الاستفهام الداخل على جملة يصح حلول الصدر محلها، نحو:(سَوَاءٌ عَلَيْهِمْ أَأَنْذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنْذِرْهُمْ) .
الرابع عشر: الأمر، نحو:(أأسْلَمْتُم) ، أي أسلموا.
(فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ) ، أي انتهوا.
(أتصبرون) ، أي اصْبِروا.
الخامس عشر: التنبيه، وهو من أقسام الأمر، نحو:(أَلَمْ تَرَ إِلَى رَبِّكَ كَيْفَ مَدَّ الظِّلَّ) ، أي انظر.
(ألم تَرَ أن الله أنزل من السماء ماء فتُصْبِحُ الأرْضُ مخْضَرَّة) .
ذكره صاحب الكشاف عن سيبويه، ولذلك رفع الفعل في جوابه.
وجعل منه قوم: (فأين تذهبون) ، للتنبيه على الضلال، وكذا: (ومَنْ
يَرْغَبُ عن ملّة إبراهيم إلَاّ مَنْ سفِهَ نَفْسَه) .
السادس عشر: الترغيب، نحو:(مَنْ ذا الّذِي يُقْرِضُ اللَهَ قَرْضاً حَسَناً) .
(هل أدلكم على تجارةٍ تنْجِيكم) .
السابع عشر: النهي، نحو:(أتَخْشَوْنَهُم فاللَهُ أحقّ أن تَخْشوه) .
بدليل قوله ة (فلا تخْشَوا الناسَ واخْشَونِ) .
(مَا غَرَّكَ بِرَبِّكَ الْكَرِيمِ (6) ، أي لا تغتر به.
الثامن عشر: الدعاء، وهو كالنهي، إلا أنه من الأدنى إلى الأعلى، نحو:
(أتهْلِكنَا بما فعل السّفَهَاءُ منّا) ، أي لا تهلكنا.
التاسع عشر: الاسترشاد، نحو:(أَتَجْعَلُ فِيهَا مَنْ يُفْسِدُ فِيهَا) .
العشرون: التمني، نحو:(فهل لنا مِنْ شفَعاء) .
الحادي والعشرون: الاستبطاء، نحو:(متى نَصْرُ الله) .
الثاني والعشرون: العرض، نحو:(ألا تحِبّونَ أن يَغْفِرَ الله لكم) .
الثالث والعشرون: التحضيض، نحو:(ألا تقَاتلون قَوْماً نَكَثوا أيْمَانَهم) .
الرابع والعشرون: التجاهل، نحو:(أَأُنْزِلَ عَلَيْهِ الذِّكْرُ مِنْ بَيْنِنَا) .
الخامس والعشرون: التعظيم، نحو:(مَنْ ذا الّذِي يَشْفَعُ عنده إلا بإذنه) .
السادس والعشرون: التحقير، نحو:(أَهَذَا الَّذِي يَذْكُرُ آلِهَتَكُمْ) .
(أَهَذَا الَّذِي بَعَثَ اللَّهُ رَسُولًا (41) .
ويحتمله وما قبله قراءة: (مَنْ فِرْعَوْن) .
السابع والعشرون: الاكتفاء، نحو:(أليْسَ في جهَنَّم مَثْوًى للمتَكبِّرِين) .
الثامن والعشرون: الاستبعاد، نحو:(أنَّى لهم الذِّكْرَى) .
التاسع والعشرون: الإيناس، نحو ة (وما تلْكَ ييَمِينكَ يا موسى) .